العاصفة الترامبية ومشايخ المناديل الورقية

جواد البياتي

الحوار المتمدن-العدد: 5546 - 2017 / 6 / 9 - 19:50
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

العاصفة الترامبية ، ومشايخ المناديل الورقية
ما كان لأحد ان يتوقع ان هبة ريح شفهية واهنة تخلخل عروش وسرايات الدشاديش البيض في شبه الجزيرة التي لم تعد عربية ، بعد ان اجتاحتها اقوام شتى من كل فج عميق ، حتى ان القطريين على سبيل المثال اصبحوا يمثلون نسبة ( 20 % ) من مجموع سكان تلك الدولة المجهرية ، وفي الامارات يمثل سكانها الاصليون نسبة ( 19 % )، وفي البحرين تبلغ نسبة البحرانيين ( 46% ) وهي نسبة عالية نسبيا ، وفي الكويت نسبة الكويتيين الاصليين يصل الى ( 1 . 33 ) ، اما نسبة عدد السكان السعوديين فهي اعلى نسبة من عموم سكان المملكة هي ما يقرب من الثلثين ، وفي سلطنة عمان تقدر نسبة السكان الاصليين 4 / 5 من سكان السلطنة وهي اعلى نسبة سكان اصليين فيها لأسباب معروفة ، اما اليمن فأمرها محيّر فلا توجد فيها احصائيات دقيقة بسبب موقعها الجغرافي والاقتصادي والسياسي المغري فهي محطة متحركة لديمومة الاستقبال والانتقال منها واليها منذ فجر التاريخ ، فضلا عن كونها بلد ما يعرف بالاصالة العربية التي خرجت منها القبائل نحو شمال الجزيرة بعد انهيار سد مأرب في القرن الثامن قبل الميلاد وفقا للروايات التاريخية ، فتسببت كما يبدو بتكوين ما سمي اليوم بالامة العربية .
واستنادا الى هذه الوقائع يمكن القول بأن نسبة السكان الاصليين لدول الخليج هي نسب متدنية في معظمها خاصة اذا ماعرفنا ان القواعد الفكرية والبشرية العاملة في هذه الدول هي من غير ابنائها ، اما الابناء الشرعيين الاصليين من شعوبها فهم اما سواح دائميين او مقيمين بعيدا عن بلدانهم ، وفي احسن الاحوال هم في المناصب العليا لشركاتهم وفي مراكز الاطلاع الشكلي على سير عمليات الانتاج التي يديرها الغرباء المقيمين في البلد والمكلفين بمتابعة الاعمال ما بين الادارة والانتاج .
وبلدان تدار بهذا الشكل من قبل مجموعة مستشارين ، لا يمكن ان تبني مجتمعات رصينة تدافع عن مكتسباتها لفترات تاريخية طويلة ، خاصة وانها ولدت عن طريق الصدفة المستندة الى ظهور الثروة النفطية المفاجئة بمساعدة بعض دول الاستعمار القديم والتي وضعتهم تحت شروط قاسية جدا ابرزها الحماية. خاصة وان حماية المصالح لا يكن ان تركن الى النوايا الحسنة الاّ في حالة الخواء الفكري والخنوع القبلي ، ولذلك كان هؤلاء الزعماء المفترضين " يطفون على ماء الكروش " كما يقول المثل البغدادي ، بل واحيانا تدفعهم نوازعهم الشخصية الى اتخاذ قرارات ساذجة وكبيرة لا يعرفون عواقبها ، وهذا ما يعرف بجرذان السد في اشارة الى انهيار سد مأرب بفعل اسنان الجرذان وفق احدى الاساطير ، والتي اوصلت السلطة المنتفخة الى حد الانفجار ، ليس في دولة تميم حسب بل ودول اخرى في شبه الجزيرة يجري قضمها تباعا ، بإستثناء السلطنة التي سلمت كامل لحيتها وربطت مصيرها مع مصير بريطانيا العظمى ، ونأت بنفسها عن كل المشاكل الاقليمية والدولية مهما كان حجمها ومساحتها .
لقد اثبتت دول الخليج بأنها ليست اكثر من منديل ورقي تتقاذفه الريح في ادنى سرعتها ، ويرتبك سلوكها وتصرفاتها كلما واجهتها هزة سياسية لا دور للمال في حلها ، وهذا يدل على تفاهة وفراغ العقلية الحاكمة وعدم موضوعيتها في اتخاذ القرارات الواعية في رسم سياسة البلد ، بل وعدم الاهتمام بمصالح ابنائه . وكان الاحرى بهذه السياسات ان تدرك المتغيرات على الساحة الدولية ، خاصة في السياسة الامريكية المرسومة المراحل والتي توجتها مرحلة الرئيس ترامب وقراراته الصارمة في مؤتمرات الحسم في الرياض .
في الصف الثاني الابتدائي كانت هناك قصة لنا نحن التلاميذ الجدد اسمها ( القرة والضفدعة ) كما اذكر ، ساء الضفدعة حجمها الصغير بالقياس الى البقرة ذات الجسم الضخم فقررت ان تكون مثلها عن طريق نفخ نفسها ، ولم تزل تنفخ حتى انفجرت ، وهناك مثل يقول :" اللي ما يعرف تدابيرة حنطته تأكل شعيره " . قطر ستدفع الكثير نتيجة سلوكها المتغطرس ، ورصاصة تكفي لإسكات كلب الحراسة .
ترامب وافق ان يستقبل تميم في البيت الابيض في الفترة القادمة دون تحديد موعد ، فليس ان تنفذ قطر كل شروط دول المقاطعة الثمان + امريكا ، وهذا ايغال في تكريس القلق لدى تميم وتجاهله .

#جواد_البياتي (هاشتاغ)      

---

ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل