أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مولاي عبد الحكيم الزاوي - سيرة حمار














المزيد.....

سيرة حمار


مولاي عبد الحكيم الزاوي

الحوار المتمدن-العدد: 5366 - 2016 / 12 / 9 - 15:49
المحور: الادب والفن
    


سيرة حمار
مولاي عبد الحكيم الزاوي
كثيرا ما يتوسل الروائيون في مسرى حياتهم الابداعية والأدبية، حينما يضنيهم كدر توصيف الحال والمآل بعالم الحيوانات، وعَلَّه هروب من زفير غوغائية مقيتة، وارتماء في حضن عالم حيث لا حدود تحد الابداع، حدث هذا مع الروائي الأمازيغي أبولي/ أفولاي في رائعته "الحصان الذهبي"، وتكرر مع فرانز كافكا في "التحول/ المسخ"، وتجدد مع جورج أورويل في "مزرعة الحيوان"، وتوفيق الحكيم في "حمار الحكيم"، واللائحة طويلة.
ولئن كان واقع العيش أصلدا، قد يجر وراءه رعنات غير مرغوب فيها، لمن يهوى الامتطاء فوق الهامش الابداعي، ينأى به بعيدا عن معاقرة العمق، فإن تبني هذه المكاشفة غير المباشرة، قد يكون تكتيكا ابداعيا ذكيا من طرف المبدعين، بشكل يُعري عن انطولوجيا الجرح الحضاري، واخفاقات الذات الوجدانية، وخيبات الأمل السياسية، أملا في الهروب من "تفكير الصندوق"، الذي يظل جاثما على متنورينا في زمانية مستلبة.
انكتاب حسن أوريد عن الحمار، له مَتْح من الذاكرة، عن واقعة تاريخية، حدثت أثناء زيارته لدولة الجزائر، ولقائه بمسؤول جزائري، بخصوص مأثور أثري يعود إلى الحقبة الرومانية، فأجابه بأن" تاريخنا يبدأ مع سيدي عقبة"، هذا التعليق، وشم ذاكرة حسن أوريد الروائية، وجعله يعود بسرديته إلى العمق الحضاري لأرض تمازغا، منتصرا بأن تاريخنا لا يمكن اختزاله في بعد واحد.
صدرت رواية "سيرة حمار" للروائي المغربي حسن أوريد سنة 2015، عن دار الأمان، في 127 صفحة من الحجم الصغير، وهي رواية تنضاف إلى سلسلة رواياته مثل " الحديث والشجن" ،" الأجمة" ،"الموريسكي" ،"صبوة في خريف العمر"، و"سنترا".
يقول فيها "نظرتُ في مرآة، فإذا أنا حمار كامل الأوصاف، لا أختلف عن الحمير إلا في شيء أضحى مصدر معاناتي هو قدرتي على التفكير، إذ كان الأمر سيهون لو حُرمت التفكير وعشت حياة الحمير لا أختلف عليها في شيء".
بهذه الديباجة الواردة في الغلاف الخلفي للعمل تمضي روح البطل" أدربال" الذي عاش في واحد من أهم العصور القديمة في تاريخ المغرب، حين كان المغرب متفاعلا بين موريتانيا الطنجية، كجزء من المغرب الأقصى، والإمبراطورية الرومانية التي بقيت في شمال إفريقيا لثمانية قرون.
هي سيرة عن سيناتور سيصير حمارا، اجْرتح المحرَّم، وأراد أن يبتعد عن الناس، فشرب شرابا ظن أنه سيصرفه عن الناس، فإذا به يصبح حمارا، ينهق كما تنهق الحمير، لكنه ظل قادرا على قدرته في التفكير، وتلك كانت مأساته الوجودية، بنفس درامي مشوق ومثير، وحبكة تختزن مكنونا ابداعيا، وراء لغة سلسة في مبناها، عميقة في معناها.
يعود "أذربال" إلى أهله في موريتانيا الطنجية بعد تحصيله العلمي في قرطاج وروما، ليقع في غرام إحدى السيدات، في علاقة انتهت بتجرعه لما اعتقد أنه سيحوله إلى طائر يهرب رفقة حبيبته، لكنه يجد نفسه قد تحول إلى حمار تم بيعه لأكثر من مالك، ليخوض الحمار بعدها حربا مصيرية سعيا منه لاستعادة آدميته.
"هل هان بي الأمر لأعشق أتاناً؟ هل طَلَّقت وضعي الإنساني السابق لأصبح حيوانا كامل الحيوانية؟ هل هو الإعلان عن الإفلاس والانغمار كلية في سلك الحيوانية، وأنا الذي قَدَّرت يوماً أن أنعتق من جلد الحمار ومهاوي الحيوانية؟ ليتني لم أنهق".
"وقد تبيّنت أن كثيراً من بني الإنسان أنفسهم لا يختلفون عن هذا الحمار الذي حاججني، وأنهم يقيسون الحياة فيما يملكون، ويجعلون غايتهم النيل من متعها والظفر بمتاعها".
رواية ممتعة تكتب عن زمن الانتكاسات المتواصلة، عن اخفاقات بناء الذات، التي تعيش وضعا مزدوجا، عن الانسان الذي يتزيا بصفة الحيوان، عن ضمور الأصل التاريخي في لحظة استيلاب وجداني.



#مولاي_عبد_الحكيم_الزاوي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- زمن الهدر السوسيولوجي
- محنة السنين
- Adios Castro
- إنقاد الأرض لمحمد منير الحجوجي
- قراءة في رواية مرايا الذاكرة للمفكر المغربي علي أومليل
- الريگيلاتور المغربي
- الشباب والاندماج الاجتماعي: نحو حفر مغاير
- عبد الرحمان اليوسفي: من عدو للنظام إلى صديق للملك
- -قلق البارادايم- مصطفى غلمان.
- سوسيولوجيا الحُگرة.
- رواية سنترا
- -ظل الأفعى- يوسف زيدان.
- حينما يحاكم القضاة الأدب عوض النقاد
- استبانة العروي
- جدل التاريخ والذاكرة في الاستوغرافيا المغربية ( 3)
- جدل التاريخ والذاكرة في الاستوغرافيا المغربية ( 4)
- جدل التاريخ والذاكرة في الاستوغرافيا المغربية ( الجزء الثاني ...
- البيئيون الجدد
- جدل التاريخ والذاكرة في الاستوغرافيا المغربية
- في ماهية النقد التاريخي (الجزء الأول)


المزيد.....




- خريطة أدب مصغرة للعالم.. من يفوز بنوبل الآداب 2025 غدا؟
- لقاءان للشعر العربي والمغربي في تطوان ومراكش
- فن المقامة في الثّقافة العربيّة.. مقامات الهمذاني أنموذجا
- استدعاء فنانين ومشاهير أتراك على خلفية تحقيقات مرتبطة بالمخد ...
- -ترحب بالفوضى-.. تايلور سويفت غير منزعجة من ردود الفعل المتب ...
- هيفاء وهبي بإطلالة جريئة على الطراز الكوري في ألبومها الجديد ...
- هل ألغت هامبورغ الألمانية دروس الموسيقى بالمدارس بسبب المسلم ...
- -معجم الدوحة التاريخي- يعيد رسم الأنساق اللغوية برؤية ثقافية ...
- عامان على حرب الإبادة في غزة: 67 ألف شهيد.. وانهيار منظومتي ...
- حكم نهائي بسجن المؤرخ محمد الأمين بلغيث بعد تصريحاته عن الثق ...


المزيد.....

- مختارات عالمية من القصة القصيرة جدا / حسين جداونه
- شهريار / كمال التاغوتي
- فرس تتعثر بظلال الغيوم / د. خالد زغريت
- سميحة أيوب وإشكالية التمثيل بين لعامية والفصحي / أبو الحسن سلام
- الرملة 4000 / رانية مرجية
- هبنّقة / كمال التاغوتي
- يوميات رجل متشائل رواية شعرية مكثفة. الجزء الثالث 2025 / السيد حافظ
- للجرح شكل الوتر / د. خالد زغريت
- الثريا في ليالينا نائمة / د. خالد زغريت
- حوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الأول / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مولاي عبد الحكيم الزاوي - سيرة حمار