أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - ميخال شفارتس - اخلاء غزة: المنتصر والمهزوم















المزيد.....

اخلاء غزة: المنتصر والمهزوم


ميخال شفارتس

الحوار المتمدن-العدد: 1329 - 2005 / 9 / 26 - 11:16
المحور: القضية الفلسطينية
    


خرجت اسرائيل من غزة واخذت معها المفاتيح، وخلّفت وراءها مشاكل جمّة؛ اصرار اسرائيل على تجاهل حقوق الفلسطينيين، وتقاعس العالم عن ممارسة أية ضغوط عليها لوقف الاحتلال، وعجز السلطة عن فتح غزة على العالم واثبات سيادتها فيها، ستبقي غزة محصورة وفقيرة، ويزيد احتمالات اندلاع انتفاضة ثالثة، اكثر عنفا من سابقتيها.
ميخال شفارتس

خرجت اسرائيل من غزة واخذت معها المفاتيح، على حد تعبير الوزير الفلسطيني صائب عريقات، وخلّفت وراءها مشاكل جمّة. بدا هذا واضحا في اجتماع الجمعية العامة للامم المتحدة. ففي حين اضطر رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس (ابو مازن)، الى الغاء مشاركته في اجتماع الامم المتحدة مؤثرا البقاء في غزة لضبط الفلتان الامني واعمال النهب، تحول شارون الى شخصية مرموقة ومقبولة عالميا.

اسرائيل انفصلت عن غزة، ولكنها في الواقع لا تزال تسيطر على حدودها وبحرها وجوها، الامر الذي يعني بقاءها القوة المحتلة هناك. من هنا جاء الاصطلاح الجديد الذي قدمه شارون للعالم وهو "انهاء المسؤولية الاسرائيلية في غزة"، بدلا من "انهاء الاحتلال الاسرائيلي". وبالمقابل اختار المجتمع الدولي برئاسة بوش ان يغض الطرف ويستقبل شارون كبطل الجرأة والسلام.

وراء بوش يصطف كل من زعماء روسيا، بريطانيا، كندا، استراليا، الاتحاد الاوروبي، الامم المتحدة، باكستان، تركيا ودول اسلامية عدة.

وفي حين تتنافس حماس وفتح على تبني الانتصار المزعوم، يجني شارون الثمار السياسية لخطوته الاحادية الجانب. وقد جاء هدم الكنس اليهودية، مسمار جحا الذي تركه الاحتلال وراءه، للامعان في تلويث سمعة الفلسطينيين كما لو كانوا هم قوات الاحتلال.

السؤال هو، بعد الانتهاء من الاحتفالات في غزة، الذي تحرر اخيرا من الاستيطان والحواجز، ماذا سيكون مصير هذا القطاع الصغير (45 كلم طولاً، و10 كلم عرضًا)؟ وماذا سيكون حال القضية الفلسطينية؟



قضية السيادة

قبل ان تترك اسرائيل غزة اغلقت معبر رفح بشكل احادي الجانب، وذلك لمدة ستة او تسعة اشهر الى ان يتم اصلاحه كما تدعي. وكبديل اقترحت مرور الناس والبضائع من المعبر الاسرائيلي في كيرم شالوم. حسب الاقتراح سيقتصر المعبر في رفح بعد اعادة تشغيله على مرور الناس، تحت رقابة اوروبية وكذلك اسرائيلية اليكترونية. اما دخول وخروج البضائع فسيتم تحت الرقابة الاسرائيلية التامة من خلال معبر "نيتسانة"، الى ان تثبت السلطة الفلسطينية سيطرتها على القطاع.

الاقتراح رُفض فلسطينيا، فحسب القانون الدولي يجب ان يخضع المعبر لرقابة فلسطينية مصرية، دون رقابة اسرائيلية كشرط لانهاء الاحتلال. ورغم الاتفاقية بين اسرائيل ومصر بشأن معبر رفح، لم يبذر الفلسطينيون وقتا بعد خروج اسرائيل، وتدفقوا على المعبر واقتحموه. اهمية المعابر ليس في انها رمز للسيادة بل لها خطورة اقتصادية بالغة. فمستقبل الاقتصاد في غزة مرهون بالتجارة مع الضفة ومع اسرائيل، ومن خلالها للعالم. ولكن في ظل عدم حل مشكلة الممر الآمن، تبقى غزة معزولة عن الضفة، وذلك كنتيجة حتمية لخطة الانفصال.

النتيجة هي، كما اوضح للصبّار زياد جرغون، عضو المكتب التنفيذي للجبهة الديموقراطية لتحرير فلسطين في رفح: "كان المفروض اغلاق معبر رفح، والمصريون عازمون على منع عبور فلسطينيين منه، اما معبر كيرم شالوم المرفوض فلسطينيا فليس مفتوحا بعد. من جهة اخرى، ليس هناك ممر للضفة الغربية، وحاليا يمنع الخروج من غزة حتى اشعار آخر، الامر الذي يحوّلها الى سجن كبير. بالنسبة لنا الضفة والقطاع وطن واحد، لا يتجزأ".

اما عن التوقعات بشأن الاستثمار في غزة وتحويلها الى "سنغافورة فلسطين" يقول جرغون: "تصل نسبة البطالة في غزة الى 70%، او ما يعادل 200 الف عاطل عن العمل. وهناك مشكلة اعادة بناء البيوت والبنى التحتية التي دمرتها اسرائيل في سني الاحتلال. هذا يتطلب استثمارات هائلة، غير ان اغلاق غزة وعدم الاستقرار السياسي والامني لا يشجعان الاستثمار فيها. حتى الاستثمارات القليلة التي دخلت غزة في الماضي لم تصل الى هدفها، بل الى جيوب بعض الناس".



دون افق سياسي

ما كاد آخر جندي اسرائيلي يغلق بوابة "كيسوفيم" ويدير ظهره الى غزة، حتى بدأت المنافسة بين قوات فتح وحماس على الشارع، استعدادا للانتخابات للمجلس التشريعي في كانون ثان 2006. الكل ينظم احتفالاته ومسيراته، ويدّعي انه الطرف الذي حقق الانتصار، ورغم ان السلطة تتخذ موقفا اكثر واقعية بالنسبة للابعاد الخطيرة للانسحاب الاسرائيلي من غزة، الا ان حماس لا تزال في نشوة.

موقع الانترنت التابع لكتائب عز الدين القسام، الجناح العسكري لحماس، نشر مقابلة مع القائد العسكري محمد ضيف، سئل فيها: "هل ستنتجح السلطة بترسيخ اعتقاد في الوعي الفلسطيني ان الانسحاب القسري جاء بفضل المفاوضات والجهود السياسية للسلطة وليس المقاومة المسلحة؟"، فرد: "طبعا هذا كلام بسيط وغير معقول. الكل يعلم ان الانسحاب جاء ثمرة هذه المقاومة المتواصلة وهذه التضحيات المتتالية، ونحن نعلم ان الاتفاقيات لم تجنِ شيئا... لكن المقاومة لم تؤد الى خروج الاحتلال الى مواقعه التي كان فيها قبل الانتفاضة فحسب، بل خروجه من المغتصبات، وهذه حالة لم تحدث سابقا في كل فلسطين...".

صحيح ان المقاومة لعبت دورا رئيسيا في توصل اسرائيل لخطة الانفصال، وان المفاوضات بين السلطة واسرائيل لم تسفر عن نتيجة ايجابية. الا ان حماس تكون مخطئة اذا توقعت انها ستنتصر على اسرائيل كما انتصر حزب الله عليها في لبنان. فحزب الله نجح في المعركة العسكرية، لكنه خسر المعركة السياسية بعد خروج اسرائيل من لبنان. فالزعيم السوري، بشار الاسد، اضطر في النهاية للانسحاب من لبنان كتحصيل حاصل للانسحاب الاسرائيلي منه، وهو اليوم يعاني عزلة دولية، خلافا لاسرائيل. بمعنى، ان انسحاب اسرائيل من لبنان ادى لانتصار سياسي على سورية وحزب الله معًا.

وعودة للشأن الفلسطيني: شارون يشترط أي تقدم في المفاوضات مع السلطة بقيامها بجمع السلاح من حماس. الصحافي الفلسطيني بلال الحسن، الذي يعبر عن الجو السائد في صفوف السلطة، يرد على هذا الموقف في مقال بعنوان "مباراة التطرف بين شارون ونتانياهو" (الشرق الاوسط، 4/9):

"حسنا، لنتصور ان الفلسطينيين قبلوا هذا المنطق الاسرائيلي، وباشروا فورا ضرب "الارهاب الفلسطيني... فماذا سيقدم لهم شارون بعد ذلك؟ سيقدم لهم 42% من ارض الضفة الغربية مقطعة الى ثلاثة كانتونات، تحيط بها المستوطنات الاسرائيلية من كل جانب، ومعزولة عن اراضيها الزراعية بالجدار العازل... هل يقدم هذا العرض الاسرائيلي أي اغراء لاي مسؤول فلسطيني لكي يقدم فعلا على خوض غمار حرب اهلية فلسطينية من اجل هذا الثمن؟".

الى هذا نضيف ان اسرائيل تبني بشكل احادي الجانب معابر في الضفة مع كل مواصفات المعابر الحدودية الدولية. كما تواصل بناء الجدار الفاصل. وهناك حديث عن بناء 3500 وحدة سكنية في مستوطنة معاليه ادوميم في منطقة E1 المختلف عليها مع الامريكان، اضافة الى تصريحات شارون بانه لن يتم اخلاء مستوطنات اخرى في المستقبل. من ناحية ثانية، المستوطنات الاربع التي تم اخلاؤها في شمال الضفة، بقيت تحت سيطرة اسرائيل ليس الامنية فقط (منطقة ج)، بل ايضا من ناحية الاراضي والتخطيط.

كل هذا يدل على عدم استعداد شارون للدخول في مفاوضات سياسية مع السلطة الفلسطينية حول مستقبل الضفة، بل مواصلة التحرك بشكل احادي الجانب هناك ايضا.

اغتيال موسى عرفات قبل خمسة ايام من سحب الجنود الاسرائيليين من غزة (في 7/9)، كان اشارة الى الفلتان الامني في غزة، وضعف السلطة وفسادها، خاصة ان الحديث يدور حول تصفية حسابات داخل فتح نفسها. من علامات الفوضى كان خطف الصحافي الايطالي من صحيفة كوريرا ديلاسيرا، وسيطرة رجال فتح المسلحين على مبنى قائد مدينة غزة في 10/9، ومنع مرور سيارات الشرطة، وكل ذلك للضغط بهدف الحصول على وظائف في اجهزة السلطة.

فضيحة عجز السلطة عن وقف الاغتيال الذي تم بعد ثلاث ساعات من اطلاق النار، قرب بيت ابو مازن في غزة، فكيف يمكن تصور ان تقوم بشن حرب على حماس؟ ان وعود ابو مازن انه بحلول نهاية العام سيتمكن من السيطرة على الفوضى في غزة، تفتقر للمصداقية. سلطة ضعيفة، دون افق سياسي، مصابة بداء الفساد، وفاقدة للقدرة على ضبط الامن المجموعات المسلحة في الشوارع، ومن جهة ثانية شعب محبط وفقير، كلها عوامل تعزز الفوضى ولا تقضي عليها.

ابو مازن يطمح الى تحويل حماس الى قوة سياسية غير عسكرية. كتائب عز الدين القسام من جانبها نشرت في موقعها بالانترنت صور واسماء كل قياداتها، كما وافقت حماس على شروط السلطة المتعلقة بالانتخابات القادمة، الامر الذي يعتبر اشارة الى نيتها المشاركة في اللعبة السياسية. ولكن شارون كان حازما في موقفه عدم السماح لحماس بالمشاركة في الانتخابات طالما لم تنزع اسلحتها. ويبقى السؤال ماذا ستفعل حماس مقابل هذا الموقف.

مع انه حدد 2 اكتوبر كموعد للقاء الا ان شارون غير مستعجل لتسليم السلطة مدنا فلسطينية في الضفة، حسب اتفاقية شرم الشيخ. وهو ما يضعف اكثر مصداقية السلطة. وقد هدد شارون برد فعل شديد اذا استمرت المقاومة بعد خروجه من غزة. وما دامت اسرائيل تتجاهل حقوق الفلسطينيين ولا يمارس العالم عليها ضغوطا حقيقية لوقف الاحتلال، وما دامت السلطة عاجزة عن فتح غزة للعالم واثبات سيادتها فيها، فان غزة ستبقى محصورة وفقيرة، وسيصبح اندلاع انتفاضة ثالثة، اكثر عنفا من سابقتيها، مسألة وقت لا اكثر.



#ميخال_شفارتس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الصهيونية في ازمة ايديولوجية عميقة
- المرأة الضحية الاولى للفقر
- كل الاساليب لانتزاع اعتراف من طالي فحيمة
- الانتخابات الفلسطينية لن تحل المشاكل الاساسية
- رواية -شيفرة دافنشي- ممنوعة في لبنان
- وثيقة حزب دعم - العرب في اسرائيل 1999-2004: من الانتفاضة الى ...
- اعتقال طالي فحيمة اداريا دليل هستيريا
- المشكلة: الجدار وليس المسار
- قانون الجنسية يعزل اسرائيل عن العالم
- السلطة الفلسطينية - حركة فتح: من الثورة الى الفوضى
- جدار عند آخر الطريق المسدود
- الجدار الفاصل الضفة الغربية في الزنزانة
- التعديل في قانون التجنس الزواج من الفلسطينيين مسموح، ولكن...
- خريطة الطريق: قصة موت معلن
- تعيين ابو مازن: واحد - صفر لاسرائيل
- ايتها الحرب الجميلة
- فرض خليفة لعرفات مسألة وقت
- الاتحاد السوفييتي: دكتاتورية ستالينية، ام دولة عمال اشتراكية
- الجدار خطوة احادية الجانب لتعديل الحدود
- يوم الارض هذا العام: هروب من التحدي


المزيد.....




- مبنى قديم تجمّد بالزمن خلال ترميمه يكشف عن تقنية البناء الرو ...
- خبير يشرح كيف حدثت كارثة جسر بالتيمور بجهاز محاكاة من داخل س ...
- بيان من الخارجية السعودية ردا على تدابير محكمة العدل الدولية ...
- شاهد: الاحتفال بخميس العهد بموكب -الفيلق الإسباني- في ملقة ...
- فيديو: مقتل شخص على الأقل في أول قصف روسي لخاركيف منذ 2022
- شريحة بلاكويل الإلكترونية -ثورة- في الذكاء الاصطناعي
- بايدن يرد على سخرية ترامب بفيديو
- بعد أكثر من 10 سنوات من الغياب.. -سباق المقاهي- يعود إلى بار ...
- بافل دوروف يعلن حظر -تلغرام- آلاف الحسابات الداعية للإرهاب و ...
- مصر.. أنباء عن تعيين نائب أو أكثر للسيسي بعد أداء اليمين الد ...


المزيد.....

- حماس: تاريخها، تطورها، وجهة نظر نقدية / جوزيف ظاهر
- الفلسطينيون إزاء ظاهرة -معاداة السامية- / ماهر الشريف
- اسرائيل لن تفلت من العقاب طويلا / طلال الربيعي
- المذابح الصهيونية ضد الفلسطينيين / عادل العمري
- ‏«طوفان الأقصى»، وما بعده..‏ / فهد سليمان
- رغم الخيانة والخدلان والنكران بدأت شجرة الصمود الفلسطيني تث ... / مرزوق الحلالي
- غزَّة في فانتازيا نظرية ما بعد الحقيقة / أحمد جردات
- حديث عن التنمية والإستراتيجية الاقتصادية في الضفة الغربية وق ... / غازي الصوراني
- التطهير الإثني وتشكيل الجغرافيا الاستعمارية الاستيطانية / محمود الصباغ
- أهم الأحداث في تاريخ البشرية عموماً والأحداث التي تخص فلسطين ... / غازي الصوراني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - ميخال شفارتس - اخلاء غزة: المنتصر والمهزوم