أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - الياس ديلمي - الأُنثى المَفقُودة (1) : « الإنسَان و الإنسَانيّة »















المزيد.....

الأُنثى المَفقُودة (1) : « الإنسَان و الإنسَانيّة »


الياس ديلمي

الحوار المتمدن-العدد: 5526 - 2017 / 5 / 20 - 17:04
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


يُعتَبر هذا المقال تَوطِئَةً لسلسلة مِن المقالات التّي تَسبَح في فُلْكٍ واحدٍ ، و هو البحث عن الأُنثى المفقُودة ، ذلك المَخلُوق الذي قال فيه الشّاعر أَبُو عَلِيٍّ الْحَسَنُ بْنُ زَيْدٍ الرَّحَبِيُّ :
هِيَ الضِّـلْعُ الْعَوْجَـــــاءُ لَيْسَتْ تُقِيمُهَا أَلا إِنَّ تَقْوِيمَ الضُّلــُوعِ انْكِسَــارُهَا
إِنْ يَجْمَـــعْنَ ضَعْفًا وَاقْتِدَارًا عَلَى الْفَتَى أَلَيْسَ عَجِيبًا ضَعْفُهَا وَاقْتِدَارُهَا
فردّت الكاتِبة السُعودية ( ندى ناصر الغامدي ) على البيتين الشِعريين في روايتها مذكرات ضِلع أعوج قائلةً : أحدهم كسرني ليُقيم اعوجاجي ، والآخر حاول أن يجمعني بكلماتٍ صمغيّة ، لم تجفّ حتى الآن !!
فقديماً كانت البشرية تعيشُ حالة جفافٍ فظيعٍ ، أدّى بالبشر الهمجيين الى رواية عطشِهم بسفكِ دماء بعضِهم البعض ، و بقُوا على حالِهم ذلك طَوال حِقَبٍ زمنية طويلة بين تعطُّشٍ للدّماء و بين سَفكِها لرَويِ عطَشِهم و سَقي صحراء توحُشِّهم ، الى أن هَطلت أمطارُ التعقُّل و الوعي بِوَفرةٍ كبيرةٍ مُكوِّنَةً أنهاراً و وِدياناً أصبَحت مع مُرُور الزمن بِحـاراً تُسّمى ( الانسَانية ) ، و بعد حدُوث تِلك الطّفرة الطّبيعية تحوّل ذلك البشري الهمجِيّ المُتعطِّش للدِّماء و الإفسَاد الى إنسانٍ مُتعطِّشٍ للشُرب من المعرفَة و السّفَر في بحار الانسانية بحثاً عن الرُقيّ الحضاري و السُمُو الأخلاقي ، لكنّ ذلك الإنسان و أثناء رحلاتِه الكثيرة في بِحار الانسانية ، و بَعد أن تعرّضَت سفينة منظُومته المعرفية للخَرق غَـرِق و غَرقَت معهُ سَفينتُه ، و في خِضّم تلك الخسارة الفادِحة ضَاعت الأُنثى في متاهات ذلك الإنسان ، فلَم يُعرف سبب ضَياعِها ، هل فُقدانها نَتج عن تِيهٍ سَهواً دُون رجعَة أم اختِطافٍ عمداً دُون عودة !؟
بَعد هذا السّرد الوجيز وجدنا أنّا ذكرنا عِدّة ألفاظٍ ، ظاهِرُها معلومٌ جليٌّ و باطِنها مجهولٌ ضبابيٌّ هي ( أنثى ، إنسان و إنسانية ) ، و كي لا نتُوه نحن أيضاً ارتأينا تَرك اللفظ الأوّل جانباً اننظُر فيه في مقالٍ آخر ، و نُركِّز مع اللفظين المنحُوتين مِن جِذر لسانيٍّ واحدٍ انسان / انسانية .
و حتّى نقُوم بضبط المفاهيم و الوُقُوف على المعاني الدّقيقة لهذا الموضُوع بِشكل مِنهجيٍ علينا أوّلاً أن نَعقِل الألفاظ في مَعاقِلِها ، و نُرتِّب الأفكار ثُم نَجعلَها مُتسلسلةً مترابطة و بَسِيطة و كذلك مُبسَّطَة ، لهذا وجبَ علينا و بدقّة شَرحٍ وافٍ و كافٍ لمُصطلحي ( الانسان و الانسانية ) حتّى نفهم السّرد الرمزي الذي بُدِأ بِه هذا المقال ، و نُمهِّد لفتح الأبواب التّي مِن خلالها نَكشِف عن كُلّ ما هو مطمُوسٍ و ننبُش كذلك عن كُلّ ما هو مقبُورٍ .
الانسان مِن المنظُور الفلسفي هو حيوان ناطق و كذلك مُواطِن للمدينة حسَب أرسطُو ، أمّا أفلاطون فقد كان يُقيم حداً بين الإنسان والأشياء الخارجيّة للتمكن من تجريده عن مواقفه الملموسة ، لكنّ مِن المنظُور العِلمي فالإنسان هو كائن بشري حيّ مِن الثدييات ، ينتقل على قدمين ، و هو الكائن الوحيد المُتبقي من الإنسان العاقل ( الهومو / الأناس ) ، و يَجدر التّنويه الى أنَّ المَقصَد مِن لفظة ( الانسان ) هو الذّكر و الأُنثى على حدٍّ سواء ، فالذّكر إنسان و الأُنثى إنسان .
الإنسانية بِشكلٍ عامّ هي عبارة عن مجموعة من وجهات النظر الفلسفية والأخلاقية التي تركز على قيمة الإنسان فرداً كان أم جماعة بالاعتماد على الاستدلال والتفكير ، و تمّ استخدام هذا المصطلح ( Humanism ) أول مرّة مِن طرف عالم اللغة و المؤرخ الألماني ( جورج فويت ) ، و هي اشتقاقٌ لمُصطلح ( Human / الانسـان ) ، و وِفق هذا و قبل أن نَذهب الى التّعريف الدّيني للإنسان ، يَجب أن نلفِت القارئ الى أصل الاشتقاق الذي أوردناه و هي مُفردة (Man ) التّي يُشير معناها أحياناً الى الإنسان و أحياناً أخرى الى الرجُل ، و هذا ما يجعل أبواب العبث تُفتَح علينا و تَجعلنا غرقى في أوحال اللّغو ، مِمّ يَجعلنا نعجَز على ضبط المفاهيِم و تأسيسها بِشكل متين و رصين .
للمنظور الدّيني رأيٌ آخر بشأن لفظة ( إنسان ) أوقَعَه فيما وقَع فيه المنظور اللغوي الإنجليزي ، فالتّصّور الدّيني اليهودي لنصُوصه المقدَّسَة أنّ ( آدم ) هو اسم رجلٍ و هو أول مخلوق بشري يتواجَد في كوكب الأرض ، و يُوافِقُه في ذلك التّصور الدّيني المسيحي ، فيَجعلان مِن الانسان و الرّجل مُفردتين مُترادفتين تَكاد تكون مُتطابقتين ، مِمّ يَخلق عدّة اختلالات و تناقضات تتعارض مع العقل و العِلم ، كما أنّ التّصور الدّيني الاسلامي يَكاد هو الآخر يَقع فيمَ وقعت فيه التّصورات الدّينية الابراهيمية الأُخرى بسبب التضارب الحاصِل في النُصوص المُقدّسَة التّي يعتمد عليه ( النصوص القرآنية / الأحاديث النبوية + التّفاسير ) ، فهُناك نُصُوص تعتبر أنّ الانسان هو عبارة عن ذكرٍ و أنثى ، و هناك نصوص أخرى تعتبر أن الانسان الذي سجدت له الملائكة و استقبل الوحي هو المخلوق الذّكري المُسمّى آدم ، و دُون الخوض في نِقاش التصورات الدينية الثلاثة التّي سنتطرَّق اليها في مقالات قادمة حتّى لا يتشعّب الطّرح ، نذهب بسُرعةٍ الى طرح بعض التّساؤُلات و الاستفسارات التّي خرَجنا بها في هذا المَقال :
هل الأُنثى انسان أم انسَانة ؟
اذا اعتبرت اللّغة الانسان عبارة عن رجُلٍ فما محلّ إعراب الأنثى مِن ذلك ؟
اذا نظرت التّصورات الدّينية الى الانسان بصِفته رجلاً اسمُه آدم قام بتلقي الوحي الالهي بمُفردِه ، فلمّ غابَت الأُنثى عن مُجريات الأحداث ؟
ما الغاية مِن تغييب الأُنثى عن منظُومة الانسان ؟
و كيف ستنظُر الانسانية الى الأُنثى بما أنّ هذه الأخيرة غائبة عن السّاحة الدّينية و الفلسفية تماماً ؟
سيَرى القارئ أنّ المقال قد خَتَم نفسَه بنهايات ضبابية تَقوم بالتّشويش على ما استقبَلَه مِن أفكار ، و لكنّه إن أمعن النظر بشكل عميق سيَرى في تلك النهايات الاستفسارية علامات يَقتّصُ مِن خلالها أثر الأنـثى المفقُودة .
و للحديث بقيّة ...



#الياس_ديلمي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- يُوسف زيدَان و غَوغاء التّارِيخ يتشاجَرون !
- وزير يزُور أبى هريرة
- أُسطُورة دَاروِين المُسلِمين : عمرُو بن مَيمُون
- أسطُورة الإنسَان والتّاء المربُوطة
- رزَان و الإخوان في بِلاد طَرزان
- حفلَة تنكُرية
- خُطبة ابليس في يوم عَرفة
- جُمهورية التناقُضات (3)
- جُمهورية التناقُضات (1)
- جُمهورية التناقُضات (2)
- ثُنائية تَقديس الجهل
- حلب بين الثَّورة و الثَّور .
- التأشيرة الدّينية لدخول بيت أبي سُفيان
- الثُعبان الأقرع يَقرع أبواب عَقلك
- عازف المزمار و الاطفال ( رؤية نقدية )
- حرب المصطلحات (1) : العقل .
- حفريات في التراث (1) : بيف و هركول ( تكالب هررة الحاكم على ا ...
- الأراء و الافكار و كيفية التعاطي معها .
- حفريات قلم (3): تساؤلات انسان .
- حفريات قلم (2) : تساؤلات انسان .


المزيد.....




- تاريخ اليهود والمسيحيين في مكة والمدينة حتى ظهور الإسلام
- أكسيوس: فوز ممداني جعل نبرة كراهية الإسلام عادية في أميركا و ...
- انتخابات الصوفية بمصر.. تجديد بالقيادة وانتظار لبعث الدور ال ...
- حاخام يهودي دراغ.. صوت يرتفع دفاعا عن الإنسانية
- ثبتها حالاً تردد قناة طيور الجنة بيبي على القمر نايل سات وعر ...
- “تحديث ثمين” تردد قناة طيور الجنة على الأقمار الصناعية بإشار ...
- شاهد.. مسيرات حاشدة في محافظات يمنية تبارك انتصار الجمهورية ...
- عيد النائمين السبعة: قصة مسيحية تنبئ الألمان بالطقس
- الاحتلال يعتقل شابا من -الأقصى- ويبعد أحد حراس المسجد
- 45 ألفا يؤدون صلاة الجمعة في المسجد الأقصى


المزيد.....

- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - الياس ديلمي - الأُنثى المَفقُودة (1) : « الإنسَان و الإنسَانيّة »