أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسين سليم - قصة قصيرة : خوف














المزيد.....

قصة قصيرة : خوف


حسين سليم
(Hussain Saleem)


الحوار المتمدن-العدد: 5412 - 2017 / 1 / 25 - 00:12
المحور: الادب والفن
    




قال لي وابتسامة ترسم الودّ على محياه : أرجوك اجلس! فجلست على مصطبة حديدية، مغطاة بجلد اسود، تقابلها واحدة أخرى من الجانب الآخر. صفوف أحذية مرتبة على الجانبين. قال : "هذا الجانب للرجال" ، وأشار إلى اليسار، " وذاك للنساء ". أحذية بأشكال وأحجام مختلفة وبألوان متعددة. أرحت جسدي المتعب. أعمل ثمان ساعات في الليل أمام ماكنة، صرت جزءا منها. كانت نهاية العمل ، الساعة السادسة صباحا، وكانت السيارة على الموعد، تأتي مرتين في الشهر وتبقى ثلاث ساعات لكل وجبة عمل. فأمريكا هذه عبارة عن ورشة عمل كبيرة تعمل على مدار الساعة. قال عامل أحذية السيارة : كم القياس؟ ازدحم برأسي عالم من الأحذية، كما بدأت الأحذية التي أمامي وخلفي تمشي، تتقافز، تتبادل الأماكن، بينما تسمّرت عيناي على شاشة الحاسبة المنتصبة على عمود حديد أمامي، بين المصطبة اليمنى والمخزن، وهي تعكس لقطات متسارعة، مختلفة، مبرقة، لذلك العالم المترامي بعيدا:/ رجل أمن يصرخ سأجعله يوقع بالحِذاء / كان لي حذاء اسود، وبالي لكل المناسبات ، اصبغه حين يشحب لونه، وفي اغلب الأحيان، ادهنه ببعض قطرات من السّمن النباتي، كي يلمع قليلا،/امرأة تضرب طفلها بالحذاء وبقعة بول أسفل قدميه/ ولكثرة الشقوق، لا اذكر عدد المرّات التي أودعته عند الإسكافي لرَقَعَه، وآخر حالاته المتهرئة صار له ثقب من الأسفل بحجم قطعة نقدية من المعدن. ومازلت اذكر الألم الذي أصابني وأنا أسير في احد الدروب، إذ صرخت، حين لامست حصاة صغيرة بطن قدمي من تلك الفتحة كأنها صعقة كهربائية ،/ رجل يضرب زوجته بالحِذاء لتأخرها في إعداد الطعام/ أجبت: حقيقة لا اعرف ./ داس رجل بقدمه جريدة رسمية، مهملة في الطريق، وأودع السجن، بسبب صورة القائد، التي تبرز على صفحتها الأولى/ ومن يومها أخشى بقايا الجرائد المهملة في الطرقات . تخيفني الأحذية، وخصوصا الجديدة، اللامعة السوداء منها والبنية على السواء.وكانت نظارتي أول الخسائر فيها، إذ وقفت يوما ما أتفرج كالآخرين على مشاجرة فصفع وجهي حِذاء أطاح بالنظارة إلى شظايا متطايرة./ الشركة تخصص مئة وخمسين دولارا في السنة لكل عامل شراء حِذاء واقٍ لأصابع القدم./ومرة أردت التعبير عن إعجابي لامرأة جميلة فطبعت وشما على جبهتي بحذائها ذي الكعب العالي/ رئيس تحرير مجلة ملتزمة يضرب طرود المجلة بحذائه لتأخر التوزيع/ السيارة بلا نوافذ، كما هناك، قد غطتها إعلانات الأحذية من الخارج، لكن هواء المكيف المنعش، يدعو للاسترخاء، بينما المصطبة التي ربطت إليها هناك، جرداء وجدار السيارة الصدأ من الداخل يلسع ظهري كسياط حديد حارة . و كان كوسادة في آخر اعتقال لي، كنت متعبا و لم أجد فسحة أتمدد فيها، وضعته أسفل رأسي ومددت جسدي داخل المِرْحاض /أستاذ يضرب تلميذه بالحذاء/وزير يضرب مواطنا بحذائه/ قال : جرب هذا القياس ! قلت :لا أحب هذا النوع، انه يشبه بسطا ل الجيش فهو يذكرني بالطاعة العمياء والموت المجاني في الحروب / كان عريف هلال يقول نرمي البسطا ل إلى أعلى فيقع على رأس خريج جامعي .وكان حافظاً لوثائقي عند عبور الحدود/ وأخ يقول لأخته إذا رايتكِ واقفة عند الباب فسوف افرك راسكِ بالحذاء / وقال لي العامل العربي عثمان، وهو يتفحص الأحذية : تصور لا يوجد في بلدي حِذاء على مقاس قدمي، فقررت المجيء إلى أمريكا ! كل شيء في أمريكا، العالم كله هنا ! ضحكت وقلت له: وأنا هربت من شدة الأحذية التي تطاردني./ وكنت أرى وجوها كثيرة على شكل أحذية. أحذية كالمطر تنهمر، تقع على رأسي، تضربه من كل الجهات. أحذية محلية وأجنبية، في آخر لقطة على الشاشة، تظهر كأسوارعالية تفصل المدن، الواحدة عن الأخرى . تحسست أسفل عيني اليمنى، كان هناك ندب صغير من اثر ضربة حذاء بني اللون، كأنه اللحظة، كانت بدايته، ابن الحذاء! لتنهال بعدها على أجزاء جسدي أحذية مختلفة الأحجام والألوان، الرخيصة منها والغالية، وألسن كثيرة تقذف حمما من الأحذية / وقال : خذ جرب هذا قد يكون على المقاس ! قطع صوته شريط الذاكرة فانتبهت إليه: نعم سأجربه، ولكن أرغب بذلك النوع . اردف : ذاك ليس لكم . دمدمت : م م م ، وما الفرق ؟ /...



#حسين_سليم (هاشتاغ)       Hussain_Saleem#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- همبلة 4 : أنت تعرف تسبحلوجي ؟!
- قصة قصيرة : سيميسدي *
- الإعلام الصحي
- صاحب المفتاح
- همبلة 3 : موكبكم ما يشبع بطن !
- همبلة 2 : ذني مو النا !
- أفكار
- همبلة 1 : لا تهمبلون علينا !
- شّوق
- الوطن والمنفى في كويستيان
- الصحة العامة للمرأة العاملة
- قليل الكلام : الأخلاق أم الدِّين أولاً !
- قليل الكلام :أنا-المواطن والبرنامج الحكومي !
- شيوخ
- سبعة ألوان
- حالات حبّ : عيون
- قليل الكلام : جائزة الاديب الميت !
- صورة
- حالات حبّ
- سّجين المنفى


المزيد.....




- النساء والفنون القتالية: تمكين للعقل والجسد
- الشاعر معز ماجد: اللغة منظومة تاريخية وجمالية تشكل نظرتنا لل ...
- مشروع CAST الكوري يأسر الشرق الأوسط وتايوان ويعرض الانجذاب ا ...
- المغرب.. مشهد من فيلم في مهرجان مراكش يثير جدلا
- مهرجان مراكش يعلن عن المتوجين بجوائز -ورشات الأطلس-
- معرض العراق للكتاب.. زوار يبحثون عن الغريب والجديد
- Strategic Culture: تجاهل العقيدة النووية الروسية المحدثة يقر ...
- اللغة الأكادية في العراق القديم تكشف ارتباط السعادة -بالكبد- ...
- مهرجان مراكش السينمائي الدولي يستضيف الممثل والمخرج شون بن ف ...
- المصور الأميركي روجر بالين: النوع البشري مُدمَّر!


المزيد.....

- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسين سليم - قصة قصيرة : خوف