|
العالم ينتهي فينا
محمد هالي
الحوار المتمدن-العدد: 5390 - 2017 / 1 / 2 - 06:29
المحور:
الادب والفن
"هل بدأ العالم هل يبدأ؟ لنقول أنه ينتهي؟"(1) ينتهي فينا لؤلؤة لا تتلألأ، و نحن الجواهر بلا شمس، حين اخترنا الظل مأوانا، فبكينا من العالم في العالم، و استسلمنا بلا لون، لأنهم أكلوا حتى التخمة، عندما أصبحوا غزاة، شنقوا كل الجثث في قرية دارنا، و انتحر الباقي في وادي السحاب، و انتشر هواءهم، فاختنقنا من دخانهم، لا كلبا ينبح، من مشيتنا، و لا ذئبا يعوي من طلقاتهم، فراغ نحن في العالم، و فراغ في العالم، ابتسمت أعناقنا المعلقة في سراب المشنقة، و عدنا عندما حاصروا كل القرى بدعوى التوسع، عدنا عندما جاب الصمت لواءنا، فتمزق من كثرة الدموع، " سنوات تترادف، تغدو و تروح، في عباءات السلاطين"(2) فنسجنا من أحرف العالم، إسما للشمس، و إسما آخر للدفء، في كل جدع من أقدامنا، و احتكمنا لقولنا في كل الهزائم، و في زمن الانتحار، بقيت جثثهم مأتم بلا تاريخ، و من احتار في كوكبهم، اقتلعته الرياح في احتضار، لا انتصار، و من راح يحلم بالكتب، ظل في هوائه، يحلم بالكلمات، لغة لحلول الغد، و الكل في مقلمة الصغار، و صار الوافدون كرة في قلاعنا، لا مفر من هذا الهروب، و لا مفر من جلودنا الدافئة في كآبة خشنة لحظة الفناء، في زلزال احتضن كل صواعق العالم، لا سلم في الحرب، و مهما تعالى السامعون، فنحن قتلى ككل دابة، قتلت بدعوى السلم، و كل مروحة صفعتهم، انتظرنا عادتها علامة للأحفاد: "ماذا يفعل الشعر ...في عصر لا يحده الورم لا تحده الفجيعة عصر الهلاك، مجانا عصر الغيلة، التذاذا عصر يسمى الكتب أحذية و السجون مقاصير و الآلات آلهة"(3) ومن خلق الحبر في عام الكآبة، جهل التدوين المزيف لتواريخ ، في محلبة تاريخهم، و رسموا ، و نحتوا، و بكينا بعدما قهقهنا جنة لأولئك المضطهدين في العالم، من بلد إلى بلد، حتى اقتحموا الصومال بدعوى المجاعة، و استنطقوا الوافدين إلى جنتنا ، بدعوى البحث عن الإجرام، و قتلوا، و هلكوا، و استعمروا، لا فرق بين آه و إيه، سوى الصمت الأبدي، عن جهنم التي أحرقت كل القرى الثائرة، بدعوى عصابات متمردة، تمردت عن زمانهم، فطردت من كل شبر من جثثنا، اعتنقنا كل الأقاليم، و مشينا بلا إقليم، فقلموا كل الأظافر، لأنها أسلحة مجهولة في ذاتنا، نظرنا، و أعجبتنا الاسطوانة التي دارت في رؤوسنا، لا فرق بين الذوات عندما تنتفض، بحثا عن التربة النقية: "أف للعصر العربي الثالث و سحقا للإذاعات و الصحف، للتلفزيون و السينما و سحقا للفيزياء و الذرة/ و لم نعد نعرف هل ندور حول المهد أم اللحد ...؟" ( 4) قتلوا كل الجراثيم في كوب دافئ، و حنطوا كل الأفاعي في قافلة الصحراء، و انغرسوا مرايا لطوفان قادم، عصر بعصر، دفنوا الأوراق في محفظة الجواسيس، و اصطادوا الأقمار الساكتة في فضائنا، و الناطقة في آذانهم، أينفع المجال للدفاع عن المجال أم نحن المشردين بلا مأوى، مادمنا في مأواهم؟ خرافة تصطاد خرافة، و نحن الماشون في أفق بلا آفاق، تعودنا أن نسمع و لا نتكلم، كل الموارد في أيادينا، و كل الخطط في أياديهم، كل الشوارب مشطوها ، كم حاربنا في الهزائم، و انتصروا، و كم قاتلنا السمنة، فحاصروا كل الأجراس الناطقة، احتاطوا كثيرا منا، و احتاطوا كثرا: "اف للعصر العربي الثالث ! ألاف التواريخ تستيقظ بين راياته ألاف الأعراق تتزاحم تحت قناطره ألاف الأجناس تتقاطر تحت موائده ... هو الجائع، السجين، العاري ! تهيأي، أيتها الملل، استيقظي يا قبائل ! هو ذا طقس الافتراس، هو ذا خاتم الطقوس !"(5)
هوامش: (1) (2) (3) (4) (5) قصيدة لأودونيس : مراكش / فاس و الفضاء ينسج التأويل / مجلة الثقافة الجديدة المغربية العدد: 15 / 1980
#محمد_هالي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
امينة الزعري و - لن افكر في-
-
حوار فايسبوكي مع الفنانة اللبنانية التشكيلية -نسرين شبيب-
-
زمن التزاحم
-
-عري التزمت-
-
-تيمة الجمال- من خلال حوار فايسبوكي مع المبدع عادل المتني، و
...
-
-الارض و المطر- من خلال حوار فايسبوكي مع الشاعر عبد الله سلي
...
-
حوار مع الشاعر ايوب مرعي ابو زور
-
حوار مع المبدع عادل المتني: الشعر و الفلسفة
-
-الفلسفة و الشعر- من خلال حوار مع الشاعر السوري عبد الله سلي
...
-
حوار فايسبوكي مع الشاعر السوري مرة اخرى (8)
-
حوار فايسبوكي مع الشاعر السوري عبد الله سليط (7)
-
حوار فايسبوكي مع الشاعر و الفنان عادل المتني(6)
-
اثنان في واحد
-
حوار فايسبوكي مع الموسيقار و الفنان كاردو بيري
-
اليسار المغربي و التعليم أم التعليم بدون يسار؟
-
صرخة مجنون العرب
-
حوار فايسبوكي مع الشاعر عادل المتني(4)
-
حوار فايسبوكي مع خالد الخياطي (3)
-
كاترينا أو سوريا كما تصورتها قصيدة عادل المتني(4)
-
حوار فايسبوكي مع الشاعر عادل المتني (2)
المزيد.....
-
الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح
...
-
في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
-
وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز
...
-
موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
-
فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
-
بنتُ السراب
-
مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا
...
-
-الضربة المصرية لداعش في ليبيا-.. الإعلان عن موعد عرض فيلم -
...
-
أردوغان يشكك بالروايات الإسرائيلية والإيرانية والأمريكية لهج
...
-
الموت يغيب الفنان المصري صلاح السعدني
المزيد.....
-
صغار لكن..
/ سليمان جبران
-
لا ميّةُ العراق
/ نزار ماضي
-
تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي
/ لمى محمد
-
علي السوري -الحب بالأزرق-
/ لمى محمد
-
صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ
...
/ عبد الحسين شعبان
-
غابة ـ قصص قصيرة جدا
/ حسين جداونه
-
اسبوع الآلام "عشر روايات قصار
/ محمود شاهين
-
أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي
/ بدري حسون فريد
-
أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية
/ علي ماجد شبو
المزيد.....
|