أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - كمال عبود - قميص عرّو














المزيد.....

قميص عرّو


كمال عبود

الحوار المتمدن-العدد: 5578 - 2017 / 7 / 11 - 20:22
المحور: الادب والفن
    


هي لعبةٌ إذن .. لعبةٌ قديمةٌ .. حديثةٌ مُتجدّده .. مُتقنةً ونوعيّة في الشرق القريب، لعبة السلطان والعاشق... طرفاها العاشق وأعوان السلطان ، أعوان السلطان البعيدون ... أعوان أعوان أعوانهِ يعني الذين في قاع المجتمع ... يعني الحثاله، هؤلاء أشدُّ قذارةً وأشرسها .. لماذا يختارونهم إذن .. ربما لأنهم لا يفكّرون أو لأنهم محكومون بعقدة النقص ..

سألتُ ( هادي ) رأيهُ فيهم ..؟ قال بحسره : الجهل غلاف عقولهم ، وقوانين السلطان تؤيدهم وتحميهم.
هادي الذي جاءني بعد عشرة أعوام مهنئاً لي بالحريه ، لم يتغيّر كثيراً، ظلّ ودوداً نشطاً مع مسحةِ قلق في عينيه الجميلتين ، هادي- وكان اسمه المستعار ( عرّو) - الذي كتب مقالاً شكّكَ فيه بنِسَب السلطان وأثبتَ أنَّ السلطان لا ينتسب الى رمز الكرم العربي - حاتم الطائي -
قلتُ :هات حدثني ، كيف هربتَ منهم ..؟
قال : بدّلتُ قميصي ..
قلت : لم أفهم ...
قال : كنتُ اتوقّع مجيئهم ، وحينما جاؤوا صعدتُ سطح المنزل وقفزتُ الى الارض وسابقتُ الخطى في الركض السريع .. عدوت الى خارج القريه .. كانت هناك مضارب للبدو ، دخلتُ في حيّيهم فلاقتني الكلاب وأنقذني منها شيخ لاقاني ، قلتُ : ياعم أنا في جيرتك* ..
قال : تفضّل
وحين طاردوني وقبل أن يقتحموا باب الخيمة أعطاني الرجل جلد صوف كان لكبشٍ كبير وقال : ضعه على ظهرك واختبئوا بين القطيع ..

وضعته عليّ ودخلتُ الزريبة وأصبحت خروفاً زائداً تحسستْ لي الخراف ولم أُعجب مرياعهم* فأخذ ينطحني برأسه وأعمل قرنه في خاصرتي فأوشك أن يثقبها وأنا أتلوى من الألم وأعضُّ على لساني كي لا يسمعونني
فتشوا الخيمة دون وازع أخلاقي وذهبوا الى الزريبة ، وأنا ساكنٌ والخراف الوجلة تتقافز فوق رأسي وعن جانبيّ هلعةً وواجفه، أجالوا بضوء الصباح اليدوي بين الخراف مرتين أو ثلاثه ثمّ غادروا .. وبعد يومين غادرت الشيخ شاكراً وكانت رحلتي الى العاصمة شاقّة جداً وخطيرة ، وابتلعتني العاصمة، عشر سنين فالعواصم تبتلع كل شيء ... كل شيء
قميصي الذي أنقذني : جلد كبش.
---------
حدثت الوقيعة - الحرب- بعد عشرين ، تقاتلوا فِرقاً وجماعات .. صالوا وجالوا .. أراقوا الدم وهدموا البيوت والنفوس ... ذهبت الحكمة طَي النسيان وارتفعت أعلام الضغائن وحلّقت أعمدة الدخان والخراب فوق الهامات الفارغة والمدن الجائعة للخبز والإبتسامات .
كان هادي ممن حلّت عليه لعنة القتال ، كان مضطراً كغيره ، حمل بندقيته دفاعاً وخوفاً وربماً ايمانا بالبقاء حياً كي لا يبقى السفلةُ المتقاتلون وحدهم أحياء - كما يقول.
لكن الفرق المتصارعة في مدينته يعرفونه ويكرهون ماضيه المنفتح على رياح العلم وضوء المستقبل ، ولأنهم يخافون من أفكاره حاربوه وحاصروه مراراً ، وفي آخر حصار ضاقت به السبل فخرج في ليلة دهماء .. وصدف أن رأوه فتابعونا إثره ..
وصدف ثانية أن دخل زريبة أبقارٍ قال له حارسها : لا عليك ، خذ جلد الثور هذا واختبئ بين الثيران ..
قال هادي : تكوّمتُ قرب بقرةٍ صارت تلاطفني وتمسح لسانها الرطب العريض على وجهي ،مَسحته ثلاث مرات ، وضربتني بذيلها على ظهري كأنها تطلب شيئاً أو خواراً مني ..
ولما وصلوا وفتشوها لم يجدوني بل اكتفوا بضرب الحارس وبسوق عدة ثيران غنيمةً لهم ، ولحسن الحظ لم أكن منهم
-------
قلتُ لهادي الذي رأيته على رصيف الميناء بعد عناق طويل : إلى أين يا صديقي ..؟
قال : تعبتُ ، صار عمري ستين عاماً .. سأرحلُ كي لا أضطرّ في مرّةٍ قادمه أن ألبس جلد حمار ..
_______
*انا في جيرتك : في حمايتك
* المرياع : أكبر وأقوى كبش في القطيع



#كمال_عبود (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- جورة بو سمعان
- جب داؤود
- أبو قطيط
- النورَجْ
- الجلموق
- الغربال
- الأبلق مختار الرعوش
- حلساء .. ملساء
- ظِلالْ
- حكايا جدو أبو حيدر -30-
- حكايا جدو أبو حيدر -29-
- حكايا جدو أبو حيدر -28-
- حكايا جدو أبو حيدر -27-
- حكايا جدو أبو حيدر -26-
- حكايا جدو أبو حيدر -25-
- حكايا جدو أبو حيدر -24-
- أوجاع
- حكايا جدو أبو حيدر -23-
- حكايا جدو أبو حيدر -22-
- حكايا جدو أبو حيدر -21-


المزيد.....




- الكويت.. تاريخ حضاري عريق كشفته حفريات علم الآثار في العقود ...
- “نزلها لعيالك هيزقططوا” .. تردد قناة وناسة 2024 لمتابعة الأغ ...
- تونس.. مهرجان الحصان البربري بتالة يعود بعد توقف دام 19 عاما ...
- مصر.. القضاء يحدد موعد الاستئناف في قضية فنانة سورية شهيرة ب ...
- المغربية اليافعة نوار أكنيس تصدر روايتها الاولى -أحاسيس ملتب ...
- هنيدي ومنى زكي وتامر حسني وأحمد عز.. نجوم أفلام صيف 2024
- “نزلها حالًا للأولاد وابسطهم” .. تردد قناة ميكي الجديد الناق ...
- مهرجان شيفيلد للأفلام الوثائقية بإنجلترا يطالب بوقف الحرب عل ...
- فيلم -شهر زي العسل- متهم بالإساءة للعادات والتقاليد في الكوي ...
- انقاذ سيران مُتابعة مسلسل طائر الرفراف الحلقة  68 Yal? Capk? ...


المزيد.....

- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - كمال عبود - قميص عرّو