أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - ميخال شفارتس - فتح تنقلب على منظمة التحرير















المزيد.....

فتح تنقلب على منظمة التحرير


ميخال شفارتس

الحوار المتمدن-العدد: 1438 - 2006 / 1 / 22 - 12:06
المحور: القضية الفلسطينية
    


الحدث الرئيسي في الانتخابات الفلسطينية هو الانقلاب الذي انجرته كوادر فتح الداخل على القيادة التاريخية للحركة. الشعارات الوحيدة المطروحة هي معارضة الفساد، دون اثارة نقاش سياسي او بلورة بديل حقيقي لسياسة السلطة الحالية. خريطة الطريق المنحازة لاسرائيل والمدعومة من السلطة، هي اللعبة السياسية الوحيدة، ولا تنجح القيادات الشابة الجديدة في طرح برنامج بديل لها.

ميخال شفارتس

اذا لم تقع مفاجآت في اللحظة الاخيرة، فالانتخابات للمجلس التشريعي الفلسطيني ستجري في موعدها في 25/1. فاجراء الانتخابات لم يعد مجرد شأن داخلي يهم معظم الفصائل الفلسطينية الكبيرة بما فيها فتح وحماس وفصائل اليسار، بل مصلحة استراتيجية امريكية واسرائيلية ايضا.

ان مصلحة امريكا واسرائيل في الانتخابات هو ضمان استمرارية السلطة الفلسطينية، والتمكن من إقرار الامن. سيناريو اختفاء السلطة والفوضى العارمة التي ستنجم عنها، سيضطر اسرائيل لاعادة الاحتلال المباشر للمناطق المحتلة، وتحمل المسؤولية المدنية ايضا عن مصير سكانها، الامر الذي ترفضه اسرائيل وتعتبره عبئا سياسيا وعسكريا واقتصاديا هي في غنى عنه.

لهذا السبب بعث الامريكان، اليوت ابرامس وديفيد ويلش، لاجراء مباحثات حول الترتيبات النهائية لاجراء الانتخابات في موعدها. وأثمر الضغط الامريكي عن موافقة اسرائيلية على اجراء الانتخابات في القدس بنفس الطريقة التي تم اقرارها في 1996، مما يعني السماح ل5،700 مقدسي بالانتخاب في مراكز البريد في القدس، في حين سيقوم 125 الف مواطن من المدينة بالاقتراع خارج القدس.



توزيع الغنيمة

عن الصراع الداخلي في فتح انبثقت قائمة انتخابية تسيطر عليها كوادر محلية، حلت محل القيادة التاريخية للحركة. وتسعى القيادة الشابة الجديدة لاجراء الانتخابات في موعدها، وذلك لوقف المظاهر المسلحة التي تقودها المجموعات المختلفة التي بقيت خارج القائمة، دون نفوذ او تعويض عن الضحايا التي قدمتها في سنوات الانتفاضة الاخيرة. تأجيل الانتخابات من شأنه ان يزيد الفوضى الداخلية، كما انه سيعتبر خرقا للاتفاقات التي تم ابرامها مع حركة حماس.

حماس من جانبها التزمت التهدئة منذ اشهر طويلة مقابل المشاركة في الانتخابات، ومن المتوقع ان تحصد 40% من مقاعد المجلس التشريعي. وقد تمكنت حماس من احتلال مواقع مهمة في انتخابات السلطات المحلية، وهي تبدو عازمة على حصد الثمار السياسية لتضحياتها الجسيمة التي قدمتها في الانتفاضة الاخيرة. ان قرار حماس المشاركة في الانتخابات هو بلا شك تعبير عن اتساع المعارضة الشعبية الفلسطينية لنهج العمليات الانتحارية. ولم تكتف حماس بالمشاركة في الانتخابات، بل المحت ايضا لاستعدادها للمشاركة الفعالة في الحكومة المقبلة (انظر مثلا "الشرق الاوسط"، 20/12/05).

اما اليسار الفلسطيني الذي قاطع انتخابات المجلس التشريعي عام 1996، فيخوض الانتخابات في وضع من الانقسام الداخلي. فقد افترقت الجبهة الشعبية عن مصطفى البرغوثي مع انها دعمت ترشيحه لرئاسة السلطة، ويخوض كل منهما الانتخابات بمفرده. الجبهة الديموقراطية تخوض الانتخابات بقائمة "البديل" بائتلاف مع حزب الشعب و"فدا". قراءة في برامج القوائم تكشف عن عدم وجود اختلافات تبرر هذا الانقسام الذي يضعف بلا شك اداء قوائم اليسار في الانتخابات.



"انقلاب الشباب"

لم يكن صدفة ان من حاول العمل على تأجيل الانتخابات هي قيادة فتح التاريخية. ولكن الجهود لم تأت بالنتيجة المرجوّة، فقد وافق محمود عباس (ابو مازن)، احد اهم رموز القيادة التاريخية، على ترؤس قائمة فتح التي احتكرتها القيادات المحلية الشابة، بالتحالف بين مروان البرغوثي، جبريل الرجوب ومحمد دحلان.

ومن الملاحظ ان هذا التحالف الجديد يجمع بين خصوم الامس: الرجوب الذي عارض بشدة الانتفاضة وكان مقربا من عرفات، ومحمد دحلان الذي بادر للانقلاب على عرفات من موقعه في غزة، واطلق الاتهامات اللاذعة ضد الرجوب. اما مروان البرغوثي الذي هُمّش من كل موقع قيادي في السلطة، فقد استخدم الانتفاضة لترسيخ موقعه داخل فتح، ولكن كان الثمن غاليا جدا - السجن المؤبد في اسرائيل.

ومن المعروف ان الرجوب ودحلان يتمتعان بمكانة مرموقة في جهاز الامن الفلسطيني، وبعلاقات ممتازة مع جهاز الامن الاسرائيلي. وقد اتهما اكثر من مرة بالتورط في الفساد، والتعاون مع شركات اسرائيلية ورجال مخابرات سابقين في فرض نظام الاحتكارات في المناطق المحتلة. كما كانت للبرغوثي علاقات واسعة مع احزاب وساسة اسرائيليين دعموا اتفاق اوسلو.

اسرائيل من جانبها تولي اهمية كبرى لهذه الانتخابات. فحلم اسرائيل كان ولا يزال استبدال قيادات ورموز منظمة التحرير الذين مثلوا قضية الشعب الفلسطيني كله، كشعب لاجئ من حقه العودة الى دياره، بقيادة محلية مربوطة بالمصالح المباشرة لسكان الضفة الغربية وقطاع غزة وبعيدين عن الشتات الفلسطيني.

واذا كانت منظمة التحرير الفلسطينية الجهة المخولة بالتفاوض على الحل النهائي مع اسرائيل، فبعد الانتخابات القادمة سينتقل ثقل القرار من منظمة التحرير الى قيادات محلية محدودة الآفاق، تمثل فئة واحدة من ابناء الشعب، سكان المناطق المحتلة عام 67. ودور ابو مازن كرئيس للسلطة ومنظمة التحرير هو منح الغطاء لهذا الانقلاب الذي سيسدد الضربة القاضية على ما تبقى من منظمة التحرير الفلسطينية.

تحليل دقيق لمحاولة السلطة تهميش وتفريغ منظمة التحرير من دورها، يسوقه الصحافي الفلسطيني بلال الحسن في مقال له في "الشرق الاوسط" (1/1/2006)، جاء فيه: "تم الاجهاز على الاستقلال المالي لمنظمة التحرير من خلال ربط الصندوق القومي الفلسطيني بوزارة مالية السلطة. وتم الاجهاز على استقلالية الدائرة السياسية في منظمة التحرير، وعلى وزارة خارجية دولة فلسطين التي يترأسها فاروق القادومي (ابو اللطف) من خلال ربط السفراء والسفارات بوزارة الشؤون الخارجية التابعة للسلطة".

ويشير الحسن الى ان دور القيادة الجديدة التي انقلبت على القديمة سيكون "التوقيع على التسوية السياسية التي تريدها اسرائيل، والتي بلورها اريئل شارون، ورسم حدودها من خلال بناء الجدار العازل". وحذر الحسن من ان هذه القيادة "تبدي استعدادها لقبول مواقف سياسية لم تكن حركة فتح التاريخية لتقبلها. وحين يتحقق هذان الامران تكون حركة التحرر الوطني الفلسطينية... قد دخلت مرحلة تلاشيها".



اين الموقف السياسي

ما هي مميزات الانتخابات الفلسطينية الحالية، وكيف سيكون شكل المجلس التشريعي الجديد؟ هاني عيساوي، مرشح مستقل من القدس، يعتبر ان "تركيبة المجلس التشريعي ستكون مختلفة كليا من ناحية انهاء السيطرة المطلقة لفتح، وهذا ايجابي، وسيؤدي لتغيير جدي في المستقبل". وفيما يؤكد عيساوي على اهمية الوضوح السياسي امام التحديات السياسية القادمة، الا ان المشكلة هي ان النقاش السياسي غائب تماما عن هذه الانتخابات، خاصة ان خريطة الطريق هي البرنامج الوحيد المطروح امام الفلسطينيين اليوم، وهي لا تؤدي لانهاء الاحتلال او لاقامة الدولة المستقلة.

في هذه الانتخابات تركز التيارات الرئيسية على الوضع الداخلي، وترفع شعارات ضد الفساد والفلتان الامني ومن اجل الديموقراطية، ترافقها شعارات وطنية من اجل انهاء الاحتلال واقامة الدولة المستقلة، كل ذلك دون الاشارة لسبل الوصول لهذا الهدف السامي في ظل الهيمنة الامريكية على العالم واحتلال العراق.

ان الهروب من النقاش السياسي لا يميز فتح وحماس فحسب، بل بقية القوائم من اليسار والمركز الفلسطيني ايضا. لا شك ان القضية الفلسطينية تواجه اليوم احدى اخطر مراحلها التاريخية. وضع اللاجئين الذين باتوا منسيين، والواقع الذي نراه في المناطق المحتلة، يدلان على ان النهجين السياسيين اللذين انتهجتهما السلطة بمفاوضاتها برعاية امريكية من جهة وحماس بعملياتها الانتحارية من جهة اخرى، اوصلا الشعب الفلسطيني لشفا الهاوية.

لقد خلق هذان النهجان خلقا واقعا مأساويا، وكان المفروض ان تتم مناقشتهما في الانتخابات، وذلك كي يتسنى للشعب الفلسطيني فرصة اختيار البرنامج الانسب، للخروج من الطريق المسدود الذي دخلته السياسة الفلسطينية اليوم.

ان السياسة الاسرائيلية الاحادية الجانب، المدعومة امريكيا، والتي تسعى لفرض دولة فلسطينية على 40% من الاراضي محاطة بجدار فاصل ومنزوعة السلاح والسيادة ومصدر الرزق، هي التحدي الكبير الذي يستلزم سياسة جديدة، بدل الشعارات التي تطفو اليوم على الساحة الفلسطينية وتنادي بكنس الفساد، كما لو كان الفساد المشكلة الاساسية وليس السياسة المدمرة التي تقف وراء هذا الفساد.

اذا كانت انتخابات عام 1996 قد كرّست الواقع المأساوي الذي فرضته اتفاقات اوسلو، فان انتخابات 2006، التي يشارك فيها كل الطيف السياسي الفلسطيني، ستكرس الوضع الذي خلقته الانتفاضة الثانية، وهو التأرجح بين مقاومة مسلحة دون هدف سياسي واضح وبين نهج سياسي لا يمكن ان يتجاوز ما تفرضه اسرائيل وامريكا على مائدة المفاوضات. من هنا، بامكاننا ان نجزم بان الانتخابات لن تخرج الشعب الفلسطيني من المأزق الذي دخله منذ ابرام اتفاق اوسلو.



#ميخال_شفارتس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- خلل قيادي في فتح
- القدس في خطر
- اخلاء غزة: المنتصر والمهزوم
- الصهيونية في ازمة ايديولوجية عميقة
- المرأة الضحية الاولى للفقر
- كل الاساليب لانتزاع اعتراف من طالي فحيمة
- الانتخابات الفلسطينية لن تحل المشاكل الاساسية
- رواية -شيفرة دافنشي- ممنوعة في لبنان
- وثيقة حزب دعم - العرب في اسرائيل 1999-2004: من الانتفاضة الى ...
- اعتقال طالي فحيمة اداريا دليل هستيريا
- المشكلة: الجدار وليس المسار
- قانون الجنسية يعزل اسرائيل عن العالم
- السلطة الفلسطينية - حركة فتح: من الثورة الى الفوضى
- جدار عند آخر الطريق المسدود
- الجدار الفاصل الضفة الغربية في الزنزانة
- التعديل في قانون التجنس الزواج من الفلسطينيين مسموح، ولكن...
- خريطة الطريق: قصة موت معلن
- تعيين ابو مازن: واحد - صفر لاسرائيل
- ايتها الحرب الجميلة
- فرض خليفة لعرفات مسألة وقت


المزيد.....




- السعودية تعلن ضبط أكثر من 25 شركة وهمية تسوق للحج التجاري با ...
- اسبانيا تعلن إرسال صواريخ باتريوت إلى كييف ومركبات مدرعة ودب ...
- السعودية.. إغلاق مطعم شهير في الرياض بعد تسمم 15 شخصا (فيديو ...
- حادث جديد يضرب طائرة من طراز -بوينغ- أثناء تحليقها في السماء ...
- كندا تخصص أكثر من مليوني دولار لصناعة المسيرات الأوكرانية
- مجلس جامعة كولومبيا الأمريكية يدعو للتحقيق مع الإدارة بعد اس ...
- عاجل | خليل الحية: تسلمنا في حركة حماس رد الاحتلال على موقف ...
- الحوثيون يعلنون استهداف سفينة نفط بريطانية وإسقاط مسيّرة أمي ...
- بعد الإعلان التركي عن تأجيلها.. البيت الأبيض يعلق على -زيارة ...
- ما الذي يحمله الوفد المصري إلى إسرائيل؟


المزيد.....

- المؤتمر العام الثامن للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين يصادق ... / الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
- حماس: تاريخها، تطورها، وجهة نظر نقدية / جوزيف ظاهر
- الفلسطينيون إزاء ظاهرة -معاداة السامية- / ماهر الشريف
- اسرائيل لن تفلت من العقاب طويلا / طلال الربيعي
- المذابح الصهيونية ضد الفلسطينيين / عادل العمري
- ‏«طوفان الأقصى»، وما بعده..‏ / فهد سليمان
- رغم الخيانة والخدلان والنكران بدأت شجرة الصمود الفلسطيني تث ... / مرزوق الحلالي
- غزَّة في فانتازيا نظرية ما بعد الحقيقة / أحمد جردات
- حديث عن التنمية والإستراتيجية الاقتصادية في الضفة الغربية وق ... / غازي الصوراني
- التطهير الإثني وتشكيل الجغرافيا الاستعمارية الاستيطانية / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - ميخال شفارتس - فتح تنقلب على منظمة التحرير