أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - هيثم بن محمد شطورو - الفوضى السياسية في تونس














المزيد.....

الفوضى السياسية في تونس


هيثم بن محمد شطورو

الحوار المتمدن-العدد: 5363 - 2016 / 12 / 6 - 00:25
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


انه لمن الصعب جدا المطالبة بالخضوع الظرفي للسلطة في تونس. إنها حالة شبيهة بالهذيان الواقعي. إنها حالة الفوضى السياسية. إنها أزمة فوضى بدءا من السلطة و انتهاء إلى المكونات المختلفة من الشعب.
السلطة بعد 14 جانفي 2011 لم تدرك بعد، ان الرابط بينها و بين الشعب ليس فقط خضوع بمجرد الانتخابات و إنما هو ما عبر عنه بدقة الفيلسوف الانكليزي "جون لوك" بمفهوم "الوديعة"، و الذي عرفه بكونه :
" كل أعمال الحكام محدودة بغاية الحكم، التي هي خير المحكومين. لا يوجد ميثاق و إنما علاقة ثـقة ائتمانية". السلطة أمانة يودعها الشعب عند الحكام لتحقيق النفع العام و هو بالتالي يراقب عن كثب أعمال الحكومة. و هنا يؤكد "لوك" على ضرورة وضع السلطة التـنفيذية و التـشريعية بين أيد مختلفة ليقوم التـشريعي بمراقبة التـنفيذي باعتباره ممثلا لأوسع فئة من الشعب.
أما في تونس اليوم فهل لنا مجلس تشريعي بهذا الوصف؟ هذا هو مكمن الخلل الرئيسي في الديمقراطية الناشئة. هل يمثل مجلس نواب الشعب الفئة الأوسع من الشعب؟ هل يراقب بصفة فعلية الحكومة على هذا الأساس؟
حركة النهضة عوض أن تكون في المعارضة فإنها دخلت في ائتلاف مشبوه مع حركة نداء تونس التي كانت صاحبة الأغلبية الواضحة قبل ان تعرف انشقاقا حادا. جرى الحديث عن صفقة بين الشيخين و لكن الأكيد أن حركة النهضة تبقى هي اللاعب الأساسي الذي انحرف باللعبة السياسية إلى منطق خارج منطق السياسة بما هي صراع سياسي بحت و بأليات تتوفر فيها قدرا من النزاهة و الوضوح.
الحكومة عوض ان تـنبثـق من الحزب الاغلبي وفق آليات سياسية ديمقراطية فإنها انبثـقت عن رئيس الجمهورية ليقوم الحزب في البرلمان بالتـزكية كالقطيع. و كان البرلمان عكس ما هو مفترض فيه ان يكون ذو سلطة سامية بما أنها مشرعة، ليكون برلمان تغلبه عقلية القطيع خاصة في حزبيه الكبيرين و رجال الأعمال افتـقد كثيرا إلى الروح و العقل و الاحتكام إلى الفكر السياسي الذي غايته تحقيق الخير العام وفق العقل..
بلغت الفوضى السياسية مداها الفاجع بمناسبة إسقاط المقـترح الحكومي في مشروع الميزانية المتعلق بـ"السر البنكي" من الحزبين المذكورين المتآلفين اللذين من المفترض كونهما يمثلان الأساس السياسي الذي تستـند عليه الحكومة. بل المفترض ان تكون الحكومة تعمل وفق برنامج سياسي لهذا الإتلاف و لكن كلى الحزبين يفتـقد إلى برنامج سياسي مثلما هو مفترض لحياة سياسية محترمة تكون وفق العقل و ليس وفق غريزة السلطة و الثروة.
تركيبة للسلطة قائمة على النقيض تماما من الاحترام للشعب و بالتالي الاتجاه نحو تحقيق الخير العام. تركيبة قائمة على النقيض من المحمولات الخطابية للحملة الانتخابية لكلى الحزبين المذكورين اللذان أحرزا أغلبية الأصوات بفعل لعبة الاستقطاب الثنائي الحاد احدهما ضد الآخر.
ليس هناك من أدنى وضوح لأي ميثاق سياسي واضح بين "نداء السبسي" و "حركة الغنوشي"، و بالتالي مشهد سياسي غائم و متداخل و فوضوي إضافة إلى الإحساس العام القديم بعدم الثـقة في السلطة. وضع رهيب و هو ما انعكس بالضرورة على الحالة العامة للبلد، و انعكاساته الأشد وضوحا تمثلت في عدم وجود حكومة فاعلة و قادرة على الفعل الذي يطلبه الشعب..
و اليوم، برغم نجاح مؤتمر الاستـثمار حسب ما تم الإعلان عنه، إلا أن سيل الاحتجاجات يتـنامى. المحامون و الصيادلة و المدرسون و موعد مع إضراب عام في الوظيفة العمومية يوم الخميس 08 ديسمبر 2016.
المواطن العادي يقول لك : "ما فاهم شيء". انه تعبير عن الإحساس بالفوضى السياسية.
خطاب حكومي لازال فقيرا و باردا برغم تطوره النسبي. كان للحكومة أن تـقوم بتـقديم بعض القرابين التي تـقـنع الشعب فيما يخص الفساد لكنها عاجزة عن ذلك. فمن يسندها سياسيا؟
زيادة على ذلك، فان الاتـفاقات التي عقدتها الحكومة السابقة يراد التنصل منها من هذه الحكومة التي أتى بها في نهاية الأمر رئيس الجمهورية الذي بدوره قام بعزل الحكومة السابقة التي عين رئيسها، في إطار لعبة ما سمي بحكومة الوحدة الوطنية و وثيقة قرطاج..
وسط هذه المعمعة من الفوضى و إرادة التعمية و سياسة تـشبيك الكل في الكل، لا يمكن إلا ان نستـنجد بأحد اكبر فلاسفة الفكر السياسي و الذي نجد لكلماته صدى فعلي في الواقع السياسي لتونس ما بعد 2001.
واقع رفض الخضوع للسلطة باعتبارها أثمة تجاه الشعب و استبداله ليس بفكرة التعاقد بين السلطة و الشعب حسب ما يفرزه صندوق الانتخابات، لان السلطة الحالية لا تعبر أصلا عن إرادة ناخبيها، و إنما المضمون الفعلي الذي تم من خلاله إخراج "الترويكا" من الحكم بواسطة اعتصام الرحيل، هو مفهوم الوديعة.
الشعب أودع السلطة بما هي حكم و معارضة لأطراف معينة كي تحقق الخير العام، و ان رأى في السلطة شرا يستبدلها بطريقة سلمية.
يقول "جون لوك":
" حالة الطبيعة هي حالة حرية و مساواة، و ليست حرب محتملة للكل ضد الكل. فالبشرية بأسرها لا تتعلم بأنه يجب أن لا يضر احد بالغير في حياته و صحته و حريته و أمواله، باعتبار ان الجميع متساوين و مستـقلين، إلا من خلال الرجوع إلى العقل، الذي يجسد هذا الحق..".
و الرجوع إلى العقل لا يعني إلا الخروج من حالة الفوضى السياسية الحالية.. فـ"الإرادة العامة تكون دائما مستـقيمة، لكن الرأي الذي يقودها لا يمكن دائما أن يكون مستـنيرا" مثلما قال "جان جاك روسو"، و ربما تحتاج تونس إلى مجلس حكماء يرشد الجميع على هدي كلمات نفس الفيلسوف.. مجلس من عقول تفكر يقود البطون الشرهة..



#هيثم_بن_محمد_شطورو (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مارد الاستثمار في تونس
- وقف سلسلة الانتقام في تونس
- بوح معذبي الدكتاتورية في تونس
- مهزلة العراق الجحيمية
- صدمة -ترامب-
- مأزق الراهن
- الجسدي التائه
- بين العلم و الايمان
- حصان الثورة
- -جمنة- بين الثورجية و المعقولية
- تعاونية -جمنة-
- الكاتب و الزبالة
- أمريكا الداعشية
- -بورقيبة- و الثورة
- -يلزمنا ناقفو لتونس- رئيس الحكومة الجديد يستحضر شعار -شكري ب ...
- في الالحاد الاسلامي
- الفردوس المفقود المأمول
- رئيس الجمهورية التونسية يسحب البساط من الجميع
- الصادقون و الكاذبون
- هل تتجه تونس نحو سلطة الشعب؟


المزيد.....




- نقار خشب يقرع جرس منزل أحد الأشخاص بسرعة ودون توقف.. شاهد ال ...
- طلبت الشرطة إيقاف التصوير.. شاهد ما حدث لفيل ضلّ طريقه خلال ...
- اجتياج مرتقب لرفح.. أكسيوس تكشف عن لقاء في القاهرة مع رئيس أ ...
- مسؤول: الجيش الإسرائيلي ينتظر الضوء الأخضر لاجتياح رفح
- -سي إن إن- تكشف تفاصيل مكالمة الـ5 دقائق بين ترامب وبن سلمان ...
- بعد تعاونها مع كلينتون.. ملالا يوسف زاي تؤكد دعمها لفلسطين
- السيسي يوجه رسالة للمصريين حول سيناء وتحركات إسرائيل
- مستشار سابق في -الناتو-: زيلينسكي يدفع أوكرانيا نحو -الدمار ...
- محامو الكونغو لشركة -آبل-: منتجاتكم ملوثة بدماء الشعب الكونغ ...
- -إيكونوميست-: المساعدات الأمريكية الجديدة لن تساعد أوكرانيا ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - هيثم بن محمد شطورو - الفوضى السياسية في تونس