|
الحب والمرأة الكاتبة في الزمن اليمني
شوقية عروق منصور
الحوار المتمدن-العدد: 5482 - 2017 / 4 / 5 - 23:03
المحور:
حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
الحب والمرأة الكاتبة في الزمن اليمني شوقية عروق منصور أن تسكت أصوات المدافع ، وتتوقف الطائرات عن القصف ، وتتحول الأرض اليمنية الى هجرة نحو الحرف والكلمة تلك هي المعجزة في هذا الزمن المخيف. أن تتسكع الجثث اليمنية التي احترقت وتمزقت وتشوهت على ضفاف الحقد السعودي والتحاف العربي الدنس ، وتنام تحت التراب الذي تكوم على شكل مقابر سريعة ، تنتظر المزيد من لهب الجحيم ، لكن من بين اللهب يهرب الموت الى الورق ، يقيم فوق خيام الحب ممزقاً أشباح الاحتراق معلناً أن – لا غالب إلا الحب – على رأي الشاعر الدمشقي نزار قباني . في الزمن اليمنى الذي يهدينا يومياً أخبار القتل و الردم والهدم وبراكين الدم وزلازل الخوف ، هناك بعض الفرح ، ليس رشوة ، بل الإصرار أن اليمن مهرة الحرية ، وأن الأدب اليمني الذي هناك من أطلق عليه – أدب القات – ينتصر الان للوجود الإنساني ، لظلال البراءة الأولى . الشاعر اليمني الشاب " محمد الضبع " مرادف الآن للتحليق فوق الجراح ، يتحدى الأنياب الحادة التي تمزق الجسد اليمني ، يتحدى تكسير عظام الوجود ، بنسج الحكايات الجديدة عن الحب ، لا نعرف كيف يخرج الشاعر محمد الضبع ، من جنون الحرب والألم الى عبير الحب عبر التاريخ الحديث ، كيف يحتجز عصافير الحب ويطلقها فجأة في سماء الادب في ظل فخاخ الحرب ، وأتساءل كيف يطير العصفور والرصاص يطرز الفضاء / والطائرات تقتحم الحزن ، لينتحب الهواء ، وبعد ذلك يصبح كل شيء رماد .. رماد . فتشت عن حياة الشاعر الشاب " محمد الضبع " فلم أجد سوى أنه أصدر عام 2012 " صياد الظل " وهو الديوان الشعري الوحيد له . في كتابه " معطف فوق سرير العالم " يسجل فيه أهم رسائل الحب عبر التاريخ القديم والحديث ، وأيضاً عبارات الحب التي كتبها السياسيين والادباء والشعراء والفلاسفة ، وأشهر القصائد التي كُتبت عن الحب . لقد اختار الشاعر " محمد الضبع " هذه النماذج من المدونات الالكترونية ، وقام بترجمتها بأسلوب راق ، يغلب عليه الإحساس بالمسؤولية وعشق الكلمة النزيهة التي تفتش عن مأوى في هذا الزمن الصعب . غير المألوف في كتاب " محمد الضبع " هو الفصل الخاص بالمرأة الكاتبة ، والذي يدل على القيمة الكبرى التي يوليها هذا الشاعر الشاب للمرأة التي قررت أن تحمل الكلمة على كاهلها ، وتخرج بها الى العلن ، ويكون عنوانها الكتابة . تحت عنوان ( أخرج في موعد مع فتاة تحب الكتابة ) تنهار نظريات الكيمياء الاجتماعية التي تضع المرأة الكاتبة في خانة الحذر والخوف وعدم الإخلاص والتنقل والسقوط في الخطيئة والترفع والعيش على الاستهتار ، لأن ميدان الكتابة خاصاً بالرجال ، والمرأة التي تقتحم الكتابة لا تنعم بالاستقرار ، بل عليها أن تبقى في حالات مخاض الرفض ، وأي بريق قد ينتشلها من بيتها واسرتها وأولادها . عكس النظرية ، الشاعر " محمد الضبع " يحرض الرجل على الاهتمام بالمرأة الكاتبة ، وعلى الرجل أن يفضلها على غيرها ، لأن المرأة الكاتبة مميزة ، ليست امرأة عادية ، فيها الحنان ومحاطة بتصرفات وسلوكيات تمجد تفاصيل دقات قلب الابداع . ( ابحث عن فتاة تحب الكتابة ، ستكتشف أنها مرحة ، أنها متعاطفة وحنونة لدرجة بالغة ، ستحلم وتبتكر عوالم وأكواناً كاملة لأجلك ، هي التي ينحني الظل أسفل عينيها ، هي الفتاة ذات رائحة القهوة والكوكاكولا وشاي الياسمين الأخضر ، هل رأيتها وظهرها متقوس باتجاه مفكرتها الصغيرة .. ص 58 ) بل يندفع " محمد الضبع " ويدعو للزواج من امرأة كاتبة ، لذلك هناك عدة أسباب ، حسب رأيه ( إذا وجدت فتاة تحب الكتابة ، فحاول إبقاءها بالقرب منك إذا وجدتها مستيقظة عند الثانية صباحاً تكتب بشراسة ، الفتاة التي تحب الكتابة ستحكي لأطفالك قصصاً بالغة الجمال والسحر ، لأن هذا هو أجمل ما تملكه ، لديها خيال ، ولديها الجرأة ، وسيكون هذا كافياً ـ سوف تنقذك في محيطات حلمها ، ستكون فارستك ، وستكون عالمك ، في انحناءة ابتسامتها ، في اللون البندقي لعينيها ، في الكلمات التي تنهمر منها كالسيل ، كالموجة ، ساحرة الى درجة تجعلك تخسر أنفاسك لصالحها ، تلك هي الفتاة التي تحب الكتابة .. ص 60 ) أظن أن الشاعر اليمني الشاب " محمد الضبع " استطاع أن " يضبع " المجتمع العربي الذي ما زالت الكاتبة تعيش فيه على حد الخوف والرفض والرقابة ورضى القبيلة ، ويقرعون طبول القتل والذبح واللوم حين تشعر القبيلة أن الكاتبة تخرج عن الخطوط التي رسمت ، فالكاتبة في المجتمعات العربية أشبه بدائرة النار التي يشعلونها في أفلام الغرب الأمريكي ، حيث يرقص الهندي حولها . حين يكتب الشاعر اليمني " محمد الضبع " عن المرأة الكاتبة ، يخون الفكرة السائدة التي كتبها عشرات الكتاب والنقاد العرب الذين استخفوا بالمرأة وأفكارها وكتاباتها ، بل هو يدعو الرجل العربي الى اختراق عالمها والعيش معها ، لأنها امرأة مميزة . حقاً فوجئت بالموضوع الذي طرحه ( أخرج في موعد مع فتاة تحب الكتابة ) لأنه يمشي ضد التيار السائد ، التيار الذي يعلن أن الكتاب قد مات ، وأن لا أحد يقرأ . وأيضاً أن المرأة مجرد جسد جميل يسعى لتجميله أكثر وأكثر أطباء التجميل . الشاعر " محمد الضبع " يتسلل الى الصفحات البيضاء ، لا يرتكب حماقة الحب في الزمن الوحشي ، بل بكتابه هذا ينقذ العالم من وحشيته ، وينقذ المرأة الكاتبة من احساسها بأنها ترتكب الخطأ وعليها إرضاء العائلة والزوج والمجتمع .
#شوقية_عروق_منصور (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الأرض في جيب شلومو
-
الفندق المعزول المحاط بالأسوار
-
المرأة الفلسطينية لا تعرف الثامن من آذار
-
المرأة التي تتكلم بالاشارة والمرأة التي تكتب بحبر بولها
-
من مجنون فلسطين الى ترامب اللعين
-
الطبخة ما زالت في الدست الاسرائيلي
-
القرد في ليبيا وشقيقه هنا .. شكراً لإسرائيل
-
ايها الرئيس رأسك تحت رحمتي
-
الاقي زيك فين يا علي
-
رسائل الحب في زمن الجفاف
-
الثقافة لا تعرف ميري ريغيف
-
الطفل خالد الشبطي يركب الطائرة مع ليلى خالد
-
ما زالت ذاكرتي في حقيبتي
-
الفن يزدهر في تربة السياسة
-
صورة سيلفي مع ثور وكوز صبر
-
نساء -داعش - بين فتنة السلاح والنكاح
-
الموت غرقاً ورائحة الخبز أبعدت زكية شموط
-
غزة انتصرت لكن ما زال دلو الركام في عملية خنق الرقاب
-
عن غزة وجيش المفاجيع بقيادة نانسي واحلام ووائل كفوري
-
في غزه الوقت من دم
المزيد.....
-
“احلى اغاني الاطفال” تردد قناة كراميش 2024 على النايل سات ka
...
-
إدانة امرأة سورية بالضلوع في تفجير وسط إسطنبول
-
الأمم المتحدة تندد بتشديد القيود على غير المحجبات في إيران
-
الاعتداء على المحامية سوزي بو حمدان أمام مبنى المحكمة الجعفر
...
-
عداد الجرائم.. مقتل 3 نساء بين 19 و26 نيسان/أبريل
-
هل تشارك السعودية للمرة الأولى في مسابقة ملكة جمال الكون؟
-
“أغاني الأطفال الجميلة طول اليوم“ اسعدي أولادك بتنزيل تردد ق
...
-
استشهاد الصحافية والشاعرة الغزيّة آمنة حميد
-
موضة: هل ستشارك السعودية في مسابقة ملكة جمال الكون للمرة الأ
...
-
“مش حيقوموا من قدامها” جميع ترددات قنوات الاطفال على النايل
...
المزيد.....
-
بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية
/ حنان سالم
-
قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق
/ بلسم مصطفى
-
مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية
/ رابطة المرأة العراقية
-
اضطهاد النساء مقاربة نقدية
/ رضا الظاهر
-
تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل
...
/ رابطة المرأة العراقية
-
وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن
...
/ أنس رحيمي
-
الطريق الطويل نحو التحرّر: الأرشفة وصناعة التاريخ ومكانة الم
...
/ سلمى وجيران
-
المخيال النسوي المعادي للاستعمار: نضالات الماضي ومآلات المست
...
/ ألينا ساجد
-
اوضاع النساء والحراك النسوي العراقي من 2003-2019
/ طيبة علي
-
الانتفاضات العربية من رؤية جندرية[1]
/ إلهام مانع
المزيد.....
|