أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - تميم منصور - بالأمية والغيبيات تُحكم الشعوب والبلدان















المزيد.....

بالأمية والغيبيات تُحكم الشعوب والبلدان


تميم منصور

الحوار المتمدن-العدد: 5418 - 2017 / 1 / 31 - 20:52
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


بالأمية والغيبيات تُحكم الشعوب والبلدان

تميم منصور
منذ أن ظهر الإسلام كرسالة دينية واجتماعية لم يتغير ، ثوابته الأساسية معروفة لمن يؤمن بهذه الرسالة ولمن لا يؤمن ، لا أحد ينكر بأنه يطالب بمناصرة الضعيف وتوفير العدالة والكرامة ، وانتزاع الحق ، ورفض الانتهازية والاستغلال والعبودية ، لكن قطاعات كبيرة من المسلمين ، هم من عبث بهذا الدين وشوهوا جوهره ، عن طريق نسج سنن وفرائض لا صلة لها في الدين .
من يتحمل مسؤولية هذا التشويه أيضا عدد لا بأس به من قادة الأنظمة العربية و الإسلامية ، قبل حصول هذه الأقطار على الاستقلال وبعدها .
قبل الاستقلال كانوا العصا التي تحكم وتتسلط بها كافة القوى الامبريالية ،وبعد الاستقلال ، رفض هؤلاء القادة الصعود مع شعوبهم واللحاق في مواكب الحضارة والتطور ، كما رفضوا تبني أي فكر اجتماعي وطني وقومي ، تقدمي اشتراكي حضاري ، ليكون عوناً لهم في الحكم .
لم يجدوا أفضل من الفكر الديني السطحي البسيط الذي شوهه العديد من العلماء والمؤسسات ودور الفتاوى للأخذ به ، فحولوه الى واجهة سياسية ودستور ، ونظام للحكم ومرجعية ثقافية وعلمية ، عملوا على تكييف الدين الإسلامي وتجييره لصالح أنظمة حكمهم الفاسدة المستبدة ، هذا بدوره ساعد على خلق فراغاً سياسياً داخل الشارع وداخل صفوف المواطنين ، في نفس الوقت ساعد على ظهور فئات سلفية أصولية كثيرة ، كالوهابية والسنوسية والمهدية والاخوانية وغيرها ، حملت هذه الفصائل شعارات فضفاضة ، أهمها أنه أجل النهوض بالأمة وتحديثها يجب العودة الى الدين ، كيف يمكن تخليص الدين من الشوائب التي الحقوها به ، في ظل انتشار الفقر والأمية وهيمنة قوى طاغية كالعثمانية والامبريالية البريطانية التي سيطرت على ملايين المسلمين في شبه القارة الهندية ، وأفريقيا السوداء والشرق الأوسط ، كان من المفروض أن تتحرر الشعوب الإسلامية من سيطرة هذه القوى ، يمكن بعدها الحديث عن تطهير الدين من الشوائب التي الحقها الجهلة به .
التاريخ يؤكد بأن بريطانيا والحكم العثماني ساهموا في نشر الخرافات والسحر والايمان بالمعجزات ، وطاعة شيوخ الفتنة والتكفير بين الشعوب الإسلامية التي سيطروا عليها ، وقد فضلها الناس بسبب جهلهم وانتشار الأمية بينهم ، كان التواصل بين هذه القوى الطاغية وبين المواطنين ، أما عن طريق رؤساء العشائر ، أو عن طريق زعماء وقادة الفرق والأحزاب الدينية .
كانت بريطانيا تؤمن ومعها الدولة العثمانية ، بأن تعميق الفقر والجهل يجذب المواطنين لتفسيرات الدين السطحية والبعيدة عن الواقع ، ويبعدهم عن الحضارة والتمدن .
نذكر حادثة السفير البريطاني في الهند الذي مر على شاب هندوسي كان يضرب بالبقرة ، فهبط السفير من السيارة ، وتقدم من البقرة فأخذ يحسس عليها ، وعندما بولت أخذ من بولها ومسح به على يديه ، ورجع الى السيارة ، فسأله السائق لماذا قمت بذلك ومنذ متى تحب أنت الأبقار ؟؟ فأجاب السفير : هذا الشاب الهندوسي بدأ يفكر ويخرج من غيبوبته الدينية ، لو وافقته على ضرب البقرة لأنتشر الوعي وحلت اليقظة ، عندها سيكون طردنا ، نحن نحكم الجهل والغيبيات .
مثلاً كان شيخ الإسلام في الدولة العثمانية ، يكفر بأي اتصال أو علاقة مع أي جهة غير إسلامية . من أجل ذلك عملت هذه القوى الامبريالية على رفع مداميك الحواجز والأسوار التي تفصل بين المسلمين وبين كل تطور حضاري أوروبي ، مع ذلك تم اختراق هذا الحصار بطرق كثيرة ، من بينها حملة نابليون على مصر ، فقد فتحت نافذة بين مصر وبين العديد من الدول الأوروبية ، ظهر ذلك في فترة حكم محمد علي باشا ، كما وصلت بعض النسمات من رياح الثورات في أوروبا الى الدولة العثمانية ، والى المستعمرات البريطانية والفرنسية ، فبدأت تتفتح بعض براعم اليقظة في شبه القارة الهندية وبلاد الشام وشمال أفريقيا ومصر .
ايقنت بريطانيا أخطار بداية التململ في مستعمراتها الإسلامية ، فلجأت الى استخدام داء الجهل الديني الذي أعدته وساهمت في انتشاره داخل صفوف المسلمين ، فقررت اللجوء الى الدين لضرب هذه الشعوب بعضها ببعض ، ففي بلاد الشام ساعدت على اثارة الصراع الطائفي يمساعدة الحكم العثماني ، فوقعت مواجهات دامية في كل من سوريا ولبنان بين المسلمين والمسيحيين .
في شبه القارة الهندية لم تجد بريطانيا أفضل من اللجوء للصراع الطائفي لمنع وحدة الشعب في هذه المنطقة ، فأشعلت نيران الفتن بين المسلمين والهندوس ، وبين الهندوس أنفسهم وبين المسلمين أنفسهم ، خاصة بين السنة والشيعة ، كما أشعلت مثل هذه الفتن في مناطق الفرات الأوسط في العراق ، حيث نشبت اضطرابات دامية بين العشائر وبين سكان المدن ، وامتدت ألسنة هذه الفتن ليصل الى حدود مواجهات طائفية على خلفية دينية وخلفية أثنية .
كانت النتيجة الحتمية لمثل هذه الممارسات ، التأخر في بلورة ويقظة الوعي لدى هذه الشعوب ، كما أنها تركت رواسب مؤثرة لا زالت قائمة حتى اليوم ، أهمها بقاء الاحتقان الطائفي والديني لدى هذه الشعوب متجذراً في نفوس قطاعات وطوائف كثيرة ، كما ترك وراءه شعوباً مهمشة تعبة ، كان من الصعب عليها التحول وبلوغ درجات كافية من الوعي ، هذا بدوره ساعد القوى الامبريالية على استبدال حكمها الامبريالي المباشر ، بتنصيب حكام جدد لخدمة مصالحها في هذه الأقطار ، كما أنها لجأت الى أفضل طريقة لتحطيم قوة هذه الشعوب ، عن طريق تجزئتها جغرافياً وديمغرافياً على أسس طائفية ، كما حصل في شبه القارة الهندية ، وفي منطقة الشرق الأوسط .
في سنوات الخمسينات والستينات من القرن الماضي ، ظهرت بوادر صحوة وطنية وقومية واجتماعية ، خاصة في مصر ، فانعكست على العديد من البلدان المجاورة ، فقد تمت مواجهة القوى الأصولية ، وتمت ملاحقتهم في كل من مصر وسوريا ، مما أوقف المد الديني البعيد عن جوهر الدين الصحيح ، هذا الانحسار في صفوف السلفيين ، أدى الى انطلاقة ثقافية في مجالات الشعر والأدب والمسرح والسينما وغيرها ، كما تم تنقية المناهج لتدرسيه من شوائب التخلف التي استخدمت باسم الدين .
لكن بعد ردة السادات الذي تآمر مع القوى التكفيرية ضد القوى التقدمية والنهضوية ، كما استغلت القوى الظلامية حكم مبارك الفاسد فأعادت تنظيم صفوفها ، فظهرت قواها بعد ثورات ما سمي بالربيع العربي خاصة في مصر وسوريا وتونس وليبيا والعراق ، أعادت هذه القوى من جديد الجهل الديني بقيادة الولايات المتحدة والسعودية وغيرها ، مستخدمة هذه المرة الإرهاب لتحقيق مآربها ، فجددت الحروب الدينية الدينية التي ما زالت مشتعلة حتى اليوم .
اليوم نستطيع القول بأن العالم الإسلامي والى جانبه العالم العربي يعيشون في ظل انقسام ديني خطير للغاية ، مما ترك مجالاً للقوى الأجنبية الامبريالية والصهيونية للتدخل والعمل على احتواء وتجنيد فئات انفصالية تحت رايات دينية ، من أكبر الدلائل على ما يعانيه العالمين العربي والإسلامي من حالة تدهور وفراغ وانقسامات وتراجع فكري وقومي ، هو عدم ارتداع الرئيس الأمريكي "ترامب " عن تنفيذ وعوده الانتخابية ، في مقدمتها منع المسلمين من دخول بلاده ، فالدول التي اختارها باستثناء ايران جميعها ضحية من ضحايا سياسة أمريكا الخارجية ، فامريكا قامت بتحطيم هذه الدول ، وعملت على
اثارة حروب داخلها ، كالعراق واليمن وسوريا وليبيا ، رغم هذا لم تقف جميع الدول العربية والإسلامية مع الدول التي منع رعاياها من الدخول الى الولايات المتحدة ، فإن جميعها صمتت ، وتنتظر الدخان " الترامبي " الذي سيخرج من مدخنة البيت الأبيض .
حتى الآن لا يوجد ردة فعل من العرب والمسلمين الذين طالهم هذا القرار ، ومن الذين لم يطلهم ، فالمظاهرات في أمريكا هي من قبل المسلمين فقط .
نعرف أن الشعب الأمريكي انتخب ترامب وهو يعرف حقيقة عنصريته وحقده على الشعوب ، وأنه سينفذ تهديده الذي كان يعلنه أيام الانتخابات ، لكن نسأل الأزهر ، رجال الدين الذي يضيئون الفضائيات بالفتاوى والتفسيرات ، لماذا هذا الصمت ؟؟ لماذا لم تصدر فتوى تمنع الامريكان من دخول الأقطار العربية والاسلامية ؟



#تميم_منصور (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- وحدها الشعوب العربية قادرة على الزام امريكا بالتغيير
- وماذا بعد الاستقالات ؟؟؟
- الاعلام الإسرائيلي يُسقط نتنياهو بحفرة الشبهات
- حُلم عثمنة تركيا تبدد تحت وقع الإرهاب الاردوغاني
- الأصابع المرفوعة في السجلات المختومة بالقبلة الامريكية
- جدل عقيم وحمى الاتهامات
- الربيع العربي أدخل اسرائيل العصر الذهبي
- صفق أنت فلسطيني
- فيدل كاسترو البصمة التي أوجعت امريكا
- بين فكي كماشة بلفور والتقسيم يعيش الشعب الفلسطيني
- لا يفتح الطريق المسدود امام الفلسطينيين الا الشعب الفلسطيني
- مقاييس التكريم محاطة بالجماجم
- بين الهيئة العربية العليا والقائمة المشتركة
- موعد مع الغدر في ليلة المجزرة
- عروبة الحرم القدسي الشريف ليس رهينة لقرارات اليونسكو وغيرها ...
- حقائق التاريخ تدين الوزير - بينيت -
- حمامة بيرس للسلام في قفص التساؤلات
- عباس في خطابه أمام الأمم المتحدة أسقط البندقية وكسر غصن الزي ...
- نتنياهو من فزعة يوم الانتخابات الى اللعب بورقة التطهير العرق ...
- من اسحاق رابين الى الكابتن نضال


المزيد.....




- استهداف أصفهان تحديدا -رسالة محسوبة- إلى إيران.. توضيح من جن ...
- هي الأضخم في العالم... بدء الاقتراع في الانتخابات العامة في ...
- بولندا تطلق مقاتلاتها بسبب -نشاط الطيران الروسي بعيد المدى- ...
- بريطانيا.. إدانة مسلح أطلق النار في شارع مزدحم (فيديو)
- على خلفية التصعيد في المنطقة.. اتصال هاتفي بين وزيري خارجية ...
- -رأسنا مرفوع-.. نائبة في الكنيست تلمح إلى هجوم إسرائيل على إ ...
- هواوي تكشف عن أفضل هواتفها الذكية (فيديو)
- مواد دقيقة في البيئة المحيطة يمكن أن تتسلل إلى أدمغتنا وأعضا ...
- خبراء: الذكاء الاصطناعي يسرع عمليات البحث عن الهجمات السيبرا ...
- علماء الوراثة الروس يثبتون العلاقة الجينية بين شعوب القوقاز ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - تميم منصور - بالأمية والغيبيات تُحكم الشعوب والبلدان