أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد الذهبي - لا أريد ان افسد فرحكم بالنصر














المزيد.....

لا أريد ان افسد فرحكم بالنصر


محمد الذهبي

الحوار المتمدن-العدد: 5578 - 2017 / 7 / 11 - 01:17
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لا أريد أن افسد فرحكم بالنصر
محمد الذهبي
لاحياة للإنسان العادي في العراق، كن فناناً او شاعراً او سياسياً، او على الأقل غنيا وبأية طريقة، ولاتكن انسانا عاديا، عندما تكون فقيرا في العراق بغض النظر عن نزاهتك وشرفك فانت ميت لامحالة، اي منكم يستطيع ان يزور اي مستشفى ليطلع على حجم الخدمات المعدومة فيه، كل شيء مخرب، وكل شيء قابل للموت في المستشفيات الا الاطباء والجدران، المرضى والاوساخ والمشاجرات التي تحدث بين حين وآخر في ردهات الطوارىء على مرأى ومسمع من رجال الشرطة الذين لايحركون ساكنا، فعلا لا اريد ان افسد فرحكم بالنصر، لكن اي نصر يأتي في بلاد خاوية تسير عجلة الزمن فيها ببطء شديد، وبقدرة قادر فقط، حيث لا قانون ولا خدمات ولا اي شيء ممكن ان يبعث في روحك ان ثمة حياة ستعيشها وثمة من يهتم بك ولاتلقى على سرير متسخ كقطعة من النفايات، دخلت كثيرا الى ردهات الطوارىء، لكن مارأيته في طوارىء مستشفى الكندي هو الموت، وكنت اريد ان اهرب بجلدي ولا ارى مايوسخ نفسي وروحي، كل شيء قابل للموت ربما حتى الاطباء والجدران، ليس هناك اهتمام يذكر باي مريض، وليست هناك مهنية في التعامل مع الناس، الناس الذين هبطوا من كوكب آخر، فهم ايضا حفاة ومتسخون، اصوات النحيب والبكاء في كل مكان، والصيدلية مهمشة فلا احد يصل اليها، وجميع الادوية تصرف بورقة فقيرة متسخة هي الاخرى.
لا اريد ان افسد فرحكم بالنصر، فقد تلقتني امرأة في باب المستشفى لاتمتلك اجرة التكسي لتنقل زوجها العجوز الى منطقة المعامل بعد ان نصحها الاطباء باخراجه الى البيت فهو ميؤوس منه، اي نصر ايها الاخوة وجثث الشهداء وذووهم ينتظرون المقاولة الفاسدة التي ابرمها احدهم لتزويد المطار بالتوابيت الخشبية، لا يستطيع المقاول سوى تجهيز خمسين تابوتا يوميا، ولذا ترى طوابير أهالي الشهداء تصل الى حدود المطار، وهناك من يبحث عن واسطة ليتسلم جثة ابنه الشهيد، لا اريد ان افسد فرحكم بالنصر، ولكنها اوهام كبيرة تعيشونها ايها الاخوة في بلد لم يعرف النصر، لكنه دائما يغني للنصر، عندما تكون انسانا عاديا عليك ان تؤمن بالقدر والقدر فقط، ففيه منجاتك وموتك، لاسبيل الى سيارة اسعاف، ولاسبيل الى دواء مجاني، ولاسبيل الى معاينة طبية حقيقية، فالمستشفى مسلخ وهو دائرة وضعت لتسليم الجثث فقط، الجميع يتهامسون، يقف بجانبك وهو يردد لتسمعه، (اخذ مريضك للبيت احسن، تره اهنا يموتونه)، ثم يأتيك صوت من احد منتسبي المستشفى: ( اذا عندك فلوس اخذه للخاص)، تدور بك الدوائر والأهواء لتصحو على صوت مشاجرة عنيفة، أو عراضة خاطفة لرجال حفاة يلهثون، اتوا بجموع ليس لها مثيل، لقد تعرضوا لهجمة من عشيرة أخرى، الطوارىء امتلأت بالرجال المستعدين للقتال مع اي صوت يستهجن وجودهم، وهم يحتلون الردهة ترتجف شواربهم غيظا، فيكون هما مضافا الى همك، مهما يكن المريض عزيزا لديك، فانت تريد الهروب من هذا الجو القاتل بلا نصر ولا امنيات بغد افضل، في ساعة واحدة توفيت امرأتان في ردهة الطوارىء الخاصة بالنساء، وهناك المزيد في ردهة الرجال، وجوه عابسة تنتظر الخبر المؤكد في موت او فجيعة، ليس هناك اسعافات حتى اولية، فينقطع النفس تباعا امام طبيبة صغيرة في السن لاتدري ماذا تفعل، عندما تكون انسانا عاديا عليك ان تموت بصمت في العراق، تموت وحسب، وكل هذا والنصر نصركم على عصابات خلقتها الظروف السياسية والدول الاقليمية وشحناتكم الطائفية ولا ادري حتى على من تنتصرون في كل مرة، لا اريد ان افسد فرحكم بالنصر، فقد افسد فرحي بموت اختي بعد ان تم نقلها ليلا من طوارىء مستشفى الكندي الى طوارىء مدينة الطب.



#محمد_الذهبي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- القاتل والمقتول يبكيان
- اسماء القتلة في قائمة شهيدٍ عائدٍ الى الحياة
- تحت الاضواء
- الحدباء
- ظل الأفعى وظلال الحمير
- طير السعد
- احاديث الازواج
- سمكة حقيقية
- الطابق الرابع
- لاتصوموا ايها الجياع
- هذا بجفنك دمعي حين فرقتنا
- حين يواري الخوف الاحياء
- إشارة
- إشارة
- ياصديقي الشاعر
- مدرسة مسائية
- حكاية شاعرة عراقية
- شاعرة
- بين البتاويين ومقبرة النجف
- قصتان قصيرتان


المزيد.....




- ما هي صفقة الصواريخ التي أرسلتها أمريكا لأوكرانيا سرا بعد أش ...
- الرئيس الموريتاني يترشح لولاية رئاسية ثانية وأخيرة -تلبية لن ...
- واشنطن تستأنف مساعداتها العسكرية لأوكرانيا بعد شهور من التوق ...
- شهداء بقصف إسرائيلي 3 منازل في رفح واحتدام المعارك وسط غزة
- إعلام إسرائيلي: مجلسا الحرب والكابينت يناقشان اليوم بنود صفق ...
- روسيا تعلن عن اتفاق مع أوكرانيا لتبادل أطفال
- قائد الجيش الأمريكي في أوروبا: مناورات -الناتو- موجهة عمليا ...
- أوكرانيا منطقة منزوعة السلاح.. مستشار سابق في البنتاغون يتوق ...
- الولايات المتحدة تنفي إصابة أي سفن جراء هجوم الحوثيين في خلي ...
- موقع عبري: سجن عسكري إسرائيلي أرسل صورا للقبة الحديدية ومواق ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد الذهبي - لا أريد ان افسد فرحكم بالنصر