أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - مثنى حميد مجيد - مندادهيي علم الحياة من منظور هيغلي















المزيد.....

مندادهيي علم الحياة من منظور هيغلي


مثنى حميد مجيد

الحوار المتمدن-العدد: 1438 - 2006 / 1 / 22 - 12:02
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


على عكس الافلاطونية الحديثة ذات النزعة الهروبية والمفتقرة للجدل ، تحفل المندائية بالكثير من عناصر الديالكتيك.ويقترب الرمز المندائي ، بشكل مدهش ، من المفهوم الهيغلي ويحاذيه في تفاصيل دقيقة الى درجة تثير السؤال ـ هل كان هيغل على إطلاع بالمخطوطات المندائية وخاصة كتاب الكنزاربا المترجم الى السويدية عام 1813 أي قبل ظهور مؤلفاته في أوائل عشرينات القرن التاسع عشر.
إن الفكرة المطلقة في الرمز الديني المندائي هي الحي ـ الحياة ـ، ويطلق عليها الفكرة في ذاتها أو لأجل ذاتها عند هيغل ، وهي منفتحة على العالم فالتطور المنتظم سمة من سماتها ، فهي ليست جامدة سكونية بل دائما في صيرورة ـ نصوبتا ـ الحياة تعضد الحياة ـ كما يعبر عن ذلك النص المندائي.وعلم الحياة ـ مندادهيي ـ أو ياور زيوا ، مارا اد ربوثا ، مانا ربا ، شيشلام ربا .. ـ وكل أسماء الله ماهي في الحقيقة إلا تعابير للفعل الجدلي المطلق للذات الإلهية ومفاهيم لجوهرواحد هو الفكرة المطلقة.
إن اللوفاني أو طعام الإتحاد المقدس هو الطقس الديني المعبر عن الرمز الذي يقابل حلقة الوصل التي تربط العالم المادي الظاهري بالفكرة المطلقة المغتربة في الشعور بالذات ـ الإنسان ـ وحلقة الوصل هذه هي المادة العضوية ـ النبات والحيوان وكل مظاهر الحياة التي يعبر عنها في اللوفاني.إن اللقمة التي يتناولها القائم بهذا الطعام المقدس هي التعبير عن العشق أو التوق ـ نصوبتا ـ للشعور بالذات للتحرر من الاسار المادي .ويشكل اللوفاني دائرة هيغلية كاملة ـ الفكرة المطلقة ـ المادة الطبيعية ـ المادة العضوية ـ الإنسان أو الشعور بالذات ـ التاريخ الإنساني عبر العملية الإنتاجية التطورية ـ الفكرة المطلقة.فاللوفاني يقام من أجل البشرية جمعاء واللقمة التي يتناولها القائم به توفر لحظة وعي تاريخي ، فردي وجمعي ، برهة للخروج من الألم والإغتراب ، وهي حلقة الوصل بين الماضي والمستقبل. وبإختصار فاللوفاني هو بمثابة نقطة تقاطع خطي علامة الزائد ـ الدرفش ـ ، السماء ـ الأرض ، المادة ـ الإنسان ، الحياة الأولى ـ الحياة الدنيا ، الروح ـ النفس ، ادم الكوني ـ ادم الأرضي ، الجوهر ـ الظاهرة ، الفكرة المطلقة ـ الشعور بالذات ، العام ـ الخاص ، الجمعي ـ الفردي.
ولنقرأ هذه الترتيلة التي تختزل كل عناصر الديالكتيك الهيغلي ، لنتابع الشعور بالذات وهو يعبر بصدق وجمالية عن مسيرتة التاريخية داخل المادة ـ

الترتيلة 207

بسم الحي العظيم
ممجد النور السني
عجلة أنا
عجلة صغرى
رسا النور على فكري.
أرتحل ، أغذ في المسرى،
أنا ومن قد وصلوها بي
في رحلة الحيا.
سألتها ، رفيقة المسرى
من وصلوها بي
قلت لها ،
ان كنت أنا بقوتي أجري ؛
فأي قوة أنت تسيرين بها ؟
تكلمت رفيقتي في رحلة الحيا
قائلة كما تسير أنت في اضطراد
بقوة فيك الى أمام
أسير بالايمان.
بالحق في الفؤاد
عيناي عينا ضيا
والقلب مني امتحن الأصفياء.
واننا في كسوتين قد حللنا وحجبنا النفس
وان في الوجود فعل الغرس.
فعل الغرس في الوجود ان.
صفيان قد ابتدا وسوف يثبتان.
والحي معروف وظافر ،
وظافر من بلغ المنتهى.

هذه ترتيلة واحدة من عشرات النصوص المندائية ، والنص المندائي الأصلي لا غنى عنه في توخي الفهم التفصيلي الدقيق للنص وإشكالياته وغناه الداخلي .وليس من قبيل المبالغة القول ان الرمز الديني المندائي أكثر إرهاصآ بالمعاني من المفاهيم الفلسفية الهيغلية بل إن المندائية ، كمنهج ، تتجاوز الهيغلية الى البنيوية المعاصرة التي لا غنى عنها في الدخول الى النص.المصطلح المندائي مصطلح ثنيوي شديد التعقيد وهو نمط ـ وعاء ـ لفكرة فحسب.ومن الحماقة أن نحسب أحيانآ هذا الوعاء يحمل ذات الشرب ، أو انه شراب راكد لا يتغير ، فنحن نشاهد الوعاء ونحسبه ذات الشراب الذي تذوقناه سابقآ مما يجعل قراءة النص المندائي عملية روحانية متغيرة أكثر مما هي فيزيائية.ولا يقتصر الأمر على المصطلح فحسب بل على كل منظومة الأساطير المندائية.
ومن السخرية ان هيغل تصور في نابليون حامل راية الإرادة الإلهية وان الإنسان على وشك التحرر والوصول الى ذاته المطلقة فمات وسار التاريخ البشري بشكل مختلف ثم جاء ماركس ليقلب معادلته كما يقال وكان أكثر واقعية في تصور فردوسه الأرضي الذي أراد به إنزال الإله الى الأرض فكان معبرآ عن الحاجة التاريخية في إنعتاق البشرية من إستلابها التاريخي ، ولكن هل كان في خلد ماركس يوم أنزل الفلسفة الى الشارع أنه سيأتي زمن تعود به ثانية الى رفوف الغرف المظلمة.إن البشرية بحاجة الى الله في عصرنا بقدر ما هي بحاجة الى الخبز ولم تعد الماركسية تلبي حاجة الشارع بل هي في أفضل صورها أداة لفهم تاريخ الإستغلال والإستلاب المادي.
ان عصرنا الحالي هو بحق عصر تحقق الفكرة المطلقة وتحرر الشعور بالذات الذي كان يحلم به هيغل والفلاسفة.إنه عصر علم الحياة ـ مندادهيي ـ الذي يحققه الانسان المعاصر بثورته العلمية والتكنولوجبة ، بهذه الاكتشافات المذهلة في الفيزياء والطب والهندسة الوراثية والإتصالات والباراسايكولوجي التي تقربنا أكثر فأكثر من العلم الحقيقي الذي نكتشف به ذواتنا المأسورة في المادة العضوية ، علم الحياة ، مندادهيي.وحين تصل البشرية الى هذا اليوم مدفوعة بحاجتها الى المعرفة وهذا التقارب المتواصل بين العلم والفلسفة ، سيكتشف البشر ان العمل هو العبادة الحقة التي تقربنا الى الله وإن الأرض هي معبد جميع المؤمنين بقيم الخير وإن أنامل العالم في مختبره ، والعامل خلف الته، والباذر في حقله لا تسعى ماديآ فقط بل تدعو وتسبح وتصلي أيضآ.وسنكتشف أيضآ إن الله ليس أسطورة نستمتع بها وحتى في أحيان كثيرة نتخاصم عليها أو نتاجر بها أو نتقاتل باسمها.
ومن المهم الإشارة الى إننا ونحن نقيم منهجآ علميآ لنا من المندائية أن لا ننسى الترابط الوثيق بين ما هو فلسفي ورمزي وجمالي في التراث الأدبي والديني والطقسي المدون والحي المتداول أو المتحول والمنقول من المندائية ، فالمندائية ليست ديانة فقط بل تحمل كل أدوات المنهج العلمي والمعرفي وهي أيضآ قصيدة وترتيلة ورسوم ومسرح قديم وخيال أسطوري جميل من مراحل تاريخية بعضها موغل في التاريخ.ومن الغرور والمثير للسخرية أن يدعي شخص واحد ، حتى لو حسب نفسه ضمن الأكاديميين والباحثين ،انه قادر على جمع هذه الأركان الثلاثة بيراعه فالغابة المندائية غابة كثيفة وشاسعة ومزدهرة بالشجر المثمر والأقمار والطيور والينابيع والألوان ولن يستطيع جاهل يحتكر كتابآ أو مخطوطة أن يحجب نور العالم وعلم الحياة.فليس المهم أن تمسك الدرة دون رؤية الضوء بل أن ترى ضوءها ولو من بعيد.
أما الباحثين العرب فقد قطع أغلبهم جذورهم الارامية فجفت شجرة تفكيرهم وصارت عجفاء لأنها بلا جذور فراحوا يتزاحمون على اخر ما توصل اليه الفكر الغربي لينقلوا ثماره ويعلقوها بسفاهة على أغصان شجرتم العجفاء وحالهم كحال جواب الصحراء بحثآ عن الماء ونبع الماء قريبآ منه.



#مثنى_حميد_مجيد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من صابئي مندائي الى أية الله العظمى السيد على السيستاني ـ حف ...
- لماذا يرد إسم الايزيدية والصابئة كنكرة وليس معرفة في مسودة ا ...
- نوال السعداوي وأنصاف الرجال الأقزام
- لميعة عباس عمارة ـ المرأة العراقية المبدعة وجحوش التخلف
- ثلاث دقائق حداد ـ براعة في الدجل والتضليل
- تجربة إقتراب كارل يونغ من الموت
- كلمات ودية للأيزيديين والصابئين وكل الشعب العراقي ـ 1 ـ
- مفاهيم إسلامية صابئية مترادفة ومتقاربة 1-2
- أنباء عن أمريكا والقصر والبحر
- ستستعبدكم أمريكا مادمتم تستهينون بالأقليات
- تصغير الصابئة وإنكارهم دليل على خيبة الساحة السياسية
- محمد الطائي وصلافة عملاء إيران
- أليس من الجبن محاكمة صدام وعصابة الصدر تسرح وتمرح ؟
- الجذور التاريخية والاجتماعية لطقس التعميد الصابئي في أريدو
- الى علي الدباغ ـ الحقد على الشيوعية نهايته غير مشرفة لك
- قصيدة ـ مهداة الى روح بشر الحافي ميتافيزيا فيزا لجواز كوني


المزيد.....




- فيديو صادم التقط في شوارع نيويورك.. شاهد تعرض نساء للكم والص ...
- حرب غزة: أكثر من 34 ألف قتيل فلسطيني و77 ألف جريح ومسؤول في ...
- سموتريتش يرد على المقترح المصري: استسلام كامل لإسرائيل
- مُحاكمة -مليئة بالتساؤلات-، وخيارات متاحة بشأن حصانة ترامب ف ...
- والدا رهينة إسرائيلي-أمريكي يناشدان للتوصل لصفقة إطلاق سراح ...
- بكين تستدعي السفيرة الألمانية لديها بسبب اتهامات للصين بالتج ...
- صور: -غريندايزر- يلتقي بعشاقه في باريس
- خوفا من -السلوك الإدماني-.. تيك توك تعلق ميزة المكافآت في تط ...
- لبيد: إسرائيل ليس لديها ما يكفي من الجنود وعلى نتنياهو الاست ...
- اختبار صعب للإعلام.. محاكمات ستنطلق ضد إسرائيل في كل مكان با ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - مثنى حميد مجيد - مندادهيي علم الحياة من منظور هيغلي