أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - دينا ناصر الدين - ضحايا الطّلاق














المزيد.....

ضحايا الطّلاق


دينا ناصر الدين

الحوار المتمدن-العدد: 5579 - 2017 / 7 / 12 - 21:03
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


من مُقَوِّماتِ الحياةِ الَّزوجيَّةِ السّعيدةِ التّي تَحولُ دونَ الطّلاق هي التَّفاهمُ والإِنسجامِ والتَّكافؤ الفِكريّ بينَ الزَّوجين ، وإنَّ وجود فَجوة فِكريّة أَو سوء اختيار شريك الحياة قد يُؤَدي في النّهاية إلى الطّلاق بحيث يكون الطّلاق هو العلاج الأَخير، وتعود آثار الطّلاق السّلبية على الأَبناء ،وتترك بهم آثاراً قد لا تمحى معَ الزَّمن.
هنالك الكثير من الأّطفال الَّذين يُحرمون من حَنان أُمهاتهم بسبب الطَّلاق ، و يعيشون دون أّبٍ مسؤول ، يُعانونَ ِبشدّة ويشعُرونَ بالتَّشَتّت والضَّياع ، فانفصال والديهم يَترِكُ أثراً سلبياً في أنَفسهم ، وحُزناً مَريراً لا يظهَرُ دائماً في عُيونِهم وإنَّما يَعيشُ بِداخِلهم يَعِصُر قُلوبَهم مِنَ الأّلم ، يَشعُرونَ بالحِرمان ، وبنقص الحُبِّ والحَنان ، يَتَعَطَّشون للعَطفِ ، في داخِلِهِم إِحساسٌ شَبيهٌ باليُتم، وبَراكينُ أّحزانٍ لا يَحتَرِقُ بها النّائِمونُ بِأّمانٍ في أَحضانِ أُمَّهاتهم ، وبرد وسطَ بَراكينَ يُثلِجُ أّطرافهُم خَوفاً ويُؤرِقُ مَضاجعهم، براكينَ وَثُلوج تَختَلِطُ بِأّحاسيسِهم المُمَزّقة ، وَأّرواحهم المُعَذَّبة ، وطُفولَتهم المَنزوعة ، وسعادتهم المسلوبة ، وعندما ينَظُرون َإِلى أُسرةٍ مُتماسِكَةٍ فَإِنَّهُم يَتَأَثَّرون ويَتَأَلَّمون ، وقَد يَنظُرون نَظرة أّملٍ في المستقبل بِأّن تكون أُسرَتُهم مُترابطة ، ليُجَنِّبوا أَبناءَهُم كُلَّ هذا العذابِ السّاكِنِ بِأّرواحهم الرَّقيقة ،
وقّد يّتَّجِهون بشكلٍ سلبيّ وينحرفونَ بسهولةٍ نتيجة الضّغوطات النَّفسية التي يمُرّون بها ،والحِرمان السّام الذي يتَجَرَّعونَهُ رغماً عنهم، فيرتكبونَ الجرائم،ويسلكون طُرق المنحرفين،ويدمنونَ على المخدَّرات ،فيزداد مُعدَّلُ الجريمة،وجزءٌ منهم ينطَوونَ على أّنفُسِهم، ويفقدونَ الإِحساسَ بالأّمن ، الثٌّقةُ بِأَنفُسهم تتضاءل أّو تَنعدم، ويفقدون ثِقَتَهم بالعالم والنّاس فينزَوونَ حتى يُصيبهم اكتئاب،أّو تَأخُذُهّم حالة ٌ نفسيّةٌ إِلى عالمٍ رهيبٍ،مخيفٍ،يتشبعونَ فيه بالخوفِ والقلقِ والتَّوتّر، وتتلاشى فيهم كلَّ طموحات المستقبل، ويصبحونَ متردّدين، في خطواتهم اهتزازٌ يكسِرُ توازُنَهم ،يشُدُّهم للخلف، لا يعيدُ إِليه التّوازنُ إِلّا حُضنُ أُمٍّ وسَنَدُ أَب، ويصابُ كثيرٌ منهم بِأّمراضَ نفسيّة تلازمه طوالَ حياتٍه، كَجُرثومةٍ تأبى الَموت، كُلَّما تَطَعَّمَ لها طُعماً ، تلاشت لتعودَ من جديد، فيكبرُ وتكبرُ معه، وتصبح زيارة طبيب نفسيّ حاجة ملحّة للكثيرٍ منهم،فمنهم من يجد يدًا تعينه فينهض،حاملاً جراحهُ فوقَ صدره،يقاوم أوجاع يؤمن قلبُه أَنها جزءٌ منه وأنَّ عليه أَن يتقبَّلها، ويبدأُ بالخطوات نحو الحياة،بأَملٍ يكسِرُ حدّة اليأس،وابتسامة ينتزعها بِقوّةٍ من قلبٍ يتأوّه آلامًا، وينهضُ ويتقدَّمُ ويُقاومُ ،وينجحُ ضاحكاً بسخريةٍ كبيرةٍ من أَوجاع حرمانه التي لا تموت،
وإِن استطاعَ أّبناءُ المُطَلَّقينَ أو البعض منهم المسير في الحياة والنَّجاح في كامل علاقاتهم دون أي إحساس بالنقص والحرمان أو الألم ،فهذا أمر نادر ولكن هناك من يتحدى الظروف الصعبة ويقاوم بكلِّ ما فيه من إيمان وقوة مستمدة من الله سبحانه وتعالى بالصبر ولكنَّ آثارَ الَّطلاِق على ألأبناء لا يُمكن أَن يَمحوها الزَّمن بِسهولة ،وقد تُسَبِّبُ مَتاعبَ نَفسيّةً لاتبدو ظاهرياً على تصرُّفاتِ ألأَبناء بسبب طلاق والديهم نتيجة التَّغيُّر المُفاجئ الذي طَرَأَ على حياتهم ، وإِنَّما يبقى الكبتُ داخلَ القلبِ والأَعماق ، مما يزيد تلك المتاعب التَّي لا تَجدُ متنفساً لها ،وهكذا فإنّ االطلاق لا يَعني فقط أَن ينفصلَ الزَّوجين ويرى كل مِنهما حَياتهُ ويحقق أّحلامهُ التَّي لم ْيَستطع تحقيقها مع الآخر ، وإِنَّما تعني أَن يُصبحَ ألأَبناءُ هُم الضَّحيّةُ ، يُعانونَ مُعاناة ًكبيرة َ ، وإني أّسألُ كلَّ زوجينِ الَّرحمة والموَّدة في مُعاملتهما معا ،وفي الحكم على أبَنائهما بالحِرماِن من أّحدهما ، فماذا تعني التَّضحية إن لم تحرم نفسك لتعطي غيرك ،لاسيَّما لو كانوا فلذات كبدك ،وكل من يقبل على الزَّواج أّدعوُه أّن يُحِسَن الاختيار منذُ البِداية.



#دينا_ناصر_الدين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اللمس من أجمل لغات العالم
- عِشقُ روحي
- الاثار السلبيىة على أبناء المطلقين
- سقوط قناع
- هزيمة
- كيف يهوّد الاحتلال تعليم القدس
- كبرياء انثى
- الخيانة الزوجية
- مَن يُحِبُّك
- نظرة المجتمع الى المطلقة
- الاعتذار ثقافة لا يتقنها الا العظماء
- الى أين يأخذنا الاطباء؟
- زيديني
- الخوف وحش مفترس
- شهيد
- لا تعبث بمشاعر امرأة


المزيد.....




- الأردن: مستوطنون إسرائيليون اعتدوا على قافلتي مساعدات في طري ...
- فيدان .. تركيا ستنضم إلى استئناف جنوب إفريقيا ضد إسرائيل بمح ...
- -معلومات مضللة-.. موسكو تنفي اتهامات بروكسل لها بانتهاك حقوق ...
- مراقب الدولة في إسرائيل يبدأ تحقيقا عسكريا بهزيمة الجيش أمام ...
- شاب سعودي يقتل أخته لعدم رضاه عن عملها وقيادتها السيارة
- صاحب -ثلاثية نيويورك- و-4 3 2 1-.. بول أوستر يودع الحياة عن ...
- فيضانات كينيا تجبر السلطات على إجلاء السياح من محمية ماساي م ...
- فيديو: وزير الخارجية الفرنسي يستكمل جولته الإقليمية بلقاء نظ ...
- شجب حقوقي لإدانة الناشطة السعودية مناهل العتيبي بـ-الإرهاب- ...
- السعودية.. جريمة مروعة في نجران تثير غضبا كبيرا والسلطات تتح ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - دينا ناصر الدين - ضحايا الطّلاق