أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عادل صوما - الظلامية أخطر من يافطة الخلافة















المزيد.....

الظلامية أخطر من يافطة الخلافة


عادل صوما

الحوار المتمدن-العدد: 5443 - 2017 / 2 / 25 - 23:18
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


الوقائع والبراهين تقول ان فكرة صناعة خلافة "داعش"، التي بُنيت على سرقة الأراضي والممتلكات وهدم المعالم التاريخية والتنكيل والاتجار بالبشر وتفخيخ النفوس بالافكار الظلامية والاعتداء على المرأة واغتصاب براءة الأطفال وكراهية الغير، كانت نتائجها فادحة على المسلمين لأنها فعلت كل ما فعلته باسم الدين الإسلامي والشريعة، وأفدح على العالم الغربي لأتها قد تعيده إلى صراعات العصور الوسطى الغيبية لكن مع كمبيوتر.
لعل نتائج مصيبة صناعة "الفوضى الخلاّقة" تعطي فكرة واضحة للخمسة وثمانين ملياردير الذين يتحكمون في مصير سبع مليارات نسمة على الكوكب، ان هدم الدول ليس تطبيقا كمبيوتريا يمكن تنفيذه على الناس، كما ان خداع النفس بتغذية الكمبيوتر بمعلومات مُلفقة تعطي نتائج يرددها الاعلام على انها حقائق حديثة يحتاج البشر لسنوات حتى يفهموها، نتيجته وخيمة على الثقافات والعقائد المختلفة في العالم، فقد تحركت "الفوضى الخلاقة" باتجاه من صنعها في نهاية المطاف بأمواج مهاجرين يندس بينهم عناصر ظلامية كانوا يعيشون في دولهم، وباتت تهدد دساتير وثقافات وروح دول العالم العلمانية كافة، وإذا لم يخضع المليارديرات لقوانين حياة الدول العلمانية، ستكون العواقب وخيمة على سكان الكوكب برمته، حتى من يظنون انهم بمنأى عن الخراب داخل منتجعاتهم واملاكهم. الحراسات ووسائل النقل الخاصة والمنتجعات واليخوت لن تجدي نفعا، وإحياء أفكار من عصور سابقة مهما كانت "قدسيتها" سيجعل أصحابها السلفيين في صدام دائم مع الآخرين الذي يعيشون في عصرهم.
ما هي حكاية "قميص الخلافة" التي يُروج لها المستفيدون من الاسلام سياسيا، ولمصالحهم الشخصية جعلوها أكثر أهمية من اركان الاسلام الخمسة، بل جعلت سيد قطب لا يصلي الجمعة لأن صلاة الجمعة حسب فقهه لا تجوز بدون خليفة.
إنسانية لا سماوية
بعد وفاة الرسول محمد سنة 632م، لم يستحدث صحابته نظام "الخلافة" لإدارة الدولة الإسلامية، التي طهروا منها تماما كل من هو غير مسلم بمعارك مذكورة في التاريخ الإسلامي. كان معروفا لديهم جميعا القصص القرآنية الموروثة من التوراة منبع الادبيات الابراهيمية، التي تحدثت عن خليفة النبي/القائد، والخليفة/القائد، مثل يوشع بن نون الذي خَلَفَ الرسول موسى لقيادة اليهود دينيا وعسكريا. وما ورد أيضا عن خلافة داوود "يا داوود إنا جعلناك خليفة في الأرض فاحكم بين الناس بالحق ولا تتبع الهوى فيضلك عن سبيل الله إن الذين يضلون عن سبيل الله لهم عذاب شديد بما نسوا يوم الحساب". داوود الذي عناه القرآن هو القائد النبي اليهودي الشاعر المُرنم الذي استكمل الاستيلاء على أراض كنعان (فلسطين) عسكريا بعد يوشع بن نون.
بشكل عام لم يكن جوهر نظام الخلافة فريداً آنذاك في الادبيات الابراهيمية عند اليهود والمسلمين، وهو القيام بمهام الرسول نفسها من إدارة شؤون الدولة من النواحي المدنية والعسكرية والدينية، فالامر برمته موروث فرعوني اقتبسه وحوره اليهود الذين عاشوا في مصر الفرعونية، الذين لاحظوا أن أهم الطقوس المَلكية تتويج الملك/الإله على عرش مصر المقدس، الذي يُنظر إليه على انه الطريق الذي يمّكن الفرعون من الاتحاد مع "الكا" المَلكية المؤلهة الخاصة به. "الكا" هي " قوة الحياة الموروثة والروح المبدعة الخالدة" للمَلكية المؤلهة. واتحاد الفرعون مع "الكا" يقوي حكمه ويدعم مفهوم وأسس المَلكية المقدسة.
فكرة الخلافة الدينية/العسكرية لم تأت من السماء بل من نظم ذلك العصر كما هو واضح، لأنها لو جاءت من السماء لكانت مختلفة تماما عن كل نظام سياسي ارضي. الملفت للنظر انها تغيرت حتى عند المتشددين اليهود مع تغيّر العصور واشكال الدول والقيادة، واليهود اليوم لا يطلبون نبيا/قائدا على مثال داوود أو سليمان أو يوشع أو غيرهم، لكنها لم تتغير عند المتشددين المسلمين الذين يريدون العيش أيام السلف، وتراهم على منابر الجمعة يتحدثون عن عدالة عمر بن الخطاب وعمر بن عبد العزيز وينتظرون مثلهما في عصر المؤسسات والوزارات والمحاكم الأهلية والدولية وجمعيات حقوق الانسان.
الاختيار المُسبق
تحمل بعض أدبيات التراث الإسلامي، خصوصا الأحاديث الموضوعة عند السُنة والشيعة، قصصاً عن نبوءات الرسول محمد حول خلافته، قبل تحولها في ما بعد حسب مقتضيات حتمية التاريخ لمَلكيات تلائم ظروف وهيكليات الدول والامبراطوريات آنذاك. وحددت بعض الأحاديث الموضوعة شخصية خليفته الأول، أبو بكر بن أبي قحافة لأسباب عشائرية بحتة، وعلي بن أبي طالب، ابن عم محمد، عند الشيعة لأسباب عائلية، ففي الادبيات الابراهيمية يتلقى النبي/القائد تعليمات ربه مباشرة، والاخرون بوحي من كلمات ربهم في كتابهم المقدس، وزاد المسلمون عليها الاحاديث الصحيحة والموضوعة، لدعم حكم خليفة النبي/القائد وأسس مملكته المؤسسة على وحي أو وعد من الرب ودائما على ممتلكات الغير.
أطلق المسلمون على الخليفة الأول "خليفة رسول الله"، وحين أتى الخليفة الثاني عمر بن الخطاب، قالوا له "يا خليفة خليفة رسول الله" وعندما تبرم قائلا: "هذا أمر يطول"، استحدث المسلمون لقب "أمير المؤمنين"، وهو لقب يحمل صفة جهادية ايضا، لأن لقب "الأمير" آنذاك كان يطلق على قائد سرايا المسلمين في الغزوات أو الجيش عندما بدأوا مواجهة الامبراطوريتين المتاخمتين لحدود شبه الجزيرة العربية، وأصبح لقباً للخلفاء بعد ذلك.
ثم حدث مأزق لغوي غريب بين علماء الدين الإسلامي ومتخصصي السياسة الإسلامية، حول ما إذا كان الخليفة هو خليفة الرسول أو خليفة الله، وكان الترجيح للرأي القائل إن الخلافة هي للرسول وليست لله لأن الخلافة تكون للغائب أو المتوفى، بينما الإله لا يغيب ولا يموت. مأزق لم ينتبه أحد إليه كما يبدو، لأن الله قال للملائكة عن آدم "إني جاعل في الأرض خليفة"!
بيعة وانتخابات
كانت شروط الخلافة هي البيعة والعمل بالشورى والحكم بالعدل وقرشية النسب؛ الانتماء لقبيلة قريش، وفقاً لما قاله أبو بكر وعمر بن الخطاب وأبو عبيدة بن الجراح لجماعة "الأنصار" في المدينة بعدما نادى بعضهم بالخلافة لسعد بن عبادة سيد قبيلة الخزرج، والبعض الآخر قال كحل وسطي لمحاصصة الإرث الذي ساهموا بقوة في بنائه "منا أمير ومنكم أمير"، فجادلهم الصحابة الثلاثة بأنهم قد سمعوا الرسول محمد يقول "الأئمة من قريش" و"قدموا قريشا ولا تَقَدَموها". والحديث الذي يقول: "الأئمة من قريش، أبرارها أمراء أبرارِها، وفجارها أمراء فجّارها، وإن أمَّرت عليكم قريش عبدا حبشيا مجدعا فاسمعوا له وأطيعوا، ما لم يُخير أحدكم بين إسلامه وضرب عنقه، فإن خير بين إسلامه وضرب عنقه فليقدم عنقه".
بدأت الخلافة الراشدة (632 – 661م) على القواعد التي أسستها الاحاديث المشار إليها، ثم جاءت الخلافات الأخرى التي اتخذت الاسم فقط مع تغيّر المضمون وهيكلية الدولة وتجاوز شروط الخلافة الأربعة الأولى بسبب حتمية التاريخ، وهكذا توالت في التاريخ الإسلامي ملكيات وإمبراطوريات تحت اسم الخلافة فورثت الخلافة الأمويَّة الحكم (661 – 750م) ثم جاءت الخلافة العباسية (750 – 1258م) والدولة ثم الإمبراطورية التي سُميت الخلافة العُثمانية (1517 – 1924م). وهناك القسم الثاني من دول الخلافة المنافسة وهي: خلافة قرطبة (929 – 1031م) والخلافة الفاطمية في مصر (909 – 1171م) والخلافة الموحديَّة التي أسسها الموحدون الامازيغ (1149 – 1269م).
التاريخ تطور وكذلك اشكال الدول، كما ظهرت الدول متعددة القوميات والأديان، ويستحيل من ثمة ان تقوم دولة إسلامية تقوم على مبادئ الخلافة سنة 632 ميلادية. حتى الدولة اليهودية اصبح لها برلمانها ورئيسها واختفى حكم خليفة موسى الرسول، ما يعني ان فكرة الخلافة الإسلامية التي ينادي المستفيدون من الإسلام سياسيا بها مستحيلة التنفيذ، ويُطلق عليها وفقا لمصطلحات عصرنا دولة عنصرية، ناهيك عن استحالة اتفاقهم على جواب موحّد: اين ستقوم الخلافة وهل ستكون شيعية أو سُنيّة؟
هل يقبل ستة مليارات نسمة ان يعيشوا في عصرنا وعصور الحياة على القمر كذميين؟ لا إفتئات في السؤال فتلك هي طبيعة الدولة الإسلامية التي نشأت أيام العشائر والقبائل ويريد المستفيدون من الإسلام سياسيا منها الجمود عند سنة 632 ميلادية ليحكموا هم اليوم. هل ترضخ النظم السياسية في العالم كافة لإزالتها بهذه البساطة أو بمواطنين على اراضيها لهم خليفتهم وقوانينيهم الخاصة بهم؟
واقعيا، هل يقبل المسلمون في مصر خليفة مغربي أو يقبل أهل تونس خليفة لبناني أو يقبل الإيرانيون خليفة سعودي وماذا سيفعل السلطان إردوغان إذا تولى الخلافة رجل من إريتريا؟ وهكذا..
رفض المسلمون فكرة الدولة الدينية بعد الربيع إياه ودفعت دوله أكثر من 650 مليار دولار ثمنا للرفض ولم تزل تدفع. إلى متى تتحمل شعوب العالم الإرهاب بسبب مصالح رجال الطبقية العالمية الجديدة في الغاز الطبيعي والبترول وإيداعات البنوك والشركات عابرة المحيطات؟
دولة الخلافة التي قال المسلمون أنفسهم عنها إنها "مزعومة" إلى زوال قريب، لكن الخطورة تكمن في أفكار التزمت التي احيتها في النفوس، التي ستولد بشرا أشد ظلامية من "داعش" لهم حبل سري يغذيهم اسمه مصالح إقتصادية.



#عادل_صوما (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحب قيمة غربية والعلم نورن
- ديموقراطيات غيورة على سلامة الإرهابيين
- سجود الشكر في الملاعب استفزاز وجهل
- ما العلاقة بين المهاجرين غير الشرعيين والمسيحية؟
- في ذكرى اعدام شعباني الذي شنّ حربا ضد الله
- الحشاشون يظهرون مرة اخرى في التاريخ الاسلامي
- نوعية الحجاب الذي خلعته راضية سليمان
- الجن حقيقة دينية ومشكلة قانونية
- السرقة والاقتباس الادبي والفني
- -الجمهور- بين عصر انفتاح وزمن توَّحد
- من الذي يسيء للذات الإلهية والانسانية؟
- السرقة الادبية والفنية تعد جزءا حيا من الثقافة (3)
- السرقة الادبية والفنية تعد جزءا حيا من الثقافة (2)
- السرقة الادبية والفنية تعد جزءا حيا من الثقافة (1)
- الذات الإلهية لم تطلب من احد الدفاع عنها
- الاغتيال العقائدي والاغتيال السياسي
- الهوية وقانون الحريات والعلمانية
- المواطنة المتساوية وانفصام الشخصية
- البوركيني وثقافة الملابس
- عالم كيمياء وفقيه كلام


المزيد.....




- إبادة جماعية على الطريقة اليهودية
- المبادرة المصرية تحمِّل الجهات الأمنية مسؤولية الاعتداءات ال ...
- الجزائر.. اليوم المريمي الإسلامي المسيحي
- يهود متشددون يفحصون حطام صاروخ أرض-أرض إيراني
- “متع أطفالك ونمي أفكارهم” تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024 ب ...
- لولو يا لولو ” اظبطي تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات ...
- شاهد: عائلات يهودية تتفقد حطام صاروخ إيراني تم اعتراضه في مد ...
- أمين عام -الجماعة الإسلامية- في لبنان: غزة لن تبقى وحدها توا ...
- وزيرة الداخلية الألمانية: الخطوط الحمراء واضحة.. لا دعاية لد ...
- لجنة وزارية عربية إسلامية تشدد على فرض عقوبات فاعلة على إسرا ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عادل صوما - الظلامية أخطر من يافطة الخلافة