رياض العصري
كاتب
(Riad Ala Sri Baghdadi)
الحوار المتمدن-العدد: 5330 - 2016 / 11 / 1 - 22:26
المحور:
دراسات وابحاث قانونية
ـ العوامل الصانعة لسلوك الفرد : 1) عوامل ذاتية وهذه تتعلق بشخصية الانسان ذاته بشكل منفصل عن محيطه والمتعلقة بالجينات الوراثية او المورثات التي ورثها من والديه وفقا لقوانين الوراثة 2) عوامل البيئة الاجتماعية والبيئة الجغرافية المحيطة بالفرد ، وتشمل هذه العوامل طبيعة القيم والاعراف والمفاهيم الاخلاقية التي اكتسبها الانسان من أسرته ومن مجتمعه , هذه القيم والمفاهيم هي انعكاس لطبيعة العقيدة او الثقافة السائدة في المجتمع ، وانعكاس لطبيعة الظروف المعيشية والاقتصادية والاوضاع السياسية التي يمر بها المجتمع , وكذلك هي انعكاس للاحداث التاريخية الماضية التي مر بها المجتمع والتي تركت رواسبها في اعماق الوجدان الاجتماعي , وكذلك هي انعكاس لعوامل البيئة الطبيعية المحيطة بالانسان وتشمل المؤثرات الجغرافية كالمكونات المناخية ( الحرارة والرطوبة والرياح ) من حيث الكمية والنوعية وطبيعة التضاريس والغطاء النباتي للارض التي يحيا عليها الانسان والتي تؤثر جميعها تأثيرا مباشرا على الحالة النفسية او المزاج العام وبالتالي على نمط سلوك الافراد 3) التجارب الشخصية والتي تشمل الحوادث العنيفة التي تعرض لها الانسان ، والامراض التي أصيب بها خلال حياته والتي تركت آثارها على قدراته البدنية او العقلية أو النفسية ، ومن الطبيعي ان الزمن يلعب دورا في احداث تغيير في السلوك الشخصي للانسان بحكم كبر السن وتوسع الخبرة في الحياة ، هذه جميعها تسهم في رسم معالم شخصية الانسان وفي صنع سلوكياته ، وتسهم في صنع وتشكيل النمط السلوكي العام لافراد المجتمع او ما يسمى بالسلوك الجمعي ، واستنادا الى هذه العوامل يمكن تفسير طبيعة السلوك الجمعي لافراد المجتمع واسلوب المجتمع في معالجة التحديات التي تواجهه , ومن الجدير بالذكر ان الكثير من الصفات الشخصية للانسان الايجابية اوالسلبية مثل الذكاء او الغباء , الشجاعة اوالجبن , الحرص او الاهمال , الشعور بالمسؤولية اواللامبالاة وغيرها من الصفات الشخصية انما تتكون بفعل تأثيرات الهرمونات التي هي تحت سيطرة وتحكم الجينات الوراثية للانسان , كما ان المواد الكيميائية الطبيعية او الصناعية التي يتناولها الانسان كغذاء او دواء لها تأثير مؤقت على سلوكه وتصرفاته ايجابا او سلبا لانها تؤثر على النظام الكيميائي لبدنه لفترة زمنية محددة الا اذا أدمن عليها حينئذ تسبب تغييرا في النظام الكيميائي لبدنه , هذا وان الجينات الوراثية التي اكتسبها الانسان من والديه نقلا عن أجداده انما هي في جذورها البعيدة نتاج الطبيعة التي تمنحنا صفات وطباع بموجب قوانينها ونصبح ملزمين ومقيدين بها , وفي حالة حصول تعارض او تناقض بين الصفات المكتسبة وراثيا وبين الصفات المفروضة بيئيا او اجتماعيا فان الانسان سيواجه موقفا صعبا للتصرف قد يدفعه الى الازدواجية او النفاق لغرض الموازنة بين قوانين طبيعته وبين قوانين مجتمعه وظروف بيئته , وبالتأكيد تتأثر خيارات الانسان وقراراته بهذه العوامل مجتمعة , فالانسان يتمتع بحرية الاختيار ولكن حريته مقيدة بمؤثرات الطبيعة البايولوجية ( حيث الجينات الوراثية ) ومؤثرات البيئة الاجتماعية ( حيث القيم والمعتقدات السائدة في المجتمع ) ومؤثرات البيئة الجغرافية ( حيث المناخ والتضاريس ) , واخيرا التجارب الشخصية القاسية والتحديات التي مر بها خلال حياته ... اننا نعتقد ان مسؤولية الانسان عن تصرفاته ليست مطلقة لان الانسان يتحمل المسؤولية نسبة الى قدراته العقلية والنفسية التي أتاحتها له جيناته الوراثية وبيئته الاجتماعية والجغرافية , سلوك الانسان حتى وان كان نابعا من ارادته فان جيناته الوراثية تفعل فعلها في رسم معالم سلوكه الى جانب المؤثرات البيئية , فالجينات الوراثية يحملها الانسان في بدنه منذ ولادته وحتى مماته بكل عيوبها واشكالاتها كميراث له من أجداده ولا خيار له فيها وهي عامل مؤثر في توجيه سلوكه وتصرفاته , ومن هذا المنطلق فانه ليس من المنطق ولا من العدل معاقبة الانسان المنحرف بعقوبة الموت عن تصرفاته المنحرفة الناجمة عن جينات معيوبة يحملها ميراثا من والديه , وبرأينا ان عقوبة الاعدام مهما كانت اسبابها ومبرراتها تعتبر عقوبة ظالمة وانتهاك لحقوق الانسان , ويمكن الاستعاضة عنها بوسائل عقاب او ردع مناسبة , واذا كان البعض يعتقد بان الغاء عقوبة الاعدام سيشجع على الاجرام فان جوابنا هو ان الانسان المجرم او المنحرف هو انسان مريض وليس بحالة طبيعية , وان العلاج خير من العقاب , فمعالجة الاسباب الحقيقية للانحراف من الناحية الاجتماعية والطبية هو الاسلوب الصحيح في التعامل مع مشكلة الانحراف والاجرام , ان التدخل الطبي لمعالجة عيوب او اشكالات الجينات الوراثية وتصحيحها يسهم كثيرا في تحسين سلوك الانسان المنحرف ، وتقع على عاتق العلم مهمة انسانية عظيمة في ان يطور ابحاثه في مجال اصلاح الجينات الوراثية المعيوبة وتقويم الجينات المنحرفة
ـ السلوك هو المعيار... والانسان يقيّم بسلوكه ، السلوك نتاج ( قوانين البدن + قوانين المجتمع ) البدن يساهم في صنع شخصية الانسان والانسان لا دور له في صنع قوانين البدن , ان الحالة البدنية لكل انسان لها دور كبير وبعيد الاثر في صنع شخصيته وتحديد سلوكه والبدن نتاج الجينات الوراثية ، الحالة البدنية تشمل ( الحالة الصحية ـ حالة المكونات البدنية ـ القدرات العقلية وحالة الجهاز العصبي ـ الحالة البنائية للبدن من حيث الحجم واللون والمتانة وطريقة التشكيل ) فمثلا الطفل الذي يشكو دائما من ضعف حالته الصحية نراه ينزوي بعيدا عن مشاركة اقرانه الاطفال في اللعب ، وهذه الحالة تؤدي به الى الانطواء ومن ثم ضعف الشخصية ، سلامة المنظومة العصبية تمنح الانسان الثقة العالية بالنفس وقوة الشخصية وتحميه من الوقوع في الامراض النفسية , ولكي تعالج الامراض النفسية ويستقيم السلوك ينبغي أولا معالجة الابدان وخاصة المنظومة العقلية والعصبية ، فالاعصاب المنهكة تصنع نفوس سقيمة , والنفوس السقيمة هدفا للامراض النفسية , والامراض النفسية تنتج سلوكيات غير متوازنة وغير ناضجة قد تؤدي الى الاجرام اذا توفر الاستعداد الفطري الوراثي .
ـ هناك نظرية في تفسير السلوك تقول بان الانسان يولد على الفطرة ، وان الخير او الشر انما يكتسبه الانسان من مجتمعه ، نحن نرى بان هذه النظرية غير واقعية وغير علمية ، لان نوازع الخير اوالشر تولد مع الانسان فيحملها كما يحمل جيناته الوراثية ، الصفات الشريرة والخيرة تخضع لقوانين الوراثة ، فالشر نتاج خلل نفسي او عقلي ينتقل عبر الجينات الوراثية .. كما ان الخير نتاج حالة سليمة نفسيا وعقليا ينتقل ايضا عبر الجينات الوراثية ، فالانسان لا يمكن ان يكون شرير وعدواني اذا كان بحالة سليمة نفسيا وعقليا .. ونذكر بان سلوك الانسان ليس فقط نتاج جيناته الوراثية فهناك عوامل اخرى تدخل لاحقا بعد الولادة للتأثير على سلوك الانسان مثل ثقافة ومعتقدات المجتمع والظروف التي يمر بها الشخص .
ـ مفاهيم الديمقراطية وحقوق الانسان هي للبشر الذين يتمتعون بسلامة القوى العقلية والنفسية , اما المجرمين الاشرار فلا حق لهم سوى حق الحياة فقط ، الاشرار يجب اخضاعهم الزاميا لاجراءات الاصلاح والمعالجة النفسية والعقلية حماية للمجتمع من شرورهم ، نحن نؤمن ان حقوق الانسان هي لمن يستحقها ويقدر قيمتها , ليس هناك حقوق الانسان لمن لا يحترم حقوق الاخرين ، ومن يجد في نفسه الجرأة لارتكاب جريمة قتل أخيه الانسان فانه لا يستحق ان يعامل وفق مباديء حقوق الانسان ، وحسب مبدأ الفعل ورد الفعل في الطبيعة فاننا نؤمن بمبدأ المعاملة بالمثل في العلاقات بين البشر ، احترم تحترم ، ارحم ترحم ، والرحمة والمغفرة لها شروط ، من يسرق خبزا من الخباز ويهرب تجوز فيه الرحمة ، ولكن من يقتل الخباز ليسرق خبزه فلا تجوز فيه الرحمة أبدا ، ومن يختطف امرأة فيغتصبها ثم يخلي سبيلها مسألة فيها نظر وتجوز فيه الرحمة بعد ان تتم ازالة اثار جريمته دون اسقاط حقوق المرأة المغتصبة ، ولكن من يغتصب امرأة ثم يقتلها فلا تجوز فيه الرحمة أبدا ، حق الحياة حق مقدس ، واننا نرى بان فكرة ( الرحمة فوق العدالة ) التي يتداولها البعض هي فكرة غير صحيحة ... الرحمة والشفقة والعطف والرأفة والصفح والمسامحة هذه كلها من مفاهيم الخير ... ولكن لا يجوز وضعها فوق الحق والعدل ... لا شيء يعلو على الحق ... القضاء يجب ان يحكم بالحق والعدل بشكل مجرد من اي تأثير آخر ... الرحمة التي يجب ان تقدم هنا هي في علاج المجرم واصلاحه ، اننا نؤمن بان على الظالم ان يدفع ثمن ما ارتكبه من اعمال ظالمة ، وعلى الشرير ان يدفع ثمن ما ارتكبه من اعمال شريرة ، ولا مجال للتساهل مع اعمال الظلم والشر ابدا ، ويجب ايداع المجرم مركز الاصلاح لمعالجته نفسيا وعقليا علاجا الزاميا لمدة ثلاث سنوات ، واذا تكررت جريمته مرة أخرى بعد اطلاق سراحه ففي هذه الحالة يفرض عليه القصاص البدني من خلال احداث عوق مستديم ببدنه مع استمرار احالته الى مركز التاهيل والاصلاح لمواصلة برنامج العلاج النفسي والعقلي له في كل مرة ، ويكون القصاص البدني على ثلاث مراتب ( المرتبة الابتدائية القصاص بحرمانه من احدى ساقيه , والمرتبة المتوسطة القصاص بحرمانه من حاسة السمع , والمرتبة العليا القصاص بحرمانه من حاسة البصر ) هذه المراتب من القصاص تطبق على المجرم بالتسلسل في كل مرة يرتكب جريمة قتل جديدة ، ونعتقد ان القصاص الاخير سوف يمنعه بشكل نهائي من ارتكاب أي جريمة قتل اخرى
ـ وفقا لمبدأ الحق والعدالة لا يجوز محاسبة الانسان على نواياه ومخططاته ، الارادة هي المعيار وليس النوايا ، النفس البشرية تختلجها الكثير من الافكار والمخططات والنوايا ... ولكن يبقى الفعل هو الذي يعول عليه في الحساب ، الدولة من حقها ان تستجوب من تشك في سلوكه او من تجد لديه نوايا عدوانية او اجرامية وان تفتش بيته .. ولكن حتى لو وجدت لديه ادلة على نية عدوانية وشيكة فانه لا يعتبر دليل ادانة مادي ضده ، يمكن وضع الشخص المشتبه به تحت المراقبة والمتابعة الميدانية ولكن لا يمكن وضعه في السجن طالما لم يرتكب فعل الجرم ، لذا على الدولة ان تكثف اجراءاتها من المراقبة والفحص والتفتيش للاشخاص في حالة الاشتباه بوقوع وشيك للجريمة
ـ لا يجوز اعتبار الشخص مجرما الا اذا ضبط متلبسا بالجرم أو ضبط وهو في مرحلة الشروع بفعل الاجرام , اما مرحلة التخطيط فلا تجرم الا اذا حدث بعدها فعل الاجرام ، الجريمة معيارها التنفيذ وليس التخطيط , والمجرم يجرم على سلوكه وليس على أقواله أو كتاباته أو مخططاته , فليس كل من يخطط يمتلك المقدرة على التنفيذ ، الادانة لا تقع الا بعد فعل الاجرام عند التنفيذ او لحظة الشروع بالتنفيذ ، وليس من العدل محاسبة اصحاب النوايا السيئة على سوء نواياهم ... النوايا شيء والافعال شيء آخر ، ولكن اذا تحولت النوايا السيئة الى سلوك عملي وبخطوات مادية للشروع بتنفيذ الجريمة بعد ان توفرت جميع ادواتها وتم القبض على المجرم في لحظة الشروع فانها في هذه الحالة تعتبر جريمة كاملة حتى وان لم يتم التنفيذ ، الحذر واجب والمراقبة واليقظة واجبة وهذه مسؤولية اجهزة الامن في الدولة
ـ حتى لو تمكن المجرم من ازالة جميع آثار جريمته وتمكن من تضليل العدالة ونال البراءة بعد أن تعذر على القضاء ايجاد الادلة الثبوتية ضده , فان على المجرم ان لا يعتبر ان جريمته قد دفنت وان برائته قد ثبتت , لان فعل الاجرام ذاته يبقى قائم ولن يسقط بفعل التقادم ، ويجوز اعادة محاكمته عندما ينكشف أي دليل ادانة او ظهور أي شاهد اثبات على وقوع الجريمة , الحقوق قد تضيع زمنا ولكنها لن تموت مهما طال الزمن , ولابد ان يحاسب المجرم على فعلته مهما بعد زمن الجريمة , لا يجوز ان نسمح للزمن بدفن الحق , لابد للحق ان يعود الى اصحابه يوما ما , كما ان الحقوق لن تسقط عند عدم مطالبة أصحابها بها من جراء الخوف او الجهل أوالعجز, ان جهل الانسان بحقوقه أو عجزه عن الدفاع عن حقوقه لا يبرر ابدا اغتصاب هذه الحقوق منه
ـ يخصص لكل نزيل من نزلاء مركز الاصلاح برنامج معالجة حسب نوع الجرم المرتكب وتحت اشراف طبيب نفساني مع وجود اطباء من اختصاصات اخرى عند الحاجة لاغراض الفحوصات والتحاليل الطبية وتشخيص نوع الخلل الذي دفع النزيل الى خرق القوانين والاعتداء على حقوق الاخرين
ـ المهمة الاساسية للمحكمة التي تحاكم اي متهم يجب ان تنحصر في اجراء التحقيقات اللازمة ودراسة الادلة المتوفرة للتحقق من ادانة او براءة المتهم ، اي ان القرارات التي تتخذها المحاكم هي قرارات ادانة او براءة فقط وليس قرارات عقاب ، فاذا صدر قرار بادانة متهم يتم احالته الى مراكز الاصلاح ، كما ان المحكمة ليس من اختصاصها تحديد الفترة الزمنية التي يقضيها المتهم او النزيل في مركز الاصلاح ... فذلك يتوقف على مدى تقدم النزيل في برنامج المعالجة والاصلاح على ان لا تزيد المدة عن ثلاث سنوات مهما كان الجرم ، لذا تكون صيغة قرار المحكمة في حالة الادانة هو كما يلي ( قررت المحكمة اعتبار المتهم فلان الفلاني مدان بجريمة كذا .... واحالة ملفه الى مركز الاصلاح والتأهيل لاجراء العلاج النفسي والعقلي اللازم له ، على ان لا تزيد مدة العلاج عن ثلاث سنوات اعتبارا من تاريخ صدور القرار ) وبعد انتهاء فترة العلاج يعرض النزيل على لجنة طبية لتقدير مدى استفادته من برنامج العلاج ثم تقدم رأيها وتوصياتها الى المحكمة المختصة ، بعد ذلك تقوم المحكمة باصدار قرار اطلاق سراحه ، وقبل مغادرة النزيل لمركز الاصلاح والتأهيل يتوجب عليه ان يسدد ما بذمته من نفقات او مصاريف خاصة به وبخلاف ذلك يبقى في الحجز لحين اكمال براءة الذمة .
ـ مبدأ القصاص البدني من مرتكبي جرائم القتل وضع لمن يفشل في الاستفادة من فرصة العلاج في مركز الاصلاح والتأهيل على مدى ثلاث سنوات يمضيها في المركز ، فنحن في هذا المبدأ لم نظلم أحد ولكن الذي يصر على مسلك الاجرام رغم العلاج الذي يوضع له هو من يظلم نفسه .. والمرحلة الاولى من القصاص تكون ببتر احدى الساقين واستبعدنا عقوبة بتر اليد لاننا نعرف ان حاجة الانسان ليديه في قضاء حاجاته اليومية تفوق حاجته لساقيه .. ولذلك نرى ان بتر اليد كوسيلة للعقاب خطأ كبير جدا اما بتر الساق فهي اهون بكثير ، فهناك اشخاص فقدوا احدى ساقيهم لاسباب مختلفة يمضون حياتهم بشكل طبيعي باستخدام العكاز او الكرسي المتنقل .. بل حتى الطب يلجأ الى بتر الساق في حالة الاصابة بمرض خطير يسمى الغرغرينا
ـ مبدأ المعاملة بالمثل يعتبر مبدأ حق في التعامل مع حالات الاعتداء على حقوق الاخرين ما عدا حالات القتل لانه لا يجوز اصدار عقوبة الاعدام بحق مرتكبي جرائم القتل مهما كانت المبررات ... من لا يقدر قيمة الاحترام للاخرين لا يستحق الاحترام .. ومن يرمي الناس بالحجارة ظلما وعدوانا لا يستحق ان نحافظ على زجاج بيته ... هكذا نفهم الحق والعدل .
ـ تتحدد مسؤولية القضاء في بيان ان كان المتم مذنب ام غير مذنب ، وفي حالة كونه مذنب يتم احالته الى العلاج لاصلاح سلوكه مع الزامه باعادة الحقوق المسلوبه او تعويض المتضررين من سلوكه المنحرف ، ان اعادة الحقوق للمتضررين من قبل المتهم الذي ثبتت ادانته قضية مهمة في تحقيق العدالة .. يجب ان نحرص على اعادة الحقوق المادية والمعنوية للمعتدى عليهم تحقيقا للعدالة .
ـ برنامج العلاج النفسي والعقلي الالزامي للمجرمين في مراكز الاصلاح والتأهيل يشمل كل شخص سلك مسلك الاجرام ان كان مجرم اعتيادي او ارهابي ، برنامج العلاج النفسي والعقلي للمجرمين هو حماية للمجتمع من شرورهم ، ولكن نوع العلاج يختلف لكل مجرم حسب نوع الجرم الذي ارتكبه ... فبرنامج علاج مرتكب الجريمة بدوافع مالية يختلف عن برنامج علاج مرتكب الجريمة بدوافع عقائدية ، وهو غير برنامج علاج مرتكب الجريمة بدوافع جنسية ، كما انه غير برنامج علاج مرتكب الجريمة بدوافع سياسية او منافسة تجارية ، علما بان برنامج العلاج الالزامي يخضع له المجرمون الذين ثبت عليهم فعل الجريمة بادلة او تم القبض عليهم في حالة التلبس بالجريمة
ـ صناعة السلوك الاجتماعي العام تسير وفق الآلية التالية : الخصائص الجغرافية لأي بيئة طبيعية على الارض وفي الجو تترك آثارها وملامحها على طريقة معيشة البشر الذين يحيون فيها ونمط تفكيرهم وبالتالي على طبيعة العقيدة التي يؤمنون بها ، اي ان المعتقدات نتاج الجغرافية والاقتصاد ... الجغرافية والاقتصاد ومعهما العقيدة يسهمون جميعا في تشكيل النظام الاجتماعي للمجموعة البشرية ، هذا النظام الاجتماعي يصنع بيئة اجتماعية تتوائم مع معطياته ، البيئة الاجتماعية تقوم بتشكيل الانماط السلوكية للافراد وكذلك الثقافة العامة ، ومعلوم ان معالم البيئة الطبيعية تتغير بشكل دائم مع الزمن ومع تطور حضارة الانسان لتنعكس على سبل معيشته ، وبالتالي فان المعتقدات والانماط السلوكية والثقافة العامة في المجتمعات يجب ان تخضع لمنطق التغيير والتحديث باستمرار
ـ اي بيئة اجتماعية تتشكل وتتبلور خصائصها وسماتها نتيجة تأثيرات ثلاثة عوامل وهي: (اولا) عامل اقتصادي ويشمل الاوضاع المعيشية والسكنية للافراد ، (ثانيا ) عامل جغرافي ويشمل طبيعة المناخ وتضاريس الارض ، (ثالثا) عامل ثقافي ويشمل طبيعة القيم والمعتقدات والاعراف السائدة في المجتمع وهي بمجملها تمثل الثقافة العامة ، وبالرغم من التأثير الكبير للعاملين الجغرافي والاقتصادي في تشكيل ملامح البيئة الاجتماعية الا ان للقيم والمعتقدات تأثيرا أكبر واعمق في رسم ملامح البيئة وتشكيل خصائصها الاجتماعية لتنعكس في النظام الاجتماعي العام ، فالانحطاط في الثقافة العامة او سوء القيم والمعتقدات الشائعة تنعكس سلبا على خصائص البيئة الاجتماعية وعلى النظام الاجتماعي برمته
ـ من المعلوم في علم سلوك الانسان ان هناك انماط سلوكية مكتسبة وهناك انماط سلوكية موروثة ، وان الانماط السلوكية التي يكتسبها الانسان من خلال تأثيرات بيئته الاجتماعية وكذلك الانماط السلوكية التي يرثها الانسان من والديه وفقا لقوانين الوراثة هما اللذان يشكلان معا ملامح شخصيته ان كانت ايجابية أم سلبية ، والفرد عادة يخضع لهذه الانماط بطريقة لا إرادية ، وحيث ان كل بيئة اجتماعية تخضع لنظام اجتماعي يحكم العلاقات بين البشر القاطنين في هذه البيئة ويشكل انماط افعالهم و ردود افعالهم ، بالتالي فان النظام الاجتماعي المنتج لقوانين البيئة الاجتماعية هو العامل الرئيسي في تشكيل السلوك الاجتماعي العام او ما يسمى بالسلوك الجمعي وفي تشكيل الثقافة العامة ، ووفقا لهذا المفهوم فان انتشار مظاهر الظلم الاجتماعي في اي مجتمع انما هو دليل على فساد البيئة الاجتماعية وسوء النظام الاجتماعي وعدم صلاحيته
ـ اننا نعتبر الانسان السليم عقلا ونفسا هو مع الحق والخير دائما ، واما من سلك مسلك الباطل والشر فهو ليس سليم العقل والنفس ، ولكن الشرير نتاج بيئته ونتاج جينات وراثية رديئة ، الانسان الذي سلك طريق الانحراف يحتاج الى فحص لقواه العقلية والنفسية ومعالجة الخلل الذي فيها لتقويم سلوكه المنحرف ... اي ان العوامل التي تدفع الشرير الى سلوك طريق الشر ليس دائما هو المسؤول عنها بالكامل وانما يتحمل المجتمع جزءا منها ، اننا نعتقد بان الخارجين عن القانون انما هم وفقا لقواعد الحق والعدل ضحايا بيئة اجتماعية تسودها علاقات غير صالحة ، واذا كان الظلم الاجتماعي يؤدي الى انتاج مجرمين هم بالاصل ضحايا بيئتهم الفاسدة فانه ليس بالضرورة كل مجرم مظلوم ولا كل مظلوم مجرم ... لان ذلك يتطلب توفر الاستعداد النفسي والعقلي لدى هؤلاء الافراد لسلوك مسلك الانحراف والجريمة ، وان الاستعداد النفسي والعقلي هو عامل وراثي تحمله مورثات رديئة منقولة عن أجداد عاشوا في هذه البيئة الاجتماعية الفاسدة وتطبعوا بطباعها وتشربوا سيئاتها ، كل بيئة اجتماعية تصبغ مورثات البشر الذين يحيون فيها بصبغتها وتطبعها بطابعها .. فتنتقل هذه الصبغة من جيل الى الجيل الذي يليه ، وبناءا على هذه الحقائق فاننا عندما نحاسب ونعاقب المخطئين والخارجين عن القانون فانما نحن نعاقب أفرادا هم في الاساس نتاج بيئتهم الاجتماعية بخصائصها وسماتها ، فكل انسان نتاج البذرة التي نشأ منها ، ونتاج التربة التي نبت فيها ، ونتاج البيئة التي ترعرع فيها بضغوطها وتحدياتها ، ونتاج الظروف المحيطة به من حيث الزمان والمكان ، وهذا الكلام ليس دفاعا عن الخاطئين ومنحهم البراءة والشرعية ، وانما تعبيرا عن رغبة صادقة في معالجة المشكلة من جذورها لكي لا ينتقل مسلك الانحراف بالوراثة ولا بالاكتساب من جيل الى جيل ، وبالتالي اذا اردنا تقويم سلوك الانسان الخاطيء ينبغي علينا قبل ذلك اصلاح البيئة الاجتماعية التي يحيا فيها ، واصلاح النظام الاجتماعي العام في المجتمع ، فاذا صلح النظام الاجتماعي صلحت تبعا لذلك احوال الناس اجتماعيا واقتصاديا وسياسيا وصلحت جيناتهم الوراثية ، وأهم ركن في اصلاح النظام الاجتماعي هو اصلاح قوانين الاسرة واوضاع المرأة من خلال تمكين المرأة من ممارسة حريتها والتعبير عن شخصيتها المستقلة التي تؤهلها للقيام بدورها التاريخي في تنشأة جيل صالح يحقق صلاح المجتمع . انتهى
#رياض_العصري (هاشتاغ)
Riad_Ala_Sri_Baghdadi#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟