أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - محمد حسين يونس - في بلدنا عبث و نهب وتدمير.















المزيد.....


في بلدنا عبث و نهب وتدمير.


محمد حسين يونس

الحوار المتمدن-العدد: 5515 - 2017 / 5 / 9 - 19:53
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    



وددت لو كان بمقدورى تبسيط أفكار هذا الوضوع أو دمجها دون الاخلال بمقاصده الاساسيه .. أى ..حتي أعبر إلي إنعكاس الامس علي اليوم و باكر و لكنني لم أنجح فعذرا للاطالة في المقدمة .
مدخل الحديث .
المجتمعات البشرية منذ البداية و حتي اليوم تزدهر و تنمو و تضعف و تتوارى طبقا لعاملين أساسيين .. ماذا ينتج البشر.. و كيف يوزعون العائد بينهم ..ما عدا ذلك تفاصيل تتصل بالشكل الذى يؤطر لهذين العاملين
انتاج البشر لم يخرج عن ثلاث اتجاهات رئيسية .. قد تكون أربعه ..الاول العيش من خير الطبيعة وما تمنحة للسكان كوسائل حياة .. ثم تقليد الطبيعة و التوافق معها .. فتحدى الطبيعة و اجبارها علي اخراج ما لديها و أخيرا وهو ما لم يكتمل بعد السيطرة عليها و تطويعها .
وهكذا ..فعلاقة جدل الكائنات الحية مع الطبيعة هي التي تحدد مستوى تطورها و ما إكتسبته خلال صراعاتها البيئية بالأمس ثم ماهيتها المعاشة وما ينتظرها في المستقبل
الكائنات البدائية ( بما في ذلك الانسان ) تعيش علي ما تجود به المصادفة او عوامل الحياة حولها من طقس (برد ،حر ، امطار ، زلازل ، براكين ) و ما يترتب علية من نبات و حيوان و حشرات و جراثيم مجهريه .
الانسان مع خير الطبيعة الوافر كان يقتات علي جمع الجذور و الثمار و البيض وبعض الحيوانات الصغيرة .. ثم الصيد علي اليابسة وفي الانهار و البحار .. يعيش في كهوف و علي قمم الاشجار في قطعان أو جماعات.. يقظا ليلا و نهارا يحارب كل ما يجاوره بما في ذلك جماعات البشرالاخرى .
هذا النمط لازال قائما بيننا ،بدائيا يعيش علي ما تجود به الطبيعه سواء في قبائل ساكنه للغابات و البرارى أو هؤلاء الذين يعيشون معتمدين علي (ريع) ثروات الارض كبيع أخشاب الغابات أو المعادن و البترول التي لا فضل لهم في وجودها انما ولدوا فوجدوها فوق أو في باطن الارض.ثم قدموها لم يعرف كيف يستغلها و يترك لهم ما تيسر . ا
تقليد الطبيعة النقلة التالية للبشركان كل من نشاطي الرعي(التدجين ) و الزراعة و كلاهما عمل يتفرد به الادمي عن باقي الكائنات يمنحه القدرة علي تعظيم ما تجود به الطبيعة .. هذة الفترة من عمر البشريه هي التي أخرجت الانسان من الوحشيه الي اعتاب التمدن و هي التي في ظلها عظم الانتاج و اضطر صاحبه الي مبادلته مع الاخرين فظهرت التجارة والصناعات الحرفية و سكن الانسان منازل حاكي بها الطبيعة .
هذة الحقبة لازلنا نعيشها سواء كبشر يزرعون وديان الانهار أو هؤلاء المنتظرين لهبة السماء من أمطار.
تحدى الطبيعة المرحلة التاليه لنمو المجتمعات البشريه استلزمت أمرين.. اولهما فهما للطبيعة .. والاخر تحسين ادوات المعرفة لدى البشر .. بمعني تطور العلم و الفلسفة .. ثم تطور التكنولوجيا باستخدام الرياح و عبور البحار و المحيطات و اكتشاف العالم الجديد ، قوة البخار وإستخدام طاقتة في تحسين و سائل الاتصال و التغلب علي المسافات ،إكتشاف الوقود الصلب كالفحم و الاخشاب و السائل كالكحول و النفط .. ثم الكهرباء و اللاسلكى التي سهلت التواصل مع جماعات البشر الاخرى و توسيع حدود الرؤية لتشمل مجمل المعمورة .
هذة الابتكارات و الاختراعات غيرت إسلوب حياة الناس لتصبح ما هي علية اليوم فالانسان يستخدم بيسر السيارة و الطيارة و الاذاعة و التلفزيون و التليفون و الكمبيوتر وباقي الوسائل التي تحدت المسافات و العوائق وقوانين الطبيعة ..عالم واسع ميز الانسان عن باقي الكائنات بان جعلة يتعرف علي ماهية اغلب العقبات ويذللها .
هذا العالم المتحدى لازلنا نعيشة و مستمر و يفاجئنا بانجازاته يوم بعد يوم مسهلا الحياة و ممهدا للمرحلة التالية
السيطرة علي الطبيعه هي حلم البشرية الدائم منذ بداية وعي البشر حتي اليوم .. أوهام السحر كانت الوسيلة التي استمرت معه عبر تاريخة الطويل، ثم الميتافيزقيا ، فالعلم ..اليوم يسعي الانسان حثيثا لامتلاك مقدراته و التحكم في الطبيعة كما لو كان سيدها.. يسيطر علي الامطار و البراكين و الصواعق و عمر البشر و شكل الكائنات .. علوم السيطرة جميعها يعرفها البشر و ما هو الا زمن محدود و يصبح (هو نفسة ) ما تخيلة في زمن البدائيه ربا للكون.
هذاعن ماهية أعمال البشر و ما ينتجون ..صيد ، رعي ، تدجين ، زراعة ، إستكشاف ، صناعات ، ثم وسائل الاتصال و المواصلات .
أما توزيع ناتج العمل فقد صاحب تطورة بين المجموعات البشرية الاطار الاساسي لحضار تهم .
في زمن ما كانت الطبيعه سخية تعطي دون تفريق.. فالارض امامك و الجذور و الثمار حولك وما عليك الا ان تسعي طول النهار لتوفر طعامك .
عندما كثر البشر و ضنت الطبيعة تحول هذا السلام المشاعي الي صراع استلزم أن يتجمع معا أعداد من البشر في قطعان للدفاع عن المناطق الغنيه ضد الضوارى القادمه من الاماكن الضنينة .
وهنا تميز نوعين من الناس استسلم لهم الاخرون علي امل أن يتوفر لهم الامان ..
الكاهن الذى يعرف كل شىء و يسيطر علي الطبيعه بسحرة و ارتباطه بقوى علويه باسطة ارادتها .. ثم الاقوياء من الرجال الذين يرهبون قومهم بنفس القدر الذى يرهبون به الاعداء ..
الكهنة الدجالين و فتوات العسكر سيطروا بشكل دائم و مستمر علي مناطق نفوذهم و خاضوا حروبا لا أول لها أو أخر لنصرة تواجدهم المميز و تأكيدة .
الدين و الارباب و الشر و الخير و القيم كلها نشأت في ذلك الزمن ، حضارة البشر و حروبهم كانت بسبب ما قدمه الكهنة و العسكر من أفكار و تقاليد و أساليب دامت و لازالت تعيش حتي اليوم..ثم أن الملكية الفردية زادت من تميز بعض الافراد وسطوة الكهان و العسكر و قدمت أشكالا جديدة للمجتمعات و العلاقات البشرية.
في هذا الزمن تدهورت مكانة المرأة و بدا استسلامها لقهر الرجل و في هذا الزمن ظهر الملك الالة .. ( اللورد ) الاقطاعي و العبيد و الجوارى و استخدام الطاقة البشرية في الانتاج لصالح ارباب الارض .
جلب العبيد استدعي حروبا طويلة تحولت في بعض الاحيان الي امبراطوريات لازلنا نتكلم عنها بدأ بامبراطورية تحتمس الثالث المصرى ، الفرس ، الاغريق ، الرومان ، العرب ، المغول ، التتار ، العثمانيون ، فرنسا وانجلترا و اسبانيا و البرتغال حروب طويله من أجل ثروات الاخرين و استجلاب العبيد لتشغيلهم لحساب المنتصر .
منطقتنا ( وسط العالم القديم) شاهدت جحافل الجنود و الكهنه تسعي و تقاتل و تنهب و تخرب لا فرق في ذلك بين جيش و أخر أو مغتصب و أخر أو دين و أخر .. النهب الاقتصادى المموه بقيم عليا كان دائما المحرك لجميع قصص التاريخ ..كل جيش يدعي أنه قادم تحت رايات رب الحقيقة لهداية عباد الالهه المزيفة .
الدين بعد ان يستقرعبادة تخفت نبرتة الهادية و ترتفع نبرة الاستغلال و الاغتصاب و بيع الجوارى و العبيد في أسواق النخاسة .. هل يعقل أحد أن حضارة المماليك بالكامل التي دامت لقرون طويلة قامت علي اغارات و خطف و استرقاق ثم بيع العبد لسيد يستخدمه كيفما يشاء .. هذة هي الفترة من التطو البشرى المخزى عمت جميع المناطق المأهولة سواء في اوروبا أو افريقيا او اسيا خلال مرحلة تقليد الطبيعة بالرعي و الزراعة البدائية .
سبة العبودية و استرقاق الزنوج للعمل في الارض الجديدة بامريكا و استراليا .. بدات في الانكماش عندما حلت الالة مكان البشر في العمل و مع تطور أساليب الانتاج تطورت أيضا مفاهيم الانسان لتصعد علي السطح .. الحريه ، الاخاء ، المساواة .. وتسقط معها تاثيرات الكهنه لتحل الفلسفة مكان الميتافيزيقيا و الطب مكان السحر والالة مكان الحيوان و تنطلق قوى مرعبة تسقط الاقطاع و الامبراطوريات و يلتحم العالم في صراع ضارى من خلال حربين عالميتين تنتهي بتفجير قنبلة ذريه و تطور الطائرة و الدبابة و المدفع و السيارة و وسائل الاتصال اللاسلكيه ..
فجر جديد للانسان أخرج للوجود من رحم المعاناة الامم المتحدة و وثيقة حقوق الانسان و المجتمع الليبرالي الديموقراطي الذى يتخلي كلية عن العبودية و الاسترقاق .
المجتمع الراسمالي الجشع الذى يمتلك فية أصحاب راس المال الكلمه النهائية و يصبغ الباقين بصبغة استهلاكيه شرهة .. رغم انه خطوة للامام الا انه لم يكن عادلا .. وهولازال غير عادل انه يحرر البشر ليستخدمهم بمحض ارادتهم من خلال خلق احتياجات تتطور و تتغير يوميا و علي المستهلك أن يجرى خلفها بان يعمل ليكسب ليعيش .
و إنقسم البشر الي مجتمعات للاغنياء و أخرى للفقراء .. ثم تفتت المجتمع الواحد الي طبقات تنعم بعضها برفاهية أحيانا غير مطروقة و أخرى بحرمان غير مطروق أيضا ..
الانسان الراسمالي يجرى يسرع لا يتوقف و الا سحقة قطار التقدم .. من لايعي هذا لا يهتم به المسرعون .. سيتركون جراحة تتقيح و غفلته تذهب به الي زوايا النسيان.
1 - أين نحن بين بشر هذه المعمورة !!.
في منطقتنا نعيش جميع المراحل التي اختبرها البشر ..في منطقتنا البعض يعيش علي خير الطبيعة يرقد في كسل لا يهتم مادامت أرضة تخرج بترولا يحتاجة الاخرون و يدفعون فية أموالا لا يعرف كيف ينفقها الكهنه و العسكر.
ان كل ما يحتاجة هو الدعاء لربة كي يديم عليه النعمه و يحفظها من الزوال .. وهو أمر وارد لو أراد بتسليط الثوار القوميين أو الشيوعيين أو الليبرالين أعداء الاستقرار الذين لا ينظرهم و لكنهم متواجدون يخططون و يحسدون و يحاولون أن يخطفوا اللقمه التي أنعم اللة عليهم بها .
الخوف من كائنات غير مرئية يجعل ملوك و امراء البترول يحتمون بمن يضمن لهم استمرار الحياة الكسوله و تدفق الاموال .. الغرب الكافر هو الحليف الذى لا يمكن فك الارتباط به .. أما هؤلاء الحاقدون فنسلط عليهم أبناؤهم من سلفية و اخوانجية يحافظون علي أن يظلوا يعيدين عنا و عن بترولنا .
فكر بدائي مريض متخلف من زمن رعب القبائل أن يغزوها القادمون من مناطق الجدب .. البترول رغم مظاهر الحضارة التي اشتراها الا أنه أكد علي افكار و فلسفات بدائية ضارة و ترك جماعتنا تنعم بدناءة الطمأنينة في ظل واهب الارزاق الذى خصهم بخيرة.
نحن ايضا نعيش في مرحلة تقليد الطبيعة (الرعي و الزراعة البدائية )في البلاد التي لم ترزق بالبترول تعيش قبائل بدائية علي الرعي السودان، الصومال، الجزائر،المغرب، ليبيا، اليمن ،موريتانيا أينما وجهت نظرك ستجد من يتحرك بابلة منتظرا المطر و الكلأ أو العشب .. قبائل لازالت تحمل الهها معها ترجو نصرته و تقيم طقوس السحر من أجل الا يحرمها من الامطار و الحماية .
هؤلاء البدو لا يختلفون كثيرا عن أجدادهم الا في استخدام بعض و سائل الاتصال الاسرع و لكنهم لم تصل اليهم بعد الديموقراطيه و حقوق الانسان و تطوير وسائل و أساليب الانتاج .. ومنهم يتزود الارهاب بعناصر متجددة لا تطمع الا في الشهادة لنصرة أفكار المشايخ و الكهان.
مرحلة تحدى الطبيعة لم نطرقها بعد فيما عدا استخدام ما تنتجة و الذى يقذف به السوق العالمي لنا .. فلسفة تحدى الطبيعة المبنيه علي العلم و الاختراع .. بعد أن ازدهرت لفترات محدودة في الاقطار التي تطل علي البحر الابيض الا انها توقفت مع مغامرات القوميين من العسكر و ما تسببوا فيه من هزائم و انتكاسات ثم بهجوم جحافل المغول الوهابي تقضى علي كل أمل للانتقال الي الزمن الحداثة.
الانسان في منطقتنا بدائيا يحتاج ان يصبح معاصرا .. أن يتعلم من ما جعل شعوب أخرى مصابه بخلخلة بيئية تدمرها بالاعاصير و الزلازل تقاوم و تجدد و تتقدم .!!
الفلسفة الحديثة و علوم الرياضيات و العلوم المتطورة و المشاركه في انجازات الانسان أمور لن تتحقق الا بالخروج من قوقعة زمن العيش في خير الطبيعة أو تقليدها.. لزمن تحديها و تطويعها ..
أما توزيع ناتج العمل بعدل فلازال العالم لم يجد لة الحل ال مناسب الا بإحترامه لمجموعة قوانين ونظم و تعليمات تضمن عدم طغيان الاغنياء علي الفقراء و المعدمين
هذه القوانين قد تصبح فعالة( عندنا ) لو أعيد توظيف أموال البترول في اتجاه التنمية المستديمه ..خلق مجالات عمل عصرية و ضمان الحد الادني لحياة انسانية كلها أهداف قد تستحق أن نتجمع حولها.
انسان منطقتنا اذا لم يعمل طبقا لمقاييس العصر و ينتج ما يستهلكة الاخرون (غير البترول و قناة السويس ) فسيبقي علي بدائيتة(الريعية الطابع ) التي ستنتهي الي انقراضة

2- شعب مصر الذى عاني أغلبه من تلاعب عصابات مغامرة ومتصارعة بمقدراته واستهلاك طاقته في نقلات فكرية وسياسية وعسكرية و حروب خاسرة لا طائل منها ونعرات قومية ودينية فككت كل مكتسبات عصر النهضة منذ زمن محمد علي حتي زمن محمد نجيب ..يجد أنه يواجه الان نفس المصير علي يد عصابات استوطنت البلاد بعد ( ثورة ) تصحيح السادات وأدت الي تحالف البلطجه و الفساد وانتهت باستنزاف لصوص المليارات لدم المصريين من خلال المضاربة في البورصة والاراضي والعملة .. والسرقه واستغلال النفوذ والمساهمة الايجابية في تفشي الفاقة والفقر والتخلف والعوز والانحطاط الاخلاقي و الاجتماعي.
كابوس أن تحكم مصر عصابة فتوات لصوص لا زال قائما ..مادام الشعب لا يمتلك أدوات رقابته السياسية و الفكرية ولازالت اجهزة الاعلام غير محررة والجرائد تسبح بعبقرية الجالس علي كرسي السلطه وتبشر بأحلام غامضة.. والبلطجيه يقودون الاقتصاد ولقمة العيش .
مفردات دولة مبارك الامنية القمعية لا زالت في مواقعها تقاوم وتتحكم و تتسرب و تتزلف و تناور و تفرغ منجزات الانتفاضة من ايجابياتها.. بل أخاف أن أقول أنها زادت في غيها و سلطانها و جبروتها خلال السنتين الماضيتين .
دولة مبارك وان غيرت الاسماء و العناوين تحاول تضليل الجموع حتي تخرج في يوم ما كما حدث عام 1954 تهتف بسقوط الديموقراطية.. و إعادة إنتخاب ضباطها رغم الحالة المتدهورة التي أصبح الانسان المصرى عليها بسبب قراراتهم العشوائية . .
خصوصا بعد ان انضم لها حليفا يكرة الديموقراطية ويسعي لتطبيق الشريعة الاسلامية.. حليفا كان مهجورا لسنين ثم جاء اليوم الذى يستعرض فيه قواته في صعيد مصر و امام كنائسها و في مواجهة جنودها .
عصابات البلطجة والفساد كانت قدر شبه دائم علي شعب مصر فلقد عاني المصريون لالف سنه من حكم مشابه عندما قام مماليك مجلوبين من الخارج ( بواسطة نخاس ) بارهابهم وامتصاص خيراتهم مستمتعين بحياة الترف والمجون تحصدهم المؤامرات والصراعات من اجل الانفراد بالغنيمة حتي قضي عليهم محمد علي باشا في مذبحة القلعة الشهيرة وانشأ دولة عصرية علي ارض مصر كانت بداية نهضتها الحديثة.
العسكر (الاوليجاركية ) عندما يحكمون سواء كانوا مماليك أو منقلبين أومغتصبين أو قافزين علي السلطة فانهم في الغالب يفتقدون الي التأييد الجماهيرى أو التنظيم السياسي الداعم فيستعيضون عن ذلك بارهاب وبث الرعب في نفوس الجماهير عن طريق عصابات من البلطجة سواء كانوا مرتزقه ( مثل القذافي في ليبيا ) أو من الذين يزحفون علي بطونهم طلبا لتأمين لقمة العيش .
ربط لقمة العيش ( احيانا كافيار وشمبانيا )بالولاء اسلوب فاشستي زاولة بنجاح كل ديكتاتور غاصب لضمان السيطرة علي افراد شعب متخلف أو مقهور بعد خسارة حرب .. هتلر استخدمة بعد معاهدة فرساى .. وعبدالناصر استخدمه في مواجهه المد الديموقراطي الذى يقوده الوفد والسادات و مبارك استخدماه بعد استسلام الاول لاسرائيل و امريكا و سير الثاني علي درب الخضوع الذى ما زال مستمرا .
القوانين الاشتراكية ( رأس مالية الدولة ) جعلت من لقمة العيش العامل المذل والحاسم للولاء ، وجعلت الصعود والهبوط الطبقى مرتبط بمدى القدرة على التوافق والتوائـُم مع النظام ،
الانفتاح الاقتصادى بعد ذلك أصبح حكرا على هؤلاء المحظوظين الذين أبدوا خضوعا واستسلاما لسياسات السادات ، ومن خرج من الصف فهناك الرادع الأمنى أو كما استعار السادات مقولة هتلر " للديموقراطية مخالب وأنياب " وكانت انيابها قاسية لدرجة ان كثير من الذين أصابهم قسوتها ، فضلوا ان ينعموا بالانضمام للعصابة .
فى زمن مبارك ، لم يكن الرجل فى حاجة الى تمهيد الأرض لقد كانت العصابات جاهزة ، تبحث عن الساتر الذى ستختبئ خلفه .. بمعنى من كان يقود الآخر مبارك أم العصابات !! أو باسلوب آخر هل كان مبارك زعيم العصابة أم ممثلا لها !!
عصابة مبارك اعتقلته منذ البداية بدعوى الخوف الامنى على حياته الغالية ، فحجبت عنه أى اتصال بمن يحكمهم الا ما تسربه له أو تسمح به ، وللأسف ان هذه العصابة ضمت السيدة الفاضلة زوجته وولديه وأقاربهما .
مبارك كان لا يعى معنى الخطابات التى كانت العصابة تكتبها له ، لقد أتت بمتخصصين كتبوا أعذب الكلمات وأفضل الخطط وكان هو يتلوها دون فهم ، رغم ان الوجه الاخر من خطة الأمن كان إقناعه بعبقريته وذكاءه الذى لم يوهب لغيره وأن مصر والمصريين رضى الله عنهم لأنه وهبهم إياه.
التدهور الذى حدث لمصر والمصريين لم يكن مبارك السبب فيه أثناء حكمه ، لقد ورثه عن سابقيه ثم تركه ينمو عشوائيا دون رابط أو ضابط الا المحافظة على كرسى الرئاسة وحياته وسعادة أسرته الصغيرة بما كسبت.
نستطيع دون أى تعديل أن نكرر الفقر تين الاخير تين علي رئيسنا السيسي دون أن نكون قد بعدنا كثيرا عما يجرى علي أرض الواقع .
فعبد الناصر كأول وزير داخلية للمنقلبين ومن بعده زكريا محيي الدين هما اللذين أسسا أجهزة القمع البوليسية ، حقا تطورت بعد ذلك بفضل شعراوى جمعة وزكى بدر والعادلى ، لتصبح أخطبوطا سرطانيا يتدخل فى تفاصيل الحياة ويوجهها تجاه جلب أكبر فائدة ممكنة من ثروات الشعب ، لتصبح ثرواتهم هم ورجالهم المحظوظين تفوق المليارات .
ولكن التعذيب والمعتقلات والسجن الطويل والارهاب النفسى والعائلى واستخدام لقمة العيش للتركيع ، كانت كلها اختراعات ناصرية نفذها صلاح نصر وأورثها لصفوت الشريف ، وسار عليها الخلفاء المفسدين .
الأمن بأجهزته الناهبة والرادعة والتى تمتلك لكل مواطن نقيصة تقوده منها ، (فإن لم يكن له حاصرته ومنعت تأثيره وهمشته )، كان يمتص قدرا هائلا من ميزانية مصر المعروفة وغير المعروفة ، من خلال الأتاوات والمخالفات والرسوم والرشاوى وغيرها مما اخترعه أفراد الجهاز للتكسب الحر غير المراقب.
عبد الناصر هو الذى أنشأ أضخم جهاز بيروقراطى لحكم مصر زودته القوى العاملة بعناصره ، جهاز بتطور الزمن أصبح معوقا حتى عن أداء مهامه ومستهلكا لقدر كبير من الميزانية ، تغطى احتياجات عشرات الوزارات التى لا قيمة لها ولا فائدة ، برلمان صورى لا عمل له ، حكم محلى غير مفيد غير فى تشغيل مئات اللواءات ، قطاع عام لا يعمل ولا ينتج ولا يبتكر وعبء على ميزانية الدولة فضلا عن إعلام قوى متغلغل يسبح بحمد الكراسى وينفق مليارات الجنيهات من قوت الشعب خسائر فى الاذاعة والتليفزيون ومدينة الانتاج والجرائد والمجلات الحكومية ومشاريع طبع كتب تبقى فى المخازن تنعي عدم التداول أو البيع،
ومع ذلك فإن الانفاق الحكومى منذ زمن عبد الناصر ، يصعب مراقبته أو تقدير حجمه أو مدى فاعليته، فالجهاز المركزى للمحاسبات الذى يقدم تقاريره لمجلس الشعب ، يجد أن نصف أعضاء هذا المجلس شبه أمى والنصف الآخر لا يهتم ، أما الجزء الذى يريد فحص المعلومات فسيجدها قديمة او غير مفيدة ، فميزانيات الجيش والأمن والقصر الجمهورى والإعلام و البرلمان والمخابرات ، كلها لا يسمح لجهاز المحاسبة( وبالتالي مندوبي الشعب ) بمراجعتها ، فتتحول الى عزبة يتصرف فيها صاحبها وفقا لإرادته وهو يجزل العطاء لمن يشاء ويقطر على من يشاء ، وتصبح الولاءات مرتبطة بمدى تضخم الدخل الذى يتجاوز فى بعض الأحيان لبعض الأفراد مليارات الجنيهات كما نفهم من القصص التي ترشح أو القضايا التي يتعرض لها البعض من المغادرين .
دولة مبارك فى تطورها النهائى(و لازالت لم تتغير) كان يقودها البلطجة الأمنية الاعلامية ، مع الفساد الحكومى الوظيفى فى تحالف مع رجال الأعمال ونهيبة البنوك ..
الهبَة الشعبية أصابت النظام الواثق بتنظيماته العصابية المختلفة بالارتباك، وهكذا انكشف بعض المستور ، فأظهر مدى البؤس الذى يعيشه المصريون ، بسبب التجريف غير المسبوق لثروة البلد الذى زاوله رجال العهد البائد.. ولكنهم تجاوزوا أزمة المفاجأة و ها هم لازالوا في غيهم يعمهون .
وهكذا مع مرور الزمن استطاع النظام استرداد مواقعه بمساعدات ونصائح خارجية ، ويعيد سيطرته بوجوه جديدة لم تستهلك بعد ، لعناصر من القوات المسلحة والأمن والاعلام مع رؤساء الجهاز الادارى المستفيدين من مواقعهم الوظيفية ، فى تحالف مرحلى بدأ مع الاخوان و إنتهي مع التنظيمات الوهابية من الازاهرة بتشكيلاتها السرية والعلنية مكونين مع الكنيسة المصرية حائط صد أمام أبناء الانتفاضة الراغبين فى إحداث تغييرات راديكالية ترقى بهبتهم الى مستوى الثورة و التغيير.
الأيام القادمة ستكون حاسمة فى تاريخ هذا البلد ، والدور الأعظم فيها سيكون للمثقفين الذين عليهم امتلاك منابرهم وأدواتهم واستخدامها فى كشف و تعرية وفضح ما حدث وما قد يحدث من إلتفافات وتسريبات و مؤمرات علي المصرى و جنيهة و لقمة عيشة و أمل الخروج من المتاهه .
المصريون لن يعودوا الى العصر البائد فى حالة وحيدة عندما يتمسكون (خلال 2017 -2018 ) بالمحافظة على أدواتهم فى التعبير وتوسيعها لتشمل الأعداد الأكبر من الذين لا يهتمون ، أو يضنيهم شقاء البحث عن لقمة عيش شريفة ..لتكوين هالة من المتعاطفين مع التغيير الراديكالى المصاحب لإقامة دولة عصرية حديثة ، تقترب من تلك الدول القائمة على الضفة الأخرى من البحر الأبيض المتوسط .



#محمد_حسين_يونس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نعم .. لقد فشل مشروع التحديث
- نصف قرن يمر علي هزيمة 67
- هل يشهد عام 2018 تغييرا
- التخريب الاركيولوجي.. يا ناس
- برستوريكا مصرية سابقة لجورباتشوف
- أديان أبناءك يا كميت
- عندما نعيش في أحلام الاخرين ؟؟
- إنكشاف الغمة، في سيرة الامة
- الخطايا الخمس لرؤساء مصر.
- المستبد الاكثر فشلا في تاريخ مصر .
- يا ولدى هذا هو عمك السيسي .
- هل نعلن وفاة قومية العرب .
- إحباط لعملية تحرير الاسير
- هؤلاء عسكر وهؤلاء عسكر ولكن هناك فارق .
- من الذى يتأمر علي من !!
- كاد مبارك أن يخرج بنا من هذه الدايلما .
- بوذا، لاوتسي، كونفوشيوس أيضا أنبياء
- هل أصبحنا محترفي دجل و شعوذة . !!
- 6 أكتوبرلكن من 3200 سنة
- ماذا لو كتبت كلمة السيد الرئيس أمام الامم المتحدة .؟


المزيد.....




- بالفيديو.. مستوطنون يقتحمون الأقصى بثاني أيام الفصح اليهودي ...
- مصر.. شائعة تتسبب في معركة دامية وحرق منازل للأقباط والأمن ي ...
- مسئول فلسطيني: القوات الإسرائيلية تغلق الحرم الإبراهيمي بحجة ...
- بينهم طلاب يهود.. احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين تهز جامعات أمري ...
- أسعدي ودلعي طفلك بأغاني البيبي..تردد قناة طيور الجنة بيبي عل ...
- -تصريح الدخول إلى الجنة-.. سائق التاكسي السابق والقتل المغلف ...
- سيون أسيدون.. يهودي مغربي حلم بالانضمام للمقاومة ووهب حياته ...
- مستوطنون يقتحمون المسجد الأقصى في ثاني أيام الفصح اليهودي
- المقاومة الإسلامية في لبنان .. 200 يوم من الصمود والبطولة إس ...
- الأرجنتين تطالب الإنتربول بتوقيف وزير إيراني بتهمة ضلوعه بتف ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - محمد حسين يونس - في بلدنا عبث و نهب وتدمير.