أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - رياض حسن محرم - ما بعد داعش .. عودة الى البدايات















المزيد.....

ما بعد داعش .. عودة الى البدايات


رياض حسن محرم

الحوار المتمدن-العدد: 5422 - 2017 / 2 / 4 - 00:34
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


عرض فى سبعينات القرن الماضى فيلم أمريكى يسمى اليوم التالى أو next day يظهر كيف يبدو العالم فى اليوم التالى لحرب ذرية تقضى على الأخضر واليابس، نفس هذه الفكرة عرضها "شكرى مصطفى" مؤسس تنظيم التكفير والهجرة فى مذكرته "جماعة المسلمين" حيث يصف نهاية الزمان بعد خراب الأرض حين يتقاتل اليهود وجماعة المسلمين بأسلحة بدائية من الصخور والأشجار، يأتى ذلك فى إطار الحديث عن إندحار داعش وهزيمتها فى العراق والشام وعودتها الى أساليب العنف العشوائى والذئاب المنفردة، فـ "داعش" ليس وسيلة عسكرية وإعلامية فقط، وإنما فكر وعقيدة، حيث أنه فكر استطاع أن يجند الآلاف من الانتحاريين من كل أنحاء الأرض من مائة جنسية أو أكثر، فهو قادر على الإستمرار لفترة زمنية لا يعلم مداها الاّ الله، الآن يتوحد العالم أجمع شرقه وغربه، شماله وجنوبه لللقتال ضد داعش والجميع مصمم على القضاء عليها بشكل كامل، وقد تم تحقيق نجاحات كبرى ضدها على جبهة العراق وسوريا، وربما لن يطول الوقت حتى تختفي من هاتين الدولتين، لكن زوال «داعش» لن يكون خاتمة الأحزان، بل ربما يكون بداية لآلام أخرى من نوع جديد، فالتنظيم أقام دولة التطرف بكل مقوماتها، وشكل جيشاً من الإرهابيين الحاقدين على الإنسانية وضمن هذا الجيش هناك ما يسمى «أشبال الخلافة»، وهم أطفال دون سن الرشد يتم إجبارهم على الانضمام لهذا الجيش للقتال والموت في سبيل ما يسمى إنشاء "دولة الخلافة"، وأقام «داعش» مراكز لتدريب هؤلاء الصغار منها ما يسمى "معهد عبد الله بن عمر" في قضاء تلعفر، الذي يحاكي الأكاديميات العسكرية، كونه يمزج بين الدروس النظرية الدينية والتدريبات العملية على السلاح والقتال وتتراوح مدة الدورات بين شهر إلى شهرين. ويتم التركيز في هذا المعهد وغيره من معاهد «داعش» العديدة على العقيدة السلفية التكفيرية، وأبرزها مقرر في التوحيد والفقه السلفي وفقه الجهاد، وهي إصدارات خاصة بمعسكرات «داعش»، إن تجنيد هؤلاء الأطفال لا يتعلق فقط بتعويض الخسائر البشرية على جبهات عدة، فالخطة المعلنة هي تهيئة جيل جديد من المتطرفين يحمل لواء ما يسمى "بدولة الخلافة"، وقد شهدت الأشهر الأخيرة قيام 40 طفلاً، ممن ينضوون تحت لواء «جند الخلافة»، بتنفيذ عمليات انتحارية في العراق، ويستخدم التنظيم مدرسة في حلب كمنشأة تدريب عسكري للفتيان دون 18 عاماً، وفى مخيم الشريعة الخاص باليافعين الواقع بالقرب من مدينة الطبقة في الرقة يدرب نحو 350 طفلاً ما بين 5 إلى16 سنة؛ ليتولوا مهام قتالية، ويقترف «داعش» جناية تجنيد الأطفال تحت مسمى «الجهاد»، ويتحول هؤلاء الأطفال غير القادرين على التمييز بين الحق والباطل، إلى ألغام متحركة من أجل قتل الأبرياء.
فى العراق يوحد حاليا ثلاث جيوش موازية أولها البشمركة الكرية والآخران هما الحشد الشعبى والحشد العشائرى وكلهم يستعدون لما بعد الإنتهاء من داعش، ويتوقّع البعض أن يكون الحشد الشعبيّ قوّة أكبر من الجيش العراقيّ ونسخة من الحرس الثوريّ الإيرانيّ، وهو ما قد يقوّض عمل الجيش ومساحة تحرّكاته في ظلّ وجود هذه القوّة الكبيرة المنافسة، يتراجع تنظيم داعش عسكرياً منذ مدة في العراق بالذات، وبعد أن كان التنظيم ملإ الدنيا وشاغل الناس في منطقتنا العربية والعالم، بفعل تمدّده على رقعة واسعة من الأراضي السورية والعراقية، واتخاذها مركزاً له، بات التنظيم يتراجع وينكمش، لأن الأطراف الإقليمية والدولية المتصارعة أصبحت ترى التخلص منه أولويةً، على الرغم من تناقضاتها، ولم يعد حجم التناقض بين هذه الأطراف أكبر من استهداف التنظيم، وبات التناقض محصوراً في مكاسب كل طرفٍ من هزيمة التنظيم، وتراجعت أهميته بوصفه ورقة ضغطٍ لتحصيل مكاسب سياسية وعسكرية، وتتلخص المسألة كلها الآن في وراثة ما يسيطر عليه حالياً.
علينا دراسة الأسباب التي أدت إلى صعود “داعش” بهذا الشكل " فلا يمكن إغفال العامل الخارجي من الاحتلال الأميركي في العراق، إلى الصراع الإقليمي وتمظهراته في سورية خلال السنوات الأخيرة في تفسير صعود هذا التنظيم وانتعاشه وتمدّده، لكن المسألة أعمق تتعلق بعوامل أهمها انهيار الدولة والفوضى فى عدد من البلدان العربية التى أعقبت الربيع العربى، ونمو تيار الإسلام السياسى فى ذلك الفراغ، وقد قبلت الأحزاب الطائفية بهذا التقسيم لأنه يناسبها، فحزب الدعوة والمجلس الأعلى فى العراق يتعطّشان لزعامة الطائفة التي يُفترض بها أن تهيمن على الحكم نظراً إلى تفوقها العددي، فيما الحزب الإسلامي (الفرع العراقي لجماعة الإخوان المسلمين) يود قيادة السنة في إطار العملية السياسية وعدم تركها لمنافسيه الشيعة وتحصيل ما يمكن تحصيله لنفسه وللطائفة، فبعد أن إنتهت مظلومية الشيعة "عن غيابهم عن الحكم لقرون مضت"، فيما وقفت القوى السنية موقفاً دفاعياً بعد خسارتها “النفوذ التاريخي”، لتصنع مظلوميتها الحديثة.
إن من يبرّر وجود “داعش” اليوم وتمددها، بغطاء مظلومية سنية، أو تحت عنوان ثورة العشائر المزعومة، خاصة بعد المواجهة السنية الشرسة للإحتلال الأمريكى والتى تزعمتها للأسف تنظيمات سنية متطرفة أهمها تنظيم التوحيد والجهاد بقيادة أبو مصعب الزرقاوى الذى تحول "فيما بعد" الى تنظيم القاعدة فى العراق بعد مبايعته للظواهرى وتحول مرّة جديدة الى داعش " الدولة الإسلامية فى العراق والشام" بقيادة أبو بكر البغدادى خليفة الزرقاوى، لينتهى به الأمر بالإعلان عن دولة الخلافة، هذا التنظيم الذى أمعن في القتل وزاد في تشويه ضحاياه ببرود قاتل إعتمادا على نظرية عربية قديمة تقول "وّجه ضربة هائلة للضعيف، يطير لها قلب الشجاع"، وإستفاد من حل بريمر للجيش العراقى بانضمام عدد كبير من عناصره، ونجح لفترة في أن يبقى التنظيم الأشرس، الأغنى من حيث الموارد التى حققها ببيع النفط المستولى عليه وأموال الخليجيين ومصادر أخرى، تجلى ذلك بظهور فئة جديدة من هذا التطرف تتسم بخاصية غير مسبوقة في التاريخ وهي الحرب ضد الجميع، فإذا كانت «القاعدة» تركز حربها ضد من تسميهم "الكفار" و"دار الكفر"، فإن الفصيل الجديد من الإرهاب المتوحش، يكفر الجميع ويضرب في كل اتجاه، بدءا من الداخل العربي الإسلامي الذي له النصيب الاوفر من التقتيل والتنكيل، ووصولا الى ديارالكفر، والتحول من نظرية الغزوات «الافتراضية» والهجرة والتكفير السريين، الى الغزوات الفعلية، وصولا إلى إعلان الدولة الإسلامية بالقوة في جزء من العراق وسوريا وليبيا وغيرها من المناطق في افريقيا وآسيا، في شكل ولايات إسلامية تجري فيها بروفات تمهيدية للخلافة الكبرى، والبدء فورا في تنفيذ احكام الشريعة.
يبقى أن التنظيم إعتمد فلسفته على أن أى كسب عسكري ينسب لــ"ثلة من المؤمنين" (وهذا قد انتهى أوانه) والصبر على المحن عند الخسارة وهي مرحلة يعيشها داعش الآن ويبحث عن أُطرٍ وسبيلٍ للخروج منها، إن القضاء على «داعش» لن يكون سوى البداية، فما بعد «داعش» ربما سيكون أصعب وأخطر، فالجرح الطائفي الذي انفتح في العراق وسوريا على السواء لن يكون من السهل اندماله، خاصة أن الحلول السياسية لن ترقى بأي حال إلى الأحداث الخطيرة التي تجري في هاتين الدولتين، كيف سيعود السلم الأهلي إليهما، وهناك جزء كبير من مجتمعيهما قد لوثته الأفكار الإرهابية المتطرفه، أن انتهاء «داعش» لن يكون نهاية الإجرام، فأشباله سيتابعون مسيرة الإرهاب في المستقبل، علما بأن العديد من مقاتلي "داعش" عادوا للاختلاط بالسكان في المناطق المحررة التي خسروا فيها المعارك مثل الفلوجة والرمادي، بل وينتظرون الوقت المناسب لتنفيذ هجمات إرهابية مستقبلية.
إن لحظة التوحش لا ترتبط بنوعية التعصب الديني المولد للتكفير والإخراج من الملة وتبرير القتل فحسب، ولا هي نتيجة مباشرة للتدخل الخارجي والعدوان الاستعماري، بل هى أيضا مرتبطة بلحظة تفكك الاستبداد في بعض البلدان العربية، وسقوط الدولة الوطنية وفشلها او ترهلها، حيث توقفت عن القدرة عن التجدد، لذلك رأينا وبشكل جلي أن التوحش الإرهابي غير المسبوق قد ملأ الفراغ ليكون بديلا عن الاستبداد وتعبيرا عن الكفر بالدولة العربية الوطنية او القومية، فمنذ بداية عشرينيات القرن الماضي تشكلت النواة الأولى لخطاب التطرف الديني (في سياق البحث عن استعادة ما مضى من قوة ونهوض) وتم تحديد الهدف النهائي وهو استعادة دولة الخلافة ( وهذا ما تفعله داعش حاليا) وما لم يخفه الإسلام السياسي في جميع مراحل تطوره كهدف نهائي، تتحول هذه "الحقيقة "إلى مقدس لا يرتقي إليه الشك في نظر وعي عام يملك استعدادا تلقائيا للتسليم والتصديق في ظل خفوت الوعي الفكري الوطنى وسيطرة نوع من الفكر" الديني– الطائفي" ضيق الأفق وتبرير العنف في إطار رد الفعل على التدخل الخارجي في بلاد المسلمين.
ان انهزام هذا التنظيم الإرهابي عسكريا لن يكون النهاية، لأن الأسباب ما تزال قائمة، ومن المرجح ان نشهد المزيد من جولات التوحش، في ظل ما يشهده الوطن العربي من تفكك سريع وانتهاء لدور الدولة الوطنية.



#رياض_حسن_محرم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الموقف من 11 فبراير 2011 .. وموازين القوى
- الخلافة ..بين العثمانيون والداعشيون
- الإنقسام والوحدة فى الحركة الشيوعية المصرية
- زكى مراد ..شهاب تألق فى سماء مصر
- عبّاس ودحلان .. وسياسة تكسير العظام
- -روج آفا- يوتوبيا الأكراد فى سوريا
- صعود اليمين المتطرف فى الغرب..محاولة للفهم
- مرّة أخرى .. الصين دولة رأسمالية
- هل تختلف مواقف ترامب كثيرا عن سلفه أوباما؟
- حالات تعرض الكعبة للهدم عبر التاريخ الإسلامى
- حزب الرئيس .. القرار المؤجل
- -المشاغب- فتح الله محروس .. وداعا
- داعش...وما بعد الموصل
- دابق .. الأسطورة المؤسسة للدولة -داعش-
- البرجماتية السلفية ... النور مثالا
- الأزمة السورية الى أين؟
- مبادرة واشنطن.. -وطن للجميع- محاولة للإقتراب من طرح موضوعى
- بين إنقلاب تركيا وحريق الرايتستاج
- إشتراكية عبد الناصر .. رؤية شخصية
- ذكرياتى مع الراحلة العظيمة شاهندة مقلد


المزيد.....




- استطلاع يظهر معارضة إسرائيليين لتوجيه ضربة انتقامية ضد إيران ...
- اكتشاف سبب غير متوقع وراء رمشنا كثيرا
- -القيثاريات- ترسل وابلا من الكرات النارية إلى سمائنا مع بداي ...
- اكتشاف -مفتاح محتمل- لإيجاد حياة خارج الأرض
- هل يوجد ارتباط بين الدورة الشهرية والقمر؟
- الرئيس الأمريكي يدعو إلى دراسة زيادة الرسوم الجمركية على الص ...
- بتهمة التشهير.. السجن 6 أشهر لصحفي في تونس
- لماذا أعلنت قطر إعادة -تقييم- وساطتها بين إسرائيل وحماس؟
- ماسك: كان من السهل التنبؤ بهزيمة أوكرانيا
- وسائل إعلام: إسرائيل كانت تدرس شن هجوم واسع على إيران يوم ال ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - رياض حسن محرم - ما بعد داعش .. عودة الى البدايات