أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - لمى محمد - رئيسة مقيمين في ألباكركي- العلاج النفسي الأدبي 18-















المزيد.....

رئيسة مقيمين في ألباكركي- العلاج النفسي الأدبي 18-


لمى محمد
كاتبة، طبيبة نفسية أخصائية طب نفسي جسدي-طب نفسي تجميلي، ناشطة حقوق إنسان

(Lama Muhammad)


الحوار المتمدن-العدد: 5559 - 2017 / 6 / 22 - 11:37
المحور: الادب والفن
    


الساعة الواحدة في توقيت " ألباكركي" المدينة العصيّة على الأمركة، ربما بسبب اسمها التي تقول إحدى النظريات أنه من أصول عربية: " البرقوقي" والبرقوق يعني المشمش!

قصدت العيادات الخارجية في أول يوم عمل لي كرئيسة مقيمين الطب النفسي.. وعندما تحمل هذا اللقب، فامتيازاتك يساويها أو يضاهيها كثير من المسؤولية..
في عقلي أسئلة عن كيفية تدريس المقيمين وطلاب الطب.. وكيفية التأقلم مع كامل مسؤولية القرار حول قبول أو تخريج المريض.. حول الأدوية.. التعليمات.. التشخيص التفريقي.. نسف تشخيص قديم أو إعادة الروح لتشاخيص منسيّة!

في مخيلتي: صورتي طبيبة جلديّة متطوعة في الطب النفسي.. أحلم بيوم أصبح فيه " حكيمة روح".. أو " طبيبة روحانية" ... أحمل معي شهادة دراسات عليا في الأمراض الجلدية من جامعة دمشق – أقدم جامعة في العالم-.. صور الأحبة.. ذكريات أثقل من عبء الجرأة في بلادنا في كمّها.. وأخف من ريشة عصفور على قلبي.. والكثير من الأحلام المؤجلة التي تحتاج وطناً يلمها!
أغادر بلداناً لا مكان لي فيها بين ذكور دينٍ.. وقضبان سياسة!

وفي قلبي: سؤال خائف يركض مبتلاً في مطر كانونيّ: يا البسيطةُ كيف ستتحكمين بمفاصل حياة لم تركضي طفولتك في رحابها.. يا الحزينة: مالكِ.. أزاحكِ الموت في الأوطان عن نعمة الشباب.. صرتِ كهلة؟!

في أعين بعض الناس هنا.. غربة.. تسألك: لماذا غادرتَ وطنك.. هل يعرفون في وطنك السيارات؟ هل تحبون الغناء؟ هل من المسموح للمرأة أن تتعلم.. إن تحترمونها: لمَ تغطونها؟ أنت نفسك كنتِ مغطاة!

في نظرات بعض آخر: وطن!
أنا أعرفك.. أنا أتكلم لغة جسدك.. أو لغتك... أنا أثق بك.. أنا أحتاجك.. أنا أحبك...

أسمع صوت الريح، وهذه ميزة في المدينة.. والريح تقودني في اتجاه لطالما أردته.. تعرفُ خطواتي الطريق باللاوعي.. بينما الوعي يخرج رواية أبطالها ما سبق!
**********


الساعة الثانية:

اجتماع رؤساء المقيمين مع أعضاء الهيئة التدريسية. وأحدهم يقول لي: أنت تعملين كثيراً تجعليني أبدو بمنظر الكسول! يجب أن تتعلمي كيف تقولي " لا".. إذا سألتك مسؤولة العيادات الخارجية يحب أن تقولي " لا" لا أريد أن أعمل كل الوقت..

-أحب عملي جداً وأستمتع به، وعندنا نقص أساتذة في العيادات الخارجية، واجبنا أن نغطيها.

صمت من في الغرفة، فصوت الحق لا يعلو عليه.. وتغير الموضوع إلى نعي آخر...

قرأت واحداً وستين كتاباً حول لغة الجسد.. الاتصالات غير اللفظية ونبرة الصوت.. ومازلت لا أريد أن أرى في مفصل أي اجتماع الحسد، الكسل، العنصرية أو الغيرة يحاولون قلب الحق باطل.. وما من أحد يقدر على قلب الحق، إن كان وراء كلّه مُطالِب...

في مخيلتي صور أطفال يخسرون أطرافهم في حرب مجانيّة.. وصورة شباب يمسح أحذية سوداء لامعة...

قلبي يصغر فيما تحكي مريضة عن قصة اكتئاب ماطرة، فيما ينبض بصوت أمل في تحسن مريض آخر..
المقيمون يناقشون مرضاهم معي فيما أتذكر أنني دوماً أردت أن أصبح " حكيمة روحانية"...

اجتماعات رؤساء المقيمين تتكرر.. لكن لا مضايقات بعد الآن: أتذكر كلام أمي: " الصادق لا يخاف من شيء".. الحمد لله...
**********



الساعة الثالثة:

رأيت مريضي العام الماضي " مايكل" صدفة ينتظر دوره ليراه أحد المقيمين.. نهض من مكانه ومشى بسرعة.. وقف أمامي، ثم مدّ يده.. عندما مددت يدي، قبلها! سحبتها بخجل..
" مايكل" في السبعين من عمره.. كان يمتلك شركة سيارات ودار الزمن عليه.. خسر الشركة، فسكنه الفقر والاكتئاب، لكن لم تفارقه دماِثة الخلق ولا الروح الطيبة...
قال لي: لم أرك منذ حاولت الانتحار آخر مرة.. تذكرين؟ لم أحاول الانتحار بعدها.. هل تذكري حوارنا عن الرسالة...
-ليس تماماً!
- سألتك عن معنى اسم "محمد" وقلت إنه يعني " المجد".. قلتِ لي أيضاً: نحن خُلِقنا على هذه الأرض لنحاول أن نتعلم رسالة شخصية ونُعلّمَ رسائلاً أخرى للآخرين.. لا نعرف كل الرسائل الموكولة إلينا، لكن تركها ليس خيارنا..
فكرتُ كثيراً في حديثكِ.. معكِ حق: عندما تنتهي من هذه الرسائل، تنتهي مهمتنا على هذي الأرض..

فإن كنا قد أنهينا تعلم رسالتنا الشخصية لا نعود.. وإلا نعود ثانية.. معك حق دكتورة التقمص قد يكون حقيقة!

-علمها عند الله.. سعيدة جداً بتحسنك.. قلتها وأنا أبتعد.. فيما " مايكل" يقول وبالعربية "شكراً.. سلام.. سلام، دكتور محمد “!
**********

الساعة الرابعة:

يتم تقليص دروس تعليم " كيفية إجراء مشاريع تحسين نوعية حياة المرضى” إلى النصف، لا وقت للتطبيق العملي لما قضيت ساعات في شرحه وثلاث آلاف ساعة في دراسته! السبب:
-ليس لدينا مكان لمبتدئة في السلك التدريسي...

أمامي خيارين: أدخل في مشكلة مع أستاذتي أو أعمل على مشروع آخر!
عقلي يفكر بسرعة:
معلوماتي الطبية ممتازة، لماذا لا أُدَّرسُ طلاب الطب؟ أُدّرسهم كل شيء بدءاً من القلبية إلى الطب النفسي..
البعد عن المشاكل والعمل على مشاريع جديدة أساس في الاستمرار.. الاستمرار في المحاولة شرف!
وكان الأمر سنة كاملة من رئاسة المقيمين و من تدريس طلاب الطب..

في ذات الوقت الذي يصل الاعتراض على حذف القسم العملي من تعليم " كيفية إجراء مشاريع تحسين نوعية حياة المرضى” تصلني رسالة تقييمي من قبل طلاب الطب، مع تعليق من قبل المشرفين:

-" أعلى تقييم لأستاذ في جامعة نيو مكسيكو حصلتِ عليه دكتور محمد.. تهانينا "

يقول أبي: "إذا عملت بجد مئة في المئة سيكمل الله نجاحك ليصل المئة في المئة!".. تماماً...
**********


الساعة الخامسة:

تتكلم الدكتورة " فريزر" عن جائزة "ديانا كوين".. تحكي أن " ديانا كوين" كانت يوماً طبيبة ناجحة.. ذكية.. ذات معرفة علمية واسعة.. تمتلئ محبة وطاقة إيجابية.. إلى أن داهمها السرطان.. فقتلته مراراً حتى قتلها مرة!
بعدها وكتكريم لها وضعوا جائزة لأفضل طبيب مقيم يحمل صفات " ديانا كوين".. بالإضافة إلى القيمة المادية للجائزة، فاسم حاملها يوضع في لوحة شرف في المستشفى..
الدكتورة "فريزر" تواصل كلامها عن الجائزة وعن “ديانا”.. فيما تدور في مخيلتي صورة افتراضية ل " ديانا كوين" تركض هاربة في بلداننا من عهر الساسة.. سُراق الأحلام.. تجار النساء بأنواعهم: تجار الرقيق الأبيض باسم التحرر.. وفجار الرقيق الأسود باسم الدين..
فيما يكبر السرطان ويكبر.. يأكل تلك البلدان الجميلة قطعة قطعة.. أطفال " ديانا" في عرض البحر على زوارق موت.. على الحدود خلف الأسلاك الشائكة.. بين وطن وأخيه تحت مقصلة (الفيزا)...

في قلبي: سؤال خائف يركض مبتلاً في مطر كانونيّ: يا البسيطةُ كيف ستتحكمين بمفاصل حياة لم تركضي طفولتك في رحابها.. يا الحزينة: مالكِ.. أزاحكِ الموت في الأوطان عن نعمة الشباب.. صرتِ كهلة؟!

- أنا أعرفك.. أنا أتكلم لغة جسدك.. أو لغتك... أنا أثق بك.. أنا أحتاجك.. أنا أحبك...
-" الصادق لا يخاف من شيء"...
-"شكراً.. سلام.. سلام، دكتور محمد “!
-"إذا عملت بجد مئة في المئة سيكمل الله نجاحك ليصل المئة في المئة!".


وفيما " ديانا" تصبح أكبر من أي سرطان.. صوت الدكتورة " فريزر" يوقظ مخيلتي وهي تقول: بغالبية التصويت تذهب جائزة " ديانا كوين" إلى دكتور: لمى محمد" ...


يتبع...



#لمى_محمد (هاشتاغ)       Lama_Muhammad#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من قرطبة إلى جزيرة الدمى المسكونة! -العلاج النفسي الأدبي 17-
- حدوتة نفسيّة-العلاج النفسي الأدبي 16-
- آمين - العلاج النفسي الأدبي 15-
- أنثويّات: العلاج النفسي الأدبي 14-
- راشدون و عاهرون: في العداوة بين الطب النفسي و التعصب الديني- ...
- تنورة أشرف من لحية: في العداوة بين الطب النفسي و اللحى - الع ...
- الصورة تكذب-العلاج النفسي الأدبي 11-
- الطلاق في زمن الحرب- العلاج النفسي الأدبي 10-
- الرقص بين حضارتين-العلاج النفسي الأدبي 9-
- أصلب من الصليب! العلاج النفسي الأدبي -8-
- العصف الذهني - العلاج النفسي الأدبي 7-
- أنانيا.. نرجسية إسلامية- العلاج النفسي الأدبي 6-
- هيستيريا تركيّة - سلسلة العلاج النفسي الأدبي 5-
- تحرّش شرعي ! - العلاج النفسي الأدبي 4-
- إدمان أديان - العلاج النفسي الأدبي 3-
- فيروزيّات أو تطبيع -الإسلام- ! علي السوري -13-
- قلق سوري - العلاج النفسي الأدبي 2-
- الايفانجِليزم الإسلامي
- هوس باريسي - العلاج النفسي الأدبي-1-
- لمى محمد - طبيبة و كاتبة مستقلة - في حوار مفتوح القراء والقا ...


المزيد.....




- “العيال هتطير من الفرحة” .. تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- مسابقة جديدة للسينما التجريبية بمهرجان كان في دورته الـ77
- المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي: إسرائيل تعامل الفنانين كإرهاب ...
- نيويورك: الممثل الأمريكي أليك بالدوين يضرب الهاتف من يد ناشط ...
- تواصل فعاليات مهرجان بريكس للأفلام
- السعودية تتصدر جوائز مهرجان هوليوود للفيلم العربي
- فنانون أيرلنديون يطالبون مواطنتهم بمقاطعة -يوروفيجن- والوقوف ...
- بلدية باريس تطلق اسم أيقونة الأغنية الأمازيغية الفنان الجزائ ...
- مظفر النَّواب.. الذَّوبان بجُهيمان وخمينيّ
- روسيا.. إقامة معرض لمسرح عرائس مذهل من إندونيسيا


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - لمى محمد - رئيسة مقيمين في ألباكركي- العلاج النفسي الأدبي 18-