زكريا كردي
باحث في الفلسفة
(Zakaria Kurdi)
الحوار المتمدن-العدد: 5413 - 2017 / 1 / 26 - 22:12
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
17- صفوة القول : الدولة ليست مُجرد شرطة وجيش و نظام مُتبع ، الدولة - في إعتقادي – من أهم تجليات رحلة العقل الكلّي في الوجود الإنساني الواعي و هي ذات المجتمع وعقله.
18- وأنت عندما تقف معها وإلى جانبها - مهما بدت لك دولة هشة - فإنك في الحقيقة تقف مع وجودك العاقل، وإلى جانب فكرة القانون واستمرار نموها ، وبالتالي أنت تقف مع تطور ضمانة بقائك المنظم مع الآخرين، مهما كان هذا البقاء مضطرباً أو ضئيلاً ..
19- وأما كسرك لعنق القانون، بحجة تغوّل سطوة أدوات تنفيذه الفاسدة، وتمرّدك على الدولة او مُحاربتها والوقوف ضدها ، ليس له سوى معنى واحد ، وهو انك قد اخترت – عن جهلٍ أو كيدٍ - ذاتاً أخرى هشة ، مُتصوَّرة في ذهنك الغاضب ، والناقم على أخطاء هذه المؤسسة أو تلك، في ذات دولتك ..
20- وتمرّدك على دولتك يعني شيئاً وحداً وهو إنك تسعى من خلال هذه الذات الفردية والوهمية الجديدة في ذهنك، أن تلغي الذات الواقعية لذات مجتمعك الذي تُحاربه ، ويدلُّ على أنّك تتخبّط في خرابات وهمية وأحلام تقوم على الفِكرِ المُستوردة ، والتي – مع كل اسف - لن تستطيع ان تُترجمها لأبناء وطنك، الذين تدّعي أنك تنشد الخير لهم بثورتك أو تمرّدك ، الا بالعنف الإجتماعي المُدمر والمؤذي للجميع و المُضر للغاية بصيغة العقد الاجتماعي التي يستند عليها كيان الدولة الذي تم إنجازه في عقود طويلة..
21- ومن هنا يحق للدولة حينئذٍ، بوصفها أداة للهيمنة ، والمُحتكر الوحيد لوسائل العنف الشرعي -على حد تعبير ماكس فيبر- أن تمارس قوة الإرغام وتستخدم القسر بكل أشكاله لضمان الالتزام بقوانينها ، ومعاقبة المخالفين من أفراد المجتمع..
22- ولكن في المقابل أعتقد أن أية دولة تستطيع أن تنتصر على أيّ تمرّدٍ أو عدوان يستهدف وجودها المادي والمُجرد، فقط إذا توفر لها أمران :
أولهما : وجود قيادة حكيمة تقرأ الواقع الجيوسياسي الطارئ جيداً ..
وثانيهما : إذا تصرفت مؤسساتها بسلوك الدولة ، قدر المستطاع، ولم تتماثل بسلوك الميليشيات المتمردة أوالمرتزقة الذين تقاتلهم والساعين لمحقها دون أية رأفة ..
فلا شك عندي في نصيحة الفيلسوف نيتشه :
خذ حذرك وأنت تقاتل الوحوش حتى لا تصبح واحدا منهم.
وللحديث بقية ..
#زكريا_كردي (هاشتاغ)
Zakaria_Kurdi#
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟