زكريا كردي
باحث في الفلسفة
(Zakaria Kurdi)
الحوار المتمدن-العدد: 5353 - 2016 / 11 / 26 - 07:16
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
يوماً ما، سنتأكد أن كل هذه الطائرات والمدافع ، غير قادرة - لوحدها - على تفكيك تلك العقيدة الدينية المتطرفة ، وأن كل هذا الرصاص والقذائف الذكية، لن تتمكنَ من طمس دعوات الكراهية المذهبية، أو نزع ألغام نصوص التكفير، ونفض الغبار المُقدّس والمُتراكم في كتب التراث الديني، والتي مازلنا نقدسها ونروّجُ لها وتتصدر رفوف أدمغتنا بزهو البشير ..
وسنعلم علم اليقين، أن هذا لن يحدث ما لم يتمْ تحييد الواقع التعليمي وتنزيه المناهج، وإعادة النظر في أساليب التربية الخطرة التي نبني بها عقول صغارنا و نكدسها في أذهان ناشئتنا، والتي تقوم في جوهرها على الخوف وليس على المحبة ...
وإذا لم نبدأ نحن في الخطوة الأولى نحو ذلك حالاً، فلن يعيش في مجتمعاتنا في المستقبل البعيد ، سوى وحوش آدمية ، تتقاتل باسم الدين والجهل والدفاع عن المذاهب ، وتقتات على فكر طائفي بغيض مدمر، ذو لبوس سياسي برّاق أو نفاق ثوري مريع ..لأن صراع الكراهية القائم على أساس ديني لا يموتُ في ضمائر الناس من تلقاء نفسه ..
ولذا من الحكمة بمكان، أن نعترف بالمرض قبل البدء بالعلاج ، و من العقل أن نقرّ أن تفشي ظاهرة الإرهاب الديني في المجتمع، مهما ارتدت من مظاهر ثورية، ماهي إلا عبارة عن فشل حضاري و تاريخي و أخلاقي لنا جميعاً بإمتياز .. ولن يتمَّ هزيمتها بيننا إلا بالعلم والتربية..فهما السرُّ والمفتاح لأية نهضة ..
لأنني أعتقد تماماً ، أن صناعة التخلف تباشر حَرْثها في مناهج التعليم .. فهي التي تكرّس اغتيال الدهشة في وعي الطفل ، و تثابر بدأبٍ على خنق السؤال لديه .. ثم تستمر في إشاعة سُبل التلقين المقيتة هكذا ، حتى تقضي على تلقائيته و توطّد الوثوقية في بُنيان مداركه كافه .. و من ثم تجدها لا تتوقف عن حشو ذهنه بسُمِّ الدغمائية المُقدّسة .. التي تضيّق من رَوع أحلامه وتزيد في فظاظته، إلى أن تسود فيه بلاهة ما يسمى بالحقيقة النسبويّة .. عندئذ ، يموت العقل الابتكاري لديه، و تنطفئ جذوة الخيال و يخبو إوار العاطفة..
و بالرغم أنه يبدو للعيان أنه مازال على قيد الحياة..يُمارس دوره كإنسان..لكنه في حقيقة الواقع يكون مُجرّد كائن مُتخلف و ميتْ ذو خطر شديد كامن ..
للحديث بقية..
#زكريا_كردي (هاشتاغ)
Zakaria_Kurdi#
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟