أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - خلف الناصر - مقاربة وطنية .. لإشكالات طائفية(عراقية) (6) والأخير















المزيد.....


مقاربة وطنية .. لإشكالات طائفية(عراقية) (6) والأخير


خلف الناصر
(Khalaf Anasser)


الحوار المتمدن-العدد: 5333 - 2016 / 11 / 4 - 22:56
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


هذا الــتــيــه الــعــربـــــي:
رغم المعرفة المبدأية بأصل هذا الوباء الداعشي، لكن هناك اشتباك بين خنادق كثيرة أدت إلى ضياع الصانع الحقيقي لجرثومة هذا الوباء.. فالبعض يقول إن صانعها هو أمريكا وحلفاؤها في المنطقة، والبعض الآخر يقول إنه الصهيونية العالمية وكيانها المزروع في فلسطين، وثالث يتهم به إيران و [صفويتها وحلمها الإمبراطوري] ورابع يحمل السعودية وديانتها الوهابية المتطرفة كل هذا الدم والدمار، وخامس يتهم تركيا [العثمانية الاخوانية] وسلطانها أردوغان، وحتى أن بعضهم يتهم [الإمارة القطرانية القزمية] أي قطر الاخوانية الأمريكية الصهيونية، والتي لا يزيد حجمها عن حجم مدينة عراقية أو سورية، قد تكون تسببت قطر بتدميرها!!
لكن سادس هئولاء ـ والأكثر ذكاءً منهم جميعاً ـ يتهم شخصاً واحداً (فقط لا غير) بكل هذا الدمار الشامل لأمة بأكملها..وهذا الشخص ـ وكما يعتقده البعض ـ شخص خارق وفوق العادة وقادر على صنع المعجزات..فهو سوبرمان يمتلك قوى سحرية خارقة تمكنه من التغلب حتى على قوانين الطبيعة..وينسبون إليه أعمال وأفعال خارقة كثيرة، منها صناعة هذه الثورات أو الانتفاضات العربية أو "الربيع العربي" سمها ما شئت..ومن ثم ينسبون إليه كل هذا الدمار العربي.. إن هذا الشخص يسمى: (برنار ليفي)!!!!
إن الاعتقاد بقدرة (برنار ليفي) وحده على إحداث كل هذا الخراب والدمار، وإعطائه كل هذه الصفات السوبرمانية الإعجازية، لهو دليل على مدى محدودية وضحالة الفكر الذي يفكر بهذه الطريقة الساذجة..وهي استهانة رخيصة بالعقل البشري وتجاوز لكل منطق سليم يمكن الاحتكام إليه!!
ومرة أخرى يفرض علينا هذا العقل العربي المصفح (الأحادي الجانب) الذي لا يرى الأشياء إلا وجهاً واحداً، سطوته وصنميته في كل قضية عربية، وفي هذه القضية الخطيرة بالذات..فهذا العقل المصفح لا يرى من الصورة والمشهد العربي البانورامي الكبير هذا إلا جانباً واحداً..جانباً يراه بقلبه وليس ببصره أو ببصيرته " قلب المؤمن دليله " كما يزعمون..وربما لهذا هو لا يرى من مسببات هذه الثورات أو الفتن الكبرى والكوارث العظمى، التي مست مصير ووجود أمة بكاملها، إلا (برنار ليفي) وحده!!
بينما تختفي عن بصر وبصيرة هذا العقل العربي المصفح، جميع جوانب هذا المشهد العربي الدامي، والواضحة وضوح الشمس.. ولهذا فإن هذا العقل المحدود لا يرى كل تلك الانكسارات والهزائم والظلم والاضطهاد والاستبداد والاستعباد والاستغلال الداخلي والخارجي لهذا الإنسان المظلوم دائماً، هي العوامل التي أدت إلى ثورات هذا الإنسان العربي وليس (برنار ليفي) وكانت هي وليس هو، أهم الأسباب المباشرة لثوراته وانتفاضاته المستمرة والمتتالية حالياً وفي الماضي، وحتى في المستقبل.. وقبل أن يخلق برنار ليفي أو يسمع به أحد!!
ومهما قيل ومهما يقال عن أسباب كل هذا الدمار العربي وقضيته الشائكة، فمن وجهة نظر شخصية إن أهم صناع هذا الدمار الشامل الذي نعيش تفاصيله اليوم في حياتنا اليومية، هو هذا [التخلف العربي] وليس برنار ليفي أو ألف على شاكلته.. فلو كنا مجتمعات وشعوب متقدمة ومتطورة علمياً وتكنولوجياً وحتى عقلياً لما استطاع العالم كله، وليس هذا الجرذ المسمى (برنار ليفي) وحده، أن يصنع بنا جزءاً بسيطاً من هذا كل الدمار الشامل.. إن الصانع الحقيقي لدمارنا هذا هو من داخل أنفسنا وليس من خارجها..إنه تخلف الأفكار والرؤى والتصورات والقيم والمفاهيم، التي نعتنقها ونعايشها ونتعامل بها مع أنفسنا ومع بعضنا ومع غيرنا!!
***
المهم إن هذا الوضع العراقي والعربي الذي نعيشه اليوم، تعتاش عليه معنا قوى داخلية وإقليمية ودولية كثيرة، بينها اشتباك وتداخل للخنادق مع بعضها وفي بعضها..وعلينا نحن – ولو نظرياً – أن نفرز هذه القوى المختلفة، كي نتمكن من فض هذا الاشتباك بين كل هذه الخنادق المتداخلة .
فجميع هئولاء يدعون أنهم "ضد الإرهاب" وكل منهم يتهم الطرف الآخر به، ويقول فيه ما لم يقله مالك في الخمر..وأمام كل هذه الدعاوي لهذه الأطراف المختلفة، ليس بأيدينا إلا أن نضعهم جميعهم على مسافة واحدة من داعش والإرهاب عموماً، ونقيسها بمقياس [التقاء أو افتراق] المصالح القومية لكل طرفِ من هذه الأطراف الدولية والإقليمية وحتى المحلية، مع داعش وقوى الإرهاب المعولم عموماً والعابر للحدود والأعراق والجنسيات والقارات .
بمعنى أن علينا طرح كل الأقوال والدعاوي والتهم جانباً، وقياس جميع هذه الأطراف والقوى الدولية والإقليمية وحتى المحلية بمقياس المصالح وحدها..فهناك أطراف دولية وإقليمية يمكن أن تتفق مصالحها القومية ـ في هذه المرحلة على الأقل ـ مع ما تفعله داعش في هذه المنطقة، فيحاول ممالاتها ومساعدتها سراً على البقاء والاستمرار وديمومة جرائمها.. بينما نجد أطرافاً أخرى يمكن أن تتناقض وتتضرر مصالحها القومية ـ في هذه المرحلة على الأقل أيضاً ـ مما تفعله داعش، فتجاهد في محاربتها جدياً والقضاء عليها عسكرياً وفكرياً!!
في البدء علينا أن نحدد ثلاث مساءل متداخلة مع بعضها وفي بعضها في هذا الشأن..ونعني: من هي هذه الأطراف الداخلة في هذا الصراع الدامي أولاً؟؟..وثانيها ماهية هذه المصالح التي تتقاتل عليها هذه الأطراف؟؟.. وثالثها مَن مِن هذه الأطراف تتفق أو تفترق مصالحة مع استمرار هذه المعركة مع داعش، ومن يريد أو من لا يريد حسمها ويضع العراقيل المتنوعة في طريق تصفيتها؟؟.. لآن مصالحه الشخصية والقومية تتطلب هذا!!
في الحقيقة إن العالم كله يكاد أن يكون داخلاً في هذا الصراع الدامي في بلادنا ومنطقتنا، وكل حسب حجمه وطبيعة مصالحه في المنطقة..وعلى هذا ليس هناك صعوبة كبيرة في عملية تحديد الأطراف الداخلة في هذا الصراع، وهي معروفة جيداً تقريباً! أما تحديد مصالح هذه الأطراف، فهي معروفة أيضاً: تأتي الطاقة والثروات والموقع الإستراتيجي للمنطقة في طليعتها..أما حسابات التاريخ والقيم وثارات الماضي والتحوط لاحتمالات نهوض هذه المنطقة مستقبلاً، فهي داخلة بقوة في حساب المصالح الأساسية لأطراف الصراع الكبرى.. لكنها غير مرئية ممن تجري على أرضهم عملية هذا الصراع، وغير محتملة أو غير مصدقة من بعضهم.. أما عملية تحديد الأطراف التي لها مصلحة أو تلك الأطراف التي تتناقض مصالحها مع داعش والإرهاب عموماً، فمسألة أصبحت واضحة جداً ولا تحتاج إلى جهد كبير.. بحكم تخندق هذه القوى في خندقين متقابلين ومعروفين!!
وقد أصبح مفروغاً منه ـ بطبيعة الأشياء وطبائعها ـ أن كل طرف من هذه الأطراف، سواء الذي تلتقي أو تتعارض مصالحه القومية مع بقاء أو مع فناء داعش، ستلتقي مع الأطراف الأخرى المماثلة لها في المصالح والتوجهات، وعلى مستوى الإقليم والعالم، وتتشكل على أساسها جبهات ومحاور وخنادق معلنة أو مستترة.. وعلى هذا المقياس يمكن أن تفرز الخنـــــادق اليوم، محلياً وإقليمياً وعالمياً!!
في هذه المرحلة الحالية بالذات ـ ودون التأثر بأية مؤثرات شخصية أو سياسية أو إيديولوجية أو طائفية ـ وبناءً على التجربة الحية، التي تعيش فصولها المنطقة ونعيشها في حياتنا اليومية في العراق وفي الإقليم عموماً، يمكننا من تحديد كلا الطرفين اللذين تتفق أو تتعارض مصالحهما مع داعش بصورة موضوعية.. وبسهولة نسبية تقريباً!!
وهذا يتأتى بناءً على تاريخ طويل [من التعامل أو عدم التعامل] مع الإرهاب طوال تاريخه، وبكل صورة ومسمياته وأشكاله، وبدءاً من العام المفصلي 1979 الذي بدأت فيه بويضات الإرهاب بالتكون والصيرورة والتفتح، برعاية أبوية واستخبارية أمريكية علنية فـــــي أفغانستان، ومروره منها بالعراق ثم سورية وليبيا واليمن ونيجيريا، ووصول شر وشرار هذا الإرهاب المتطاير إلى مصر والمغرب العربي وبلدان أفريقيا وغيرها من البلدان الأخرى.. وبناء على هذه التجربة الحية يمكن القول:
0 أولاً: إن هدف (القضاء على داعش والإرهاب) في المرحلة الحالية، يتفق بوضوح لا لبس فيه مع مصالح كل من العراق وسورية ومصر وليبيا وتونس والجزائر واليمن، ومع مصالح جميع الجماهير الشعبية العربية في جميع أقطارها وأمصارها.. بالإضافة إلى اتفاقه مع مصالح كل من روسيا وإيران ونيجيريا ودول الصحراء الأفريقية بكاملها، ومع غيرها من دول العالم المختلفة الأقل تضرراً من الإرهاب في القارات الأخرى .
وبالتالي فأن هذه الدول هي المؤهلة فعلياً وجدياً ووجدانياً، للدخول في حرب حياة أو موت مع داعش والإرهاب عموماً.. لأن مصالحها القومية وعقائدها الدينية وثوابتها الإنسانية، تتناقض وتتصادم مع داعش والإرهاب على طول الخط!!
0 ثانياً: وفي ذات الوقت فإن هدف (القضاء على داعش والإرهاب) يتعارض بوضوح لا لبس فيه أيضاً في هذه المرحلة بالذات، مع مصالح كثيرِ من دول إقليم الشرق الأوسط والقوى الدولية المهيمنة عليه.. ويأتي في طليعتها جميعاً في هذا الإقليم الكيان الصهيوني تليه تركيا، ثم السعودية وقطر ومعظم مشيخات الخليج العربي النفطية وأمارة البرزاني الكردية.. بالإضافة إلى قوى الظلام والإسلام السياسي المحلية بشقيه: الجهادي.. والآخر المسمى بالمعتدل!!
أما الولايات المتحدة ومعها الغرب الاستعماري برمته، فإن مصالحهم الجوهرية الأساسية في المنطقة العربية، تتوافق توافقاً تاماً مع داعش والإرهاب بكل صوره ـ والشواهد أكثر من أن تعد ـ بالإضافة إلى أنهم تمكنوا ـ بواسطة الإرهاب ـ من توليد مصالح اقتصادية وسياسية وإستراتيجية جديدة لهم مضافة، لم تكن موجودة أصلاً، نتيجة لهذا الإرهاب المعولم وبواسطة قوى الإسلام والظلام السياسي، وبفرعيه الأزليين [السني والشيعي] وبشقيه: التكفيري: بذريعة محاربته!!.. والمعتدل: من خلال التعاون الوثيق بينهما، والذي أدى إلى [تسلم وتسليم] للسلطة في العراق والسودان أولاً، ثم في مصر وتونس وليبيا بعد زوبعة الثورات العربية وفي المغرب حالياً.. وبواسطته وواسطتهم أيضاً تمكنت الولايات المتحدة ومعها الغرب الاستعماري، من إعادة احتلال المشرق العربي بأشكال ودرجات مختلفة..ومن خلال السيطرة والهيمنة على موارده وثرواته وكامل قراره السياسي!!
0 ثالثا: وما دامت مصلحة العراق الوطنية المصيرية في [القضاء على داعش والإرهاب] في هذه المرحلة تتفق مع مصالح الدول المعادية للإرهاب، فإن هذه [المصلحة الوطنية العراقية العليا] تتطلب التعاون الوثيق مع هذه الدول ـ بما فيها إيران وروسيا ـ وحتى التحالف معهما للقضاء على داعش والإرهاب عموماً .
وهي دول بعضها جارة وشقيقة وأخرى جارة وصديقة ، وتجمعنا وإياها ـ في هذه المرحلة على الأقل ـ مصالح مصيرية واحدة في محاربة الإرهاب والانتصار عليه.. وبعد الانتصار على الإرهاب وبعد تغيّر أو انتفاء أو تعارض هذه المصالح المشتركة معها مستقبلاً.. يمكن أن يكون لكل حادث حديث آخر معها في حينه.. غير هذا الحديث!!

0 رابعاً: إن العراق ـ بعد الغزو الأمريكي ـ قد تحول إلى ((سفينة نوح..تحمل من كل زوجين اثنين)) ومن كل الأجناس البشرية.. لكن مما يؤسف له كثيراً، لا توجد حساسية وطنية اتجاه كل هذه الأجناس البشرية عند الجميع..عدا إيران.. وعند طرف من الأطراف العراقية ولأسباب ليست وطنية بالمرة.. مما جعل مصالح البعض من هذا الطرف تلتقي مع الإرهاب!!
وهذه الحساسية العالية اتجاه إيران لأسباب معروفة، وجذرها طائفي وليس وطني أو قومي أو إنساني بكل تأكيد.. ولأن لإيران حالياً اليد الطولى في العراق سياسياً وعسكرياً واستخبارياً، وحتى اجتماعياً ونفسياً.. وهذا هو الذي يبرر لهئولاء هذه الحساسية المفرطة اتجاهها .
لكن وفق (فقه الأولويات الوطنية) والرؤية الواقعية، فأن العراق ليس لديه(الآن) القوة التي تمكنه من وقف الزحف الإيراني والمشروع الإيراني عند حدود معينة لأسباب عديدة.. كما وأن الخطر الداعشي والإرهابي أكثر تهديداً لمصير العراق ووجوده ووحدة أراضيه من الخطر الإيراني، في هذه المرحلة الحاسمة الحالية من تاريخه على الأقل.. وكذلك، فإن العراق يحتاج إيران ـ في هذه المرحلة أيضاً ـ في دفع الضر الداعشي والإرهابي الذي يهدد وجوده كدولة وهوية ومجتمع.. لكن بعد القضاء على داعش وإعادة اللحمة الوطنية بين العراقيين، يمكن عند ذلك الوقت، خلق وبناء توازن إقليمي على كل المستويات، مع إيران وغير إيران في عموم إقليم منطقة الشرق الأوسط.. ويمكن إعادة تلك المعادلة التاريخية التي حكمت الوضع الإقليمي في هذه المنطقة على مدى التاريخ المعروف بين البلدين إلى الحياة، للاشتغال من جديد..لتعيد صياغة جميع العلاقات الإقليمية مجدداً!
لأن العراق بحكم التاريخ، لا يمكن أن يستمر بهذه المعادلة المختلة مع إيران وتركيا وجواره العربي إلى الأبد!!
لأنه.. وبحكم التاريخ أيضاً قوة إقليمية كبرى في هذه المنطقة منذ فجر التاريخ والحضارات الأولى التي درجت على أرضه، إلى هذا اليوم الأغبر من أيامه السوداء الكثيرة!!
ولقد مرت بالعراق في تاريخه الطويل الممتد أيام سوداء كثيرة، وبعضها أكثر سواداً ودماراً مما يعيشه منها هذه الأيام..وكان أسوؤها وأكثرها دماراً الاحتلال العيلامي لبابل، والاجتياح المغولي للعراق العباسي، ثم الاحتلال التركي لأربعة قرون متواصلة!!.
لكن، ومع كل ذلك الدمار الشامل الذي لا يقارن بدمار اليوم، كان العراق دائماً ينهض مجدداً من بين الركام، ويعيد بناء التوازن الإقليمي مع جيرانه.. ويعود ليلعب دوره الإقليمي والدولي المشهوّد من جديد!!
وهذه المرة سوف لن تختلف كثيراً عما كان يحصل دائماً، عبر تاريخ العراق الطويل الممتد.. إلى أبعد نقطة بدأ منها تاريخ البشر !!
0 خامساً: إن المشروع الغربي الأمريكي الصهيوني في المنطقة قائم على فكرة: تفتيت [الدول والمجتمعات] وتفكيك كل القوى الحية والفاعلة القائمة والمحتملة في منطقتنا العربية..وسواء كانت قوى داخلية محتملة في كل قطر عربي على حدة، أو كانت قوى وقوة عربية محتملة أيضاً بين الأقطار العربية المختلفة!!
ولقد اتخذ هذا المشروع التفتيتي من إيران حجر الزاوية في جوانبه التنفيذية..لأن بين العرب وإيران تتوافر كل الشروط الذاتية والموضوعية، التي تساعد على نجاح هذه العملية التفتيتية، وتبدأ من حساسيات وأحاسيس مذهبية وتاريخية ونفسية عالية بين الطرفين، امتزجت بحساسية سياسية وتنافس على زعامة الإقليم، خُلِقت بدورها عداوات كبيرة يظنها البعض أبدية.. كما وأن لإيران طموحات ومصالح قد تتفق في هذه المرحلة مع بعض جوانب هذا المشروع التفتيتي .. وقد استغل الأمريكان والصهاينة كل هذه التناقضات والحساسيات العالية بين العرب وإيران ـ واستغفلوا الطرفين ـ ونجحوا في دق إسفين بينهما!!
0 سادساً: في جزئية مركزية مهمة من هذا المشروع الصهيوأمريكي الغربي التفتيتي للمنطقة، تحويل (صفة العدو) عند العرب من الكيان الصهيوني إلى جهة أخرى، وتحويل هذا الكيان الطارئ في المنطقة إلى (أخ وصديق) وحتى حليف لأعراب العرب الخليجيين.. وقد اختيرت إيران لـ (صفة العدو) الجديد للعرب بديلاً عن الكيان الصهيوني، لنفس الأسباب أعلاه!!
وقد نجح هذا الجزء من المشروع الصهيوأمريكي في المنطقة نجاحاً باهراً، وتحولت إيران بموجبه إلى (عدو رقم واحد) عند بعض العرب وللخليجيين خاصة.. بل وتحول في نظر هئولاء كل من له علاقة بإيران أو بمحاربة " إسرائيل " كحزب الله أو حركة الجهاد الفلسطينية أو أية جهة مماثلة أخرى لها، أعداء لهئولاء الأعراب.. وقد نجح هذا المشروع الصهيوأمريكي التفتيتي، بفضل غباء وعمالة بعض السياسيين العرب والإيرانيين أيضاً، وتسرع الإيرانيين وتسريعهم لخطوات تنفيذ مشروعهم، في وقت غير مناسب عربياً..وغير مقبول أو مطلوب عربياً وإسلامياً وحتى إنسانياً !!
ولقد حذر من الوقوع في فخ هذا المشروع وعلى مدى العشر سنوات الأخيرة، من الوصول إلى حالته المدمرة للطرفين التي نعيشها الآن، المفكر والكاتب والصحفي الكبير الراحل محمد حسنين هيكل .
0 سابعاً: إن قدر إيران وقدر العرب أن يعيشوا ويتعايشوا متجاورين معاً في هذه المنطقة من العالم، ولا يستطيع أيٌ منهما أفناء الطرف الآخر أو إزاحته من المنطقة، والانفراد بها لوحده نهائياً .. فالعرب وإيران وجدا في هذه المنطقة من العالم منذ الخليقة، وسيبقيان فيها حتى تفنى هذه الخليقة..وما دام الأمر هكذا فالأفضل إذاً للطرفين هو:
أن يطورا وينمّيا مصالح مشتركة كبرى بينهما، بحيث تبلغ حداً وحجماً لا يستطيع أيُ منهما أن يتجاوزها بأي عمل متهور، لأنها ستلحق به أضراراً فادحة لا تقل عن الأضرار التي سيتحملها الطرف الآخر، وكما فعلت شعوب أخرى قبلنا بينها بحور من الدماء كألمانيا وفرنسا مثلاً، واللذين دخلا الآن شبه وحدة بينهما..رغم بحور الدماء التي جرت بينهما على مدى قرون طويلة!! فالعقل والمنطق ومصلحة العرب والإيرانيين معاً تحتم عليهما، أن ينميا مصالح مشتركة بينهما تتصاعد في كل الاتجاهات، وتوفر لكل منهما رغيد العيش والمحبة والسلام الدائم، بدلاً من هذه العداوات المدمرة والمتصاعدة في كل الاتجاهات أيضاً بينهما.. وعلى العرب قبل الإيرانيين أن يفهموا، أن إيران ليست عنصراً طارئاً على هذه المنطقة كالكيان الصهيوني مثلاً ، حتى يمكنهم اقتلاعه منها في يوم من الأيام.. أو إزالته من الوجود .. وكذلك تركيا !!
0 ثامناً: إن حكمة التاريخ وحقيقته تقول: بأن هناك ثلاث أمم إسلامية كبرى قام على أكتافها صرح التاريخ الإسلامي والحضارة العربية الإسلامية.. وهذه الأمم الإسلامية الكبرى الثلاث هي بالتحديد: الأمة العربية والأمة الإيرانية ثم الأمة التركية.. وحكمة التاريخ تقول أيضاً: أنه يمكن لهذه الأمم الإسلامية الكبرى الثلاث أن تعيد (متعاونة ومتضامنة) بناء وتطوير وتنمية ونهضة مجتمعاتها وإخراجها من وهدة التخلف، وإعادتها وإعادة دور المسلمين العالمي من جديد .
وهذا لا يمكن أن يتحقق إلا إذا ما طورت هذه الأمم الثلاث مصالح كبرى مشتركة مع بعضها، وتعاونت فيما بينها تعاوناً جدياً في مختلف المجالات السياسية والعلمية والتكنولوجية والعسكرية والاقتصادية، وتركت أحلامها الإمبراطورية الخرافية وحولتها إلى أحلام واقعية، تبني بها بلدانها ومنطقتها وتنتقل بها إلى حالة متنامية من التطور والتقدم المستديم، وحالة من الحب والرفاه والوئام والسلام بين شعوبها.. بدلاً من هذه العداوات المدمرة لكل الأطراف، والتي تبقيهم على هامش العالم دائماً .
وهذه هي أعمدة حكم التاريخ السبع، التي أستوعبها الأوربيون قبلنا وصعدوا بواسطتها إلى السماوات السبع..وهي أعمدة الحكمة نفسها التي يستوعبها الآسيويون الآن، ويكادون ـ كإخوانهم الأوربيين ـ يلامسون بها السماء أيضاً !!
أما نحن العرب والمسلمون فأمامنا طريقان:
0 فأما أن نستوعب قوانين الحياة وأعمدة حكم التاريخ السبع هذه، كالأوربيين ولآسيويين ونصعد معهم بها إلى الســـماء..!! 0 وأما أن نبقى نراوح في منطقة تاريخية [ دينية ، مذهبية ، طائفية ، قبلية ، مناطقية ، ثأرية ، ماضوية.......الخ] علاماتها الدم والدمار والتخلف المستديم.. والذي قد يضع الجميع في النهاية في ذيل ذيول أكثر الدول الأفريقية تخلفاً !!
[email protected]



#خلف_الناصر (هاشتاغ)       Khalaf_Anasser#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مقاربة وطنية .. لإشكالات طائفية(عراقية) (5)
- مقاربة وطنية..لإشكالات طائفية (عراقية) (4)
- مقاربة وطنية.. لإشكالات طائفية(عراقية) (3)
- مقاربة وطنية..لإشكالات طائفية (عراقية) (2)
- مدافن لوزان.. وأوهام أردوغان!!
- مقاربة وطنية..لإشكالات طائفية (عراقية) (1)
- أنور السادات وصدام حسين.. والفتح الأمريكي المبين!! (2-2)
- أنور السادات وصدام حسين.. والفتح الأمريكي المبين!! (1-2)
- ((لجمع الحجارة وقت..ولرمي الحجارة وقت))(1) (أميركا تغزو العا ...
- ((لجمع الحجارة وقت..ولرمي الحجارة وقت))(1) (أميركا تغزو العا ...
- ((لجمع الحجارة وقت..ولرمي الحجارة وقت))(1) (أميركا تغزو العا ...
- ((لجمع الحجارة وقت..ولرمي الحجارة وقت))(1) (أميركا تغزو العا ...


المزيد.....




- السعودي المسجون بأمريكا حميدان التركي أمام المحكمة مجددا.. و ...
- وزير الخارجية الأمريكي يأمل في إحراز تقدم مع الصين وبكين تكش ...
- مباشر: ماكرون يهدد بعقوبات ضد المستوطنين -المذنبين بارتكاب ع ...
- أمريكا تعلن البدء في بناء رصيف بحري مؤقت قبالة ساحل غزة لإيص ...
- غضب في لبنان بعد تعرض محامية للضرب والسحل أمام المحكمة (فيدي ...
- آخر تطورات العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا /26.04.2024/ ...
- البنتاغون يؤكد بناء رصيف بحري جنوب قطاع غزة وحماس تتعهد بمق ...
- لماذا غيّر رئيس مجلس النواب الأمريكي موقفه بخصوص أوكرانيا؟
- شاهد.. الشرطة الأوروبية تداهم أكبر ورشة لتصنيع العملات المزي ...
- -البول يساوي وزنه ذهبا-.. فكرة غريبة لزراعة الخضروات!


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - خلف الناصر - مقاربة وطنية .. لإشكالات طائفية(عراقية) (6) والأخير