أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - خلف الناصر - الديمقراطية: ديمقراطيتان!!















المزيد.....

الديمقراطية: ديمقراطيتان!!


خلف الناصر
(Khalaf Anasser)


الحوار المتمدن-العدد: 5389 - 2017 / 1 / 1 - 19:27
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لقد قطعت البشرية أشواطاً طويلةً من عمرها، حتى اهتدت أخيراً إلى ما يسمى بالنظام الديمقراطي..والحقيقة ليس النظام الديمقراطي بمعناه السياسي والاجتماعي هو الذي انتصر، في معركة المفاضلة بين النظم السياسية المختلفة . إنما الذي انتصر هو العلم ومنطقه، ونجاحه بتطوير الإنسان عقلياً وروحياً ونفسياً وحقوقياً، والوصول به إلى هذا المنعطف السياسي المفصلي!!
فجاءت الديمقراطية تتويجاً لهذا المنطق، وكنتيجة حتمية لتطور الإنسان نفسه عمودياً وأفقياً أيضاً!!
وهذا التطور شمل كل جوانب الحياة الإنسانية، السياسية والاجتماعية والحقوقية والإدارية والقانونية والمعرفية والعلمية أيضاً، وبصورة موازية تقريباً لتطوره على الجوانب المادية والفكرية والمعنوية!!

ولهذا نرى أن الديمقراطية قوية وراسخة في البلدان المتقدمة فكرياً وعلمياً وتكنولوجيا.. بينما هي [حالة شبحية] في البلدان النامية والمتخلفة، وتأخذ دائماً شكل المجتمع التقليدي المتخلف نفسه، وشكل تناقضاته القبلية والدينية والمذهبية نفسها!!
والأغرب، فأن الديمقراطية بدلاً من أن ترتفع بهذه المجتمعات المتخلفة إلى مصاف المجتمعات المتقدمة، فإن هذه المجتمعات هي التي سحبت الديمقراطية إلى حضيرتها ونزلت بها إلى حضيض التخلف الذي تعيشه، وإلى حضيض هذه المجتمعات المتخلفة وتناقضاتها الدينية والمذهبية والطائفية والقبلية..والأكثر غرابة من هذا ترى، أن تفسير الديمقراطية عند هئولاء المتخلفين، وكأنه تعبير دقيق عن هذه الهياكل التقليدية وتبرير لوجودها ولاستمرايتها في المجتمع!!

لكن الغرابة الأكبر من كل هذا أنه، وقبل وصول البشرية إلى هذه الديمقراطية، وأثنائها وبعدها وإلى يوم الناس هذا، وجدت نظم سياسية مختلفة كلها تدعي الديمقراطية، ولا نظام منها يقول بأنه غير ديمقراطي: فالصين ديمقراطية وفيتنام ديمقراطية وفرنسا ديمقراطية وكوريا الشمالية ديمقراطية والولايات المتحدة ديمقراطية والإتحاد السوفيتي السابق ديمقراطياً وبريطانيا ديمقراطية وجماهيرية ألقذافي ديمقراطية، وأنظمة العراق الملكية والقاسمية والعارفية والبعثية جميعها ديمقراطية أيضأ.... إلخ

وديمقراطيات العراق كانت على طريقتين مختلفتين ومتناقضتين.. أحداهما شرقية والأخرى غربية:
فديمقراطيتنا (المكوناتية) المحاصصاتية الطوائفية الإسلاموية الحالية..هي ديمقراطية على الطريقة الغربية (كما يدعون)!!
أما ديمقراطية صدام حسين الاشتراكية البعثية العفلقية التكريتية المجيدية (العوجية) ـ نسبة لقرية صدام العوجة ـ فكانت على الطريقة الشرقية (دون أن يدعون)!!
ولكل من الديمقراطيتين حكاية تحكى ورواية تروى!!

فديمقراطية صدام حسين، وبعد أكثر من ربع قرن من الحكم المطلق لنظام البعث، سمح صدام حسين للشعب العراقي أن [يبايعه] عوضاً من أن ينتخبه، أي ليكون حاكماً عليه..والفرق بين الطريقتين كالفرق بين جيبوتي والصين!!
طبعا دون أن يكونً لهذا الشعب العراقي حق الاختيار بين صدام حسين وشخص آخر..فصدام حسين هو المرشح الأوحد والواحد والمتوحد والوحيد..و(عزة الدوري) هو وحده ((المفوضية العليا المستقلة/ للانتخابات)) بكل ودوائرها ومناطقها وشُعبِها وصناديقها وفرز أصواتها!! .

وبناءً على كل هذه الوسائل والترتيبات الديمقراطية جداً، قدم صدام حسين نفسه كمرشح إلى الشعب العراقي، وبطريقة مسرحية وساذجة، مدعياً أنه لا يملك إلا (بدلة واحدة) ـ موديل قديم ظهر بها ـ وأن عائلته أضاعت "البطاقة التموينية" وتجد صعوبة في تدبير معيشتها، كما أنه ليس لديه إمكانية مادية لاستئجار (شركة خدمات عامة) تسوقه بين العرقيين..ولهذا فهو يعتمد بعد الله على العراقيين لقبول ترشحه، ومؤازرته للفوز بخدمتهم التي هي غايته الوحيدة من هذا الترشح!!
ادعى كل هذا، متصوراً أن الشعب العراقي لا يملك رأساً يعلو جسده ولا عقلاً في هذا الرأس ولا عيوناً في مقدمته، ويراه يلبس كل يوم (بدلات متنوعة) ومن طرز مختلفة أوربية وعربية..بدلات غربية وشرجية وخليجية، وحتى بدوية مزركشة!!] .

المهم جرت الانتخابات بنزاهة وسلاسة وحياد تام ـ كالعادة طبعاً ــ ووسط زغاريد النسوة وفرح الأطفال وهتافات الرجال "بالروح بالدم نفديك يا صدام!! "!!
وفي اليوم الثاني أعلنت ((الهيئة العليا المستقلة/ للانتخابات)) ـ ألتي هي عزة الدوري وحده ـ عن فوز ساحق لصدام حسين وبنسبة %99,96 ـ دون أن يأخذ أيٌ من منافسيه صوتاً واحداً ، لأن ببساطة لا يوجد له منافس واحد.. ومع هذا فأن هذه النسبة لم تعجب صدام حسين، وتساءل عن هوية هئولاء "المنحرفين" وفي أية مدينة أو محافظة يعيشون؟؟

سأل عنهم بإلحاح شديد وفتش عنهم بجهد جهيد، رغم أنهم لا يشكلون إلا نسبة (4 أشخاص) من كل مائة ألف عراقي ،أي، أربعين شخصاً من كل مليون عراقي!!
ولما كان عدد العراقيين في ذلك الوقت كان يقارب ( 22مليون نسمة) فإن عدد هئولاء "المنحرفين" بمجموعهم لا يصل إلى ألف شخص عراقي.. أي أنهم، أقل من [عدد المجانين في العراق] بل ولا يساون بمجموعهم، واحد بالألف من عدد مجانين العراق ـ وهم كثر والحمد لله في زمن صدام وبعد التحرير المبارك ـ ومع هذا استمر البحث عنهم، وسجلت نقطة سوداء غير مرضية في تاريخ (نضال أبو أحمد!!) عزة الدور!!
لكن عزة استطاع ـ بحمد الله ـ أن يمحو هذه النقطة السوداء في سفر نضاله الكبير في " البيعة الثانية " لصدام.. وجعل " القائد الضرورة " صدام حسين يفوز بنسبة %100 بالمائة من أصــــــــــــــــــــوات الـــــــــعــــــــــراقـــــــــــيــيــن!!

لقد كانت ديمقراطية صدام حسين، تختلط فيها البداوة بقلة التعليم وعور المعرفة، مع قسوة الرجل الشرقي وثقل (حزبه وأقاربه وأزلامه ومحاسيبه، ثُم قبيلته وطائفته).. فأنتجوا مجتمعين نموذجاً للحكم المطلق قل نظيره في العالم أجمع، ولا تستطيع ذبابة فيه أن تطير براحتها!!
وإذا كانت ديمقراطية صدام حسين ديمقراطية شرقية صرفة، فإن من جاءوا على أنقاض حكمه كانت ديمقراطيتهم غربية صرفة.. لكن النتائج بين النظامين لم تكن لتختلف كثيراً، إن لم تكن هذه الأخيرة أسوأ بكثير .

فهذان النظامان الديمقراطيان (جداً) أنتجا النظام نفسه، لكن بطريقتين مختلفتين، وإن استخدما الطرق والأساليب بنفسها، وبنفس وسائل التعذيب والقهر والإذلال، التي تتقنها جميع الأنظمة الغير ديمقراطية، وتتفوق بها على جميع الأنظمة المنافسة!!
الذي تغير فقط هو صورة للحكام وللمحكومين أيضاً، صورة تبدوا فيها الضحية جلاداً والجلاد ضحية، لكن في الحقيقة حتى هذه الصورة مزيفة..فالجلاد نفسه والضحية نفسها.. الجلاد هو الحاكم العراقي دائماً، سواء اتخذ (البعث السياسي) أو (الإسلام السياسي) عقيدة ومذهباً..والضحية هو الشعب العراقي بكل طوائفه ومذاهبه وعقائده الدينية والسياسية!!
والأسوأ في كل ما كان من تاريخ العراق، وكل ما قد يكون من مستقبل هذا العراق هو: أن العراق، ومنذ الخليقة، وقبل التاريخ وبعد التاريخ، كان كلاً واحد وموحداً شعباً وأرضاً وسماءً.. لكنهم اليوم يطلقون على شعبه اسم "الشعوب العراقية" أحياناً و "الأمة العراقية" في أحيان أخرى.. ولو توقفت الديمقراطية عند هذا الحد لهان الأمر، لكن الشعوب والأمة (العراقية) تحولتا إلى طوائف عراقية وأمم عراقية متقاتلة.. يمزقن جسد العراق ويزهقن روحه الطاهرة.. بدون رحمة .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لقد كانت الديمقراطية العراقية بشقيها متخلفة.. الشرقية، ممثلة بنظام صدام حسين.. والغربية، ممثلة بنظام المحاصصات والمكونات والطوائف!!.
وأيُ شخص له أبسط اطلاع على تاريخ العراق القديم والوسيط والحديث، سيجد أن الاستبداد قد تناسل من بعضة منذ بدايات اختراع العراقيين لأول دولة وأول سلطة في التاريخ البشري في العراق القديم تحديداً.. ومنذ ذلك التاريخ البعيد وإلى يوم الناس هذا، يمارس استبداد بأسماء وعناوين وذرائع وإيديولوجيات مختلفة.. وسيجد أيضاً أن أسوأ أنواع ذلك الاستبداد، كان دائماً هو الاستبداد الديني!!
فهو يمارس بسم الله تارة وبسم الدين تارة، وبسم الشرائع والأخلاق تارة ثالثة ، وبسم المذهب والطائفة تارة أخرى.. وبأسماء كثيرة أخرى لا نهاية لأعدادها.
لكن في العصر الحديث، وبعد تأسيس الدولة الوطنية العراقية ومعظم الدول الوطنية العربية والشرقية، أخذ الاستبداد عنواناً آخر واسما آخر، وأصبح يمارس ((بسم الشعب)) وتحت سلطات تدعي أنها تمثله .
لكن بعد الانقلابات العربية الكثيرة أعيد الاعتبار للاستبداد الأول، فجمع الاستبدادان وأصبحا يمارسان (( بسم الله وبسم الشعب)).. وتحت هذه اليافطة الجديدة، جزت آلاف الرقاب بطرق مشرعنة، في محاكم الشعب ومحاكم الثورة ومحاكم خاصة أخرى لا تعد ولا تحصى، وتمتد على طول مساحات الأرض العربية والشرقية على سعتهما .
وهذا الاستبداد الشرقي لم يكن مقتصراً على شعب بعينه أو جنس بشري معين أو طائفة بذاتها، ولا كان سمة لدين أو معتقد أو إيديولوجيا بذاتها، ولا هو صفة لنظام ملكي أو جمهوري أو جماهيري أو أوتوقراطي أو بلوريتاري..بل كان سمة وصفة وعلامة يتسم بها الشرق بعمومه.. ومن أقصاه إلى أقصاه!!
وإذا دققنا جيداً فلن نجد فرقاً كبيراً بين جمهورية إيران الإسلامية ومملكة آل سعود الوهابية، ولا بين أنظمة صدام البعثية والقذافي الجماهيرية، ولا بين حكومات أولاد وأحفاد (كيم إيل سونج) الشعبية وجمهورية ميانمار التعاونية!!
فالكل في الاستبداد شـــــــــــــــــــــــــــــــــرق .
[email protected]



#خلف_الناصر (هاشتاغ)       Khalaf_Anasser#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الذين يجهلون التاريخ.. يُسيئون فهم الواقع وفهم الحاضر!! .. ( ...
- الذين يجهلون التاريخ.. يُسيئون فهم الواقع وفهم الحاضر!! ...( ...
- الذين يجهلون التاريخ.. يُسيئون فهم الواقع وفهم الحاضر!! (6) ...
- الحج إلى واشنطن..والأضحية بشر!! (البريطانيون يعودون إ ...
- الذين يجهلون التاريخ.. يسيئون فهم الواقع وفهم الحاضر!! (5) ا ...
- الذين يجهلون التاريخ.. يسيئون فهم الواقع وفهم الحاضر!! (4) - ...
- الذين يجهلون التاريخ.. يسيئون فهم الواقع وفهم الحاضر!! (3) ا ...
- الذين يجهلون التاريخ.. يسيئون فهم الواقع وفهم الحاضر!! (2) م ...
- الذين يجهلون التاريخ.. يسيئون فهم الواقع وفهم الحاضر!! (1) م ...
- ((معركة هرمجدون)).. معركة وقعت في الماضي أم ستقع في المستقبل ...
- المرأة مقياس لتقدم وتخلف المجتمعات الإنسانية!!
- دونالد ترامب .. و - الحلم الأمريكي - (2-2)
- دونالد ترامب .. و - الحلم الأمريكي - (1-2)
- ثورات شعبية مؤجلة..وانقلابات عسكرية مستعجلة ؟؟
- مقاربة وطنية .. لإشكالات طائفية(عراقية) (6) والأخير
- مقاربة وطنية .. لإشكالات طائفية(عراقية) (5)
- مقاربة وطنية..لإشكالات طائفية (عراقية) (4)
- مقاربة وطنية.. لإشكالات طائفية(عراقية) (3)
- مقاربة وطنية..لإشكالات طائفية (عراقية) (2)
- مدافن لوزان.. وأوهام أردوغان!!


المزيد.....




- سلمان رشدي لـCNN: المهاجم لم يقرأ -آيات شيطانية-.. وكان كافي ...
- مصر: قتل واعتداء جنسي على رضيعة سودانية -جريمة عابرة للجنسي ...
- بهذه السيارة الكهربائية تريد فولكس فاغن كسب الشباب الصيني!
- النرويج بصدد الاعتراف بدولة فلسطين
- نجمة داوود الحمراء تجدد نداءها للتبرع بالدم
- الخارجية الروسية تنفي نيتها وقف إصدار الوثائق للروس في الخار ...
- ماكرون: قواعد اللعبة تغيرت وأوروبا قد تموت
- بالفيديو.. غارة إسرائيلية تستهدف منزلا في بلدة عيتا الشعب جن ...
- روسيا تختبر غواصة صاروخية جديدة
- أطعمة تضر المفاصل


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - خلف الناصر - الديمقراطية: ديمقراطيتان!!