كيف غاب عن مؤرخى الإسلام أنّ السيسى من أصحاب الرسلات؟

طلعت رضوان

الحوار المتمدن-العدد: 5406 - 2017 / 1 / 18 - 22:34
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    

كيف غاب عن مؤرخى الإسلام أنّ السيسى من أصحاب الرسالات؟
طلعت رضوان
لماذا نسّـبَ الإخوان الملك فاروق لأسرة نبى الإسلام؟
ولماذا قال البعض أنّ عبدالناصرهوأبوبكرالصديق؟
أصبح من المؤكد أنّ لاشيىء يـُـثيرالدهشة. وبالتالى فإنّ الواقع السياسى الذى تــُـسيطرعليه ما تــُــسمى بالنخبة، قتلتْ عند الإنسان (مباهج الدهشة) الفطرية، الدهشة التى يتمتــّـع بها الأطفال، والمُـتجسـّـدة فى أسئلتهم البريئة، مثل ذلك السؤال الشهيرالذى يسأله كل الأطفال ((أين الله؟)) أما الدهشة التى تنتاب المفكرين والمبدعين والعلماء، فهى التى أنتجتْ روائع الأدب والفكرالعالمى (حيث التناقض بين المُـثل العليا المنشودة لسعادة الإنسان، وبين الواقع البائس) وفى مجال العلوم الطبيعية كانت الدهشة هى التى ولــّـدتْ عند العلماء قانون الجاذبية وقانون النسبية وقانون التطورالطبيعى للكائنات الحية.
أما التصريحات التى تدخل فى باب (الخرافات) المُـستمدة من الميتافيزيقا، فهى أشبه بالنكت (صحيحة لغويـًـا) السخيفة التى لاتــُـضحك بل إنها تــُـسبـّـب (النكد) لما فيها من تردى على المستوى الذى وصل إليه بعض العاملين فى الحقل السياسى، من ذلك التصريح الذى أدلى به ممدوح قناوى (رئيس الحزب الدستورى الحر- تيارالإستقلال) حيث قال أنه اجتمع مع الرئيس السيسى خلال اجتماعه بالأحزاب السياسية. وقال إنّ ((السيسى منذ أنْ كان نطفة فى رحم أمه من أصحاب الرسالات، وأنّ العناية الإلهية أرسلته ليقوم بهذا الدورللقضاء على الإرهاب))
وهذا التصريح يستدعى الملاحظات التالية:
أولا: استمرارمتوالية (النفاق) شديد الفجاجة ومن رئيس حزب سياسى.
ثانيـًـا: ماذا ترك (رجل السياسة) للعاملين بمؤسسات الكهنوت الدينى؟ ولماذا يـُـزاحمهم فى النفاق؟
ثالثــًـا: ماموقف رئاسة الجمهورية من أمثال هذه التصريحات؟ هل تــُـؤيدها؟ وإذا كانت لاتــُـؤيدها فلماذا تسكت ولاترد عليها؟
رابعـًـا: أليستْ أمثال هذه التصريحات تجد القبول لدى قطاعات عريضة من المؤمنين بالخرافات المعجونة بالميتافيزيقا العربية/ الإسلامية؟
خامسًـا: إذا كان السيسى من أصحاب الرسالات منذ أنْ كان فى رحم أمه، فالمعنى أنه لايجوزالاعتراض على أى قراريتخذه، ولايجوزتطبيق آليات العصرالحديث السياسية، مثل تداول السلطة، وبالتالى فهو(نظرًا لرسالته السماوية) الحاكم (الأبدى) إلى أنْ تأتى لحظة وفاته كما حدث مع (أصحاب الرسالات)
سادسًـا: هل هذا التصريح المُـعتمد على الخرافة فى تمجيد الحاكم وتملقه له سوابق سابقة؟ أعتقد أنّ من أشهرالسوابق ماحدث من صحف حزب الوفد بعد عودة سعد زغلول من المنفى. ورغم أنّ شعبنا فى سنة1919هوالذى (صنع) الثورة وبالتالى هوالذى (صنع) زعامة زغلول، فإنّ أتباع حزبه صنعوا منه (أسطورة) ووفقــًـا لنص كلام د. محمد حسين هيكل فى مذكراته ((أحيط سعد بعد عودته بهالة من جلال، امتزج فيها الخيال بالواقع. وارتفعتْ باسم سعد إلى مستوى الأساطير. وكانت صحف الوفد تروى أمورًا هى الخرافة بعينها. لكنها كانت تلقى مع ذلك من يـُـصـدّقها من الجماهير. قالوا إنهم رأوا قرون الفول نابتة فى إحدى مديريات الصعيد، وقد كتبتْ الطبيعة على بعضها عبارة (يحيا سعد) وقالوا إنّ طبيبـًـا استمع إلى جنين فى بطن أمه قبل أيام من مولده، فإذا بالجنين يقول (يحيا سعد) وأنّ الطبيب دعا غيره ليسمع ما سمع، فكرّرالجنين (يحيا سعد) (مذكرات فى السياسة المصرية- مكتبة النهضة المصرية- عام1951- ص169) وكان تعليق د. هيكل ((إنّ ماحدث هوتضليل يجب إنقاذ الأمة منه. وأنه استخفاف بالعقل. والعقل وحده فى نظرنا هوكل شيىء..إلخ)) (المصدرالسابق- ص170)
ومن بين الأمثلة- أيضًـا- ما فعله شيوخ الأزهرالذين نسـّـبوا الملك فاروق إلى أسرة نبى الإسلام. وفى مذكرات (الدعوة والداعية) حرص حسن البنا عند حديثه عن النجاحات التى حققها أنها كانت بسبب (العناية الإلهية) وأنه كان ((يـُـحقق سيرة الرسول فى نفسه)) ووصل نفاق الإخوان المسلمين لسلطة الحكم لدرجة تشبيه إسماعيل صدقى بأحد الأنبياء، وكان ذلك مع بداية وزارة جديدة تولى صدقى رئاستها، فاستشهد زعيم إخوانى من أتباع حسن البنا بآية من القرآن حيث قال ((واذكرفى الكتاب إسماعيل إنه كان صادق الوعد وكان رسولانبيـًـا)) (مريم/54)
أما السياسى المخضرم (سليمان حافظ) الذى عمل مع الملك فاروق ونافقه كثيرًا، ولكى يجد له مكانــًـا بعد يوليو1952، استمرعلى نفاقه للضباط فقال ((أنا معتقد (يقينــًـا) أنّ سيدنا محمد بـُـعث فى شخص محمد نجيب وأنّ جمال عبدالناصرهوأبوبكرالصديق وأنّ عبدالحكيم عامرهوسيدنا عمر. وأنّ صلاح سالم هوسيدنا على)) (مذكرات إبراهيم طلعت- هيئة الكتاب المصرية- عام2003- ص89) ثم هبط (النفاق) درجة ونزل من التشبه بأصحاب الرسول إلى مرتبة أدنى حيث التشبه بمؤسس جماعة الإخوان، وهوما عبـّـرعنه الإخوانى (محمد أبوالفتوح) الذى قال ((كان لى شقيق أكبرمنى بإثنى عشرعامًـا. وكان من طلائع طلبة الإخوان المسلمين بجامعة القاهرة فى أواخرالثلاثينيات. وكان هوالذى أدخلنى ضمن الإخوان المسلمين. وعندما قامتْ (ثورة يوليو) كان يقول لى رأيه الذى كنتُ أختلف معه فى ذلك الوقت. كان يقول ((لوأنّ حسن البنا كان موجودًا الآن لبايع عبدالناصر. وسارتحت رايته)) (الناصرية والإسلام- مركزإعلام الوطن العربى- صاعد- عام1991- إعداد عبدالحليم قنديل- ص373)
وهكذا يتبيـّـن أنّ تملق الحكام له جذورمن الماضى القريب، ولكن هل تلك الجذورالحديثة مـُـنبتة الصلة بالجذرالأصلى؟ أى التراث العربى الأسلامى؟ من ذلك ماذكره على بن برهان الحلبى أنّ (آدم) كان أول من بنى الكعبة وولده (شيت) بينما قال آخرون أنّ أول من بناها الملائكة (السيرة الحلبية- دارإحياء التراث العربى- بيروت- ص149) أى أنّ تراث الميتافيزيقا انتقل منذ القرن السابع الميلادى إلى القرن الحادى والعشرين إلى عقول (المؤمنين) بتلك الميتافيزيقا، ولكن لتوظيفها سياسيـًـا لصالحهم.
***

#طلعت_رضوان (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات