أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - طلال شاكر - لتعد العمائم الى مساجدها















المزيد.....

لتعد العمائم الى مساجدها


طلال شاكر

الحوار المتمدن-العدد: 1444 - 2006 / 1 / 28 - 10:52
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


في تاريخ الممارسة السياسية العراقية، لعب رجال الدين العراقيون، دوراًكبيرأ وأستثنائياً، فمنذ مقاومة الغزوالبريطاني عام 1914 الى ثورة العشرين 1920كان حضورهم قويا وفاعلاً في التأثير على الاحداث رغم ازدواجية موقفهم من المشروع التحديثي وسلبيته. وكان واضحاً في نشوء الدولة العراقية،
وبخاصة رجال الدين الشيعة،الذين تجلت مواقفهم الوطنية قولاً وفعلاً من اجل انشاء كيان عراقي موحد
قدموا التضحيات في سبيل أنجازه. وقد يحتاج المرء الى مجلدات لشرح وانصاف ذلك الدور الكبير الذي
لعبوه في تاريخ العراق، وعندما تأسست الدولة العراقية في الظروف المعروفة،عاد رجال الدين سنة وشيعة الى شؤونهم وواجباتهم الدينية وتركوا السياسة وامور الدولة الى السياسين، ومنذ ذلك الحين لم
نلحظ وجودا مكثفاً لهم بأستثاء الرموز الدينية التي اضطهدها واغتالها نظام صدام، وكانت الاحزاب
الشيعية الدينية تسير شؤونها بلباس مدني عندما كانت في المعارضة اي ان كوادرها واغلب قادتها هم
من المدنييين وليس رجال الدين. بيد ان الامر اختلف جذرياً بعد التاسع من نيسان 2003 فالعاصفة التي احدثها، قلبت الموازين والمفاهيم رأساً على عقب، فنشأ على اثرها نمط غير معهود في الممارسة السياسة
العراقية هو الدورالاستثنائي للمؤسسات الدينية، في تقرير مصير البلاد من خلال قوة تأثيرها على قطاعات كبيرة من الشعب العراقي، وكما شهدنا تاثير مرجعية السيد السيستاني والوقف السني وهيئة علماء المسلمين وغيرها، وهذا بالتأكيد يعكس قوة العامل الديني في الحياة السياسية والذي منح قوة
استثنائية من خلال الاستقطاب الطائفي الحاد( سنة وشيعة). غير ان الوضع سار بشكل مغاير ومتطرف
نحو ترسيخ ادوار وتدخلات غير مبررة لاليات هذه المؤسسات ورموزها التي اصبحت سلطات خارج
مفهوم سلطة الدولة،فرجال الدين لم يكتفوا بالتأثير على المواقع الرسمية للدولة،بل صار المجتمع ميدانا
مفتوحا لسطوتهم من خلال التديين القسري للحياة المدنية والتدخل بشؤون الناس والضغط على اختياراتهم وحريتهم. الملفت للانتباه ذلك التكاثر الغريب لرجال الدين المعممين في المدن العراقية وتوسعهم في ثنايا
المجتمعات التي يعيشون فيها والمثال الصارخ لهذا الوجود الواضح هو مدينة العمارة والناصرية بغداد والبصرةناهيك عن مدينة النجف وكربلاء والكوفة، وقد لايوجد جيش للمعمين حاكماً في العالم الاسلامي
مثلماهو موجود في العراق وايران. لست متوهما وغافلاًعن قوة وتأثيرًالاسلام السياسي في العمليةالسياسة
في بلادنا، لكن رغم ذلك، فهو لايحظ بنفس التأثير والقوة في بناء وادارة حياة مدنية تستجيب لمقتضيات التطور والحداثة،لانه بكل بساطة لايملك مشروع تحديثي لاعادة اعمار العراق وتنميته من خلال منطوقه
ورؤيته التي نحس بعقمها وتخلفها في ادارة البلاد حاليا.المشكلة ان المعممين اصبحوا عالةعلى المجتمع وعبئاً اضافيا مركباً على مجتمعاً يعاني اصلاً من المعضلات، فالامر لايتعلق بوجودهم خارج العملية
الانتاجية فقط بل بدورهم المعرقل لهذه العملية.في هذه الرؤية لااود اثارة إشكالية تصطنع العراقيل و تنثر الشكوك بشكل غيرعادل نحومواطنين عراقيين يمتلكون حق العمل والنشاط السياسي من خلال اجواء ، الحرية والديمقراطية المكفولة قانونياً؟ لكنني في الحالة هذه اتحدث عن دورووظيفة لايستحقونها وهي
تقع خارج مواقعهم وواجباتهم، فليس من حق رجل الدين ان يملك وظيفة مزدوجة وظيفة سياسية تتعلق
بأدارة دولة تخضع لقوانين وضعية واساليب ادارية تتجاوزالحلال والحرام بالطريقة التي يأولها الفكر الديني ويصدم بأليتها المتناقضة مع رؤيته وخطابه المقدسين، بينما وظيفته ودوره المحدد يكون من خلال الهدايا والاحكام الشرعية الي يستند عليها، وهذا ما يجعله في تناقض لاطائل منه مع الشؤون العصرية والمدنية المتحركة، فمثلا لايمكن لرجل الدين ان يكون عميدا لمعهد الفنون الجميلة، ولايمكن ان
يكون مديرأ لبنك تجاري وهلما جراً وهذه بديهيات.غير ان الوضع الحالي وبراغماتيا السياسة جعلت الاحزاب الشيعية تتغاضى عن التدخل الفض لرجال الدين في شؤون الناس وهذا ينطبق الى حدما على الاحزاب التي تتحدث، بأسم السنة أيضاً. ان مقالتي هذه كتبتها من وحي مايعاني الناس منه في المدن الذي ذكرتها، وذكرت لي العشرات من الامثلة على الدور المعرقل والغير مرغوب فيه لرجال الدين في شؤون الناس وأدارة الدولة، من خلال التساهل الذي يقدمه الوزراء والمسؤولون في اجهزة الدولة المختلفة لرجال الدين، وهذا ليس في الجنوب فقط،. بل يمتد أيضا الى الموصل والى المنطقة الغربية. لقد لعب رجال الدين في الحملة الانتخابية الاخيرة دورامؤثراً( كدعاة نموذجيين)،لصالح مختلف الاحزاب المتنافسة شيعية كانت أم سنية، وسايرتهم الاحزاب العلمانية في هذا المنحى بدرجة اقل، وهذا يشير الى مضمون المشهد السياسي واتجاهاته الرئيسية في بلادنا، مما يستدعي وقفة اكثراعتدالا وعقلانية من قبل مختلف الاحزاب وخاصة االقوى المستنيرة داخل هذه الاحزاب من استيعاب هذا المد بطريقة واقعية وعدم استغلاله بطريقة متطرفة لتعزيز جغرافية طائفية غير مطلوبة وغيرمجدية، وان افضل الحلول الرشيدة تقدمها هذه الاحزاب عندما تكون قوية وظافرة لصالح ترسيخ الهوية الوطنية العراقية وهذا هو الاكثر راهنية والحاحاً. قد تكسب الاحزاب الشيعية تكتيكياً على المدى القريب من دور رجال الدين في تقوية مواقعها، ولكنها قطعاً ستمنى بفشل ذريع عندما يجري كشف الحساب وتتبدل اوليات المهام، فالفوز يصبح مراً وكئيباً عندما تعجز عن تنفيذ استحقاقاته ووعوده للناس الذين منحوك صوتهم، وعندما تصبح التنمية واعادة الاعمار والامن وتصريف شوؤن البلاد مطالب ملحة ينتظر تنفيذها العراقيون بنافذ الصبر. ان اعادة صياغة مفهوم الدولة العراقية بعناوين ومضامين جديدة يحتاج الى اليات وخطاب جديدين لاتوفره خدمات رجال الدين ولاكفاءتهم المحدودة، ولايمكن لاي حزب ان يستثمر نفوذهم ويتكأ على طاقاتهم وامامه مهام مركبة لبلاد تقف على حافة الصفر في كل شئ. لاادعي اطلاقاً ان مشاكل العراق قدخلقها ذوي العمة،لكن من الصواب القول ان تدخلهم زادها تعقيداً وسوف يؤخرالحلول الممكنة لمعالجتها، ان خدمات رجال الدين مطلوبة وضرورية في نطاق الوجدان الديني ومخافة الله، ويأتي ذلك من خلال تعميم التفاهم ونشر قيم الخير بين فئات المجتمع، فمثلاً لايمكن للطبيب ان يحل محل المهندس، وهكذا دواليك.
ان مشاكل العراق لايمكن النفاذ الى حلها من خلال منطوق واحد ولارؤية واحدة, والايدلوجية الدينية لاتوفر مثل هذه الامكانية المطلوبة، في عراق متعدد اثنياً وطائفياً ودينياً وحتى علمانياً ولايمكن لرجال الدين ان يكونوا وجها واداة لتنفيذ مهمام هذه الاحزاب وهي تقود الدولة العراقية في منعطف خطر ودقيق ، ومن نافل القول التاكيد هنا،ان الكثير من السياسين العراقيين لايتعممون، ولكنهم لايقلون تطرفا وجموداً في سلوكهم السياسي والديني عن المعممين وهم معممون في قلوبهم وعقولهم، والادهى انهم يشغلون مراكز حساسة في اجهزة الدولة المختلفة، وهذا ايضاً من مفارقات المشهدالعراقي المثير والمفعم بتناقضات غريبة .
أن ظاهرة الرجال المعممين وتدخلهم التعسفي في شوؤن الناس وشوؤن الدولة هوأرهاباً من نوع اخر
وهو الوجه الكالح للفساد واحد عناوينه المفزعة ولاينبغي تركه بدون معالجة وتصدي ناجعين من قبل كل القوى العقلانية وخاصة القوى السياسية المستنيرة قبل فوات الاوان وعدم ترك هذه الظاهرة تستفحل لتحول الى ازمة تضاف الى ازمات العراق الكثيرة،وقبل ان أنهي مقالتي أذكر انه في مدينة الثورة لاتقوم الشرطة بتحرير ضبط بدون كتاب من مكتب السيد..؟ وكما قيل تأتيك النار من مستسصغر الشرر....؟
والعراق تكفيه النيران التي تلتهمه......



#طلال_شاكر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحكم بثلاثين سنة سجن فقط على كلمة متمردة
- صدام ومحاكمته شهادة توجز محنة وطن
- الانتخابات العراقية حذاري أن يستغرقنا التفاؤل
- الانتخابات العراقية وثقافة اقصاء الاخر
- الرئيس الطالباني وعقدة اللأب القائد!!على هامش مؤتمر القاهرة ...
- البعث وشروطه الستة منطق قطاع الطرق لايتغير
- محاكمة صدام اشكالية المشهد والفصل المفقود
- استغاثة برزان التكريتي تلبيها صداقة رئيسنا الطالباني؟
- صدام حسين والمحاكمة المنتظرة دروس تستحضر عبرها
- الاصلاح السياسي في العالم العربي امام تحديات ومعضلات تتفاقم
- حين تمرد لينين على تعاليم ووصايا ماركس
- عندما جففت المسيحية مستنقعات الجمود والتعصب
- الزرقاوي وفتوى الموت ضد الشيعة العراقيين تاريخ لم يقرأ
- البعث وفكره بين استحالة العودة وقصاص الاجتثاث مناقشة لمقالة ...
- فاجعة جسر الائمة تاريخ حزين لمظلومية:2من2
- فاجعة جسر الائمة تاريخ حزين لمظلومية مستلبة
- رئيس الوزراء الجعفري من التاريخ يستل مايثير الحقد والكراهية
- عندما تتعارض مبادئ رئيسنا مع قصاص عادل لصدام حسين
- مشاريع ساخنة في درجة حرارة فوق الخمسين
- من القمص زكريا بطرس ومنهجه موقفان لرؤية مختلفة


المزيد.....




- مشاهد مستفزة من اقتحام مئات المستوطنين اليهود للمسجد الأقصى ...
- تحقيق: -فرنسا لا تريدنا-.. فرنسيون مسلمون يختارون الرحيل!
- الفصح اليهودي.. جنود احتياط ونازحون ينضمون لقوائم المحتاجين ...
- مستوطنون يقتحمون مدنا بالضفة في عيد الفصح اليهودي بحماية الج ...
- حكومة نتنياهو تطلب تمديدا جديدا لمهلة تجنيد اليهود المتشددين ...
- قطر.. استمرار ضجة تصريحات عيسى النصر عن اليهود و-قتل الأنبيا ...
- العجل الذهبي و-سفر الخروج- من الصهيونية.. هل تكتب نعومي كلاي ...
- مجلس الأوقاف بالقدس يحذر من تعاظم المخاوف تجاه المسجد الأقصى ...
- مصلون يهود عند حائط البراق في ثالث أيام عيد الفصح
- الإحتلال يغلق الحرم الابراهيمي بوجه الفلسطينيين بمناسبة عيد ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - طلال شاكر - لتعد العمائم الى مساجدها