هو النَصيحُ العَاقلْ وأنا الشبّيحُ الغافلْ

زكريا كردي
باحث في الفلسفة
(Zakaria Kurdi)

الحوار المتمدن-العدد: 5373 - 2016 / 12 / 16 - 23:18
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

يَطْلبُ لي الحُرّية المُثلى والحَياةَ الأفضلْ، ويَعدُني بزَمانٍ أحْلى وَغدٍ أمثلْ ، ثم يأتي شاحذاً سكينه المُقدّسة، ويجزُّ عنقَ طفلي مكبراً أمام الله والناس دون وازعٍ أو خَجَلْ، ويختطف حياة أخي من أجل فديّة خَسيسَة العَمَلْ ..
يُحَاصرُني بِمدافع جَهنّم، ويَتفنَّن في استهدافي وضرْبي وتضليلي، ثم يُسَطّرُ ملاحِمَهُ الدّموية المُتتالية، ويُرسِلُ انتحاريه لنَجْدَتي، وانغمَاسييهِ لنُصرَتي، ويُصَوّبُ قذائفه العمياء كي يُدمر حانوتي ويسْرقُ أمانَ حياتي وبيوتَ حارتي ..
يُفجّرُ مشْغَلي ومَؤئل رزقي ويُعَطّل مصْنَعي وينْهّبُ مَعْمَلي ويَبيعُ آلتي، ثمَّ يُدمّر جنى عمري ويسرقُ أثاث بيتي ، ويقصف داري و يهدم مدرستي ويُحجِّبُ صَغيرَتي، ويغسلُ عقولَ أبنائي ويُجَهْلُ صِغاري ونَاشِئَتي..
يَسْتعينُ بكلِّ شُذّاذِ الآفاقِ، مِمّن يُوالونَ مَذهَبَ إجرامهِ وطائفيَتهُ وهَواهُ الدّيني، كي يَهديني ويُعيدَ لي إيماني وعُروبتي .. ويأتي بِهْم في غزواتٍ مُقدسةٍ كي يَحْكموَني بشريعة الرمال، فينهبَون إرثي ويَدُكُون مُتون حضارتي ويُخربون قلعتي..
ويفتّتُ ما كانَ يَستُرني منْ سَقفِ الوطنِ المُتهالك والمُتعب في مَناحي دَوْلتي .. ويزيد فقري بين الناس مُعزّزاً لفاقتي، ثمَّ يَسْعى بخبثٍ لاستبدال نشيدي َوعلَمي ويشوّه سيرة رُموزي وهَويّتي، يتآمر مع أعداء آبائي وأجدادي ، ويبذلُ أقصى ما لديه منْ مَكْرٍ لإنهياراقتصادي وعِمْلتي ..
وبَعْدَ انْ يُرتلَ عليَّ تنزيله المُحْكم ، يأخذني بغلظةٍ نحو ناصية معبوده الأعلى، ثم يدفعُ بحَياتي المُهلهلة إلى شَرْعِ أميره الجَلاَّد ، الذي يقرأ علي بعضاً من آيات الذّكر الحكيم، ثم يُحمْدلُ ويُحَوقلُ ويُقسم لي بأن الذبح سيُحرّرني منَ الضَلالِ الوَطَني الّذي أنا فيهِ، ويَجعلنُي أفهم أكثر نعْمَة آخِرَتي وما هي حقاً حُريّتي ..
أيّتُها الحُثالات الرَجيمَة الوَخيمة، أبعْدَ كلّ هذا ،
وتَسْتغربونَ منّيَّ أنْ أموتَ في البُكاءِ فَرَحَاً على إستعادة حَلَبي وإستردادِ سُوريَّتي ..!!

#حلب_تُسْتعَاد

مباركٌ حَلَب التي تفرحُ بعينٍ واحِدة ..
العينُ الأخرى تبكي بحُرقةٍ على منْ رحَلَ منْ أبنائها وعلى ما ماتَ منْ ذاكرتِها

#زكريا_كردي (هاشتاغ)       Zakaria_Kurdi#          

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات