أسئلة تثيرها عملية اختطاف وإطلاق سراح السيدة أوستهوف!

كاظم حبيب
(Kadhim Habib)

الحوار المتمدن-العدد: 1415 - 2005 / 12 / 30 - 10:54
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    

لقد أثار إخلاء سبيل السيدة أوستهوف الألمانية الجنسية والمعتنقة للإسلام ارتياحاً لدى الأوساط الألمانية والعراقية على حد سواء, تماماً كما أثار اختطافها استياءً عاماً في البلدين. ومن جانبي كتبت مقالاً بشأن اختطافها, كما أصدرت الجالية العراقية في ألمانيا بياناً تحتج على عملية الاختطاف وتدينه وتطالب بإخلاء سبيلها فوراً, ووجه البيان اتهام الاختطاف إلى قوى الإرهاب السياسي, وكان التفكير متجهاً صوب قوى البعث الصدامية الإرهابية التي تمارس القتل والتخريب والتدمير في العراق.
وبعد إخلاء سبيلها أشير إلى بعض الوقائع وأطرح بعض الأسئلة بصدد الاختطاف وإخلاء السبيل:
الوقائع: كانت السيدة أوستهوف تعمل لسنوات طويلة في ظل نظام البعث الصدامي في العراق وكانت متزوجة من رجل عراقي ولكنها منفصلة عنه أو مطلقة, وكانت تقوم بتقديم المساعدات إلى أطفال العراق منذ عام 1990/1991, وتشير الصحف الألمانية إلى أن رجل المخابرات الألمانية قد رافقها إلى بنك في بغداد لدفع رسوم عملها كمنقبة آثار في العراق قبل اختطافها بوقت قصير. ويبدو منه وكأن جهاز المخابرات الألماني يدعم هذا النشاط. كان النظام العراقي يؤيد نشاط السيدة أوستهوف باعتباره جزءاً من عملية فضح دور الولايات المتحدة في فرض الحصار الاقتصادي الدولي على العراق وعواقبه الكارثية على أطفال العراق.
اختطفت السيدة أوستهوف في نهاية تشرين الثاني/نوفمبر 2005 بمساعدة سائقها العراقي الجنسية الذي ينحدر من عشيرة شمر التي ينتمي لها زوجها ومن وفر لها السائق أيضاً. طرح الخاطفون مطالب محددة على الحكومة الألمانية, ومنها الامتناع عن تدريب قوات الشرطة العراقية أو دعم الحكومة. لم تستجب الحكومة الألمانية. عجزت وزارة الخارجية الألمانية عن إقامة صلة مباشرة مع الخاطفين. ولكن أخلي سبيل السيدة أوستهوف بعد ثلاثة أسابيع من اختطافها, وهي فترة قصيرة بالقياس والمقارنة مع الاختطافات الأخرى, سواء المرأة البريطانية التي قتلت بأبشع الصور, أم الصحفية الإيطالية التي أطلق سراحها بعد فترة طويلة. لم تنهض حملة احتجاج واسعة ضد الاختطاف, لم لم تنشأ حركة مساندة حقيقية في ألمانيا وفي أوروبا والعالم لإخلاء سبيل السيدة أوستهوف. ومع ذلك أخلي سبيلها. اختفى سائقها والوسيط الذي جلب لها السائق ليعمل معها.
حال إخلاء سبيل السيدة أوستهوف "المسلمة" رفضت السفر إلى وطنها الأم, ألمانيا, بل قررت السفر إلى جهة مجهولة, وكانت قطر. قدمت أول لقاء صحفي مصور لها مع قناة الجزيرة العربية. تحدثت فيه عن عدة مسائل تجلب الانتباه, وهي:
• أنها اختطفت من أناس سياسيين لديهم قضية, وليسوا مجرمين اعتياديين أو إرهابيين.
• صحيح أنها قيدت من يديها وأحست بالضيق والظلمة, ولكنها عوملت معاملة حسنة.
• إن الخاطفين يعاملون النساء والأطفال معاملة حسنة, وأنهم يعرفون أنها صديقة للعراق وأنها مسلمة.
• وأنها ستعود إلى العراق ثانية لمواصلة مهمتها!
• إن الخاطفين لم يطلبوا فدية عنها, بل طالبوا الحكومة الألمانية وعبرها بتقديم مساعدات طبية وبناء مستشفيات ومساعدات أخرى في المناطق السنية التي تعاني من صعوبات. وهي تؤيد ذلك بحرارة.
• وأنها كانت مستاءة من الحكومة الألمانية التي لم تحاول أو عجزت عن إقامة صلة مع الخاطفين.
• ورغم طلب المسؤولين الألمان بعدم عودتها إلى العراق, فإنها تصر على العودة إلى العراق لإتمام مهمتها!
ويبدو من إجاباتها على أسئلة الحفية والصحفي من قناة الجزيرة الفضائية أن المختطفين هم ضمن جماعة سياسية إرهابية منظمة ترتبط بالبعث الصدامي, وأنهم من محافظة الأنبار, وأنهم يسعون إلى تأمين بعض الحاجيات الطبية والمساعدات الأخرى لـ "أهل السنة" من خلال الحكومة الألمانية.
الأسئلة: عمليات الاختطاف وإخلاء السبيل والمقابلة السيدة أوستهوف مع قناة الجزيرة الفضائية العربية تثير لدي بعض الأسئلة منها على سبيل المثال لا الحصر:
• لِمَ رافق أحد العاملين في جهاز المخابرات الألمانية السيد أوستهوف إلى بنك في العاصمة العراقية لدفع الرسوم الخاصة بالتنقيب عن الآثار في العراق؟ هل رجل المخابرات الألمانية يعمل في السفارة الألمانية أم أنه موجود في بغداد لأغراض أخرى؟ وهل هناك علاقة بين السيدة أوستهوف والمخابرات الألمانية, وما هي طبيعة هذه العلاقة؟
• هل كانت هناك علاقة تنسيق بين السيدة أوستهوف والخاطفين؟ وما هي طبيعة هذه العلاقة إن كانت موجودة فعلاً؟
• هل كانت عملية الاختطاف تهدف إلى الضغط على الحكومة الألمانية علناً, والتي رفضت الحرب على العراق, من أجل تقديمها مساعدات للخاطفين, خاصة وأن غالبية الإعلام الألماني يطلق على القوى الإرهابية في العراق بـ "المنتفضين أو المقاومين"؟
• وهل هناك بعض الأهداف الأخرى التي كان الخاطفون يسعون إليها, ومنها إخراج جميع الألمان العاملين في المؤسسات العراقية من البلاد؟
• لِمَ رفضت السيدة أوستهوف العودة إلى ألمانيا مباشرة, بل قررت الذهاب إلى قناة الجزيرة الفضائية في قطر مباشرة بعد مغادرتها السفارة الألمانية ببغداد لإجراء المقابلة؟
• ولِمَ اختارت قناة الجزيرة العربية لإجراء المقابلة؟ هل كانت هذه المقابلة بطلب من الخاطفين أم باختيارها أم بالتنسيق بين الأطراف الثلاثة؟ وهل كان هناك تنسيق بين الخاطفين وقناة الجزيرة بهذا الصدد, أم أنه مجرد سبق صحفي؟
ولكن السؤال الأول هو الأهم: هل تم الاختطاف بناء على معرفة مسبقة من السيدة المختطفة وبالتنسيق بين الناس الذين ترتبط بهم بعلاقات وثيقة وتسكن لديهم, وهم جماعة بعثية كانت متنفذة في فترة حكم الدكتاتور؟
إن أسرار اختطاف وإخلاء سبيل السيدة سوزانه أوستهوف ما تزال مجهولة ولن تكشف بسرعة, ولا بد من أن يقوم المسؤولون في الدولتين الألمانية والعراقية بالتحقيق في هذا الموضوع للتيقن من مهمات السيدة أوستهوف في العراق, وهل هي إنسانية حقاً أم أن لها مهمات أخرى, ومن الذي يقف وراء تلك المهمات ...الخ.
27/12/2005 كاظم حبيب

#كاظم_حبيب (هاشتاغ)       Kadhim_Habib#          

---

ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل