|
الوطن والمنفى في كويستيان
حسين سليم
(Hussain Saleem)
الحوار المتمدن-العدد: 4829 - 2015 / 6 / 6 - 23:26
المحور:
الادب والفن
رواية (فندق كويستيان ) ، للروائي خضير فليح الزيدي ، الصادرة ، عن دار الحريري ، في بيروت عام 2014 ، من الروايات القليلة التي استطاعت ، أن تقترب أو تقرب ، الواقع العراقي إلينا ، وتجعلنا ، نعيشه على الورق ، بعد أن عشناه في الحياة ، وتدعونا إلى مشاركة أحداث عشناها . حظيت الرواية بكتابات ليست قليلة ، تناولت موضوعات مختلفة ، منها : الحبكة ، الميتاسرد ، واللغة ، لأحداث جسيمة في حياة العراقيين ، على مدار عقود ، من العسف والاستلاب والموت المجاني . من بين الموضوعات ، التي أخذت تشكل حيزا في ذاكرتنا الفردية والجمعية ، أمام إشكاليات الواقع السياسي والاقتصادي- الاجتماعي الذي مرّ به العراق ، ويمرّ ، هي إشكالية - ثنائية الوطن/المنفى التي تتداخل وتتقاطع ، مع الحروب ، السجون ، والحصار . قد تناولها الزيدي، بين ثنايا فصول ، في 188 صفحة ، رواية داخل رواية ، لثيمة عراقية ، ما زلنا ندفع ثمنها ، كل بطريقته ، عناوينها الاساسية : حروب ، حصار، سجن ، منفى ، وحرب أهلية . جسد بطولتها الرئيسية ناصر رشيد فوزي ، القادم من منفاه ؛ المانيا ، وصديقه المحاصر في بغداد ، علي عبد الهادي .هي تمثل حكاية جيل حرقته دكتاتورية ، شمولية نعيش تداعياتها ، وقد اكملتها فوضى خلاقة ، يقتل العراقي أخيه العراقي ، الذي وجد عنوانا آخر للمنفى داخل الوطن ، عبر النزوح والهرب من منطقة إلى أخرى ، ليكون فندق كويستيان ملجأ " للفارين" من المنفى الخارجي ، والمنفى الداخلي ؛ من الوطن الى الوطن ؛ من حرب الاخوة والمواطنة الواحدة . يقول ناصربطل الرواية في بداية صفحتها الاولى : " في هذه اللحظة بالذات تجاوز عمري الخمسين سنة عراقية .. وعندما أقول عراقية فقد عنيتها تماما .. تختلف عن كل سنة أخرى على وجه ألارض " لا يعرف قيمة هذه الجملة وقوتها الاّ من احترقت خمسينه وستينه ، في أتون الحروب وما تلاها ، وهي عراقية بامتياز . هي جمرة لمن عاشها ، "حية ودرج بغدادية " أو " جمرة بغداد " كما يدعوها ناصر ، العائد إليها ، من أجل مخطوطته ؛ رواية " حديث الريم " وحبيبته رباب حسين ، بل قل :هي "جمرتا بغداد " أو "جمرات " : "جمرة حارقة" ؛ هي جمرة الوطن بما فيه من حروب وحصار وسجن ، التي اجبرت ناصر إلى أختيارالمنفى ، وما تلاها من حرب طائفية على الهوية ، قد لا تكون آخر حلقة في سلسلة الخراب العراقي . يقول" ايباه منذ زمن وصنبور الدم مفتوح في هذه البلد ولا أحد يفكر في غلقه "، و" الجمرة الباردة " هي جمرة المنفى ؛ جمرة العزلة والوحدة القاتلة والليالي الباردة والموت البطيء والخوف والحنين إلى/على الاهل والوطن ، ليعود رغم تحذيرات الاصدقاء له ، ويواجه حتفه في جمرة بغداد الحارقة " لا يمكن أن أموت في الغربة ، واتّعفن من ثقل الوحشة والفراغ " . تحاول الرواية أن تستلهم الواقع العراقي العجيب في حلقاته وتطوره الاجتماعي ، الذي يكاد أن يكون بحد ذاته فنتازيا ، اذ لا يعرف المثقف الفاطن ، ما يخبأه الغد ، استنادا إلى حثيثات الامس . فالعراق من العجائب السبع ! لا تستطيع التكهن بما يفاجئك في الغد ، بل قل انه بلد المفاجآت !. تستحق رواية ( فندق كويستيان) دراسة أكاديمية ، في موضوعة الوطن والمنفى في الادب العراقي، كونها وثقت ادبيا ، ما مرّينا به ، من ظروف مأساوية ، قد ابدع فيها الزيدي ، بشخصيات حية غير غريبة عن واقعنا المعاش ،إضافة لما تميّزت به من ميتاسردية غير معقدة ، محكمة البناء ،في انسيابية مرنة ، لا يتيه القارئ العادي فيها ، مع تداخل الزمان والمكان ، بلغة متنوعة ، تركز على الحدث ، ولا تسهب في الوصف ، ناهيك عن الدلالات "الرمزية" الاخرى ، لبقية الأمكنة والشخصيات والأسماء ؛ شارع المتنبي ، الفندق ، قصيدة الشاعر الامريكي ، و رباب ، التي قد تكون هي الوطن المغناطيس ، وكريم حنش ، خازن اسرار المثقفين والسياسين ، وبوصلة لقاءاتهم ، قبل عالم " الفوق سبعة والتحت سبعة "، وكذا تحولات الشخصيات الأخرى ، على مدار أربعة عقود . كما تحتاج الرواية إلى نقد إكاديمي يتناولها بالتفصيل بحرفية النقد وأدواته المعرفية ، لمّا لها من موقع في أدبنا الجديد .
لمعرفة اخر تطورات فيروس كرونا في بلدك وفي
العالم كله انقر على هذا الرابط
https://ahewar.org/Corona.asp
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,228,873,945
|
-
الصحة العامة للمرأة العاملة
-
قليل الكلام : الأخلاق أم الدِّين أولاً !
-
قليل الكلام :أنا-المواطن والبرنامج الحكومي !
-
شيوخ
-
سبعة ألوان
-
حالات حبّ : عيون
-
قليل الكلام : جائزة الاديب الميت !
-
صورة
-
حالات حبّ
-
سّجين المنفى
-
قليل الكلام : العيديّة والمستمسكات الاربعة !
-
قليل الكلام : ألاّ نحترم مسجد الدولة !
-
قليل الكلام :التدخين يقتل شبابنا ايضا !
-
قليل الكلام : السلطة لاتساوي شربة ماء!
-
عشّقُ الجوزاء
-
السّجن
-
كتاب مدينة
-
صَاحِب المَلفّ
-
بيت في بغداد
-
أبي لا يقرأ ولا يكتب
المزيد.....
-
محاربون وفلاسفة وأصحاب رؤى.. مدارس الواقعية في سينما الثماني
...
-
كاريكاتير -القدس- لليوم السبت
-
فنان سوري:-أتمنى أن يكون مثواي جهنم-..!!
-
رسالتا ماجستير جديدتان عن أديب كمال الدين في جامعتي كربلاء و
...
-
نصوص مغايره .تونس: نص هكذا نسيت جثّتي.للشاعر رياض الشرايطى
-
شظايا المصباح.. الأزمي يستقيل من رئاسة المجلس الوطني والأمان
...
-
مهرجان برلين السينمائي الـ71 ينطلق الاثنين -أونلاين- بسبب كو
...
-
نصوص مغايرة .تونس. هكذا نسيت جثّتي :الشاعر رياض الشرايطي
-
لأسباب صحية.. الرميد يقدم استقالته من الحكومة
-
رحيل الفنان الكويتي مشاري البلام.. أبرز أبناء جيله وصاحب الأ
...
المزيد.....
-
هل يسأم النهب من نفسه؟
/ محمد الحنفي
-
في رثاء عامودا
/ عبداللطيف الحسيني
-
ظلال الاسم الجريح
/ عبداللطيف الحسيني
-
أسأم / لا أسأم...
/ محمد الحنفي
-
ستّ مجموعات شِعرية- الجزءالثاني
/ مبارك وساط
-
ظلال الاسم الجريح
/ عبداللطيف الحسيني
-
خواطر وقصص قصيرة
/ محمود فنون
-
هل يسأم النهب من نفسه؟
/ محمد الحنفي
-
قصة المايكرو
/ محمد نجيب السعد
-
ديوان شعر 21 ( غلاصم الزمن )
/ منصور الريكان
المزيد.....
|