زكريا كردي
باحث في الفلسفة
(Zakaria Kurdi)
الحوار المتمدن-العدد: 5546 - 2017 / 6 / 9 - 05:16
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
28- يكمن الخطرُ الداهم والخفي للربيع العربي في عدمِ ادراك أولئك الرُعاع والجُهْال الذين ثاروا يبتغون القضاء على دُولهم ويسعون إلى حياة أفضل عبر دَكِّ أنظمتها ، أنهم قد قضوا في الواقع على القوى المُوحدة لأركانها وهشموا ثقلها الجيوسياسي ، وهو الوضع الذي يكون فيه الشعب في حال فقدانه لهما ، كمّن رمى بقشةٍ في الخلاء ، و جَهلَ بأن الثقوب السوداء لمصالح الآخرين ستفتك بها وتتجاذبها لا محالة ..
29- مثلُ الثائر الجاهل كمَثلِ المُعالج الأخْرَق الذي أراد القضاء على مَرَضٍ عُضال عبر تشجيع إفشائه وإظهار توحشه ، ثم بدأ بعد ذلك في التفكير في كيفية إيجاد العلاج له .. غير مُدرك أو منتبه بأن فكرة العلاج والبحث عنه ، لا تنفصل أبداً عن فكرة معرفة وكشف المرض ، بل هما فكرتان ينبغي أن تكونا متلازمتان بالضرورة ..
30- إن الدعوة إلى إسقاط النظام في أية دولة عالم ثالثية لا يعني سوى الدعوة إلى تفكك تلك الدولة وتلاشيها ، والعودة بمجتمعها إلى طور الوحشية والعنف ، وأعتقد أن هذه الدعوة التي روّجها بعض الخبثاء الخارجيين، ورقص على أنغام أوهامها بعض الحمقى الداخليين ، ممن ظهروا كالغثاء على أسطحة الربيع العربي ، ما كانت لتنجح في إقناع كثير من رعاع الناس في تبنيها و تشجيع الزعيق بها من قبل بعض الأوساخ الثقافية وبعض المرضى من ذوي الشهادات ، لولا :
- ضلال الإعلام المُحكم المؤثر ذو اللبوس الطائفي الديني .
- وحُسن استغلال تغوّل الفساد في جلّ مناحي المُجتمع .
- واتساع هوة الثقة بين السلطات والناس بشكل عام .
- و تزايد تبجيل الجهل المقدس ، والابتكار المبهر في تسويقه .
- و الخسوف شبه الكامل للأرضية المعرفية الهشة ، في إدارة ومناهج المؤسسات التعليمية و كذلك جهالة شخوص القائمين عليها ..
- وربما أهم من كل مما سبق ارتباك مفهوم الهوية الوطنية في الأذهان لدى أبناء الوطن الواحد ..
31- قصارى القول : إن الجماعات أو الشعوب غير المستنيرة أو التي مازالت أذهانها ترفل بالجهل المُقدس وتتحكم بسلوكها العواطف المُنفلشة وحماسة الانفعالات غير السوية ، إن هي ثارت على ظلم فائض أو فساد رابض أو أثيرت بدافع داخلي وتأثير خارجي ، فلن يكون الحال معها سوى حال العنف الأعمى و العودة بالمجتمع الى طور الوحشية التي لا ضابط لها سوى بمجيء سلطة جديدة أخرى مشابهة في قسوتها للسلطة المُنقلب عليها ، ولكن غالباً ما تكون عودتها بقسوة أجدّ في الأسلوب والمظهر و أشدّ في المحتوى والجوهر ..
للحديث بقية ..
#زكريا_كردي (هاشتاغ)
Zakaria_Kurdi#
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟