فك شفره , الزعيم عبد الكريم قاسم ..ج3

ليث الجادر

الحوار المتمدن-العدد: 5417 - 2017 / 1 / 30 - 18:11
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

من هو أياد سعيد ثابت ؟
اذا كان قدر التاريخ لم يشترط حدود لاشكال ومستويات العنف في مجرى انيثاق اي ثوره ..فانه بالمقابل اشترط ديمومه ظفر الثوره بقمع فلول اعداؤها وجعل هذا في طبيعه جوهرها كحركه تندفع الى التغيير ... ان ما حدث في فجر 14 تموز لم يكن بالامكان من الناحيه النظريه الدقيقه اخضاعه لقياسات الثوره التي تندلع كخيار نهائي لنضالات الجماهير بل انها كانت انقلابا عسكريا نفذته جبهه نخبويه,, خصوصا وان اسقاط النظام الملكي لم يكن مطروحا على بساط الاحتجاجات اليوميه واقصى مطلب بهذا الاتجاه كان حينها هو ازاحه نوري سعيد من سده رئاسه الوزراء كرده فعل على العدوان الثلاثي على مصر ولم يكن ليرتبط بنضالات الواقع اليومي الجماهيري ..ان وحده الجبهه التي خاضت وقائع الانقلاب كانت هشه لدرجه ان الهدف التكتيكي الوحيد الذي تاسست عليه وهو اسقاط النظام الملكي ,انما كان بحد ذاته يحتم ويشترط على اطراف النخبه من الوصول بخط التناقض الى حدود الصراع ...ولربما هنا يحق لنا من تلمس حقيقه ان هذا الانقلاب انما ايضا كان يمثل قفزه على القاعده الواقعيه لشروط تبلور الوعي الاجتماعي اتجاه القضايا السياسيه ..ووفق ما تقدم فان وصف الثوره لم يقترن بطبيعه الحركه الانقلابيه ككل بقدر ما انه كان وصف لممارسات الجناح التقدمي اثناء ذلك الصراع الذي خاضته مع الجناح القومي في مجرى حسم قضيه السلطه , فزعامه عبد الكريم قاسم لم تكن زعامه لسلطه سياسيه بقدر ما انها كانت زعامه للجناح التقدمي الذي كان في نشاط دؤوب لان يوجه حركه الانقلاب الى الاصلاح الواقعي الداخلي مقابل الجناح القومي الذي ظل يضغط لتوظيف الحدث الداخلي في مصلحه الهدف القومي .
لقد باتت الدوله في هذه الحاله وكانها تطير بجناح واحد وهو جناح القوه الذاتيه بينما لم يتعطل جناح القوه المستمده بل انه عكس رفيفه الى داخل احشاء الدوله وبامكانيات حقيقيه وموضوعيه تتاسس على قاعده لها امتداداتها الواقعيه ..والثوره كان بامكانها لاتختنق بل كانت قادره على الانعزال لو ان الجناح التقدمي حسم بصوره نهائيه وقطعيه موقفه من الجناح القومي لانه حينها سيكون الصراع مع القوى المضاده هو صراع الدوله مع قوى خارجيه وليس صراعا دخليا واهليا ..ان البحث عن سبب عدم اقدام الجناح التقدمي وبصوره ادق عدم اقدام زعامه عبد الكريم قاسم على تصفيه الحساب مع القوى القوميه بشكل راديكالي يناسب حجم الحركه ,انما هو هدف بحثنا هذا ..ولحد الان فان التفسير الاكثر شيوعيا وتدولا لسبب هذا التقصير يوعز الى ممارسات شخص الزعيم وسياسته التي التي تختصر ب( عفى الله عما سلف ) ..وبدايه نقول ان مروجي هذا التفسير بالاضافه الى انهم يبدون مغالين في التبسيط ,فانهم ايضا يبدون يبدون وكانهم يتغاضون عن قصد موجه القمع والعنف التي مارستها الحركه الانقلابيه بدايه من اول يوم اندلاعها حتى اخر ايامها , وهي خلال هذا لم تشمل بعفوها الا اشخاص معدوديين (وسنكتشف لاحقا انهم كانوا منتخبين ومحصنين ), وكأن هذا يتطابق مع فحوى قصه مخادعه ذكيه مارسها انصار الجناح التقدمي ضد انصار الجناح القومي وكان فيها الذكاء قد اضفى عليها صفه الطرافه ..ففي تلك الايام وحينما اشتد التوتر بين الجناحيين بعد تمرد الشواف في الموصل وفشله وانهياره في يومه الاول .خصصت اذاعه صوت العرب في القاهره فتره من بثها الموجه الى العراق لمذيع قومي متحمس كان قد ذاعت شهرته بين الاوساط الجماهيريه وكان اسمه احمد سعيد , كان هذا المذيع ماهرا في ادائه في النيل من حكومه الزعيم عبد الكريم الى درجه لفته بها انتباهها واثار قلقها وامتعاضها .مما استدعى جهه مختصه لان تنصب له كمين يوقعه في ورطه اعلاميه كبيره , فما كان منها الا ان سربت له واثناء فتره بث رنامجه في الاذاعه خبرا على شكل برقيه من داخل العراق تقول بان السلطات اعتقلت المناضله العربيه الكبيره – حسنه ملصه – وهي الان تواجه بانتظار قرار الاعدام ...حينها سارع احمد سعيد الى قراءه الخبر وعلى الهواء مباشره ..ثم بدا باسلوبه الحماسي يردد ( ليرفع فورا الدكتاتور يده عن المناضله حسنه ملص ) ثم اخذخ الحماس ليصرخ ( ان قتلت حسنه ملص , فكلنا من المحيط الى الخليج ..حسنه ملص ) ..وهكذا تحول احمد سعيد الى سخريه وسط دهشه مستمعيه وذهولهم من العراقيين ,والسبب ان حسنه ملص وكما هو معرف لدينا نحن العراقيين انما هو اسم لامراه امتهنت العهر وليس لها صله بالسياسه لامن قريب ولامن بعيد ...واعتقد اننا كلنا أحمد سعيد , حينما نصدق بعفويه شعار (عفى الله عما سلف )....
يتبع

#ليث_الجادر (هاشتاغ)      

---

ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل