أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رائف أمير اسماعيل - كرة بيضاء














المزيد.....

كرة بيضاء


رائف أمير اسماعيل

الحوار المتمدن-العدد: 5476 - 2017 / 3 / 30 - 23:37
المحور: الادب والفن
    


استغربت زوجته منه حين رأته يؤشربسبابته نقاطا في الهواء ثم يدوِّر بينها كلتا يديه، ثم يكرر بنقاط أخر... لم تشأ أن تقطع مايشغله وفضلت أن تراقب. لكن صبرها نفذ بعد أن شغلها غليان ابريق الشاي وعادت لتجده على نفس المنوال:
- مابك؟ ماذا تفعل؟
- لاشيء... دعيني وحدي لدقائق رجاءً.
لكن الدقائق امتدت لساعات... سخر منه أطفاله فقلدوا حركاته دون أن يعيرهما أي اهتمام. ثم عاد الى نشاطه اليومي.
برر لزوجته: إنه يجمع أفكاره... نتائج افتراضاته على ضوء نتائج العلم، ورد اعتراضها:إن الكتابة والرسم على الورق لايسمح له أن يتخيل بثلاثة أبعاد ... بل بأربعة كما شاهدت عندما كان يحرك جسمه مع يديه).
وهكذا، حصل على بعض من الاقتناع داخل بيته، الذي لم يحصل عليه خارجه... حين اضطر أن يجرب كما ادعى في اماكن متعددة، بعضها كان وسط جمهرة الناس وهزئهم به.
لم يشر كل تاريخه لأربعين سنة مضت أنه قد (شطح) بسلوكه أو أفكاره... آخره أنه كان رب اسره ناجح ... أب حنون لثلاثة أطفال، وزوج فاضل لزوجة أحبته.
وموظف مثابر، عرف زملائه سعة ادراكه وثقافته العالية وعنائه باختصاصات علمية ليست هي اختصاصه الدراسي ولا الوظيفي.
لذا، صاحب استغراب كل المقربون منه بعض التفهم... بل حاولوا أن يحيطوا به، فيصدوا عنه ماقد يؤذيه من الجمهور ... ويصاحبه أصحابه عندما يقرر (التأشير) في مكانات خالية ... أو يساعدوه عندما يجرب على جبل عالٍ أو فوق سطح بحر.
لكن الكثير منهم بعدها افترقوا عنه، بعد أن عبرت تجاربه (التأشيرية) الشهر تلو الآخر... وانفصلت عنه زوجته مصطحبة أطفاله عندما دفع بأصابعه سنة مرت وأصر على البدء من جديد.
برر لصديق حميم له،إنه يصنع كرة بيضاء في الهواء. ورد على شكوكه، إنه نجح في تجميع نصفها، فيعترض الصديق:
- لكن أين هذا النصف... لماذا لا أراه أنا أيضا... لماذا تراه أنت وحدك ولايراه باقي الناس؟
- وهل كنا نرى مايدور في دماغ اينشتين؟ ألم يفشل أديسون مرات عديدة قبل أن يخترع المصباح؟
- لكن أنت تفعل شيء مختلف... صحيح ان الهواء فيه غازات وغبار، لكن كيف يمكن جمعها بتدوير اليدين... ثم هذا الادعاء بأنك جمعت النصف من كرة بيضاء غير مقبول اطلاقا.
وشرح له أنه يستخدم ذهنه أيضا، وأن حاستي البصر واللمس عنده قد تضاعفتا عن باقي البشر بفضل الممارسة المتكررة الى الحد الذي بات فيه يتحسس الزمكان.
وهكذا أحتار من يصغي إليه ومن يجادله، فهو لا يمنطق كلامه إلا على اسس علمية ... ثم يختتم انزعاجه من الجدال بـ: تذكروا (كهف افلاطون) ... اتركوني وحدي رجاءً.
بعد ثلاث سنوات تقريبا سمع الناس صراخه وهو يهتف فرحا: هاهي الكرة البيضاء... تعالوا شاهدوا بأعينكم ... تعالوا يامن استهزئتم بي( كانت الكرة تلحقه على بعد متر منه أينما ذهب).

دهشت كل البشرية برؤية الكرة البيضاء... الكل هرع لمشاهدتها وتصويرها... بل بات الاطفال والكبار (يؤشرون) مثله كل يوم.
سألوه:
- ماذا تعني هذه الكرة ...ومافائدتها؟... هل بداخلها شيء؟
فكان جوابه أنه دخل فيها وخرج رغم أن حجمها لم يتعدَّ حجم كرة قدم ثم وصف:
- بداخلها فراغ... بداخلها سعادة لاتوصف... بداخلها العمر يطول الى مالانهاية... حياة كلها شعور بالانتشاء... تفكير حر يصل الى كل مديات الوجود... التوحد مع الوجود.
ثم اصطحب معه صديقه الصبور الى داخلها، فخرج ليؤكد اقواله ... ثم رهط من العلماء...
أكد لهم: لايستطيع دخولها من لايملك دماغا علميا ... فالمسألة هي: بناء يدخل في بناء ولابد من توافق.
ثم فاجأهم: كل منكم يستطيع أن يصنع لنفسه كرة بيضاء أذا سار بنفس الخطى ... خطى العلم والتجربة.
فأنكبت البشرية كلها ... تتعلم الجديد... وتجرب.
بعد سنوات قليلة، غطت سماء كوكب الأرض ملايين الكرات ...البيضاء.




#رائف_أمير_اسماعيل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- يدُ الحياة
- عمر الانسان وتباطؤ الزمن - تفسير مبسط لمثالين في نظريتي النس ...
- ضوء أنثوي
- معادلات الزمن الصعب
- الفلسفة المطلقة
- يوم الحلم البشري
- جذور الجدل
- من غرائب (الكفر)
- أشقاؤنا في السماء
- بريء
- باراشيطانلوجي
- نظرية الأوتار الفائقة من منظور الفلسفة العلمية
- تفسير ظاهرة التنويم الايحائي(المغناطيسي)
- قنبلة الزمن الأسود
- تعويم الشعر العربي .. مقاربة بين ظاهرة الشعر و ظاهرة النقد ا ...
- شجرة برتقال
- عبور
- تخطي
- ظل الزمن
- حوار فلسفي


المزيد.....




- فنانة لبنانية شهيرة تكشف عن خسارة منزلها وجميع أموالها التي ...
- الفنان السعودي حسن عسيري يكشف قصة المشهد -الجريء- الذي تسبب ...
- خداع عثمان.. المؤسس عثمان الحلقة 154 لاروزا كاملة مترجمة بجو ...
- سيطرة أبناء الفنانين على مسلسلات رمضان.. -شللية- أم فرص مستح ...
- منارة العلم العالمية.. افتتاح جامع قصبة بجاية -الأعظم- بالجز ...
- فنانون روس يسجلون ألبوما من أغاني مسلم موغامايف تخليدا لضحاي ...
- سمية الخشاب تقاضي رامز جلال (فيديو)
- وزير الثقافة الإيراني: نشر أعمال لمفكرين مسيحيين عن أهل البي ...
- -كائناتٌ مسكينة-: فيلم نسوي أم عمل خاضع لـ-النظرة الذكورية-؟ ...
- ألف ليلة وليلة: الجذور التاريخية للكتاب الأكثر سحرا في الشرق ...


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رائف أمير اسماعيل - كرة بيضاء