أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - رياض حسن محرم - بين إنقلاب تركيا وحريق الرايتستاج















المزيد.....

بين إنقلاب تركيا وحريق الرايتستاج


رياض حسن محرم

الحوار المتمدن-العدد: 5229 - 2016 / 7 / 20 - 03:22
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لا أريد أن أبحر عميقا مع نظرية المؤامرة فى قراءة أحداث إنقلاب تركيا ولكن التشابه بين خطة هتلر من الإستفادة القصوى من حرق البرلمان الألمانى "الرايتستاج" عام 1933 بعد عدة أسابيع من وصوله للحكم وإتهامه للشيوعيين الألمان بذلك العمل كمقدمة لمحاولة إنقلابية شيوعية وما تلا ذلك من هجوم جائح عليهم وعلى المعارضة بوجه عام وتمكين حزبه من السيطرة الكاملة على البلاد بعد إعلان الأحكام العرفية وتنفيذ إعتقالات عشوائية واسعة طالت جميع الشيوعيين أعضاء حزب ( kpd) الشيوعى الألمانى بمن فيهم أعضاءه بالبرلمان وأزال كل خصوم الحزب النازى من كافة المصالح الحكومية معتمدا على ميليشيات الحزب " فرقة العاصفة النازية"، وقال وزير داخليته (إننى لا أستطيع وحدى.. ولا تستطيع وزارة الداخلية وحدها أن تقضى على الشيوعيين وتكافح نشاطهم.. وإنما التى تستطيع ذلك هى القواعد الشعبية، أولئك الذين يرتدون القمصان بنية اللون «فرقة العاصفة».. إن الشعب هو الذى يحمى نفسه بنفسه)، وإستتبع ذلك إستخدام العنف بشكل واسع والإعتداء بالضرب والإهانة على الخصوم السياسيين فى الشوارع وبدإ ما يسمى بالإرهاب العلنى وتفرغت أجهزة الإعلام لتغطية خطب الزعيم وتهديداته، وصدرت الأوامر بإعتقال 4 الآف شيوعى فى قوائم مجهزة سابقا، بينما تم إتهام شاب هولندى غير متزن نفسيا يتبنى الأفكار الشيوعية بإضرام الحريق وقد إعترف بذلك فى التحقيق، وعندما سأله المحقق عن سبب قيامه بذلك وهو غير ألمانى أجاب: "فى ألمانيا تقوم الآن حكومة نازية وفى رأيى أن فى ذلك خطرين الأول أن الحكومة النازية ستمارس نوعاً من الغطرسة.. والثانى اضطهاد الطبقة الكادحة.. مما سيؤدى بها فى النهاية إلى الحرب"، فى هذه الأثناء كان هتلر يحصل على توقيع الرئيس الألمانى هندنبورج على قرار استثنائى لحماية البلاد من أعمال الإرهاب والحرائق.. كان بمثابة التفويض الكامل لقيادات النازية باقتلاع المعارضة من جذورها، وفى منتصف مارس ١٩٣٣ كان وراء أسوار السجون مائة ألف ألمانى.. وأصبحت مقار الأحزاب تحت المراقبة الدائمة.. وأصبح قائد الشرطة هو المسؤول الأول عن عمليات القبض.. وأحد مراكز السلطة.. وكلما ازداد عدد المعتقلين.. ازداد نفوذه أيضاً.
إستغل هتلر واقعة حرق الرايتستاج بكل براعة فقرر إجراء إنتخابات عامة بعد إسبوع واحد من الحريق فاز فيها حزبه بأغلبية ساحقة وتحول كتاب "كفاحى" لهتلر لإنجيل عمل لمعظم الألمان وأصبح الزعيم الأوحد لألمانيا وحصل على ما يعرف بقانون التفويض من البرلمان الجديد " أى أن يصبح ديكتاتورا" وبذلك سلم الرايتستاج سلطاته طواعية له فأصبح رئيس السلطة التنفيذية ومعه سلطة التشريع أيضا وأصبحت ألمانيا دولة الميليشيات المسلحة، التى يستخدمها الحزب النازى فى القضاء على أى صوت يهمس بالنقد للأحوال الجارية، وبات الخوف مسيطرا على الجميع، وهكذا كان استثمار النظام النازى حادث إحراق الرايخستاج فى القضاء على أصوات المعارضة هو بداية الطريق نحو إصابة النظام كله بغطرسة القوة، الذى انتهى بإشعال نيران الحرب العالمية الثانية.
تظهر المقارنة بين الحدثين ( الحريق والإنقلاب) جليّة من جهة أردوغان حتى قبل إستكمال هزيمة الإنقلابيين فقد كان تصريحه من مطار أتاتورك مثيراً لهذه الشكوك، فقد نقل عنه قوله ان محاولة الانقلاب هذه "هبة من الله" كما أعلن انه سيطهر الجيش من "أفراد العصابة" الذين سيدفعون الثمن لخيانتهم، وفى صباح اليوم التالى أعلن التليفزيون الحكومى قرارا بعزل 2745 قاضيا تركيا من مناصبهم وإعتقال عدد كبير منهم، وتوقع المراقبين أن يستغل أردوغان تلك الأحداث بالدعوة لإجراء إنتخابات مبكرة لإستكمال سيطرته الكاملة على تركيا وتحويلها الى نظام رئاسى خالص، بل ويتهم البعض أردوغان بأنه بعد أن أدرك حجم الإنقلاب ومحدوديته ووقوف الأحزاب العلمانية والليبرالية فى مواجهته ساهم بخبث فى إستمرار محاولة الإنقلاب لإستثمارها كاملا فى القضاء على خصومه وتدعيم حكمه، كما يفسّر البعض دعوة أردوغان لمناصريه للبقاء فى الشوارع والميادين بأنها محاولة منه ومن أركان حزبه لإستكمال بناء ميليشيا شبه نازية تكون جاهزة دائما لإحكام سيطرتها على الشارع وإرهاب خصومه إذا دعت الضرورة، كما يحاول الرجل الإستفادة من الوضع فى التغطية على سجله الطويل فى إهدار الديموقراطية وحقوق الإنسان فى تركيا ومنها تحويله ل 1845 صحفيا وكاتبا للقضاء بتهمة إهانة الرئيس ومطالبته بمحاكمة أحد مقدمى برامج السخرية الشهيرة بألمانيا لتوجيهه إنتقادات له على الهواء.
لعل أحد أهم المشاكل التى تواجه اليسار والقوى المدنية هو ضعفها وعدم قدرتها على مواجهة نمو الإسلام السياسى فى تركيا، ربما ساهم فى ذلك التطبيق الأتاتوركى المتطرف للعلمانية والأوربة، وقد يكون تدخل الجيش فى حياة الأتراك وجعله وصيا على العلمانية وقيامه بعدة إنقلابات سابقة قد سبّب تراجعا للفكرة، لكن المحصلة النهائية هى ضعف القوى العلمانية والمدنية بشكل عام، وقد يكون تراجع اليسار جزءا من نكوصه على المستوى المحلى والعالمى خصوصا أن تأثير سقوط الإتحاد السوفييتى كان مضاعفا على اليسار التركى، حتى أن صعود حزب الشعوب الديموقراطى وكسره حاجز التمثيل بالبرلمان مرتين يمكن تفسيره بالإستقطاب الحاد داخل المجتمع وتحصيله نسبة عليا من أصوات الأكراد، ورغم وجود أكثر من حزب شيوعى فى تركيا منها حزبTEKP (حزب العمل الشيوعي) وTKİP ((حزب العمال الشيوعيين) وMLKP (الحزب الشيوعي الماركسي اللينيني) بالإضافة الى «الحزب الشيوعي التركي TKP» و«حزب العمل التركي EMEP» المرخّصيْن الاّ أن تلك التعددية والإنقسام دليلا على الضعف لا القوة، على أنه يخشى فى ظل توابع سقوط الإنقلاب أن يقوم أردوغان بحظر تلك الأحزاب أيضا أسوة ب " جبهة حزب التحرير الشعبي الثوري" الشيوعية المتطرفة والتى أعلنت مسؤوليتها عن عدد من التفجيرات والإغتيالات مؤخرا، مما يضع هذه الحركة مع حزب العمال الكردستانى (pkk) فى خانة واحدة، وبالرغم صعود الطبقة الوسطى في تركيا في أواخر الثمانينيات والتسعينيات من القرن الماضي كان كفيلا بأن يسمح بتكوين منظمات مجتمع مدني جديدة، كتلك الداعمة لحقوق المرأة. لكن العديد من هذه الجماعات المدنية فشل في جذب المواطنين النشطاء، ولا يمكن قياس الحركات الإحتجاجية الزاعقة لعمليات الإحتجاج فى ميدان تقسيم كمعيار واضح لقوة ذلك التيار، تلك الإحتجاجات التى غلب عليها الأناركيين واليسار المتطرف لم تؤدى الغرض منها فى نهوض تلك القوى ولم تشكل قوة إنتخابية مؤثرة.
يبقى أن الحقيقة الصادمة الآن هى أن المجتمع المدنى واليسار التركى يواجه أزمة عميقة فى الأوضاع الحالية ولعل القادم أسوأ.



#رياض_حسن_محرم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إشتراكية عبد الناصر .. رؤية شخصية
- ذكرياتى مع الراحلة العظيمة شاهندة مقلد
- شيخ الإسلام رجب طيب إردوغان يفتى بتحريم تنظيم النسل
- قراءة فى مشهد الإعتداء على السيدة المسيحية فى المنيا
- البونابرتية الجديدة والنظام المصرى
- تباين الإسلام السياسى بين المشرق والمغرب العربى
- ملامح الفاشية العربية ..أنظمة ومنظمات
- الثورات العربية وقضية الديموقراطية
- 28 صفحة تسبب أزمة فى العلاقات السعودية الأمريكية
- لوسى والمشير .. صفحة من الفساد فى المحروسة
- صراع الأجهزة الأمنية .. ومأزق النظام
- أمريكا تعيد ترتيب المنطقة..أولها الحلف المصرى السعودى
- جنود الأمن المركزى ..عبيد الأسياد المنسيون
- فيلم نوّارة .. أو مرثية ثورة يناير
- بين القاعدة وداعش .. حدود التشابه والإختلاف
- رحيل الدكتور حسن الترابى ..المثير للجدل
- هل تكون السعودية هى الهدف القادم لتنظيم -داعش-؟
- بين الثورة والثورة المضادة
- محمد عبد السلام فرج وكتابه - الفريضة الغائبة-
- هيكل والسلطة ..علاقته بالسادات نموذجا


المزيد.....




- مدير الاستخبارات الأمريكية يحذر: أوكرانيا قد تضطر إلى الاستس ...
- -حماس-: الولايات المتحدة تؤكد باستخدام -الفيتو- وقوفها ضد شع ...
- دراسة ضخمة: جينات القوة قد تحمي من الأمراض والموت المبكر
- جمعية مغربية تصدر بيانا غاضبا عن -جريمة شنيعة ارتكبت بحق حما ...
- حماس: الجانب الأمريكي منحاز لإسرائيل وغير جاد في الضغط على ن ...
- بوليانسكي: الولايات المتحدة بدت مثيرة للشفقة خلال تبريرها اس ...
- تونس.. رفض الإفراج عن قيادية بـ-الحزب الدستوري الحر- (صورة) ...
- روسيا ضمن المراكز الثلاثة الأولى عالميا في احتياطي الليثيوم ...
- كاسبرسكي تطور برنامج -المناعة السبرانية-
- بايدن: دافعنا عن إسرائيل وأحبطنا الهجوم الإيراني


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - رياض حسن محرم - بين إنقلاب تركيا وحريق الرايتستاج