أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - محمد حسين يونس - خُذوا الحقيقة َ، وانبذوا الأَوهاما















المزيد.....


خُذوا الحقيقة َ، وانبذوا الأَوهاما


محمد حسين يونس

الحوار المتمدن-العدد: 5518 - 2017 / 5 / 12 - 18:16
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


أصول الاديان من مصر القديمة.
بعد منتصف القرن التاسع .. كان العالم (فيما عدا هذا الركن المظلم منه ) قد عرف أن من مصر وبابل و الشام بزغت شمس الاديان بصفتها (ضمير ) البشر الذى يعيد تهذيب الوحوش التي خرجت توا من الغابات .
معظم الاديان التي أمن بها الناس (قديما أو حديثا ) لها جذور ثابتة داخل ثنايا التاريخ الذى دار منذ عشرات الالوف من السنين علي هذه الارض الخصبة بفضل أنهارها حاملة الخير .. ثم إندثر بسبب الحروب و البغضاء وتجبر الكهانة التي عمت المنطقة منذ الفي وخمسمائة سنة .
لقد كان من الممكن ألا نعرف حقيقة ما حدث .. بعد فقد صلتنا باللغة المقدسة المصريه .. او الحروف المسمارية البابلية و الاشورية .. و لكن جهد الخيرين من العلماء و الانثروبولوجيين و الفلاسفة و اللاهوتيين جعلنا نبصر أن الحصيلة التي بين يدينا من الاديان و العقائد لم تأت من فراغ بل إنبثقت من تطورات وصراعات دامت لالاف السنين و تم إستعارتها و تحويرها عدة مرات حتي أصبحت( بسبب تقدم وسائل حفظ المعلومة ) في وضعها المتصلد الذى نؤمن به اليوم .
أو كما قال أحمد شوقي ((يا قومُ، بانَ الرُّشدُ فاقْصُوا ما جرى, وخُذوا الحقيقة َ، وانبذوا الأَوهاما ))
القدماء كانوا يقيمون الصلاة كما نصلي .. ويصومون إنقطاعي من الفجر حتي المغرب .. و يمتنعون عن تناول بعض الاطعمة في مواسم محددة .. و كانوا يحجون إلي أبيدوس أقدم مزار في التاريخ .. و كانوا يوحدون برب تغير إسمة و لكنه ظل علي حالة ،( باريء نفسة و خالق الكون و مسيرة و محقق العدالة و الرزق بين البشر و الحيوانات و النباتات ) .
القدماء كانوا يؤمنون بالبعث و الحساب و ألاثابة و العقاب .. بنفس إسلوب المعاصرين و إن إختلفت الطرق و الوسائل طبقا للبيئة التي ظهرت بها الديانة .ولكن أبناء الديانات و الملل و العقائد المختلفة و المتضاربة فيما بينها اليوم ..إذا ما واجهتهم بهذا يتحدون في مواجهتك و يطلقون علي الاجداد (كفارا ) و تراثهم ( عفنا ) و يتبرأون من صلات القربي و التشابة (إن لم تكن إستعارة ) التي زاولها السابقون من سابقيهم .
يشكك علماء الانثروبولوجي (اليهود) المحدثين فى تاريخية (سفر الخروج) ويصنفونه فى إطار القص الأسطورى مثل الإلياذة والأوديسة أو جلجامش أو إيزيس وأزوريس , ومع ذلك فإذا ما سألت أى مصريا مع من انت !!!
( فرعون أم موسى ) سيكون رده دون تردد ( نبى الله موسى) ..أما أنا فلي قناعاتي التي تجعلني مدافعا عن المفترى عليه فرعون.
إن فرعون كليم الله ... وفرعون خليل الله .. وفرعون النبى يوسف .. كل منهم لم يفعل ما يستحق عليه عقابا أبديا حتى لو إستندنا إلى حيثيات الحكم التى جاءت فى نصوص القص اليهودى ( العربي ) نفسه.
يكتب الأستاذ عصام الدين حفنى ناصف (( إن الكثيرين من العلماء النابهين يرون أن قصة موسى والضربات التى أهوى بها على مصر وجيشها لاتعدو أن تكون إحدى القصص التى تخرقها كتاب الأسفار اليهودية المقدسة ومضوا فيها ينكلون بخصومهم فى الخيال بعد أن عز عليهم التنكيل بهم بالنعال)).
ولكن لماذا ينكل اليهود بالمصريين ثم (البابليين) فلنقرأ فى سفر التكوين الإصحاح 43 (( قال قدموا طعاما ..فقدموا له وحده ولهم وحدهم وللمصريين الآكلين عنده وحدهم لأن المصريين لا يقدرون أن يأكلوا طعاما مع العبرانيين لأنه رجس عند المصريين)).
يا ألله على هذا الاحتقار وعلى عقد النقص التى كان يشعر بها كتاب التوراة !!! في مواجة المصريين .
الإصحاح 46 (( أن تقولوا عبيدك أهل مواشى منذ صبانا إلى الآن ونحن وآباءنا جميعا ..لكى تسكنوا فى أرض جاسان , لأن كل راع غنم رجس للمصريين ))
بمعنى آخر أن المصريين كانوا كما ورد فى التوراة يعتبرون( البدو رعاة الاغنام )عموما و العبرانيين خصوصا رجس يجب تجنبه ويتأففون من تناول الطعام معهم .. أفلا يحق والأمر هكذا لكتاب التوراة أن ينكلوا بهم فى الخيال كما قال الأستاذ عصام.
حادثة الغرق كما ذكرت فى مراجع المسلمين (( أغرق الله فرعون وجنوده فى اليم حين إتبع بنى إسرائيل وغرق معه من أشراف مصر و أكابرهم ووجوههم لأكثر من ألفى ألف ))
مليونين من رجال مصر غرقوا فى شق البحر وللأسف لم يتصور من منحنا هذا الرقم المساحة التى يمكن أن يشغلها مليونين من الجنود بمعداتهم وعجلاتهم الحربية وخيولهم وكيف سيستوعبهم شق فى البحر .
نفس المبالغة نجدها فى مواجهة موسى لسحرة فرعون حيث لدينا الحدوتة الآتية
(( إثنى عشرة ساحرا رؤساء تحت يد كل منهم عشرون عريفا تحت يد كل عريف ألف من السحرة فكان جميع السحرة مائتى ألف ألف وأربعين ألف وإثنين وخمسين إنسان بالرؤساء والعرفاء فلما عاينوا ما عاينوا أيقنوا ان ذلك من السماء وأن السحر لا يقوم إلا بأمر الله فخر الرؤساء الاثنى عشر عند ذلك سجدا فأتبعهم العرفاء وأتبع العرفاء من بقى وقالوا آمنا برب العالمين رب موسى وهارون ))
القارئ لما أورده عبد الرحمن إبن الحكم سوف يتخيل أن سكان مصر كانوا جميعا سحرة بحيث يستطيع فرعون حشد ربع مليون ساحر(من حوالي خمسة مليون مصرى ) لمواجهة موسى فيسحقهم سحقا.
ولنبدأ القصة من أولها .. كتب إبن الحكم ((الفراعنة الذين ملكوا مصر خمسة وهم طوطيس إبن ماليا فرعون إبراهيم .. والريان إبن الوليد فرعون يوسف .. والوليد بن مصعب فرعون موسى .. و درام بن الريان وآخر ما يحضرنى إسمه الان ))
الوليد بن مصعب كما نقل إبن عبد الحكم عن وهب إبن منبه (( كان أصل فرعون من مدينة بلخ وقيل من أرض حوران من نواحى الشام وكان عطارا متجمد عليه دين .. فخرج هاربا من أصحاب الدين حتى دخل مدينة منف وكانت يومئذ دار المملكة وكان فرعون ( لاحظ حقد كاتب الوصف التالى ) بشع المنظر .. أعور فى عينه اليسرى وكان طول لحيته سبعة أشبار بحيث كان يتعثر فيها .. وكان قصير القامة يعرج برجليه عرجا فاحشا وكان بجبهته شامة سوداء كبيرة ( بمعنى آخر فيه كل العبر ) فلما دخل منف وقف على خباز يقال له هامان وكان هامان كثير القراءة فى الملاحم فلما وقف عليه فرعون رأى به علامات تدل على ما عنده من الملاحم بان من يكون به هذه .. لابد ان يملك مصر ( أى فكر مريض يمكنه أن يشوه أكثر من هذا ) فقال له هامان من أى أرض أقبلت ؟ فقال فرعون من بلخ .. قال هامان هل لك من صحبتى ؟؟ فقال فرعون إن شئت كنت كذلك .. فأضافه هامان تلك الليلة.
ثم أن فرعون إشترى حمل بطيخ وجاء به إلى باب المدينة فلما أراد أن يدخل من باب المدينة نهبوه منه جماعة من البوابين فلم يبق معه غير بطيخة واحدة فباعها بقدر ما اشترى الحمل.
ثم قال للناس أما فى هذه المدينة من ينظر فى مصالح الرعية ؟؟
فقيل له أن ملك هذه المدينة مشغول بلذاته وفوض أمر مملكته لوزيره. . فهو لا ينظر لمصالح الناس .. فقال فرعون فى نفسه هذا وقت إنتهاز الفرصة ( كيف عرف الكاتب ما قاله فرعون لنفسه !! لا أدرى ولا تسألنى ) ثم خرج إلى المقابر وصار لا يمكن الناس أن يدفنوا موتاهم إلا بخمسة دنانير على كل رأس ( يعنى نصاب وبيهرب من الدائنين وقبيح وبلطجى كمان ) .. فقدر أن بنت الملك ماتت فلما أرادوا دفنها فقال هاتوا خمسة دنانير العادة .. فقالوا له ويحك هذه بنت الملك ..فقال ما آخذ عليها إلا عشرة دنانير ( يعنى بلط كمان ) فما مكنهم من دفنها حتى أخذ عليها عشرة دنانير ..
فلما بلغ الملك خبره قال من يكون هذا الرجل ؟ فقالوا له .. الذى عملته عامل للأموات , فأنكر الملك ذلك وأرسل خلف فرعون .. فلما حضر بين يديه قال له من عملك عامل للأموات !! فأخبره بما جرى له مع حمل البطيخ .. ثم قال له أنا عملت عامل الأموات حتى يصل إليك خبرى وتستيقظ لنفسك وتنظر فى مصالح رعيتك وقد حفظت لك فى هذه المدة مالا لايحصى .. ( ياواد يا شجاع .. ).
فلما سمع الملك كلامه أفصل وزيره الذى يغشه وإستقر به وزيرا..
فلما تولى .. سار فى الناس سيرة حسنة .. وعدل فى الناس ( إيه اللى قلبه كده فجأة !! ) وكان يقضى بالحق ولو كان على نفسه ( يعنى ما بقاش يهرب من الديانة ! ) فأحبته الرعية ..
فلما مات الملك فاختاروه الرعية ( ديموقراطية يعنى .. ) عليهم فولوه الملك فى مدينة منف فأظهر العدل ونظر فى أحوال المملكة فأقام جسورها وبنى قناطرها وقطع جزائرها وحفر خلجانها وكان بها سبعة خلجان جارية شتاء وصيفا .. وكان يرسل مائة ألف وعشرين ألف رجل ومعهم الطوارى والمساحى بسبب قلع الغضاب والحلفا وكل نبات يضر بالأرض فيسيرون قبلى وبحرى ولهم رواتب معلومة بسبب ذلك .........
فلما دبر أراضى مصر مثل هذا التدبير إستقامت أحوال الديار المصرية وسار خراجها يومئذ مائة ألف الف دينار .. بالدينار الفرعونى وكان يومئذ ثلاثة مثاقيل بالمثقال الآن ( فى زمن وهب إبن منبه ) فيكون ذلك ثلاثمائة ألف ألف دينار وسبعين ألف ألف دينار ( ثلاثمائة وسبعون مليون دينارا) فإذا تكامل جبى الخراج فيأخذ فرعون فى ذلك الربع لنفسه والربع الثانى لجنده والربع الثالث لمصالح القرى والربع الرابع يدفن فى الأرض بسبب السنين المجدبة وهى كنوز فرعون التى تتحدث الناس بها إلى الآن ( زمن وهب إبن منبه )
ولم يزل فرعون على ما ذكرناه قائما على ملكه لمدينة منف حتى إنقرض من أيامه ثلاثة قرون من العالم وهو باق فى حاله ... عاش فرعون أربعمائة سنة ( حسب رواية إبن منبه ) وهو مخول فى النعمة لا يرى ما يكره فى نفسه ولا حم فى جسده ولا دخل عليه سوء .. فعند ذلك كلل لحيته بالؤ لؤ والجوهر وطغى وتجبر وإدعى الربوبية من دون الله تعالى فأرسل الله إليه موسى عليه السلام يدعوه للإيمان فلم يؤمن ..
فأوحى الله تعالى إلى موسى أن يخرج ببنى إسرائيل إلى بحر القرم ......... لما طغى فرعون أتاه جبريل عليه السلام فى صفة رجل مستفتى .. فقال لفرعون ما تقول فى رجل إشترى عبدا ورباه صغيرا .. فلما كبر عصى على مولاه ؟ وقال لست بعبد لك وإدعى مقام سيده فما يكون جزاء ذلك العبد !!.. فقال فرعون .. جزاءه التغريق فى البحر .. فقال جبريل إعطينى خطك بذلك
فرعون خرج فى إثر موسى وهو فى عساكر لا تحصى فلما إنغلق البحر بموسى وعدى بنى إسرائيل وتبعه فرعون ومن معه من عساكر فانطبق عليهم البحر فغرق فرعون وعساكره فى بركة " الغرندل " وأتاه جبريل بخطه فعرفه وقضى على نفسه فأراد أن يقول آمنت برب موسى وهارون فأخذ جبريل خطه وحشاه فى فمه حتى مات.
أليست هذه أحلام يقظة لعبد يهودى فى مواجهة سيده الفرعون !! ..
كمصرى (في عيد الفصح ذكرى التنكيل بمصر و تدمير جيش فرعون ) مع من ستكون .. مع من كان ( قبيح الوجه ) ( حسن إدارة أمور الحكم ) ( يقضى بالحق ولو كان على نفسه ) أم مع موسى الهارب بقومه الذى تسبب فى إغراق ما لا يحصى من جنود مصر ؟؟ فرعون الذى عاشت مصر فى عهده فى رخاء دام أربعمائة سنة أم موسى الذى أنزل عليهم اللعنات الواحدة إثر أخرى؟
فى إطار القصة السابقة ودون أى تأثيرات دينية أوتاريخيه أنا مع فرعون الحكيم الذى كان له بعد نظر فلم ينفق فى سفه الخراج بل كان يقتصد ربعه.. فى الغالب كانت أجمل وأزهى عصور مصر ليتها تعود لو أنها كانت قد حدثت.
الفرعون الثاني الذي نكل به كتاب الاسرائيليات في أسفارهم ومن نقل عنهم من كتاب ألأخبار والسير العرب فى أمهات الكتب الإسلامية .. هو الفرعون الذي سماه ابن عبد الحكم "طوطيس بن ماليا" الفرعون الذي عاصر خليل الله إبراهيم وزوجته سارة.
.. مستر "ماير" كما أورد الدكتور القمنى أكد على انه لم يعثر(حتى تاريخ كتابته) على أي دليل أثارى سواء كان كتابه أم نقشا أو حتى نقش يقبل التفسير آو حتى في نصوص تقبل التأويل يمكن أن يشير إلى النبي (إبراهيم) وقصته سواء في أثار وادي النيل أو أثار وادي الرافدين على كثرة ما أكتشف فيها من تفاصيلو وثائق .
فإذا ما كان التاريخ لا يبوح بالقصة وكان كل ما لدينا هو كتابات الإسرائيليين وكتاب الأخبار والسير (كمرجع مشكوك فيه خاصة أن السيد طوطيس بن ماليا هذا لم يرد أسمه في اى قائمة من قوائم حكام مصر القدامي ) ... لذلك ليس أمامنا للحكم بين الفرعون والنبي إلا الاعتماد على النصوص الإسرائيلية/العربية كمرجع وحيد رغم أنه (ضعيف تاريخيا)
ابن عبد الحكم قدم طوطيس بن ماليا على أساس أنه كان مغرما بحب النساء والحسان وكان يأخذ نساء الناس وبناتهم غصبا وكان له في الطرقات حراس بسبب ذلك (مليشيات توريد الحسان) هؤلاء الحراس دلوه على إبراهيم وسارة بمجرد دخولهما إلى ارض مصر.
فأمر بإحضارها "كان حسن سارة من حسن حواء فأمر بها فأدخلت عليه وسأل إبراهيم (عنها) قال له: ما هذه المرأة؟ .. رد إبراهيم :- أختي .. فهم الملك بها فأيبس الله يديه ورجليه فقال لإبراهيم هذا عملك فأدع الله لي فو الله لا أسوؤك فيها"..
في نص أخر "سأله عن سارة فأدعى انها أخته فطلب الزواج منها ولكن إبراهيم قال أنها متزوجة فسجنها الفرعون .. عندما حاول لمسها شلت يده وعندما حاول ثانيا غاصت به الأرض .. فطلب منها وقف سحرها ولكنها قالت أنه فعل إبراهيم خليل الله ... فرد له سارة ووهب له جاريه جميله تسمى هاجر وكان لها أربعة عشر سنه فجاءه منها ولده إسماعيل وقيل ان المالك طوطيس اسلم على يد إبراهيم".
في نص أخر "فأطلق الله يديه ورجليه بعد ان دعا له إبراهيم ربه ... وأعطاهما غنما وبقرا وقال ما ينبغي لهذه (اى سارة) ان تخدم نفسها فوهب لها هاجر" بمعنى ان الملك وهب هاجر سواء لإبراهيم أو سارة.
الأستاذ بيومي قنديل في كتابه "حاضر الثقافة في مصر" يشير إلى هذه القصة ويقول "في خضم ذلك الصراع الذي اختلط فيه التاريخ بالأسطورة والحقيقة بالخيال والرغبات المكبوتة بالأحلام السعيدة ظهرت شخصية إبرام"..ويتساءل "يطرح هذا النص التوراتي عشرات الأسئلة على أي إنسان يملك عقلا مستقلا ولكن السؤال الرئيسي في ظننا هو لماذا عاقب الرب .. فرعون الذي اتخذ إمرأه جميله هي أخت ضيف حل عليه في أرضه زوجه له برضاها ورضاه .. بعبارة أخرى لماذا انتقم هذا الرب من فرعون بل ومن أهله معه لجريرة لم تقترفها يداه أو أيديهم".
اجابه هذا السؤال قدمها سيجموند فرويد (يهودي) في كتابه "موسى والتوحيد" صفحة (109) ((بينما انتظر المصريون الودعاء حتى رفع القدر الشخص المقدس لفرعونهم أخذ الساميون الغلاظ الهمج قدرهم في ايديهم وتخلصوا من طاغيتهم))
((أى ان المصريين كانوا ودعاء (زراع متحضرون) في حين كان الساميون غلاظ همج (بدو رعاه) والعلاقة بين المتحضر (الزارع) والبدوي ( الراعي) عبارة عن صراع دائم في العالم القديم "ولقد اخذ هذا الصراع أحيانا شكل الغزو وأحيانا شكل التسلل وأحيانا أخرى شكل الهجرة ولكنه ارتدى في معظم الأحيان شكل المطاردة .. بمعنى أنه كان دفاعا من جانب الزراع الذين قنعوا بما تحت أيديهم وهجوما من جانب الرعاة الذين طمعوا فيما يعوزهم بل وحلموا به أحلاما خلابة انعكست على أساطيرهم ومعتقداتهم .. دفاع دائم ضد هجوم شبه دائم جعل المصريين يبدون ودعاء والساميون غلاظا همجا)).
وهكذا عندما تقابل الفرعون الوديع مع النبي الغليظ .. لم يقل الحقيقة عن علاقته بسارة .. وسلط عليه سحره وقدرات ربه .. وخسف به الأرض .. وشل ساعديه وساقيه .. في حين ان الآخر منحه جاريه وكم هائل من الغنم والبقر التي كانت مصدرا لثروته ومنحته وأسرته الاستقرار والحياة الرخية .
الفرعون طوطيس هذا الذي اخترعه اليهود والعرب .. رغم انه صنيعتهم إلا أنهم لم يستطيعوا أن يخفوا كونه متحضرا .. كريما .. عادلا ينصف المظلوم حتى ولو كان على نفسه .. يفي بكلمته ووعده .. ويدير دوله لها نظم وقوانين .. ورغم أنه (زير نساء) وهو ليس بعيب عند قبائل البدو التي تعتبر المرأة غنيمة مستحقة ... ومع ذلك هذا (الزير) طلب الزواج من سارة ولم يغتنمها .. اى تحضر هذا في مواجهة الوحشية والضعف المرتبط بالخسف و النسف.
بعيدا عن المقدسات ألدينيه ترى مع من ستتعاطف .. مع الرجل الذي اخفي الحقيقية عن علاقته بزوجته .. ثم سحر مضيفه وخسف به الأرض أم مع الرجل المتسامح مع من أذاه .. بل ويكرمه بالهدايا والأمان ويرجع إليه زوجته عندما يعرف حقيقة أنها زوجته كما إنها أيضا أخته .
أنا شخصيا مع الملك المصرى رغم انه لم يتواجد أبدا تاريخيا ما يؤيد هذا ولكنه يحمل صفات قومي الأكثر تحضرا .. حتى في عيون وأديبات الحاقدين من اليهود والعرب ..
الفرعون الثالث الذى نحن بصدده هو الذى سماه إبن عبد الحكم الريان إبن الوليد إبن أرسلاوس وهو كما وصفه العبرانيون والعرب فى نصوصهم (( كان حسن السيرة عادل فى الرعية وهو الذى بنى قصر الشمع القديم )) وهو(( قد إستوزر يوسف فبنى مدينة الفيوم مدبرا إياها بالوحى من جبريل عليه السلام حتى خرج عنها الماء )) ...... (( إستمر الريان على ملكه لمصر حتى مات فى ايام يوسف وقيل أنه أسلم على يد يعقوب عليه السلام لما دخل مصر ))
(( دارم إبن الريان تولى بعد وفاة والده وكان جبارا عنيدا فأظهر عبادة الأصنام .......... ومن أعماله أنه عمل تنورا يشوى فيه من غير نار وعمل قدرا يطبخ فيه من غير نار وعمل سكينا منصوبا فى وسط منف ومن شأنها تأتى البهائم إليها فتذبح نفسها بها من غير يد .. وعمل ماء يستحيل نارا ونارا يستحيل ماء)).
أى خطل كتبه هؤلاء المؤرخون .. (( توفى يوسف عليه السلام فى أيامه ودفن فى الفيوم وهو فى صندوق رخام مرمر فى وسط البحر نحو ثلاثماية سنة حتى نقله موسى عليه السلام إلى بيت المقدس )) ( ولا تسألوننى كيف حدث هذا فى حين أن موسى لم يدخل بيت المقدس وظل فى التيه حتى مات حسب نصوصهم الأخرى.
هذا عن الفرعون أما يوسف فقصته معروفة وحلم الملك بالبقرات السبع أيضا معروف
ولكن ماذا كتب شَراح التاريخ العرب عن تدابير النبى يوسف فى مواجهة القحط .. (( إشتد الجوع على أهل مصر فاشتروا الطعام بالذهب حتى لم يجدوا ذهبا فاشتروا الطعام بالفضة حتى لم يجدوا فضة .. فاشتروا بأغنامهم حتى لم يجدوا غنما فلم يزل يبيعهم الطعام حتى لم يبق لهم فضة ولا ذهب ولا شاة ولا بقرة فى تلك السنتين فأتوا فى الثالثة فقالوا له لم يبق لنا إلا أنفسنا وأهلونا وأرضنا فاشترى يوسف أرضهم كلها لفرعون ثم أعطاهم يوسف طعاما يزرعونه على أن لفرعون الخمس "" .. أى أن يوسف إستغل قدرته على تأويل الرؤية وتوقعه لسنوات القحط التى تعقب سنوات الخير فخزن الغلال ثم إستخدمها فى إفقار المصريين وإستعبادهم أو على الأقل تحويلهم إلى أقنان لصالح رب عمله على عكس ما فعله المصريون له ولأهله فقد كانت مصر مكان ترحيب بهم بحيث ))
دخل أهل يوسف مصر وهم ثلاث وتسعون إنسانا وخرجوا وهم ستمائة ألف
أرجو أن أكون قد أوضحت مدى جهل اليهود ومن أخذ عنهم من العرب بالتاريخ المصرى القديم لدرجة غير مفهومة .. فكتـَاب السيَر لم ينجح أى منهم فى تسمية أى من ملوك مصر(الحقيقيين ) على طول ثلاثة آلاف عام
ولم يرد ذكر النيتر المصرية القديمة (النيتر ،رع ،أمن ،أتن ،اوزيريس ) و إعتبروا أن المصريون كانوا يعبدون الله حتي جاء بعض ملوكهم و إدعوا مشاركته في الربوبية فحق عليهم العقاب . .
كتـَاب السَير العرب جعلوا لقصصهم عن أنبياء بنى إسرائيل والفراعنة نهايات دائما سعيدة حيث ينتصر النبى ويؤمن الفرعون على يده سواء جهرا ( كما حدث مع فرعون إبراهيم وفرعون يعقوب ) أو سرا ( كما حدث مع فرعون موسى لولا إحباط جبريل له بحشر كتابته فى فمه قبل نطق الشهادة ) ..
هذا الجهل يطرح سؤالا عن أسباب إختفاء وزوال كل ما يتصل بالفراعنة ( كأنه لم يحدث ) فى ذلك الزمن.
فى الجزء الثالث عشر من كتابه ((مصر القديمة )) كتب سليم حسن ((فبعد أن سيطرت مصر منذ نهاية القرن السادس عشر قبل الميلاد حتى بداية القرن الحادى عشر قبل الميلاد بوجه عام على كل العالم المتمدن ونشرت علومها وحضارتها فى معظم الأقطار التى تدين لسلطانها أو تتصل بها جاءت عوامل الوهن والضعف والدعة ( بسبب تسلط كهنة آمون ) وأخذت تدب فى أوصال الشعب المصرى عندما جنح أبناؤه إلى حياة الترف ومن ثم أخذت تظهر بوادر الاضطرابات والفتن السياسية والدينية فى أرجاء الامبراطورية مما أدى إلى إنحلالها وتفكك اوصالها فلم يسع الفراعنة ( الكهنة ) أمام تلك الحالة المنذرة بكل خطر إلا إستعمال الجنود المرتزقة لقمع الفتن وحماية البيت المالك نفسه)).
برستيد يشرح تأثير كسوف شمس بابل ومصر (( ومن الحقائق المدهشة أن يكون ذلك الإرث العظيم ( لبابل ومصر ) قد وصل إلى المدنية الغربية من شعب خامل الذكر سياسيا منزو فى الركن الجنوبى الشرقى من حوض البحر البيض المتوسط .. فإن هذا الشعب لم يقم له نظام قومى خاص به إلا منذ العشر أو العشرين سنة السابقة لعام 1000 ق.م. ولم يبق أمة موحدة إلا نحو قرن واحد على الأكثر .... بذلك تكون حياة العبرانيين القدامى التى بدأت لأقل من ثلاثين سنة قبل عام 1000 ق.م قد وقعت تقريبا فى النصف الأول من الألف سنة الأخيرة قبل ميلاد السيد المسيح وفى تلك الفترة كان تقدم الثقافة فى مصر وفى بابل قد نضب معينه وصار يعد خبرا من أخبار التاريخ القديم)).
وهكذا يمكن أن نقول بثقة مناسبة أن العبرانيين فى زمن أقرب لظهور الإسلام كان لهم نفوذا ثقافيا على المنطقة وظفوه فى النكاية بمصر والمصريين مستولين على تراثها الثقافى والفنى مدَعين أنه تراثهم وتاريخهم .
المؤسف هو أن صلة المصرى المعاصر لذلك الزمن ب الماضي كانت قد إنقطعت إلى الدرجة التى جعلت منهم أعداء لأجدادهم وتاريخهم وثقافتهم مرددين فيما يشبه الانفصام النفسى دعاوى الاسرائيليات ضد أصولهم .
إذا كان هذا مقبولا فى ذلك الزمن فإن الغريب أنه بعد كشف أسرار الحضارة المصرية القديمة ومعرفة سخافة التاريخ كما رواه العرب نقلا عن الإسرائليين لازال الأحفاد معادين لجدودهم وحضارتهم.
أنت كمصرى بعيدا عن مقدسات الأديان ترى من الذى ستتعاطف معه هذا الفرعون حسن السيرة العادل فى الرعية أو إبنه مخترع الأشياء الغريبة التى تعتبر فى حدود المعجزات التى إعترف بها العدو قبل الصديق .. أم النبى الذى عاش فى مصر بعد أن قدم لها فى قافلة العبيد وإستغل قدرته على التنبؤ بالغيب فى إفقار المصريين وتحويلهم إلى أقنان
لك أن تعتقد ما تشاء ورغم شكِى فى تواجد الفرعون والنبى التاريخى إلا أن هذا الفرعون يحمل صفات أهلى الأكثر تحضرا .. لذلك فأنا شخصيا مع الفرعون ومع كل فرعون إخترعه اليهود والعرب ..فرعون كليم الله .. وفرعون خليل الله .. وفرعون يعقوب ( إسرائيل ) وفرعون يوسف فهم جميعا كما كتبوا عنهم كانوا متحضرين.

.



#محمد_حسين_يونس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في بلدنا عبث و نهب وتدمير.
- نعم .. لقد فشل مشروع التحديث
- نصف قرن يمر علي هزيمة 67
- هل يشهد عام 2018 تغييرا
- التخريب الاركيولوجي.. يا ناس
- برستوريكا مصرية سابقة لجورباتشوف
- أديان أبناءك يا كميت
- عندما نعيش في أحلام الاخرين ؟؟
- إنكشاف الغمة، في سيرة الامة
- الخطايا الخمس لرؤساء مصر.
- المستبد الاكثر فشلا في تاريخ مصر .
- يا ولدى هذا هو عمك السيسي .
- هل نعلن وفاة قومية العرب .
- إحباط لعملية تحرير الاسير
- هؤلاء عسكر وهؤلاء عسكر ولكن هناك فارق .
- من الذى يتأمر علي من !!
- كاد مبارك أن يخرج بنا من هذه الدايلما .
- بوذا، لاوتسي، كونفوشيوس أيضا أنبياء
- هل أصبحنا محترفي دجل و شعوذة . !!
- 6 أكتوبرلكن من 3200 سنة


المزيد.....




- الحرس الثوري يُهدد بتغيير -العقيدة النووية- في هذه الحالة.. ...
- شاهد كيف تحولت رحلة فلسطينيين لشمال غزة إلى كابوس
- -سرايا القدس- تعلن سيطرتها على مسيرة إسرائيلية من نوع -DGI M ...
- تقرير للمخابرات العسكرية السوفيتية يكشف عن إحباط تمرد للقومي ...
- حرب غزة: لماذا لم يطرأ أي تحسن على الأوضاع الإنسانية للغزيين ...
- كيف تُقرأ زيارة رئيس الوزراء العراقي لواشنطن؟
- الكرملين: الدعم الأمريكي لكييف لن يغير من وضع الجيش الأوكران ...
- مسؤول إيراني: منشآتنا النووية محمية بالكامل ومستعدون لمواجهة ...
- بريطانيا توسع قائمة عقوباتها على إيران بإضافة 13 بندا جديدا ...
- بوغدانوف يؤكد لسفيرة إسرائيل ضرورة أن يتحلى الجميع بضبط النف ...


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - محمد حسين يونس - خُذوا الحقيقة َ، وانبذوا الأَوهاما