أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - زكريا كردي - يا بُنيَّ، كنْ إنساناً قبل أي شيء..














المزيد.....

يا بُنيَّ، كنْ إنساناً قبل أي شيء..


زكريا كردي
باحث في الفلسفة

(Zakaria Kurdi)


الحوار المتمدن-العدد: 5200 - 2016 / 6 / 21 - 01:03
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


لا مروءة لكذوب ، ولا وَرَعَ لِسَيِّىءِ الخلق
- الجاحظ -
كانتْ أُمْي إمرأة مُسلِمة، بسيطة ، أُميَّة ، لا تُجيد القراءةَ ولا الكتابة .. و كانت في كل صلواتها لا تعرف من القول سوى فاتحة الكتاب و سورة الإخلاص ( قل هو الله أحد..
وكانت تلاوتها لا تخلو من بعض الأخطاء، رغم قِصر السورة الشديد ..وكنت - وقتئذ - أحاول جاهداً أن أصحّحَ لها بالحُسنى وأخالُ أني أعلِّمها الصواب، لظني الساذج حينها، أن إيمانها سيكون مرفوضاً أو منقوصاً على أقل تقدير، كما كان بعض من مشايخنا الوهابيون من أنصار ابن تيمية وابن حنبل وابن بطة و سيد قطب وغيرهم ، يعلموننا في حلقات الذكر والفقه ..
سمعتني أمي العجوز مرةَ، أكرّرُ ما عَلَمني إياهُ الشيخ في المدرسة الشرعية من الدعاء المستجاب..
وكان حالي آنئذٍ، كحال كلّ المُسلمين من حولي ، أردّدُ بعدَ كلّ صلاة الدعاء لله، طلباً أخص به المسلمين بعينهم وأمة الاسلام فقط ..
وكنتُ كلَّما قلتُ اللّهمَّ انصرِ المُسلمين، تقول لي : لا .. بل قل اللهم انصر الحق
اللّهمَّ شافِ مَرضى المُسلمين، تقول لي : لا.. بل قل اللهم شاف كل المرضى
اللهمَّ أعْن المُسلمين وحالهم، فتقول لي : لا ..بل قل اللهم اقضِ حوائج الناس أجمعين ويسر أمورهم ..
اللهمَّ إرْحمِ أمواتَ المُسلمين ، فتقول لي : لا .. بل قل اللهم إرحم كل أموات العالمين
وكنت من فَرط كِبَري وحَماقتي ، أردُّ عليها بِخيلاءِ المُؤمن الواثق والمعتصم بحبل التقوى التي لا تنفصمُ عراها ، وأحاولُ أن أزهو على سبيل إيمايها، بما تعلَّمْت من كتب أولئك الفقهاء ،
والتي تتكدس على رفوف مكتبتي، وأكرّر لها نصوصاً قطعية الدلالة والثبوت، كي أؤكد من شأن ذاتي أمامها ، ثم أقول لها مُحتجاً بإيمان كلُّ من حولي، بأن الكفار هم في الآخرة من الخاسرين، ولا يجب أن أدعو لهم أو أطلب لهم الخيرة أوالنصرة أوالوفرة ..
وكانت هي تردُ عليَّ في كل مرة بإبتسامة حنونة ساخرة :
يا ولدي ، أنت تقول ما قال غيرك .. والحق ما وصلتَ إليهِ منْ نفسك ..
يا ولدي، دْعِ الكتبَ التي تقرأها تأخذُ منْ عقلك وقلبك أكثر مما تأخذ من نظرك وإعجابك
يا ولدي ، ماأدراك أنك وصلت إلى الحق، لربما هم عند الله أكرمَ منك ومن تلك الذقون التي تفتخر بها ، بل ولعلهم بأخلاقهم وصلواتهم أقربُ إلى رضوانه منا جميعا ..
يا ولدي ، عليك أن تفتش عن الله في قلبك، لا فيما تجمعه أذنيك من غبار السجاجيد أو اللحى
يا ولدي ، أليس غريباً ألا أسمع منك دعاءاً الا فيما دار حول القتال والنصر والشر والمرض والحاجة والقهر و.. الخ.. لماذا لا تذكر الله في محبة أو إلفة ، ولما لا يكونُ الله في الخير المطلوب بين الناس وفي ايلاف القلوب، ولما لا تدعو الله بالرحمة في الناس وإنزال سكينته بينهم ، أو إفشاء المودة بين بعضهم البعض ..!!
يا بنيَّ ، تعلّم قبل أن تكونَ مؤمناً بأي دين.. أنْ تكونَ إنساناً ..
إنساناً قبل أي شيء..
عندها فقط ستعرفُ الله حقاً ..ويَعرِفُك ...



#زكريا_كردي (هاشتاغ)       Zakaria_Kurdi#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المنطق السوري الأعوج ..
- انطباعات هولندية ( 2 )
- انطباعات هولندية (1)
- أفكار حول حرية الرأي والتعبير (2)
- أفكار حول حرية الرأي والتعبير (1)
- ملاحظات على هامش الثورة ..
- السوريون حتى إشعارٍ آخر
- أفكار في الحب ..(3)
- أفكار في الحب (2)
- قناة الجزيرة .. (3)
- قناة الجزيرة ..(2)
- قناة الجزيرة .. (1)
- حكاية ثورة الخائفين ..
- أحاديث المقهى الثقافي ..(!)
- العالم الإسلامي في إنتظار خلاص الحداثة..
- ثورة العُلَماءْ لا ثورة العُدَمَاء ..
- أفكار حولَ مَفهوم التسّْوِية
- هلوسات فكرية ..(!)
- ملاحظات أولية حولَ التعصّب الديني
- القتل الحلال ..


المزيد.....




- الهجوم على كنيسة مار إلياس بدمشق يثير مخاوف المسيحيين في سور ...
- سوريا.. عملية أمنية ضد وكر إرهابي متورط بهجوم الكنيسة
- مفتي القاعدة السابق: هذا ما جعل بن لادن يجر أميركا لحرب في أ ...
- اعتقال المراقب العام لجماعة الإخوان المسلمين في الأردن
- الاحتلال يواصل إغلاق المسجد الأقصى ويعتقل 4 من حراسه
- صحفي يهودي: مشروع -إسرائيل الكبرى- هدفه محو الشرق الأوسط
- toyour el-janah kides tv .. تردد قناة طيور الجنة على القمر ا ...
- سوريا: تنظيم -داعش- الإرهابي يقف وراء تفجير الكنيسة بدمشق
- البابا ليو: يجب عدم التساهل مع أي انتهاك في الكنيسة
- حماس: إغلاق المسجد الأقصى تصعيد خطير وانتهاك صارخ للوضع التا ...


المزيد.....

- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - زكريا كردي - يا بُنيَّ، كنْ إنساناً قبل أي شيء..