أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - زكريا كردي - أحاديث المقهى الثقافي.. (2)














المزيد.....

أحاديث المقهى الثقافي.. (2)


زكريا كردي
باحث في الفلسفة

(Zakaria Kurdi)


الحوار المتمدن-العدد: 5404 - 2017 / 1 / 16 - 19:35
المحور: الادب والفن
    


أربعون عاما وأنا أخالط مُعظم المُتعَلّمين والأدباء ، في المشهد الثقافي الحلبي ، ممن كانوا - ومازالوا - يضعون أنفسهم بين أهلِ الرأي الحصيف، وينسبون لأذهانهم فيوض الكلمة الرزينة والفكر العريف ، أو يجعلونَ من ألقاب أسمائهم نصباً متينة وأبواب مقامهم نخباً حصينة تُرْهبُ وتخيفْ ..
أربعون عاماً ، أهدرتُ اكثر من نصفها مُنصتاً إليهم ، متفكراً و متأملاً بينهم ، أرقبهم عن كثب ، وأتعلمُ من خبرات بعضهم عن قرب ، ومن رحلات حياتهم وتجاربهم السياسية والفكرية الطويلة..
وأما باقي السنين فقضيتها مثرثراً مشاكساً مُتحدثاً ومثيراً أومتسبباً في نشوء وإغناء أكثر الأحاديث إفادة لي حسب زعمي .. حيث وجدت فيهم عقولاً فريدة غريبة وعرفت منهم نفوساً لوامة كئيبة ، و شاهدت معهم شخوصاً مختلفة وأفكارا عجيبة ..
والحق أني لمحتُ بينهم بَعضاً مُدركاً ، مقداماً على خطر المعرفة وأفكارها، وقابلت فيهم من فَهِمَ الكلمة وأنصتَ بإجلالٍ تامٍ لمَعناها، و رأيت منهم قليلاً واعياً ممن تفكّرَ فيها، أو صَمَت خاشعاً أمام سحرها وبيانها ، و لكن كان نادراً فيهم من رحل بها بعيداً وانزوى في ملكوتها، وأما الأندَر فهو الذي كان غائصاً في كنهها وسبل لغاها، أو أصغى وانطوى في عمق فحواها ، أو تاهَ معها وسار بها بعيداً عن صخب الناس نحو مبتغاها، و قعَدَ مكرساً ذهنه الوَقّاد لدَرسها وفهم كنه جدواها ..
وأما كثيرهم الباقي فكان يطفو في المشهد كفقاعات الهَواء، وكان شغله الشاغل سرد التفاهات وصيد الرياء، ونصب المكائد أو الإطناب والنميمة و تجميل الهُراء..
وغالباً ما تراهُ اذا حضر أمام المعرفة في ملتقى ، لا يعرف من الكتب الا ظهورها ، و إذا ثغا بفكرة من حكايةٍ ، ظهر كالعلق على سطورها، لا يعرف من شمائل الآداب زرعاً ولم تزره يوما ولو عن خطأ بذورها ، ولا تليق به مائدةَ فضيلةٍ ، وإن حدثَ فلا يتذوق من فاكهة الثقافة والفنون إلا عَجّورها..
يقتاتُ الترّهات ، ويبدع في رغوة الكلام والسخافات، وهو متعلمٌ جهول، سمّاعٌ ليس ببدّاع .. إنْ وَصَلت الأخبار أشداقهُ، لاكَها ثرثرةً رصينة ، ثم طرَحها على شكل عبارات ممجوجة رهينة، أو إدّعاها زوراً على هيئة كتابٍ أصفر ، ذا معنى سخيف دون اثرٍ أو قيمة..
وحدث أنْ كان أكثر هؤلاء من أنصاف المتعلمين الفاشلين دراسياً ومعاشياً ، أو الموظفين الفاسدين من مُروجي الضغينة والسُخرية ونثر القيم الجوفاء، أو من مُهرجي الشعر المَرْصوف ، وعيّاري الرواية المُتهافتة ، وأفاقي ابداع القصة الهابطة ..
وكانوا في أكثرهم غير أسوياء، تأكلهم الحسد والنميمة ووتفوح منهم رائحة الرياء، لم يستطيعوا أن يكونوا أدباء بالحق، فصاروا بلهاء بشيء جعلوه يشبه الحق في الأدب ، فانطبق عليهم وصف شر المنافقين ..
إذا مرّت بقربهم الكلمة الحق ، أعلنوا عليها العَداء، أو فندوها دجلاً في سطور هزيلة كالثغاء ، فكانوا كالهوامش النافلة والعقول الباهلة ، بلا أية حواس للمعرفة الفلسفية الحقة أو التفكير العميق، لا تعرفهم الكلمة النبيلة أو الفكرة الأصيلة ولا يعرفونها .. فهم قومٌ لا يعنيهم أن يصدقوا جواباً يقلُّ عن نفاق سؤالهم، وعداوتهم الحسودة الحقودة لأرباب الفضيلة والنجاح في المجتمع أكسبتهم بجدارة لقب " شرَّ الرفاق " ..
وكنتُ كلّما جالستُهم أو فارقتُ مجلسَهم أسمعُ هاتفاً في خلدي يهمسُ لي :
أيُّها العَاقل تَجَرَّع كأس الصمتَ أكثر فأكثر، وأنصتْ لِمأثورِ القول في جَلَدٍ :
إذا ما كنتَ في جاهليةٍ جَهلاءَ، فعليكَ أنْ تُخفي ثلاث : ذَهَبَكَ وذَهَابَكَ ومَذْهَبَكْ



#زكريا_كردي (هاشتاغ)       Zakaria_Kurdi#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تهويمات حول الحرية..(1)
- وقفة صدق مع الذات السورية..
- العلمانية بداية الحل ..
- من أجل سوريتي.. !!
- أعز الأماني السورية 2017
- لا تُصَدّقوهم ..
- هو النَصيحُ العَاقلْ وأنا الشبّيحُ الغافلْ
- صراع الكراهية
- التعليمُ السَيّء مَهْلَكةُ الأمَمْ ..
- مُجرَّد تجربة..( نصٌ نثري)
- المَوّتورُ الثقافي ..
- يا بُنيَّ، كنْ إنساناً قبل أي شيء..
- المنطق السوري الأعوج ..
- انطباعات هولندية ( 2 )
- انطباعات هولندية (1)
- أفكار حول حرية الرأي والتعبير (2)
- أفكار حول حرية الرأي والتعبير (1)
- ملاحظات على هامش الثورة ..
- السوريون حتى إشعارٍ آخر
- أفكار في الحب ..(3)


المزيد.....




- وفاة المخرج ميشائيل فيرهوفن وساسة ألمانيا يشيدون بأعماله الف ...
- -الماتريكس 5-.. حكاية المصفوفة التي قلبت موازين سينما الخيال ...
- -باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - زكريا كردي - أحاديث المقهى الثقافي.. (2)