أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عادل صوما - من الذي يسيء للذات الإلهية والانسانية؟















المزيد.....

من الذي يسيء للذات الإلهية والانسانية؟


عادل صوما

الحوار المتمدن-العدد: 5347 - 2016 / 11 / 19 - 23:34
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


- يسعد مساك ابو صالح.. تحتاج شيء؟
- نعم يا رب. ناولني كوب خمر من هناك، وقل لجبريل يحضر لي بعض الكاجو، ثم ارسل هنا غلام مخلد لينظف الارضية، وخد معك الاطباق الفارغة. ولا تنسى ان تصنع باب للخيمة حتى تقرع قبل الدخول المرة القادمة، سبحانك.
هذا الحوار دار في الجنة بين داعشي، عار ينام بين امرأتين عاريتين في فراش، والرب الذي يقف على باب الخيمة، في كاريكاتور ناهض حتّر الذي ادى الى اغتياله امام المحكمة، بعدما اعتبره رئيس الوزراء الاردني مسيئا للذات الإلهية، وأهاج الرأي العام، الذي ينفعل ويتناقل ما يسمعه بدون مناقشة او فهم، على الكاتب حتى اليوم.
وقائع مُغيبة
صدم الكاريكاتور فعل التفكير وشل عقل رئيس الوزراء الاردني وغيره، فلم يحاولوا حتى اليوم وغدا فهم الكاريكاتور على انه كوميديا سوداء تسخر وتحتقر تصور الفكر الداعشي للذات الإلهية، ولا تسيء لها.
في الفكر الداعشي، وهو ليس بعيدا عن فقه متزمت في الاسلام، يعتبرون ان الله يلبي رغبات المؤمنين. قمة الاساءة للذات الإلهية التي يؤمنون بها، لأنها من المفترض ان تكون متسامية عن رغبات البشر مهما بلغت من شأن.
الظروف ودوائر الاهل والاصدقاء والجينات والعقل هم من يرسمون قدر الانسان وصحته وعمره وليس أي شيء آخر، والاعتماد على قوى غيبية مجرد وهم يلقي بعض الناس عليها فشلهم او يستمدون منها نجاحهم. وغالبا ما ينسب الانسان نجاحه لذكائه وفشله على قدره او نصيبه! ما الداعي من ثمة لإقحام الذات الإلهية في كل صغيرة وكبيرة؟
الذات الإلهية، إذا وُجدت، يستحيل ان يسيء احد اليها، ويستحيل ان تستجيب لأحد لأن هذه الاستجابة تمييز عنصري لفئة على فئة، ويستحيل على خالق الكون ان يميّز بين من خلقهم لأن في ذلك ظلم. هل يُعقل ان يستجيب الله لمن يطلب منه من على المنابر: اللهم احرق زرعهم وبدد شملهم واجعل نساءهم عقيمات؟ هل الله حكر على فئة معينة؟
هذه المدرسة تسعى لإنشاء دول دينية موحَدة الثياب والدين والعقلية وشكل الابنية، بعدما وصلت العلمانية الى مرحلة حرية المعتقد بعد نضال طويل مع المؤسسة الكنسية، ووصلت تعددية المجتمعات الى الغنى الحضاري والتقني الذي نراه. هذا ما يحدث اليوم في العالم، وبدأ الجميع يستوعبه. والسؤال: هل انزوى الكاهن داخل الكنيسة للعبادة بعد عصر التنوير، وأطل الشيخ والمُلا ليحكمان المجتمعات في عصر الالكترونيات ومحاولات تطوير مخ بشري كامل في المختبر؟
إذا كان هذا الامر هو الهدف النهائي، فمن المفترض ان تكون دولة الخلافة دولة العدل والطمأنية والسلام على الارض، لكن ما نراه على الارض يجعل الانسان يتساءل: هل ناهض حتّر اساء الى الذات الإلهية أم ان دولة الخلافة الموعودة التي ظهرت على حدود سورية والعراق، وفقهها السائد بطريقة أو اخرى بين المسلمين، هي التي فعلت ذلك؟
شهادات التخرج
ناهض حتّر رسم كاريكاتور قد يدفع بعضهم للقهقهة على فكر متخلف يرى ان الله يلبي له ما يريد لأنه المدلل والاثير والأعلى مرتبة عنده، وهو كاريكاتور على اية حال كان من المفترض ان يُرد عليه بكاريكاتور مثله. كاريكاتور حتّر يستحيل ان يسبب اهوال ضد الانسانية. اهوال لم تحترم الذات الالهية التي خلقت الحياة والاحياء، مثل التي فعلتها الدولة الدينية التي اطلت علينا حديثا بعد طول غياب، ويُنظر إليها بعين الرضا والاعجاب والاحترام من طرف خفي رغم دموياتها والادانات العلنية، وهنا نماذج للمقارنة بين فكر حتّر وسلوكيات الخلافة الداعشية.
داعش يعرض نساء ايزيديات للبيع. داعش سرق بترول الموصل وباعه. داعش سرق بنوك ومحلات اينما حل. كنيسة القديس افرام الاثرية اصبحت مسجدا. تطهير ثقافي داعشي ممنهج لألفي موقع اثري. يأخذون تذكارات من لحوم البشر الذين قتلوهم. داعش يحرق إمرأة عجوز مسيحية عمرها 80 سنة لرفضها الامتثال للشريعة. تنظيم داعش يقطع رأسي امرأتين للمرة الاولى. اطفال داعشيون يعدمون ضباطا سوريين في لعبة قتال حقيقية لم يكن الضباط مسلحين فيها بل معصوبي العيون مربوطين في انتظار رصاصات في رؤوسهم. داعش يقتل سبعة اشخاص ويجول بسجينين في قفص. داعش يلقي بمثلي الجنس من سطح منزل عال ثم يقتله رجما. داعش حرق طيارا اردنيا حيا داخل قفص.
داعش قدم النساء كجوائز في مسابقات رمضان الدينية. اطفال يُجندون تحت نظر الجهاديين وفتيات يُجبرن على الزواج من جهاديين في افريقيا الوسطى. ممثلو الفكر الداعشي يتحلقون حول طفل دون العاشرة في نيجيريا ذات الغالبية المسلمة ويشبعونه ضربا ثم يحرقوه، بعدما غطى دمه جسمه لأنه دأب على سرقة خضار من السوق لإطعام اسرته. الدولة الاسلامية تغيّر اسماء مناطق في العراق لأنها ليست اسلامية. بعد جهاد النكاح داعش يحّل نكاح الرجال. داعش يصلب اطفال بتهمة الافطار في رمضان. داعش يأمر جهادي بقتل امه لأنها طلبت منه الابتعاد عن التنظيم. داعش يقطع ذراع طفل صغير سرق بطارية قديمة. داعش يتخذ من المدنيين دروعا بشرية في الموصل.
يقدم موقع "الفرقان" التابع للخلافة دليلا ارشاديا يشرح للأمهات الداعشيات الملتزمات تعاليم دينهن كيفية تنشئة اطفالهن على اعمال العنف والقتل وحمل السلاح لنشر افكار الخلافة الاسلامية. خطف التنظيم سنة 2015 فقط أكثر من 800 طفل من مدينة الموصل لتدريبهم دينيا وعسكريا للدفاع عن الخلافة الاسلامية. الشرطة العراقية توقف طفلا حاول تنفيذ عملية انتحارية بحزام ناسف. طفل ينفذ هجوما انتحاريا في حفل زفاف جنوبي تركيا. في معسكر "اشبال العز" غربي الرقة يُعزل الاطفال عن ذويهم ويُحرضون ضد عوائلهم ، ولا يحصل الطفل على شهادة التخرج ما لم يمارس رجم النساء وقطع رأس أعداء الخلافة.
ارجو ان لا يعلّق البعض بأن داعش ليس من الاسلام. إذا كان داعش ليس من الاسلام فمن اين استمد فقهه؟
الاعتدال والتشدد
رغم كل ما قرأته ما زلت لا افهم معنى الاسلام المعتدل، والاسلام المتشدد الذي يرمون به كتهمة الحركات الارهابية الاسلامية الدولية. هل المشكلة فقط في تفاسير نص واحد؟ كيف يمكن ان نفسر نص بالاعتدال مرة وبالتشدد مرة اخرى؟ هل المشكلة في قصور العقل الذي تحجّم وتقولب على الايمان بما يقوله رجل الدين؟ هل المشكلة في تجاهل البراهين العلمية والحسية، ومنها على سبيل المثال ان الكون لم يزل في حالة خلق مستمرة؛ مجرات تختفى ومجرات تولد، ما يهدم نظرية الادبيات الابراهيمية حول نشأة الكون والايام السبعة إياها التي استراح الله بعدها ولم يخلق، فضلا عن تطور المجتمعات وانفتاحها الذي يطوّر يوما بعد يوم كل المفاهيم التي سادت حتى نهاية القرن العشرين ومنها أقدم المفاهيم في تاريخ الانسانية؛ الزواج والايمان وتفسير الله الموروث عن اساطير حضارات البحر المتوسط الذي تطور مع تطور العقليات وادوات المعرفة، وتظل الاساءة المعنوية إليه إذا حدثت في عقول بعضهم، لا تساوي الاساءة الفعلية للبشرية لأن كلفتها جرائم حرب ضد الحضارات والانسان.
سأل شاب على قناة فضائية مُفتيا: سافرت على طائرة حلّقت فوق بلاد الكفار وفيها يشرب الناس الخمر ويمارسون الفحشاء. هل انا مذنب في هذه الحالة؟
رد المُفتي: كان عليك ياابني التحدث مع الطيار والطلب منه تجنب الطيران فوق بلاد الكفار هذه، وإذا كان مضطرا فعليه ان يحاول الطيران منخفضا فوق تجمعات المسلمين، وهذه طريقة سهلة، لأن مآذن المساجد المرتفعة يمكن ان تكون دليله في طيران شرعي حلال.
من الذي يسيء الى الذات الإلهية وما خلقته فعلا؟ هل كاريكتور حتّر ام هذه الفتاوى "المعتدلة" ناهيك عما تقوله "المتشددة".
تسيطر عليّ كآبة شديدة عندما افكر ان هذا التيار الذي لا يستطيع ان يتقبل او يتوافق او يتعايش مع أي ثقافة في العالم او أي دين يسعى لإنشاء امبراطوريتين (وهابية وخومينية) من خلال المدن المحظورة في الشرق والغرب، او بث الفتن والقلائل والعنصرية اينما حلوا، او استعمال الديموقراطية بخباثة لمصلحتهم في الغرب، او رفع شعار الشريعة لإهاجة وتخدير الناس والقفز على الحكومات وتقويض اركان الدول في الشرق الاوسط.



#عادل_صوما (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- السرقة الادبية والفنية تعد جزءا حيا من الثقافة (3)
- السرقة الادبية والفنية تعد جزءا حيا من الثقافة (2)
- السرقة الادبية والفنية تعد جزءا حيا من الثقافة (1)
- الذات الإلهية لم تطلب من احد الدفاع عنها
- الاغتيال العقائدي والاغتيال السياسي
- الهوية وقانون الحريات والعلمانية
- المواطنة المتساوية وانفصام الشخصية
- البوركيني وثقافة الملابس
- عالم كيمياء وفقيه كلام
- البابا فرنسيس يؤسس اخلاقيات تخالف الموروثات الابراهيمية
- أتنادون باالخلافة وتبخلون على خليفة رسولكم بجزيرتين؟!
- في معضلة تهنئة أهل الكتاب بأعيادهم
- يعيش يعيش حكم المرشد
- هل أفلست الاديان شكلا ومضمونا؟
- افراط البطش الذي يتجاهل القرآن والاحاديث
- تعدي مؤسسة على صلاحيات الله المطلقة
- -موال الهوى-: رواية تعبق بثقافات البحر المتوسط
- المسلمون المتنورون والصم المسيحيون
- ختان العقل ووأد الروح واستهجان الاستنارة
- تحت خط الفقر العلمي


المزيد.....




- الجماعة الإسلامية في لبنان تزف شهيدين في البقاع
- شاهد: الأقلية المسلمة تنتقد ازدواج معايير الشرطة الأسترالية ...
- أكسيوس: واشنطن تعلق العقوبات على كتيبة -نيتسح يهودا-
- آلام المسيح: كيف حافظ أقباط مصر لقرون على عادات وطقوس أقدس أ ...
- -الجماعة الإسلامية- في لبنان تنعي قياديين في صفوفها قتلا بغا ...
- الجيش الإسرائيلي يعلن اغتيال قيادي كبير في -الجماعة الإسلامي ...
- صابرين الروح جودة.. وفاة الطفلة المعجزة بعد 4 أيام من ولادته ...
- سفير إيران بأنقرة يلتقي مدير عام مركز أبحاث اقتصاد واجتماع ا ...
- بالفصح اليهودي.. المستوطنون يستبيحون الينابيع والمواقع الأثر ...
- صابرين الروح.. وفاة الرضيعة التي خطفت أنظار العالم بإخراجها ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عادل صوما - من الذي يسيء للذات الإلهية والانسانية؟