أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - طلال شاكر - صدام ومحاكمته شهادة توجز محنة وطن















المزيد.....

صدام ومحاكمته شهادة توجز محنة وطن


طلال شاكر

الحوار المتمدن-العدد: 1410 - 2005 / 12 / 25 - 11:41
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


ثقافة النسيان، وتجريف الذاكرة،كان جزءاً من عقيدة سلطوية موجهة بتكثيف مقصود ومدروس، نحو
سلب العراقي لصلته بتكوينه، وامتداده وتفاعلة،مع تاريخه الحقيقي. ابقوه جزءاً من صلة غامضة
ومشوشة مع وطنه، كان جزءاً من رواية التاريخ الرسمية، ومن (عقيدة تلقين التاريخ)، التي رسمت الوطن والمواطنة بريشة مرتعشة، ضيعته وضيعت ملامحه وبخاصة68-2003 تلك الفترة الاستثنائية التي لايماثلها عهد ولاتوازيها ممارسة في تاريخنا الحديث والمعاصر. لقد أحدثت محاكمة صدام، صدمة
التأمل في ألذاكرة العراقية، لفتحها ملفات لم يجرإستنطاقها، حينما استدعت حضوراً لجملة من الحقائق المغيبة ، ونثرتها فوق ناصية المحكمة، كشهادة على مأساة وطن جريح، ينزف بين محطات التاريخ بخناجر الطغاة الذين حكموه، أن يقظة هذه الذاكرة، تأخذنا في هذه اللحظة الى زمنين وعهدين مختلفين في مثلهما وقيمهما كتأمل حزين ومتمرد في صفحات سفرنا الدامي وأستغراق في معنى ( العراقي الوطني ومعنى قيمه وأخلاقه ) . انها رحلة الرجوع الى عهد عبد الكريم قاسم بقيمه العراقية النبيلة، وزمن صدام بغدره وقيمه السافلة، كصرخة في وجه محكمة يقف في قفصها صدام، كعنوان لمأساة وطن، صنع كل فصول عذاباته ومأسيه هذا الطاغية وبعثه الهمجي ، وكانوا ضحاياه العراقيين ووطنهم بكل ما تستجمعه الكلمة من امتداد وعمق. في هذه المحاكمة التاريخية، نهضت الرواية البيضاء للتاريخ، على انقاض واكوام الكذب والتزوير الذي فرض على وعي العراقيين عقوداً متلاحقة، كجزء من اعادة كتابة التاريخ بصورة موضوعية، وبقلم منصف يدونه عراقيون احرار. ان استعادة وقائع التاريخ بصدق
مكوناتها واحداثها، وقوة عبرها ودروسها ونبل رمزيتها، اوجبت بناء هذه المقاربة التاريخية لفاجعة الدجيل.... بما يماثلها في الممارسة السياسية العراقية في ظرف محتدم من تاريخنا السياسي المعاصر من زاوية مختلفة وفهم اخر، كرسالة لجيل ثلمت ذاكرته رواية التاريخ المتناقضة،. انها عودة لتاريخ مضطرب، شكل وصنع جزءاً من ملامح حاضرنا السياسي، وتحديداً عام 1959 في هذه السنة الملتهبة جرت محاولة اغتيال فاشلة للمرحوم الزعيم عبد الكريم قاسم زعيم البلاد حينذاك، وكان احد المشاركين في المحاولة القاتل صدام حسين، وقد استطاع الافلات والهرب الى خارج العراق. في تلك الواقعة الخطرة على أمن البلاد وسلامتها، لم يجر اعتقال اوملاحقة احد، خارج نطاق الحلقة المنفذة ومسانديها وكان رد فعل السلطة متوازناً وقانونياً واخلاقياً ازاء ذلك الحدث الخطير. في معنى ذلك الرد تجسدت قيم العراقي الوطني وهو يواجه اعداءً بلا قيم ولامثل......؟

في تلك الظروف المحتدمة مثلاً... لم تعتقل أم صدام ولااخوانه ولااقربائه، ولا أياً من ذوي أو اقربا ء
المشاركين في محاولة الاغتيال، ولم يهدم بيت اويجرف بستان اويصادر ملك؛ او يحتجزاحداً ؛ وحتى عيادة الطبيب التي جرى التخطيط والانطلاق منها في تنفيذ محاولة الاغتيال في شارع الرشيد لم تمس، لابل ان الذين قاموا بهذه االمحاولة وشاركوا وخططوا لها، قدموا الى محاكمة ونالوا قصاصاً عادلاً، لكن
الزعيم عبدالكريم قاسم اسقط حقه لاحقاً وعفا عن المعتدين تحت (مبدأ عفاالله عماسلف) ؛ الذي لم يلق رضى من اغلبية الشعب العراقي. في تاريخ النظم السياسية العراقية المتفاوتة في عنفها واستبدادها، والتي حكمت العراق منذ تأسيس الدولة العراقية عام 1921باستثناء فترة-63-68، التي حكم فيها البعث
يلحظ المرء لمحات وتجليات لاخلاق عراقية فرضت قيمها على وقع الاستبداد وتطرفه كمنافذ للسماحة
والعفو أحياناً، وقد ينفع رجاء، اواستثارة نخوة في رفع حيف اوانقاذ مظلوم أوتطييب خاطر، الا في حكم صدام وبعثه الذي تلاشت فيه قيم العفو والرحمة واي منفذ للسماحة والرجاء الانساني . ان استحضار هذه الحقائق هي جزء من التاريخ الحقيقي للعراقيين الذي يتجاهله ويتعامى عنه النعيمي، ورمزي كلارك، وخليل الدليمي والخصاونة، وعبد الباري عطوان، ومن لف لفهما،أولئك الذين يشككون بنزاهة المحكمة وحياديتها وبتلفيق الشهادة ضد صدام واعوانه، ويبدي الموقف نفسه صدام وعصابته، ويجاهر بمعارضته ويتبرم هو وانصاره من محكمة عراقية حاكمته على فصل واحد من فصول جرائمه وانتهاكه لقيم عراقية وانسانية وهي لاتعد ولاتحصى، وتشكل بحق جرائم ضد الانسانية , وضد الشعب العراقي.
وكنت اتمنى هنالك من يذكر صدام وبرزان ومافياتهم وأولئك الذين يدافعون عنه في هذه المحكمة، بالمعاملة العادلة التي لاقتها عائلة صدام وعوائل الاخرين ، من قبل حكومة عبد الكريم قاسم لذوي الذين حاولوا قتله ، تلك الحكومة التي ينعتها صدا م بالدكتاتورية ويتفاخر بأنه اشترك في محاولة اغتيال رئيسها عبد الكريم قاسم. هذا التاريخ الذي حجبته سلطة البعث صدام وغيبته في قيعان دفن الذاكرة
العراقية التي حفرها نظام الطغيان في دهاليز وعتمة النسيان ،والذي لا تروى فيه الا نذالة القاتل صدام وغدره (كبطولة)، دون عفة وسماحة عبد الكريم قاسم التي غيبت، وشهامةالعراقيين التي سحقت. في استغفال للتاريخ استمرعقودا انها صورة متناقضة لثقافتين وزمنينً مختلفين فيهما الكريم اذا عفا والخسيس اذا استحكم وتولى. وفجيعةالدجيل كانت شاهداً على نحرهذه القيم العراقية وقسوة الانتقام وكذبة الشهامة العربية التي تلبسها صدام وبعثه زوراً وبهتاناً . في مشهد الدجيل الدامي، نزعت حقائق من ملفات التاريخ لوقائع يستشكل على المرء حل لغزها ،هو ما حل بمدينة بلد التي تبعد عن الدجيل12 كيلومترتلك المدينة التي جرى الانتقام منها على خلفية اسباب مختلقة، كرسالة ارهاب وترويع لاي مدينة اومنطقة عراقية لاتتوافق فيها مقتضيات الطاعة والخضوع مع معايير السلطة الدكتاتورية وشروطها، وهذا ماكان حظ المدينة التعيسة( بلد ) التي تلوت عذاباً وألماً ونزفاً وسحقاً تحت قسوة نظام البعث الدموي لانها
لم تذعن لشروط القتلة والسفاحين.
في اليوم الثاني لفجيعة الدجيل جرى استباحة قضاء بلد بوحشية وقسوة نادرتين بلا ذنب اوتهمة غير جريرة وتداعيات محاولة اغتيال صدا م 1982 التي جرت في الدجيل ، ففي مشهد محزن ودامي اخذ المئات من اهل بلد؛ العوائل باطفالها ونسائها وشيوخها ومختلف رجالها برحلة عذاب استغرقت اربع سنوات من معتقلات بغداد الى معتقل (الشيحيات) القريب من الحدود السعودية والذي يبعد 40 كيلومتر عن موقع (لية) الذي احتجزت فيه هذه العوائل المنكوبة.
في هذا المنفى المعتقل جرى تصفية مايقرب 200 مواطن بعد ان سحبوا من بين عوائلهم
واهلهم وقتلوا دون معرفة اهالي بلد، المكان والوسيلة التي تمت بها تصفيت ابناءهم...؟
ولا اين هم دفنوا ؟ لقد لاقت بلد تدميراً اكبر واوسع من مدينة الدجيل. فتحت وطأة الحقد والقسوة تم
جرف العشرات من البساتين والمزارع، كما ودمرت احياءً كثيرة. واستشهد الكثيرون في المنفى الصحراوي (الشيحيات) خلال فترة الاحتجاز اوالاعتقال؛ التي لاقى خلالها المحتجزين العذاب والذل
والهوان وحين عاد ماتبقى من عوائل اهل بلد الى مدينتهم المنكوبة، وفي تكرار لقسوة متناهية أُخرج الذين رجعواالى منازلهم بأيام، ليهدموا بيوتهم، التي جرى استثناء بعضها في البداية تاركين العوائل والاطفال في العراء كان ذلك في سنة1986 . ان فاجعة بلد ومأساة الدجيل هي عناوين فرعية لمأساة وطن كبير، رسمت صورة دقيقة الملامح لنظام وعقيدة وملهم تناوبوا على سحق بلاد لاينتمون اليها ولاتنتمي اليهم، كانوا غرباء عن مثلها وقيمها وارثها العراقي النبيل. في محاكمة صدام تواجه جزع الجلاد في دونيته وانحطاطه وصلفه، وصبر الضحية في تساميها وجميل موقفها واخلاقها وهي تناجز
طاغية وفكراً بلا قيم ولااخلاق من خلال مثل العدالة والقانون .



#طلال_شاكر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الانتخابات العراقية حذاري أن يستغرقنا التفاؤل
- الانتخابات العراقية وثقافة اقصاء الاخر
- الرئيس الطالباني وعقدة اللأب القائد!!على هامش مؤتمر القاهرة ...
- البعث وشروطه الستة منطق قطاع الطرق لايتغير
- محاكمة صدام اشكالية المشهد والفصل المفقود
- استغاثة برزان التكريتي تلبيها صداقة رئيسنا الطالباني؟
- صدام حسين والمحاكمة المنتظرة دروس تستحضر عبرها
- الاصلاح السياسي في العالم العربي امام تحديات ومعضلات تتفاقم
- حين تمرد لينين على تعاليم ووصايا ماركس
- عندما جففت المسيحية مستنقعات الجمود والتعصب
- الزرقاوي وفتوى الموت ضد الشيعة العراقيين تاريخ لم يقرأ
- البعث وفكره بين استحالة العودة وقصاص الاجتثاث مناقشة لمقالة ...
- فاجعة جسر الائمة تاريخ حزين لمظلومية:2من2
- فاجعة جسر الائمة تاريخ حزين لمظلومية مستلبة
- رئيس الوزراء الجعفري من التاريخ يستل مايثير الحقد والكراهية
- عندما تتعارض مبادئ رئيسنا مع قصاص عادل لصدام حسين
- مشاريع ساخنة في درجة حرارة فوق الخمسين
- من القمص زكريا بطرس ومنهجه موقفان لرؤية مختلفة
- القضاء العراقي همة السلحفاة تلاحق غزال الارهاب
- القمص زكريا بطرس.معايير مزدوجة في تناول عقائد الاخرين دون عق ...


المزيد.....




- رحلة -ملك العملات المشفرة-، من -الملياردير الأسطورة- إلى مئة ...
- قتلى في هجوم إسرائيلي على حلب
- مجلس الشعب السوري يرفع الحصانة القانونية عن أحد نوابه تمهيدا ...
- تحذير عسكري إسرائيلي: إذا لم ينضم الحريديم للجيش فإن إسرائيل ...
- السفير الروسي ردا على بايدن: بوتين لم يطلق أي تصريحات مهينة ...
- بالفيديو.. صواريخ -حزب الله- اللبناني تضرب قوة عسكرية إسرائي ...
- وزير الدفاع الكندي يشكو من نفاد مخزون بلاده من الذخيرة بسبب ...
- مصر.. خطاب هام للرئيس السيسي بخصوص الفترة المقبلة يوم الثلاث ...
- -أضاف ابناً وهميا سعوديا-.. القضاء الكويتي يحكم بحبس مواطن 3 ...
- -تلغراف- تكشف وجود متطرفين يقاتلون إلى جانب قوات كييف وتفاصي ...


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - طلال شاكر - صدام ومحاكمته شهادة توجز محنة وطن