أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - شاكر النابلسي - ضياع العرب بين صدّام وخدّام















المزيد.....

ضياع العرب بين صدّام وخدّام


شاكر النابلسي

الحوار المتمدن-العدد: 1418 - 2006 / 1 / 2 - 12:04
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


-1-

لا شك بأن حديث رأس السنة الجديدة الرئيسي في المجالس العربية، كان المقابلة التي أجرتها فضائية "العربية" مع نائب الرئيس السوري عبد الحليم خدّام. ولعل العرب لم يفرغوا من الحديث عن محاكمة صدّام حتى دخلوا بمحاكمة عبد الحليم خدّام بالخيانة العظمى التي دعا اليها مجلس الشعب السوري عقب المقابلة رأساً، كرد حاسم على ما قاله خدّام.

-2-

خدّام في مقابلته مع "العربية" قال تقريباً كل شيء عن النظام السوري. وما سيقوله غداً وما سيضيفه في المستقبل هو تفاصيل التفاصيل التي لا تهم كثيراً. وما قاله يعرفه الجميع، وليس بخافٍ على أحد في داخل سوريا وخارجها. والجديد فيما قيل، هو أنه بمثابة "اعتراف حرامية وجلادين" . وهو من قبل من اشتركوا في سرقة سوريا ولبنان بل كانوا من زعماء عصابة "علي بابا" الحرامية التي سرقت هذين البلدين، واستفادت من ثروة الحريري وقايضت السلطة اللبنانية بالمال الحريري.

-3-

كانت اعترافات خدّام في مقابلته مع "العربية" بمثابة اعترافات مومس، مارست البغاء السياسي طوال عمرها ولم أصبحت عجوزاً شمطاء تابت الى رب العالمين على ما يبدو، واعترفت بكل من كانوا يمارسون معها البغاء السياسي. وليس في ذلك بالأمر الجديد. وإذا كان هناك من جديد فهو جرأة وشجاعة المومس على الاعتراف بخطاياها. علماً بان خدّام حتى الآن لم يعترف بخطاياه الكبيرة في مساهمته واشتراكه في قرار وفعل التنكيل بالمعارضة السورية، وقتل المعارضة السورية واللبنانية، والتنكيل بالمثقفين. ولعل ما تمَّ في "ربيع دمشق" وغيره من فصول الربيع السورية السابقة التي لم تظهر الى الوجود وتمَّ اعدامها في مهدها، ومصادرة الحريات، والاستحقاقات الديمقراطية، في عهد حافظ الأسد وبشار الأسد، والسكوت على الفساد، ونهب الثروات السورية اللبنانية، ودفن النفايات النووية في صحراء تدمر.. الخ. لأكبر دليل على أن خدّام لم يكن بالسياسي السوري الشريف الذي يذرف الدمع اليوم على الإصلاح السوري، وعلى مذبح الحرية والديمقراطية السورية.

-4-

اتهام خدّام بالخيانة العظمى من قبل مجلس الشعب السوري اتهام صحيح، وحق، وفي محله.

فخدّام خانة أمانة الفساد في سوريا، وفضح هذا الفساد، فهو الخائن الأعظم.

وخدّام خان أمانة الأسرار السياسية تجاه مقتل الحريري، وأشار بأصابع الاتهام الى النظام السوري، فهو الخائن الأعظم.

وخدّام خان أمانة الأسرار المالية لأركان النظام وهو من أركان هذا النظام، وكشف عن سرقاتهم في لبنان، فهو الخائن الأعظم.

وخدّام كان المسؤول العربي الكبير والنافذ الوحيد في التاريخ العربي الحديث الذي فضح المستور العربي بهذه الجرأة والشجاعة، فكان الخائن الأعظم.

وكان حكم مجلس الشعب السوري عليه حكماً سورياً شعبياً رسمياً عادلاً.

فماذا نتوقع من مجلس كهذا أن يفعل، تجاه هذه القنبلة النووية السياسية التي ألقاها خدّام في أكبر ميادين دمشق؟

هل كنا ننتظر من مجلس الشعب السوري، أن يقيم له تمثالاً، ويكتب على قاعدته: هذا هو أيو الحرية السورية. وهذا هو مشعل الديمقراطية السورية؟

-5-

لو كان خدّام سياسياً شريفاً، لما قبل كل هذه الهدايا والعطايا والمطايا من الحريري ومن الزعماء اللبنانيين الآخرين مقابل تفويت ما فات.

لو كان خدّام سياسياً شريفاً، وأراد أن يدخل التاريخ العربي السوري كواحد من دعاة الإصلاح لما تورّط طيلة ثلاثين عاماً وأكثر كلاعب أساسي في نظام الحكم السوري الديكتاتوري، الذي أنزل الكوارث بسوريا ولبنان معاً.

لو كان خدّام سياسياً شريفاً، لأعلن منذ اليوم الأول ومنذ ثلاثين عاماً، بأن سوريا بدأت تغرق في مستنقع الفقر والفساد والبطالة والطغيان والديكتاتورية، ونهب ثروات لبنان.

فهل من شافع يشفع له طوال فترة ثلاثين عاماً من الحكم الديكتاتوري التسلطي والقمعي؟

وهل هذه المقابلة في فضائية "العربية" هي المطهر الذي يمكن أن يطهر خدّام من كل الكوارث والخطايا الكبرى التي شارك فيها، ولحقت بسوريا ولبنان؟

-6-

خدّام كتاجر سياسي سوري محنّك وحاذق ويعرف متى يدخل في اللعبة ومتى يخرج منها، كان أذكى بكثير من صدّام حسين الذي انتظر حتى الثانية الأخيرة، فهُدم المعبد على رأسه.

لم ينتظر خدّام تلك اللحظة الأخيرة وهو يرى حجارة وحوائط المعبد السياسي السوري تتهاوى الواحد بعد الآخر تحت الضربات الدولية حيناً، وتحت الضربات اللبنانية والعربية الناعمة حيناً آخر.

خدّام كان لديه حدس سياسي ثعلبي. وكان جُحره بعدة مخارج، يستطيع الهروب منها. وهذا ما حصل، حتى لا ينتهي في نهاية المطاف في الجُحر العنكبوتي الذي انتهى اليه صدّام.

-7-

ما الفرق بين صدّام وخدّام؟

كلاهما سجّان، وكلاهما جلاد، وكلاهما سارق، وكلاهما فاسد، وكلاهما ألحق الخراب والدمار بوطنه وشعبه.

الفرق بين خدّام وصدّام، أن خدّام كان الجلاد الناعم من وراء الستار، وصدّام كان الجلاد الفظّ القاسي الجبار.

صدّام كان بهيماً سياسياً، لا يعرف غير طريق واحدة يسلكها، وكان أجهل العرب بالسياسة وفنونها ومسالكها. لذا فهو لم يسمع لأحد، ولم يستجب لأحد في تجنب الحرب والسقوط في الهاوية، كما حصل فجر التاسع من نيسان 2003.

صدّام كان عبارة عن سلطان عثماني رجعي جلاد، ذي عقل يابس، وطبيعة متحجرة.

خدّام كان لحافظ الأسد بمثابة الداهية عمرو بن العاص لمعاوية بين أبي سفيان.

صدّام لم يكن لديه عمرو بن العاص. ولو ظهر له ابن العاص لقتله!

وكما كان عمرو بن العاص سبباً غير مباشر في مقتل الإمام علي، كان خدّام سبباً غير مباشر في مقتل الحريري كذلك.

خدّام كان ثعلباً سياسياً شبع من الحريري وغيره من اللبنانيين الطامعين في كراسي الحكم، وهو اليوم يزيد شبعه شبعاً وتخمته تخمةً على مائدة هذه المقابلة ومقابلات أخرى ربما ستأتي، يقول فيها كلاماً متأخراً جداً بعد أن انفضَّ السامر، ودقّت الساعة، وانشقَّ القمر، وأصبح الإعصار على الأبواب.

لقد ضحك خدّام على الموتى والأحياء معاً.

وضاع العرب بين صدّام وخدّام؛ أي بين حانا ومانا. وهو ما يقال في المثل الشعبي العربي :

بين حانا ومانا ضيّعنا لحانا.

ويا ليت الأمر توقف عند ضياع لحانا فقط؟



#شاكر_النابلسي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لكي لا تحرثوا في البحر!
- لم يبقَ غير الرحيل يا عباس!
- قراءة أولية في الانتخابات العراقية
- وثيقة ارهابية جديدة مدموغة بخاتم الشرعية الدينية الأكاديمية
- العراق اليوم: من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر
- كلام تافه في حريق الأرز!
- محاكمة صدام محك ديمقراطية العراق
- الإرهاب والفوضوية وجهان لعملة واحدة & رسالة مفتوحة إلى خادم ...
- بعد أن تبيّن الخيط الأبيض من الخيط الأسود العراقي & قراءة في ...
- أزمة الأقليات في العالم العربي الى أين؟
- هؤلاء هم الارهابيون الحقيقيون يا جلالة الملك
- كيف يجب أن يكون الرد الأردني على الارهاب؟
- كيف انفجر بركان الارهاب في الأردن؟
- لكي لا ينبت الشوك في أيدينا!
- هل سيكرر العرب أخطاء الطفرة الأولى؟
- ماذا سيفعل العرب بكل هذا الذهب؟ 4/2
- ماذا سيفعل العرب بكل هذا الذهب؟!
- المعاني الكبيرة لإقرار الدستور العراقي
- أخطأ موسى، فالعراق هو شبكة أمان العرب!
- واجبنا تجاه اعلان المعارضة السورية


المزيد.....




- إصابة 8 مدنيين إثر قصف أوكراني استهدف جمهورية دونيتسك
- القوات الإسرائيلية تقتل 5 فلسطينيين من بينهم طفلة صغيرة خلال ...
- صدمة وحزن لوفاة شرطي ألماني تعرض للطعن على يد شاب أفغاني
- سوريا.. رئيس دائرة الامتحانات في حلب ينفي وفاة طالب بكالوريا ...
- مستشار نتنياهو: خطة بايدن بشأن غزة ليست جيدة ومعيبة لكن إسرا ...
- وزير الصحة المصري: نستقبل 4 مواليد كل دقيقة بينما نستهدف طفل ...
- الجيش الإسرائيلي: سقوط مسيرة لـ -حزب الله- في نهاريا من دون ...
- الجيش الإسرائيلي يحقق مع نفسه بشأن خروقات.. ما هي النتائج؟
- عمره 93 عامًا.. الملياردير روبروت مردوخ يتزوج للمرة الخامسة ...
- -تهديد خطير-.. مخاوف من غزو الخنازير الكندية الخارقة للولايا ...


المزيد.....

- هواجس ثقافية 188 / آرام كربيت
- قبو الثلاثين / السماح عبد الله
- والتر رودني: السلطة للشعب لا للديكتاتور / وليد الخشاب
- ورقات من دفاتر ناظم العربي - الكتاب الأول / بشير الحامدي
- ورقات من دفترناظم العربي - الكتاب الأول / بشير الحامدي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - شاكر النابلسي - ضياع العرب بين صدّام وخدّام