أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نبيل محمد سمارة - سندويش وصدام حسين ؟ بقلم / نبيل محمد سمارة














المزيد.....

سندويش وصدام حسين ؟ بقلم / نبيل محمد سمارة


نبيل محمد سمارة
(Nabil Samara)


الحوار المتمدن-العدد: 5448 - 2017 / 3 / 2 - 01:01
المحور: الادب والفن
    


حين كان والدي يعمل في احدى اقسام مؤسسة ثقافية مشهورة واسمها (مجلة افاق عربية ) , وجهت دعوة له ولجميع العاملين في هذه المؤسسة لمهرجان كبير والذي يقام لاول مرة وهو مهرجان بابل الدولي عام 1985 , سلم لوالدي ثلاث بطاقات دعوة اي لعائلتنا , الحضور ايضا ان رغبنا , حينها والدتي امتنعت على الحضور بسبب بعد الطريق , فاختارني الوالد لحضور هذا المهرجان الكبير , واختار عدنان ابن عمتي ليكون معنا , لان عدنان ليس ابن اخت والدي فحسب , بل انه ايضا صديقا لوالدي وتربط بينهم علاقات متينة , ومتفقين على جميع الامور .
طلبت مني امي ان اخذ معي سندويش " بطاطس مع اللحم " خوفا منها علي ان اجوع , لانها تعلم ان الطريق بعيد وحينها كنت بعمر العشر سنوات , هيئنا انفسنا وانطلقنا في الساعة الثالثة ظهرا حيث مكان مجلة افاق عربية , وهناك كانت حافلتان تنتظرنا , وصلنا للمكان وسلمنا على جميع من وصلت له الدعوة للحضور معنا , وبعدها صاح احدهم بالتوجة الى الحافلة للصعود .
بصراحة هذه اول مرة اخرج فيها خارج العاصمة , مررنا بامكنة لم اشاهدها سوى في التلفاز من صحاري الى مزارع الى بيوت من طين , وانا مذهول جدا لهذه المناظر الخلابة - نعم خلابة لبساطتها وبساطة ناسها .
وصلنا في تمام الساعة الخامسة عصرا الى المهرجان , وبصراحة تفاجأت بأن المهرجان كان للجميع , ولم يقتصر على موضفي افاق عربية , حسب ما كنت اعتقد , لانني طول الطريق لم اتفوه بكلمة واحدة مع والدي , المهم اني ذاهب الى مهرجان يقام لأول مرة , وهذا ما كان يهمني .
كان عدد الموضفين في الحافلتين ما يقارب مئة بين رجل وامرأة , وايضا كان معنا الكثير من الشعراء الذين هم خارج سرب المؤسسة . العجيب في الأمر عندما وصلنا مدرجات المسرح البابلي والذي سيقام عليه المهرجان , منضموا المهرجان عزلونا عن الجماهير المقتضة , واجلسونا في الجهة المقابلة لهم , لم نعر اي اهتمام للموضوع ما دامت هناك مقاعد لنا .
انطلق المهرجان بحلته الجديدة مع تصفيق مستمر من الجماهير الغفيرة , اتذكر حينها كنت جالس بين والدي وابن عمتي , وكل ربع ساعة اقوم من وسطهم لاصعد على المدرج الذي خلفنا تماما , فيأتي رجل عسكري ليقول لي : ارجع الى مكانك , وهذه الحالة تكررت مرات عدة , الا ان العسكري طلب من والدي ان لا اقفز صعودا مرة اخرى , لا اخفي عليكم , وجدت بفعلتي هذه اثارة , وكررت صعودي على مدرج المسرح , فواجهت بصفعة قوية في خدي من والدي , بعدها صرت عاقلا , جامدا فقط اهز رأسي حين يوجه لي والدي سؤالا .
وبعد مضي نصف ساعة بدء تحرك غير طبيعي حولنا , وجدت جنودا كثر يقعدون وراءنا تماما , بينما المسرح يهتز بفعاليات الدبكة العراقية واغاني ريفية و وطنية , وفجأة رأينا حرس مدججين بالسلاح يخرجون من احدى الممرات القريبة منا , وهم يلوحون بالوقوف والتحية لصدام حسين , وقف جميع من كان حاضرا , فرأيت صدام حسين من باب الممر بلباسه العربي وواضعا على رأسه " الحطة والعكال " وهو يرفع يده محيي الجماهير . بصراحة كانت مفاجاة لنا ولم نكن نعلم ان صدام حسين سيحضر الحفل الكبير والتي نظمته وزارة الثقافة والاعلام حينها .
عموما وقفنا مع الجماهير , والذهول الذي اصابني حينها عندما جلس صدام حسين ورائي مباشرة , ويبدو اختيارهم لهذا المكان لانه كان مخصص لمثقفي العراق , بحيث ساقيه كانت ملتزقة بضهري , او بصراحة , احيانا كنت اتقصد ارجاع ضهري قليلا , كي اقول انني لامست رئيس جمهورية العراق .
بغض النظر ان صدام حسين كان محبوبا ام مكروها المهم هو الرجل الاول في العراق , وتشعر بفخر وهيبة عندما تجالس رئيس جمهورية العراق . المهم صرت كل دقيقة ادير رأسي الى الوراء وانظر بوجه صدام حسين , واحيانا هو ينظر لي مع ابتسامة رقيقة كنوع من المجاملة لطفل يبلغ العاشرة من العمر, وهو لا يدري انني اتعبت احد حراسه بمدرج المسرح مرارا .
صارت الساعة السادسة والنصف وبدأت بطني تؤلمني من شدة الجوع , همست لوالدي اني جوعان جدا , ففتح والدي حقيبته ليعطيني السندويش , واذا بالحرس يمسكون الحقيبة بخفة ادهشتني , وفتحوها وشاهدوا انها تحوي على ساندويش وبعض اوراق العمل في افاق عربية , وعرفوا لماذا والدي يريد فتح الحقيبة الصغيرة وقالوا له : ليس الأن لان هناك نقل مباشر عبر التلفاز , النقل المباشر حينها لم يكن موجودا او لم نعتاد عليه , وبعد مرور نصف ساعة لم اتحمل الجوع ففتحت الحقيبة من تحت والدي واخرجت السندويش وصرت اكل وانا مطأطأ رأسي الى الارض , وتظاهر والدي انه لم يراني تفاديا للاحراج , في احدى " عضاتي" للسندويش نظرت الى صدام حسين وانا اللوك بفمي , ولا اعرف حينها هل اقول له : شاركني بالطعام - كنوع من الاحترام ! .
انتهى المهرجان وخرجت الجماهير , ووصلنا الى منطقتنا ورأيت جميع اهالي منطقتي يقولون لي : شاهدناك مع صدام حسين وانت تاكل السندويش, لانه في ذلك الزمان لم يكن لنا سوى قناة واحدة



#نبيل_محمد_سمارة (هاشتاغ)       Nabil_Samara#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هلوسة في حضرة اليتيم ؟
- - دبة حميسة ياكل هريسة - يصبح مليونيرا ؟ بقلم / نبيل محمد سم ...
- الفقراء احباب الله ؟! بقلم / نبيل محمد سمارة
- النبالة في نقابتنا الوطنية للصحفيين في العراق
- بين اجاثا كريستي وحب فوق السطح ؟ - بقلم / نبيل محمد سمارة
- أم رعد والعشرة دنانير ؟
- مدينة الحرية كما عرفتها 1975-2003 -ريحانة حياتي- بقلم نبيل م ...
- بين - الدش والاريل - عادت حليمة لعادتها القديمة ؟ . بقلم نبي ...
- مسلسل باب الحارة . يهبط الى مستوى الخسارة
- خديجة اصبحت جدة ؟
- الفتوة السعودية في المرمى المدريدي ؟
- قصتان قصيرتان .. بقلم نبيل محمد سمارة
- هنيئا لنا هذه الثورة . وهنيئا لنا هذه الوحدة
- العراق وسفينة تايتنيك . تشابة احدثتها الصدفة
- الاديب محمد سمارة . علمنا ان نعشق الثقافة
- على قدر اهل العزم تأتي العزائم
- الكاتب الكبير نواف ابو الهيجا والفلم التركي و دموعي ! بقلم ن ...
- قناة البصرة الفضائية .. افتتاحية رائعة
- القدس تضرب والعرب يتفرجون ؟
- المطرب فخري عمر . وثلاثون عاما من الغياب / بقلم : نبيل محمد ...


المزيد.....




- الحبس 18 شهرا للمشرفة على الأسلحة في فيلم أليك بالدوين -راست ...
- من هي إيتيل عدنان التي يحتفل بها محرك البحث غوغل؟
- شاهد: فنانون أميركيون يرسمون لوحة في بوتشا الأوكرانية تخليدً ...
- حضور فلسطيني وسوداني في مهرجان أسوان لسينما المرأة
- مهرجان كان: اختيار الفيلم المصري -رفعت عيني للسماء- ضمن مساب ...
- -الوعد الصادق:-بين -المسرحية- والفيلم الأميركي الرديء
- لماذا يحب كثير من الألمان ثقافة الجسد الحر؟
- بينهم فنانة وابنة مليونير شهير.. تعرف على ضحايا هجوم سيدني ا ...
- تركيز أقل على أوروبا وانفتاح على أفريقيا.. رهان متحف -متروبو ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نبيل محمد سمارة - سندويش وصدام حسين ؟ بقلم / نبيل محمد سمارة