أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - رابح لونيسي - العصبيات الخلدونية إلكترونيا















المزيد.....

العصبيات الخلدونية إلكترونيا


رابح لونيسي
أكاديمي

(Rabah Lounici)


الحوار المتمدن-العدد: 5321 - 2016 / 10 / 22 - 15:14
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


تحدثنا في عدة مقالات سابقة عن مسؤولية العصبيات التي أشار إليها بن خلدون منذ قرون في عدم قدرتنا في تحقيق تطورات إيجابية في منطقتنا، وقلنا بأن مشكلة منطقتنا تتمثل في إستمرار هذا العصر الخلدوني إلى حد اليوم بمختلف عصبياته المدمرة، وقلنا أنه لا يمكن تحقيق أي تطور إيجابي إلا بتحقيق القطيعة مع هذا العصر الخلدوني وهذه العصبيات التي كانت وراء فشل كل محاولات تحقيق تغييرات إيجابية في منطقتنا، ومنها تحول ما سمي ب"الربيع العربي" إلى خريف دموي بسبب سيطرة مختلف العصبيات الدينية والطائفية والقبلية وغيرها في مجتمعاتنا، والتي حولت ما سمي بالربيع إلى فوضى وحروب أهلية، وقد أصبح لهذه العصبيات اليوم تأثير أكبر اليوم بإستغلالها التقدم الكبير في تكنولوجيا الإتصالات، ومنها بالأخص مواقع التواصل الإجتماعي، وهو ما يدل على المفارقة الغريبة في عالم منطقتنا، والمتمثل في التعامل بوسائل تكنولوجية عالية، لكن بذهنبيات متخلفة تعود لعصور إنحطاط حضارتنا الإسلامية التي لازلنا غارقون فيها إلى حد اللحظة.
وتعود جذور هذا المعطى الجديد المغذي أكثر لهذه العصبيات المهددة للأمن الوطني إلى ما يعرفه العالم من ثورة جذرية في الإتصالات، مما جعل مثلا جاك آتالي يرى في كتابه "الإنسان المترحل" بأن الإنسان الذي كان في القديم من الرحل ثم أستقر، فإن هذه الثورة، ستجعل منه من الرحل مرة أخرى، وبإمكانه أن يسير شركات وكل شؤونه، وهو في ترحال دائم من مكان إلى آخر، ويشبه البعض ظهور الأنترنات بإكتشاف المطبعة على يد غوتنبرغ التي أدت آنذاك إلى إنتشار الأفكار والمعلومات وسهولة سيولتها النسبية بمفهوم تلك الفترة، ويحدث نفس الأمر اليوم، مما سيؤدي إلى ترسيخ ودعم السلم العالمي، لكن غاب عن هؤلاء بأنه كما أدى إختراع المطبعة في 1450 إلى ثورة فكرية، فإنه أيضا كان سببا لحروب دينية دامت 30سنة في أوروبا، والتي أنتهت بمعاهدة ويستفاليا وبروز مبدأ إحترام سيادة الدول، بعد ما أنهكت تلك الحروب الشعوب، ويبدو أنه نفس الأمر سيتكرر في منطقتنا بسبب توظيف البعض للعالم الإفتراضي في صراعات طائفية ودينية و”توهمات عرقية”.
ويعود ذلك في نظرنا إلى أن الأغلبية منا تعيش هذه الثورة التكنولوجية الكبرى بذهنية عصور إنحطاط الحضارة الإسلامية التي لم نخرج منها بعد للأسف الشديد، ولم نقم بقطيعة مع ما نسميه ب”العصر الخلدوني” الذي سيطرت عليه العصبيات القبلية والطائفية وغيرها، ولهذا سيؤثر علينا هذا التطور سلبا، ولا يمكن لنا تحويله إلى عامل بناء وتنمية إلا بالقطيعة مع ذهنيات “العصر الخلدوني” الذي كان بدايات إنحطاط حضارتنا الإسلامية لدرجة أن بن خلدون وأفكاره الثورية العظيمة، لم يسمع بها أحد، لكن انتشرت بقوة خطابات الدراويش والدجالين وناشري الكراهية بين المسلمين آنذاك، وهم يشبهون نفس دجالي وناشري الكراهية بتوظيف هذا العالم الإفتراضي اليوم.
لا يجب أن يغيب عن أذهاننا كيف كان لشبكات التواصل الإجتماعي دورا كبيرا فيما سمي ب”الربيع العربي”، فهناك طروحات تقول بوجود تكوين خاص في هذا المجال للكثير الذين كانوا وراء ذلك “الربيع” الذي تحول إلى “خريف” في إطار مخطط وضع خارج وعي الشعوب، وبدأت تظهر نتائجه الكارثية اليوم، وتتمثل في زرع الفوضى لترك الباب مفتوحا للجماعات الإرهابية، ومنها إقامة وتوسيع “دولة داعش”، فالفوضى هي وسيلة لإعادة إنتشار الجماعات الإرهابية، وأن الخطر الذي نواجهه اليوم هو إستخدام شبكات التواصل الإجتماعي ليس فقط للتنسيق بين الجماعات الإرهابية أو نشر تطرفهم أو التجنيد، بل هناك مخطط آخر لهذه الجماعات الإرهابية مبني على إثارة فتنة وفوضى داخلية بناء على نشر ما نسميه ب”أوهام عرقية”، فما وقع مثلا في غرداية بالجزائر كان أحد نتائج توظيف شبكات التواصل الإجتماعي لنشر الكراهية بين مكونات الأمة، ويبدو أن نفس الأطراف تسعى اليوم بإستخدام نفس الوسائل التكنولوجية لتكرار نفس مأساة غرداية في الشمال الجزائري بالتحريض ضد سكان منطقة القبائل والمنحدرين منها والموزعين بقوة في كل أرجاء الجزائر، ويستهدفون بذلك إشعال حرب أهلية وفوضى في الجزائر لدفع الجيش للتدخل للحد من هذه الفوضى الشاملة بسبب صراعات بين بعض هذه المكونات في بعض الأماكن، وهو ما يفتح الباب أمام إعادة إنتشار الجماعات الإرهابية، وعلى رأسها داعش، خاصة أن داعش والتنظيمات الإرهابية تتلقى ضربات موجعة في ليبيا، مما يتطلب التفكير من المخططين لها والواقفين وراءها إيجاد لها مواقع في الجزائر التي تعد دولة محورية في المنطقة بموقعها الإستراتيجي الهام جدا وثرواتها ومساحاتها الواسعة.
كما تستخدم الجماعات الإرهابية وأيديولوجييها أيضا العالم الإفتراضي لضرب وحدة المؤسسة العسكرية، لأن هذه الجماعات ومن يقف وراءها تعلم جيدا بأن الجيش هو الحصن الحصين الذي تتحطم أمامه كل مشاريع الإرهابيين، كما أنهم يعملون بتنسيق مع قوى كبرى، وعلى رأسها أمريكا والكيان الصهيوني التي تستهدف زرع الفوضى في دولنا لتفتيتنا وإعادة تشكيل خريطة منطقتنا حسب مصالحها، ويعد ضرب وحدة الجيوش أداة رئيسية لذلك، فأخطر ما يهدد الدول ويمحوها نهائيا من الخريطة هو فقدان الإنسجام والوحدة والإنضباط داخل المؤسسة العسكرية التي تعد العمود الفقري للدولة، فمن الصعب إن لم نقل مستحيل إعادة بناء الدولة في حالة تفكك المؤسسة العسكرية، وهو ما يقع مثلا في ليبيا اليوم.
تستهدف الجماعات الإرهابية أيضا من إستخدامها للعالم الإفتراضي نشر أفكارهم المتطرفة التي تسمح بتجنيد عناصر في كل الدول، إضافة إلى إستخدام هذا العالم في التنسيق بين الجماعات والشبكات المنتشرة في مناطق عدة، كما توظفه لإثارة البلبلة والفوضى، بل حتى إشعال حروب أهلية بتوظيف “التوهمات العرقية” كي تجد مكانا لإعادة إنتشارها في بعض الدول مثل الجزائر، كما تستهدف من خلال الفيديوهات التي تنشرها ترهيب الناس، فقد أفادت بعض الدراسات أن الجيش العراقي تحطمت معنوياته من الصور التي كانت تبثها داعش حول مجازرها، مما أدى إلى شل قوى بعض عناصره، فالإرهاب، وعلى رأسها داعش، يطبق نظرية الترهيب والتخويف لفرض سلطته.
يحتاج مكافحة هذا الإرهاب الإلكتروني إلى تكنولوجيا عالية، لكن يبدو أن بلداننا تفتقدها، أما قانونيا، فيجب تنظيم قانوني دقيق لإستخدام شبكات التواصل الإجتماعي، ونعتقد أننا بصدد تكرار نفس ظاهرة ستينيات وسبعينيات القرن الماضي، لكن بشكل آخر، فقد عانت دول العالم الثالث آنذاك من تحكم الدول الكبرى في سيولة المعلومات ونشر الأخبار بفعل سيطرتها على وكالات الأنباء آنذاك، وكانت تستخدم بعض الإشاعات والمعلومات لإثارة القلاقل في بعض الدول، ويبدو نفس الظاهرة تتكرر اليوم، لكن على صعيد العالم الإفتراضي، وبأشكال أخرى، ويبدو أن مثلا الإدارات المركزية لهذه الشبكات لا تساعد دولنا في مكافحة الإرهاب، ونتساءل بشكل بسيط كيف يمكن لجماعات إرهابية ولإرهابيين فتح صفحات وحسابات فايسبوكية وغيرها من هذا العالم دون أي رقيب؟، فهل من المعقول مثلا فتح صفحات وحسابات من مجهولين، لايمكن معرفة هويتهم؟، فهل هناك تواطؤ من هذه الإدارات في إقلاقنا بواسطة هذا السلاح؟، لماذا لا تفرض هذه الإدارات على كل من يفتح صفحة أو حساب التأكيد على هويته الحقيقية، فمثلا نجد إرهابيين يفتحون صفحات منتحلة لبعض الشخصيات المعروفة، ومنهم مثلا رجال دين ومثقفين معروفين ومسموعي الكلمة وجد مؤثرين في الرأي العام، كي يعطوا دعما لأفكارهم الإرهابية أو الطائفية أو العنصرية، فإن كانت هذه الإدارات جادة فعلا في مكافحة الإرهاب الإلكتروني، فما عليها إلا منع وغلق كل الصفحات والحسابات المجهولة الهوية، وتفرض على كل من يفتح صفحة أو حساب التأكيد على هويته الحقيقية بإرسال بطاقة تثبت هويته الحقيقية، وما نستغربه ويدفعنا إلى طرح عدة تساؤلات هو إسراع هذه الإدارات في غلق كل صفحة يمس بالكيان الصهيوني ولو بشكل بسيط، لكنها تتماطل، وترفض في أغلب الأحيان غلق صفحات وحسابات عنصرية تنشر الكراهيات الطائفية والعرقية في دولنا .
نعتقد في الأخير أن هذا العالم الإفتراضي، يحتاج إلى تنظيم دولي دقيق وصارم بالإتفاق بين الدول الأعضاء في هيئة الأمم المتحدة، لكن يبدو لنا من متابعة الظاهرة أن هناك قوى دولية كبرى يساعدها الغموض وعدم التنظيم الدقيق لهذا العالم الإتراضي بهدف نشر البلبة وخلق الفوضى وإشعال الحروب وضرب دول بأكملها بواسطته.



#رابح_لونيسي (هاشتاغ)       Rabah_Lounici#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عصبيات وإرهاب -نقد مقاربة جيل كيبل-
- نحو حرب عصبيات-إعادة إنتاج جزائر التسعينيات-
- جذور هزيمة العقل أمام العصبيات
- هل تعرض سيد قطب لتلاعبات مخابراتية؟
- -مثقفو وسياسويو- العصبيات
- لماذا رحب الإسلاميون بنظرية -صدام الحضارات- لهنتغتون؟
- التنظيمات الإخوانية في خدمة أجندات دولية وأقليمية في منطقتنا
- محاولات لإختطاف مالك بن نبي وتوظيفه
- إعدام الأردوغانية للإسلام السياسي في تركيا
- هل لأردوغان وحزبه علاقة بالإسلاميين؟
- إستشهاد محمد بوضياف في1992-إجهاض لإحياء مشروع الثورة الجزائر ...
- مالك بن نبي والثورة الجزائرية - تهميش وتوظيف -
- معطوب لوناس-ناظم حكمت الأمة الجزائرية-
- جذور إختطاف أمريكي للإسلام-إنتصار سيد قطب على مالك بن نبي-
- أيديولوجيو الإنحطاط وحركة التاريخ
- معركة مصيرية في المدرسة بين التقدم وإبقاء الإنحطاط
- من سينتصر في الصراع حول خلافة الرئيس بوتفليقة؟
- من أجل دبلوماسية لتجريم الإستعمار دوليا
- هل أستعان أنجلس بمقدمة بن خلدون في تفسير تخلف مجتمعاتنا؟
- الجزائر رهينة لصراع أمريكي-فرنسي حول خلافة الرئيس بوتفليقة


المزيد.....




- إسرائيل.. فيديو ما حدث على الهواء خلال تغطية CNN لأضرار ضربا ...
- هجوم إيراني جديد الآن.. سقوط صاروخ بشكل مباشر على موقع في جن ...
- أبرز مواصفات هاتف آيفون المنتظر
- الولايات المتحدة تغامر كثيرًا بمهاجمة إيران
- مسألة قصف إيران تقسم البيت الأبيض
- إيران تتسبب في خلاف بين ألمانيا وفرنسا
- حشد كبير للقوة الجوية الأمريكية – هل ستدخل أمريكا في أتون ال ...
- الحرب الإيرانية الإسرائيلية تمنح حماس أملًا بالسلام في غزة
- الولايات المتحدة يمكن أن تدخل الحرب ضد إيران وتدير ظهرها لأو ...
- إسرائيل تمهّد الطريق لتغيير القيادة الإيرانية


المزيد.....

- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - رابح لونيسي - العصبيات الخلدونية إلكترونيا