|
من تجاربى الشخصية مع الدين 3
زاهر زمان
الحوار المتمدن-العدد: 5501 - 2017 / 4 / 24 - 14:45
المحور:
سيرة ذاتية
الوجدان هو مصطلح لغوى للتعبير عما يحرك الحالة النفسية للمرء تجاه الأشخاص أو الأحداث أو التجارب الحياتية ، سلباً أو ايجاباً أو حباً أو كراهيةً ، ومحور ذلك هو ماتحدثه التجارب الحياتية فى نفس المرء من الشعور باللذة أو بالألم ومايقترن بكل منهما من الشعور : إما بالخوف الناتج عن الألم والذى يدفع المرء الى المفاومة أو الهروب مما يسبب له الخوف أو الرعب ؛ أو الشعور بالأمان والطمأنينة الناجمان عن اللذة ، واللذان يدفعان المرء الى التماهى مع الأحداث أو الأشخاص أو المواقف الحياتية أو الرموز التى تبعث فى نفسه ووجدانه الفرح واللذة والطمأنينة ، فيقبل على كل ذلك ويتفاعل معه حتى يصبح ذلك بعضاً من محاور اهتماماته لاشباع رغباته فى اثبات ذاته ، و وأول مايبدأ وجدان المرء منا فى التشكل هو فى مراحل الطفولة المبكرة ، بمجرد أن يبدأ الانسان فى الوعى بالبيئة التى يعيش فيها . كما أن وجدان المرء منا وعواطفه نحو الأشياء والأشخاص والأحداث الحياتية من حوله ، لا يتشكلان ذاتياً أو بمعزل عن الجماعة التى ينشأ بينها . ويلاحظ أن هناك دوائر للجماعات أو البيئات التى يتشكل بواسطتها وجدان المرء وعواطفه تجاه الأشياء والأشحاص والرموز والأحداث التى تحيط بالمرء فى كل دائرة من تلك الدوائر . ولعل أهم دائرة فى تلك الدوائر وأولها وأخطرها تأثيراً على وجدان المرء وعواطفه ، هى الأسرة التى يظل تأثيرها راسخاً فى نفسية المرء طوال حياته ، حتى وإن توارى عن التأثير فى توجهات المرء لبعض الوقت فى بعض مراحل حياته ، إلا أنه يظل كامناً ، ينتظر الظرف المناسب ليطفو على السطح فوراً ، ليتخذ المرء المواقف المتوافقة مع مارسخته البيئة الأسرية فى وجدانه وفى ميوله وعواطفه ، تجاه الأحداث والأشياء والأشخاص . وأجدنى هنا أستحضر من المشاعر الايجابية التى تم ترسيخها فى وجدانى نحو اخوتى وأخواتى من المصريين الأقباط ، أثناء طفولتى المبكرة ؛ تلك الروح الدافئة من التكاتف والتعاطف الصادق بين سكان حارتنا من المسلمين والمسيحيين ، فى مواجهة المصائب والأحزان . مازلت – رغم مرور مايزيد على النصف قرن – أتذكر مشهد تلك العربة التى كانت تجرها الخيول ، والتى كانوا يضعون الصندوق الخشبى المرصع بالنقوش الذهبية ، الذى بداخله المتوفى أو المتوفاة من أخوتنا أو أخواتنا المسيحيين ، فى مايشبه كابينة السيارة فوقها ؛ مازلت أتذكر مشهد عربة دفن الموتى تلك وهى تسير وئيداً بالمتوفى أو المتوفاة متوجهة نحو الكنيسة ، وخلفها جموع المشيعين من أهل حارتنا بمسلميهم ومسيحييهم ، دون أن يستطيع من يشاهد ذلك الموكب التمييز بين من هم مسيحيين أو من هم مسلمين ! ومع أننى كنت فى ذلك الزمان – على ماأتذكر – فى المرحلة الابتدائية ، ولا ادرك معنى أو مغزى مواساة أهل المتوفى أو المتوفاة ، إلا أننى كنت أنخرط فى جموع المشيعين وراء عربة دفن الموتى ، مدفوعاً بالروح الجماعية لأهل حارتنا من جهة ، ومتشجعاً بمصاحبة والدى واخوتى الأكبر على الانخراط فى الجموع من جهة أخرى . وعند الوصول الى الكنيسة ، كانت الجموع تدلف الى داخل قاعة آداء الطقوس الجنائزية فى صمت ورهبة تفرضهما الحالة الوجودية للغز الموت والحياة . ورغم انخراطى عندما شببت عن الطوق فى بعض الطرق الصوفية بحثاً عن الطمأنينة والأمن والسلام واعتقاداً منى فى تلك الفترة ، أننى سأصل الى الله وأتحاور معه وأنه سيكون سمعى الذى أسمع به وعينى التى أبصر بها ورجلى التى أمشى عليها – أصبح من أهل الخطوة – ويدى التى أبطش بها ، وأنه سيجعلنى عبداً ربانياً أقول للشىء كن فيكون ، كما ورد فى حديث محمد بن عبدالله الذى كان يحلو لخطيب صلاة الجمعة ، أن يردده على مسامعنا مراراً وتكراراً ، إلا أن مشاعرى وعواطفى نحو أخوتى وأخواتى المسيحيين والمسيحيات ظلت كما رسختها فى وجدانى وعواطفى ، سنوات طفولتى الأولى ، ولم تتغير قيد أنملة ، بل ازددت حباً لهم وودت من كل قلبى فى تلك الأيام ، لو استطعت اقناعهم واشراكهم معى فى ما كنت أعتقده خيراً يجب أن ينالهم منه نصيب كما نالنى ! نسيت أن أخبركم أن المجتمع المصرى فى ذلك الزمان ، لم تكن قد ضربته أعاصير الوهابية ولا تيارات الاسلام السياسى التى تتبناها أنظمة اقليمية ، تستخدم وتمول وتوظف جماعات داخلية كخناجر مسمومة لنشر التطرف والطائفية ، ليس فى بر مصر فقط ، ولكن فى كل بلد تطاله أيديهم ويزعمون أنه ارث شرعى لهم من أيام الخلافة الاسلامية ! يتبع زاهر زمان
#زاهر_زمان (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
من تجاربى الشخصية مع الدين 2
-
من تجاربى الشخصية مع الدين 1
-
حديث ابن آمنة : نفسٌ منفوسة !
-
كيوم ولدته أمه !!!
-
ربنا يطمنك عليهم !!!
-
رداً على مقال : اسرائيل تضرب الإرهاب فى مصر !
-
الفطرة لا دين لها ياعرفة !
-
أنا لستُ مُلحداً
-
هل هى مُتعة أم دعارة يا رسول الله ؟ !!!
-
أيهما أسبق : الأقصى أم الهيكل ؟
-
دورة المادة الحية فى الكون تكذب وجود حياة بعد الموت !
-
التأثير اليهودى فى المشروع السيادينى المحمدى
-
الصحوة الاسلامية وماأدراك ماالصحوة الاسلامية ؟
-
حتى الصلاة .. أخذها محمد عن اليهود !!!
-
لن أبيع انسانيتى - ولو مقابل كل مُلك محمد وورثته من العرب !
-
خواطر حول المشروع السياسى المحمدى !!!
-
يجادلون فى الالحاد وهو شديد المِحال !!!
-
حد السرقة دليل اختراع محمد للدين الاسلامى !!
-
وأمرهم شورى لكن اقتلوا من يعارض !!
-
خواطر متدين سابق ( 5 ) – الانسان ربيب بيئته
المزيد.....
-
نتنياهو يأذن لمديري الموساد والشاباك بالعودة إلى مفاوضات الد
...
-
رئيس وزراء بولندا يكشف عن -جدال مثير- أشعله نظيره الإسباني ف
...
-
دراسة رسمية تكشف أهم المجالات التي ينتشر فيها الفساد بالمغرب
...
-
تشابي ألونسو يستعد لإعلان قرار حاسم بشأن مستقبله مع نادي ليف
...
-
الجيش الروسي يكشف تفاصيل دقيقة عن ضربات قوية وجهها للقوات ال
...
-
مصر.. إعادة افتتاح أشهر وأقدم مساجد البلاد بعد شهرين من إغلا
...
-
قائد القوات الأوكرانية: تحولنا إلى وضع الدفاع وهدفنا وقف خسا
...
-
مقتل شخص وإصابة اثنين إثر سقوط مسيّرة أوكرانية على مبنى سكني
...
-
استطلاع يظهر تحولا ملحوظا في الرأي العام الأمريكي بحرب غزة
-
معتمر -عملاق- في الحرم المكي يثير تفاعلا كبيرا على السوشيال
...
المزيد.....
-
سيرة القيد والقلم
/ نبهان خريشة
-
سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن
/ خطاب عمران الضامن
-
على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم
/ سعيد العليمى
-
الجاسوسية بنكهة مغربية
/ جدو جبريل
-
رواية سيدي قنصل بابل
/ نبيل نوري لگزار موحان
-
الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة
/ أيمن زهري
-
يوميات الحرب والحب والخوف
/ حسين علي الحمداني
-
ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية
/ جورج كتن
-
بصراحة.. لا غير..
/ وديع العبيدي
-
تروبادورالثورة الدائمة بشير السباعى - تشماويون وتروتسكيون
/ سعيد العليمى
المزيد.....
|