أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - رياض حسن محرم - قراءة فى مشهد الإعتداء على السيدة المسيحية فى المنيا















المزيد.....

قراءة فى مشهد الإعتداء على السيدة المسيحية فى المنيا


رياض حسن محرم

الحوار المتمدن-العدد: 5175 - 2016 / 5 / 27 - 08:31
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


ربما هال الكثيرين من أصحاب الضمير الحى ما حدث لتلك السيدة العجوز فى قرية صغيرة من صعيد مصر، خاصة بأن يصل الجبن بالمعتدين أن يجردوها من ثيابها وتجريسها علنا فى شوارع القرية، بينما هؤلاء الغيورين على دينهم وشرفهم لم يحركون ساكنا ضد المرأة المسلمة المتهمة بالرذيلة مع الشاب المسيحى، ما يعكس الخلل الفكرى والبصرى لهؤلاء وأن تلك الواقعة أتت على خلفية طائفية من مهاويس دينيين ضد سيدة عجوز مسنة بما يعيد الى الذاكرة مشهد الغوغاء السكندرين فى حادث سحل العالمة "هيباتيا" البشع لكونها وثنية "على ديانة آمون" قبل الميلاد, وتكرر هذا المشهد فى 2012 بقرية " أبو النمرس" بالجيزة حيث قتل أشباههم شيخ دين شيعى " حسن شحاته" وثلاثة معه بدم بارد وعقل غائب بإدعاء أنهم يقومون بصلواتهم فى منزل خاص بالقرية، يحضرنى هنا ما صرّح به العلامة الراحل "نصر حامد أبو زيد" ( إن ما أخشاه قد حدث فعلا، فقد تحول التعصب الدينى من موقف فى أدمغة الدعاة المتطرفين الى سلوك يومى للملايين من المتدينين البسطاء)، ما زاد الطين بلّه ما صرّح به محافظ المنيا للإعلام من أن ما حدث فى قرية الكرم ما هو الاّ تهويل إعلامى والحقيقة " أن بعض الشباب غير الواعى ألقى كارتونتين مشتعلتين على مسيحيين، ولم يحدث اعتداء على سيدة مسيحية وتجريدها من ملابسها، كل مافى الأمر أن بعض السيدات ركضن مذعورات بملابس النوم"، بينما أصدرت مطرانية المنيا وأبو قرقاص للأقباط الأرثوذكس بيانا حول الأحداث التي وقعت بقرية الكرم، وأكدت خلاله الأنباء المتداولة حول قيام مجموعة من المتطرفين بحرق منازل أقباط القرية، وتجريد سيدة مسيحية مسنة من ملابسها أمام الناس، وذلك على خلفية شائعة عن علاقة بين مسيحي ومسلمة.
فى كتابه " رحيق الإستشهاد" للأنبا مكاريوس الأسقف العام بالمنيا، الذى سرد فيه أحداث العنف التى أدارها الإخوان ضد الأقباط عقب فض إعتصام رابعة فى 14 أغسطس 2013 حيث صار المسيحيين قاب قوسين أو أدنى من الإستشهاد، قدم للكتاب البابا تواضروس بقوله " هذه صفحات للتاريخ نسجلها ومازالت الأحداث الدامية ماثلة أمامنا كوطن وككنيسة وكمجتمع، نسجلها بصدق شهادة لكل العالم وكيف قدم أقباط مصر صورة مضيئة عن معانى الوطنية والأخوة والمواطنة وكيف طبقوا الوصية المسيحية بصورة أذهلت العالم والمصريين إننا نحبكم أيها المعتدون.. ونسامحكم.. ونغفر لكم.. ونصلى من أجلكم وسلامة حياتكم.. مبارك شعبي مصر"، وبعدها أطلق مقولته الشهيرة " إذا أحرقوا كنائسنا سنصلى مع إخوتنا المسلمين فى مساجدهم، وإذا أحرقوا المساجد سنصلى معا فى الشارع".... يعرض الكتاب بالتفصيل لأحداث الأربعاء الدامى الذى تعرضت فيه كنائس المسيحيين ومؤسساتهم وممتلكاتهم لهجمة غير مسبوقة فى تاريخ العلاقة بين المسيحيين والمسلمين، وقد سبقتها تهديدات وجهت لهم من على منصة رابعة، وقد سجل الكتاب وقائع كثيرة غير وقائع تدمير وحرق الكنائس حيث تم خطف مجموعة من الشباب المسيحيين المدافعين عن كنيستهم "كنيسة الأنبا موسى" الى جمعية تابعة للمعتدين ليعذبوهم طوال ليلة كاملة، وكانت حصيلة هذا اليوم حرق كنيستين بأسيوط وعشرة بالفيوم و19 كنيسة بالمنيا و4 بالسويس وكنيستين بسوهاج وأخرى بشمال سيناء، بالإضافة الى حرق ونهب محلات صاغة وصيدليات وفنادق ومنازل وغيرها، كما تم إحراق فرع لمكتبة الكتاب المقدس بالمنيا، أما أشهر حوادث القتل فقد تمت فى شمال سيناء "حيث يتمركز الإرهابيين" وذلك بقتل القس مينا عبود كاهن كنيسة العذراء بالمساعيد بالعريش وعدد آخر من الأقباط.
عندما يبقى الإنحراف فى حيز الفكر فهو تطرف، أمّا إذا إنتقل الى السلوك فإنه يتحول الى إرهاب، ويمكن القول بأن كل إرهاب بدأ تطرفا، حيث لا يصير الشخص إرهابيا إلا إذا كان متطرفا، وفيما يتعلق بمحاربة الإرهاب فلا يمكن الاّ أن يكون أمنيا وقضائيا، بينما التطرف قإن ساحة مواجهته تكون فكريا مع الإقرار بصعوبة وتعقيد مواجهته إذ أن المتطرف لا يرى نفسه كذلك ولكنه يعتقد أنه الوحيد الممثل لصحيح الإسلام ويرمي الناس بالكفر ويستسهل قتل الأبرياء وقطع الرؤوس على الأشهاد والتفجير والتخريب مما يبيحه الإسلام كما يقرأه، أما غيره فهو فاسق أو مبتدع أو كافريحل له دمه وماله وعرضه، ولا شك أن المسلمين أول وأكثر ضحايا التطرف الإرهاب، وأوضح مثال على التطرف الفكرى ما قدمه "سيد قطب" فى كتابه "معالم على الطريق" الذى يتضمن مجموعة من المعتقدات الكاملة أبرزها الحكم بجاهلية المجتمعات الإسلامية المعاصرة وبالطبع حكامها وأنه لا سبيل لمواجهة ذلك الاّ بالعزلة الشعورية عن المجتمع فى مرحلة الإستضعاف تمهيدا لإمتلاك القوة والإنقلاب على الدولة وتمكين شرع الله وتعبيد الناس لربهم بالجهاد فى سبيل الله، ويتم ذلك من خلال برنامج للحشد والتعبئة وتغذية مشاعر الأعضاء بكراهية المخالف لهم حتى ولو كانوا أبويهم وبيع أنفسهم رخيصة فى سبيل عقيدتهم وذلك من خلال بناء تنظيمى محكم يعتمد على السمع والطاعة. وهكذا فإن الجماعات المتطرفة الارهابية شربت من كل هذه الينابيع المريرة المياه وتكونت عقليتها على هذه الافكار وتلونت مواقفها وتوجهاتها بالوانها، واضاف مريدوها مياها اخرى اشد مرارة هي الخلط بين الدين كمعطى سماوي وبين الفكر الديني كمعطى انساني، وخلطوا بين الاثنين كي يعطوا افكارهم القداسة وعدم الانتقاد ليصبحوا هم على حقيقة وغيرهم على ضلال يستوجب محاربتهم وقتلهم ،وكانت ثمرة هذا الخلط هي التحصن بالمقدس لاضفاء قدسية على امامهم وجماعاتهم وافعالهم، ومن تجاسر على معارضتهم يتعين مواجهته بالعنف، وبالتالي نكون امام فقهاء ناطقون باسم الله لا ينطقون عن الهوى ولهم وحدهم حق الولاية والتشريع ولا يعترض على حكمهم معترض الا وقد اتهم بالاعتراض على الارادة الالهية ذاتها، وهو وسواس الفرقة الناجية، ومؤداها أن المتعصبين دينياً، أينما كانوا، يؤمنون قطعياً أن فئتهم هي الفئة الناجية من دون البشر، ما يؤدي بالضرورة إلى إلغاء الحوار والاختلاف والاجتهاد، بل تعطيل فعالية العقل، وكما قال كارل ماركس "يوجد العقل لدى الإنسان ولكن ليس دائما بشكل عقلاني".

فى مشهد مؤلم للنفس تحول مجموعة من الشباب المهووس دينيا والمغيب عقليا الى إرتكاب جريمة شنعاء ندفع ثمنها جميعا لأننا تركنا وطننا وشبابنا يصلون الى هذا الحال البائس والتعس، هؤلاء الذين أدمنوا إحتقار الحياة وتمجيد الموت، والتضحية بالنفس وقتل الآخر لمجرد أنه يختلف عنهم في الدين والمذهب، لقد أغمضنا أعيننا سنوات طويلة بينما ذلك الوحش الأسطورى ينمو ويترعرع فى الحديقة، وتركنا التعليم والثقافة والفنون تنحط، وعندما فتحنا أعيننا وجدنا ذلك المسخ المتوحش ينقض علينا ضاربا بأشكال متعددة .. القاعدة ..داعش..أبو النمرس .. وليس آخرها حادثة قرية الكرم فى المنيا.



#رياض_حسن_محرم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- البونابرتية الجديدة والنظام المصرى
- تباين الإسلام السياسى بين المشرق والمغرب العربى
- ملامح الفاشية العربية ..أنظمة ومنظمات
- الثورات العربية وقضية الديموقراطية
- 28 صفحة تسبب أزمة فى العلاقات السعودية الأمريكية
- لوسى والمشير .. صفحة من الفساد فى المحروسة
- صراع الأجهزة الأمنية .. ومأزق النظام
- أمريكا تعيد ترتيب المنطقة..أولها الحلف المصرى السعودى
- جنود الأمن المركزى ..عبيد الأسياد المنسيون
- فيلم نوّارة .. أو مرثية ثورة يناير
- بين القاعدة وداعش .. حدود التشابه والإختلاف
- رحيل الدكتور حسن الترابى ..المثير للجدل
- هل تكون السعودية هى الهدف القادم لتنظيم -داعش-؟
- بين الثورة والثورة المضادة
- محمد عبد السلام فرج وكتابه - الفريضة الغائبة-
- هيكل والسلطة ..علاقته بالسادات نموذجا
- حول كتاب -ملّة إبراهيم- لأبى محمد المقدسى
- حول إختطاف ومقتل الباحث الإيطالى..مرّة أخرى
- (الفِلاَح)
- حول كتاب - فقه المقاومة الشعبية للإنقلاب-


المزيد.....




- ماذا قال الجيش الأمريكي والتحالف الدولي عن -الانفجار- في قاع ...
- هل يؤيد الإسرائيليون الرد على هجوم إيران الأسبوع الماضي؟
- كوريا الشمالية تختبر -رأسا حربيا كبيرا جدا-
- مصدر إسرائيلي يعلق لـCNN على -الانفجار- في قاعدة عسكرية عراق ...
- بيان من هيئة الحشد الشعبي بعد انفجار ضخم استهدف مقرا لها بقا ...
- الحكومة المصرية توضح موقف التغيير الوزاري وحركة المحافظين
- -وفا-: إسرائيل تفجر مخزنا وسط مخيم نور شمس شرق مدينة طولكرم ...
- بوريل يدين عنف المستوطنين المتطرفين في إسرائيل ويدعو إلى محا ...
- عبد اللهيان: ما حدث الليلة الماضية لم يكن هجوما.. ونحن لن نر ...
- خبير عسكري مصري: اقتحام إسرائيل لرفح بات أمرا حتميا


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - رياض حسن محرم - قراءة فى مشهد الإعتداء على السيدة المسيحية فى المنيا