أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الله عنتار - ذكريات مدينة كان الصعب الخروج منها














المزيد.....

ذكريات مدينة كان الصعب الخروج منها


عبد الله عنتار
كاتب وباحث مغربي، من مواليد سنة 1991 . باحث دكتوراه في علم الاجتماع .


الحوار المتمدن-العدد: 5386 - 2016 / 12 / 29 - 23:09
المحور: الادب والفن
    


ذكريات مدينة كان الخروج منها صعبا ! (3 )

الثانوية التي عينت بها، بحث عنها في كل الخرائط ولم أعثر عليها، زادت حيرتي تفرسا وعراءا، صديقي الوادزمي الوحيد الذي كنت أعرفه على الفايس كان اسمه عبد السلام، كان يضع على بروفايله صورة يظهر فيها قرب خيمة تقليدية سوداء، ويطلق ابتسامة بدوية، اعتقدت للوهلة الأولى أنه سوف يساعدني في معرفة الثانوية، لكن لم يقدم لي إجابات شافية، قال لي إنه يشتغل في اولوز بالجنوب المغربي، شعرت بالفراغ، فكان أن رميت نفسي مطوحا في الفراغ، ونزلت ذات يوم قرب كنيسة خربة وقطعت مسافة ليست بالبعيدة حتى وجدت نفسي قرب بركة من المياه، وكنت اسأل عن الثانوية التي كان اسمها مرفوقا بحي منبوذ يوجد في الهامش الجنوبي للمدينة، فكان كل من سألته عن مكان الثانوية يتأفف حتى التعالي، إلا أن أرشدني رجل مسن وسرت عبر شارع السالك حتى وصلت الى السوق الأسبوعي واخترقت جملة من الدروب، فلاحت بناية في طور البناء، إنها : " الثانوية "، لم تكن شيئا، وطيلة ثلاث سنوات لم تكن شيئا، ظلت الساكنة تنظر إليها كشيء غير مرغوب فيه، لست أعلم منارة شيدت وسط حي مهمش ومنبوذ ويتم رفضها ! كانت عبارة عن اسمنت وعمال يشتغلون لتشييد المولود الجديد، كانت الساكنة تنظر إليها بريبة، ربما كان ذلك ممر بالنسبة إليهم ، لقد ظل الأطفال الصغار والشبان يتسلقون جدرانها، ويركبون حيطانها، لم ينظر إليها كثانوية، فقبل بناء الثانوية ينبغي بناء المجتمع وبناء العقول، الثانوية ليست هي الأسمنت ولكن من اللازم تهييء المجتمع لكي يقبل ثانوية بالقرب منه، أن يحترمها ويقبلها ويرحب بها، لا من يستهتر بها، طيلة سكني بالحي المجاور للثانوية لم أرتح إلا بالدخول إلى المنزل، كانت عندي جارة تسكن بالقرب مني، سمعتها ذات مرة تقول لابنها :" هذا الذي يسكن جوارنا دائما سانظر إليه كتلميذ ولن أنظر إليه كأستاذ ومن المستعبد أن يصير أستاذا في هذا السن "، يعقب عليها ابنها الحقود : " لا لا عندو كالة صحيحة! إنه دخل بسبب الرشوة"، ترد عليه : " أسكت أيها الأحمق ما كان ليدخل إلى التعليم لو لم يكن مجدا"، كنت أسدل الباب، وتنتابني نوبة من الضحك، لأنني كنت محط اهتمام غرباء لا معرفة لي بهم وشغلتهم عن اهتمامهم، وهل كان لهم اهتمام ؟ كان اهتمامهم هو التلصص على الغرباء، لا أكثر !! ممكن هذا أن ينطبق أكثر على أصحاب الدكاكين، لكن جيراني هؤلاء زودونا ذات مرة بخبز المنزل، أما الجيران الذين سكنوا في الأعلى فمدونا خلال العيد باللحم، لا يمكن أن ينس هذا الكرم الوادزمي، لكن نحن من جهتنا كنا نراجع مع أطفالهم الصغار، وكنا نقبل ذلك على مضض خدمة للعلم والثقافة، البقالون كانوا يسكنون معنا، كلما ما ترددنا عليه مرة، يسألنا عن الوجبة التي سنعد، يسألنا عن أصلنا وعن ذهابنا و إيابنا، كان لا يفتر من السؤال، لكن ليس سؤال الوجود والحياة، بل السؤال عن الآخرين، لماذا السؤال عن قضايا الآخرين ونسيان الذات ؟ إنها من المسائل الكبرى في المعضلة الوادزمية، من أين أنت؟ هل أنت واد زمي؟ كيف تعرف القبائل الوادزمية ولست من واد زم ؟ كانت هذه هي الأسئلة التي تطرح علي من عموم الوادزميين، إنهم يريدون موقعة الآخرين وتصنيفهم، من منا ومن ليس منا! البراني سوف يرحل يوما إلى أرضه، بينما الجواني لن يفكر يوما في الرحيل، لذلك هو الأولى !
ع ع/ 29 دجنبر 2016/ الدار البيضاء -المغرب (يتبع )



#عبد_الله_عنتار (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ذكريات مدينة كان الخروج منها صعبا (2 )
- ذكريات مدينة كان من الصعب الخروج منها!
- على شفا الأمواج
- واقعة لا تنسى
- نحو انثروبولوجية الواقع الكرزازي
- لنكن كبارا وما يجمعنا هو الأرض
- الواقع الكرزازي: قراءة نقدية
- حكاية وردة التي قصت
- أرض آفلة
- هل هو الإفلاس التام ؟
- هل واقعنا واقع سرابي ؟
- الأرض العطشى
- رحلة إلى الشمال : بين أزلا وشفشاون : رحلة بطعم المغامرة
- رحلة إلى الشمال : أقشور : الغابة المطيرة
- رحلة إلى الشمال : واد لاو : حينما تصير القراءة فعلا استثنائي ...
- رحلة إلى الشمال : أزلا : المناظر الخلابة وتردي الخدمات
- رحلة إلى الشمال : أزلا : القرية الهادئة والأهالي الطيبون
- رحلة إلى الشمال : مارتيل : مزيج بشري
- تراتيل أزلا
- رحلة إلى الشمال : الفنيدق : أسى دفين


المزيد.....




- فنانة مصرية شهيرة: سعاد حسني لم تنتحر (فيديو)
- وفاة المخرج ميشائيل فيرهوفن وساسة ألمانيا يشيدون بأعماله الف ...
- -الماتريكس 5-.. حكاية المصفوفة التي قلبت موازين سينما الخيال ...
- -باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الله عنتار - ذكريات مدينة كان الصعب الخروج منها