أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - نادية خلوف - أدمغتنا أمام المغسلة العربية، والإسلاميّة














المزيد.....

أدمغتنا أمام المغسلة العربية، والإسلاميّة


نادية خلوف
(Nadia Khaloof)


الحوار المتمدن-العدد: 5552 - 2017 / 6 / 15 - 11:38
المحور: الثورات والانتفاضات الجماهيرية
    


القتل الجماعي والفردي لا يدفعك للبكاء بل للغضب، لا يمكن أن تبكي جثاميناً تكوّمت على بعضها بفعل السّارين، أو بفعل السباحة في الدّم، هذا أمر طبيعي تعودنا عليه. لا دموع أمام تلك المناظر التي تبثّها لنا القنوات العربية، والناطقة بالعربية المموّلة من قبل من يريد إفناءنا كشعب من على وجه الأرض.
البارحة وقفت أمام صورة أب كردي يقف في وضع الاستعداد ويحيي ابنه الشّهيد تحيّة عسكرّية. لا أعرف ملابسات الموضوع، لكنّني نمت واستيقظت وأنا أذرف دمعي لا إرادياً. أذرفه ليس على الشهيد بل على الأب، فلا أحد عرف بحرقة قلبه في تلك الليلة سواي، وكأنّني به يقول: لم أنجبك كي تموت.
بغض النّظر عن عدالة أيّة قضيّة فإننا خلقنا لنحيا، وعندما نقول نموت ويبقى الوطن ، فكيف يمكن للوطن أن يبقى لو متنا؟ سوف يموت معنا.
قبل سنين طويلة. حدث معي موقف مشابه، فقد عرض فصيل من فصائل المقاومة الفلسطينية أمّاً تدوس في بطن ولدها المقتول للتوّ بتهمة الخيانة، وهنا أورد عكس الحالة الأولى. بكيت أيضاً حتى الصّباح. لماذا قتلتم هذا الفتى؟ ولماذا جلبتم أمّه لتدوس في بطنه؟ هل هو موقف طبيعي؟
في مرّة رأيت ستة فتيان فلسطينيين يقتلون لأنهم خونة، فقد أطلقوا عليهم النّار، ولا زالوا يتخبطون بدمائهم. لا زالوا يحاولون تحدّي الموت. كانوا في السادسة عشر من عمرهم، ولا يمكن لفتى أن يخون، أو لا يخون، فالخائن عادة يكرّم.
بكيت مرة أخرى لأنّ صديقتي في القامشلي مات أولادها في تفجير، وبقيت هي على قيد الحياة. لم أتواصل معها ولا مع عائلتها لأنّني لا أعرف ماذا سوف أقول. بكيت من أجلها وصليت من أجل أن تموت ،ولا تكمل حياتها مع ذلك الحزن الذي لا طاقة للبشر على احتماله.
أتحدّث عن الموت، وليس عن عدالة القضايا التي يموت من أجلها النّاس.
سألت صديقتي اللبنانية التي تعيش في الإمارات، وهي شيعيّة من الجنوب، -كانت عائلتها تنتمي للحزب الشيوعي ثم أصبحوا من حزب الله- لماذا تتحجبين، وقد كنت لا تؤمنين بالحجاب؟ أجابت: لا تستطيعين استيعاب الأمر. نحن في الجنوب لنا قصص لا يفهمها غيرنا. تحدّثت لي كيف قتل حزب الله أخاها كخائن، وكيف توسلت أمها لهم جميعاً أن ينتسبوا لحزب الله كي لا يقتل إخوتها البقيّة مع أنّ بعضهم يعيش خارج لبنان، وقالت لي بالحرف الواحد: لو سكنّا في المريخ سوف يطالنا- أي حزب الله-. هذا كان قبل الثورة السورية بزمن طويل يومها كان المعارضة السورية الحاليّة تمجدّ حزب الله، وترفع أعلامه، وفيما بعد قالوا كنّا نجهل الأمر.
ما هو المطلوب منّا اليوم؟
مطلوب منّا أن نغسل دماغنا بأنفسنا، أو أن يكونوا مضطرين لغسله بالقوة.
علينا أن نموت، فقد اخترنا ثقافة الموت عن سابق إصرار وتصميم. نموت من أجل إسقاط النّظام. نموت من أجل الإسلام. نموت من أجل الوطن. نموت من أجل محاربة الإرهاب، نموت من أجل هذه القضيّة وتلك القضيّة، ولا نفكر بشعار مثل شعار " نعيش من أجل الوطن" ،"نعيش من أجل المستقبل" إنّها ثقافة الموت.
من يعرف الأوضاع عن كثب في بلادنا العربية، وفي سورية بشكل خاص. سوف يتأكّد أنّ عائلة الشهيد تعاني من المجتمع، وربما من الفقر، والسجين يخرج من السجن ليرى نفسه معزولاً وأحياناً يرغب بالعودة إليه. لا تصدّقوا ذلك التمجيد للشهداء. هو فقط في ساعة الدفن لتمجيد راية من الرّايات.
لا أعرف الفرق بين القاتل والمقتول عندما يموت الاثنان. قد يصنّف كلاهما كبطل محارب بين جماعته، وذويه، فقد أصبحنا كلّنا نقتل كلنا.
إذا كنا نموت كي نقضي على الإرهاب فللإرهاب" ربّ يحميه" ولا تفيد بندقيّة شاب في مقتبل العمر في القضاء عليه. توسّلوا إلى ربّ الإرهاب، وصلّوا له من أجل الخلاص، ويمكنكم الصّلاة أمامه باللغة العربية. أقوى دول العالم تشارك في القضاء عليه. دعوها تعمل وحدها.
هل نلوم العالم لأنّه وقف متفرّجاً على ألمنا كما يقال؟
لم يقف العالم متفرّجاً. بل كان يرى عن كثب، ولا تبرئة له في الصمت أمام تلك الدّماء، لكن لو لم نلم أنفسنا نكون في خطأ أشد، فنحن من باع سواء للدول العربية أو غير العربية، ونحن من كرّسنا الفضاء والقلم ليس للدفاع عن الشّعب بل لتأييد ذلك البلد العربي، أو غيره، ونحن من قبضنا ثمن انشقاقنا عن النّظام أي نحن فاسدون عندما كنّا معه، وعندما تركناه.
من نحن؟
بالطبع الفئات السياسية التي بيدها المال والسلاح، وليس الشعب الأعزل الذي يقتل على مدار السّاعة. نحن هي السّلطات السياسية المتنوعة التي تحكم سورية فعلاً، والتي تتلقى أوامرها من تجّار السلاح، والمخدرات، و نحن ليس الشّعب السوري الذي تأكله النيران، فهو لم يعد يعنيه من الحياة سوى رغيف الخبز وحياة أبنائه.
تبين أنّه لا إسلاميين في سورية، فكلّ الفصائل الإسلامية يقبض قادتها مبالغ طائلة، وأمامهم المغسلة حيث نقف بالصّف لنغسل أدمعتنا، وربما نكون مضطرين أحياناً.
سورية لم تكن علمانية يوماً، ولا إسلاميّة مع أنّ الإسلام كان ولا زال مصدراً من مصادر التّشريع، لكن الحياة الطبيعية لم تكن بذلك السّوء.
لو بدأنا للتوّ الدّعوة من أجل الحياة، وعدم تمجيد الموت. لو لم يتجند الشباب والقصر بالقوة في المليشيات ، وتركناهم يتعلّمون ويمارسون الحياة. لو رفضت النساء المشاركة في القتل فليس من طبيعة المرأة حبّ الدماء. لو، ولو، وكلّها أمنيات.



#نادية_خلوف (هاشتاغ)       Nadia_Khaloof#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لهم الله والوطن، ولنا عذاب القبر
- كأنّه أبي. الفصل الثاني. 3.
- من نصادق، ومن نعادي؟
- كأنّه أبي. الفصل الثّاني-2-
- بعض أمراضنا الخفيفة
- هذا الشّرق- العظيم- يلزمه بعض التّواضع
- كأنّّه أبي. الفصل الثاني-1-
- أيا حبّي!
- كأنّه أبي -5-
- التّابع والمتبوع
- كأنّه أبي-4-
- الرّقابة الشّعبية على الفكر العلماني مستبدّة أيضاً
- صفّوا النّية
- لغة القلم
- كأنّه أبي-3-
- كأنّه أبي-2-
- كأنّه أبي-1-
- بازر باشي
- صراع مع الأماكن
- أحِبّونا دون شروط


المزيد.....




- الفصائل الفلسطينية بغزة تحذر من انفجار المنطقة إذا ما اجتاح ...
- تحت حراسة مشددة.. بن غفير يغادر الكنيس الكبير فى القدس وسط ه ...
- الذكرى الخمسون لثورة القرنفل في البرتغال
- حلم الديمقراطية وحلم الاشتراكية!
- استطلاع: صعود اليمين المتطرف والشعبوية يهددان مستقبل أوروبا ...
- الديمقراطية تختتم أعمال مؤتمرها الوطني العام الثامن وتعلن رؤ ...
- بيان هام صادر عن الفصائل الفلسطينية
- صواريخ إيران تكشف مسرحيات الأنظمة العربية
- انتصار جزئي لعمال الطرق والكباري
- باي باي كهربا.. ساعات الفقدان في الجمهورية الجديدة والمقامة ...


المزيد.....

- ورقة سياسية حول تطورات الوضع السياسي / الحزب الشيوعي السوداني
- كتاب تجربة ثورة ديسمبر ودروسها / تاج السر عثمان
- غاندي عرّاب الثورة السلمية وملهمها: (اللاعنف) ضد العنف منهجا ... / علي أسعد وطفة
- يناير المصري.. والأفق ما بعد الحداثي / محمد دوير
- احتجاجات تشرين 2019 في العراق من منظور المشاركين فيها / فارس كمال نظمي و مازن حاتم
- أكتوبر 1917: مفارقة انتصار -البلشفية القديمة- / دلير زنكنة
- ماهية الوضع الثورى وسماته السياسية - مقالات نظرية -لينين ، ت ... / سعيد العليمى
- عفرين تقاوم عفرين تنتصر - ملفّ طريق الثورة / حزب الكادحين
- الأنماط الخمسة من الثوريين - دراسة سيكولوجية ا. شتينبرج / سعيد العليمى
- جريدة طريق الثورة، العدد 46، أفريل-ماي 2018 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - نادية خلوف - أدمغتنا أمام المغسلة العربية، والإسلاميّة