أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - نادية خلوف - بعض أمراضنا الخفيفة














المزيد.....

بعض أمراضنا الخفيفة


نادية خلوف
(Nadia Khaloof)


الحوار المتمدن-العدد: 5547 - 2017 / 6 / 10 - 12:55
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


هل شعرت يوماً أنّك لست أكثر من حشرة؟
ربما شعرتَ، وأخفيت هذا الشّعور، انسحبت دون أن يراك أحد، وبينما كنت تتصارع مع ذاتك لأنّك مخطئ على الدّوام، وأنّ العارفين بالحياة يفوقونك خبرّة. لو راجعت نفسك لوجدت أنّك تشعر بذلك ربما في أكثر الأحيان، ترغب في الخروج من هذه الحالة. قد يلزمك بعض السنوات، أو العمر كلّه.
لكلّ مجتمع أمراض، وطرائف، وأسلوب حديث حماسي أو بارد.
في مجتمعنا الذي أنتمي إليه تسود ثقافة الاستبداد بنكهة الإعجاب بالتّميّز. فلو كنت تعيش ضمن عشيرة- وهي النّمط المقبل للحريّة-عليك أن تشعر بأن وزنك وزن ذبابة، وقد تكون قد حضّرت قصيدة شعر لتمدح زعيم العشيرة، لكن هيهات! فهناك من وصل قبلك، وعندما يمنعونك وتخرج من الاجتماع الموسع ذليلاً. تذهب إلى مكان ليس فيه بشر. تشتم العشيرة بصوت عال، تعاهد نفسك أنّك سوف تكون حرّاً، ولن تسمع لهم بإهانتك، ثم تعود إلى منزلك وأنت تمشي على أربع. ترسم الخطط كي تعلو دون جدوى، فقدراتهم ليست كقدراتك.
في مرّة ذهبتَ إلى المنزل مكسوراً اختبأتَ قرب دودة تتسلّق الجدران الترابية لونها أحمر، حاولت أن تصادقها، لكنّك قرفت المكان.
أعرف أنّك تنتمي إلى طائفة رائعة. تحدّثت أمامي بالسّوء عن سلوك القائمين عليها، لم أتجرّأ أن أوافق -مع أنّك كنت على حقّ- لأنّني وافقتك في إحدى المرّات فمسحت فيّ الأرض لأنّني طائفيّة، لذا أتركك تثور ثم تنحني خاضعاً.
رأيتكَ بينما كنتَ ترافق عنترة كي يعلّمك نسج قصائد الفخر، وعندما قلت له "السّيف أصدق أنباء من الكتب" قال لك لا تسرق يا هذا الشّعر. وهل أنت مقتنع بالسّيف؟ احمله إذاً. بإمكانك أن تؤلّف قصائد الفخر. بإمكانك القول: أيها الوطن أنت أغلى من أمّي وأبي، يعتبرونه شعراً، ويسوقونك إلى الموت. لقد قلتها بلسانك. لا تصدّق عنترة يا صديقي. هو مجرد عبد. عاش ومات عبداً. لكن عبوديته أرقى بعض الشيء من عبوديتك. هو ابن السّيد زوج أمّه، وأنت أمّك أمة مثل أمّي لكنّها أمة في بيت عبد. سمعت عنترة يقول لك هذا غاضباً يشت: كنّا نعبّر عن نقصنا بالفخر، لكنّنا نفهم ما نقول، وندرك ما نعمل، أما أنتم فكلماتكم غير مفهومة، وليس لها ترجمات في قواميس اللغة.
تشكو لي أمرك، وأنّك لم تكن يوماً سارقاً ولا ظالماً. أضحكني عجزك. لم يكن عندك القدرة ليس إلا. ماذا و سرقت طعامك وشرابك؟
أراك تجثو على ركبتيك تدعو الرّب: يا رب! هذه الدّائرة من الفقر التي وضعتني بها جعلتها تدخل جيناتي. هي التي أدخلتني في تلك الدّوامة. يا رب! لقد كبرت، وأصبح لدّي عائلة، لا زلت أشعر "بالتّحشّر" كيف أخرج من تلك الدّائرة ؟ تسمع جواب الرّب دون أن تراه: أطع أولي الأمر، تقسم له أنّك لم تخالفهم مرّة، فيقول لك: اشكر على النّعم التي منحتك إيّاها، وترى يداً فوق رأسك فتؤمن أنّ اليد العليا خير من اليد السّفلى، وتنتهي من الدّعاء، وقد طهرّتك الدّموع، وقبلت بوضعك الذي تراه، فمثلك كثيرون. قد يكونون يداً عليا على من هم أدنى منهم، وحشرة أمام الأيدي التي تصفع رؤوسهم. أراك لا زلت تمارس نفس المشاعر تجاه ذاتك. لا بدّ أن يكتشف العلماء يوماً هذه الحالة. يمكن أن يكون اسمها متلازمة " التّحشّر"



#نادية_خلوف (هاشتاغ)       Nadia_Khaloof#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هذا الشّرق- العظيم- يلزمه بعض التّواضع
- كأنّّه أبي. الفصل الثاني-1-
- أيا حبّي!
- كأنّه أبي -5-
- التّابع والمتبوع
- كأنّه أبي-4-
- الرّقابة الشّعبية على الفكر العلماني مستبدّة أيضاً
- صفّوا النّية
- لغة القلم
- كأنّه أبي-3-
- كأنّه أبي-2-
- كأنّه أبي-1-
- بازر باشي
- صراع مع الأماكن
- أحِبّونا دون شروط
- الشّعب المختار، والمحتار
- نحن والزّمن
- -ديني على دين المحبوب-
- المحرقة السّورية، والموت السّهل
- يبدأ الحبّ بلمسة تعاطف


المزيد.....




- إدانات دولية وتحذيرات بعد الهجوم الإيراني على قاعدة العديد ا ...
- إيران: ضرباتنا ضد إسرائيل -استمرت حتى اللحظة الأخيرة-
- هجوم صاروخي إيراني جديد على إسرائيل
- البيت الأبيض: ترامب منفتح على الحوار لكن الإيرانيين قد يسقطو ...
- ترامب يعلن نهاية الحرب بين إسرائيل وإيران
- كشف كواليس التوصل لاتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وإيران ...
- مسؤول إيراني يؤكد موافقة طهران على وقف الحرب مع إسرائيل
- ترامب يتوقع استمرار وقف القتال بين إسرائيل وإيران -للأبد-
- فيديو: انفجارات قوية تهز العاصمة الإيرانية طهران
- وزير خارجية إيران: لا اتفاق على وقف إطلاق النار -حتى الآن- ...


المزيد.....

- الآثار العامة للبطالة / حيدر جواد السهلاني
- سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي / محمود محمد رياض عبدالعال
- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - نادية خلوف - بعض أمراضنا الخفيفة