أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رابح لونيسي - معطوب لوناس-ناظم حكمت الأمة الجزائرية-















المزيد.....

معطوب لوناس-ناظم حكمت الأمة الجزائرية-


رابح لونيسي
أكاديمي

(Rabah Lounici)


الحوار المتمدن-العدد: 5204 - 2016 / 6 / 25 - 23:49
المحور: الادب والفن
    


معطوب لوناس
- ناظم حكمت الأمة الجزائرية-

البروفسور رابح لونيسي
- جامعة وهران-



تحل كل 25جوان من كل عام ذكرى إغتيال الفنان الجزائري معطوب لوناس الذي قتلته أيدي الإرهاب في عام 1998، فأنتفضت منطقة القبائل ومناطق أخرى غضبا على هذا الإغتيال الجبان، لكن ما يؤسف له، لم يفهم الكثير لماذا تلك الغضبة بسبب الجهل المركب والمقدس الذي غرس في الجزائر أين يجهل البعض من الجزائريين جزء من ثقافة بلادهم وأمتهم المعبر عنها بالأمازيغية بكل ألسنتها سواء قبايلية أو شاوية وترقية ومزابية وغيرها، ضف إلى ذلك التشويه الممارس ضد هذه التعابير الثقافية من العروبيين أي ذوي الأيديولوجية القومية العربية وبعض الإسلاميين بفعل سيطرتهم على المدرسة ودور العبادة ووسائل الإعلام، ولهذا يستحيل مثلا أن تنشر لك صحيفة معربة في الجزائر مقالة مثل هذه المقالة عن معطوب لوناس، فالبعض من هذه الوسائل الإعلامية يكمن دورها في مساعدة النظام في تجهيل الشعب وضرب الجزائريين بعضهم ببعض في إطار فرق تسد الذي يمارسه هذا النظام، فهو لايختلف في ذلك عن النظام الإستعماري، وهناك أقلية من هذه الوسائل الإعلامية ليست ضد هذه المقالات، بل بالعكس، لكنها تخشى من الغوغاء وفقدان مقروئيتها، وكذلك الإشهارات التي تتحكم فيها السلطة التي ترغب في إبقاء الشعب جاهلا يشتم بعضه بعضا، كي يسهل عليها إستغلاله، وعندما نقول عناصر من هذه السلطة، فأجمع فيهم سواء الناطقين بالأمازيغية أو العربية ومن كل المناطق، فما يهم هؤلاء هو جيوبهم وبقائهم في السلطة لاغير.
وما يستغربه البعض أيضا أن البعض من أبناء الجزائر يعتقدون أن الفنان معطوب لوناس مختص في أغاني الهوى والحب مثل الكثير من الفنانين في منطقتنا، بل هناك من يربطه بالمفهوم الهابط للفن والغناء المنتشر عندنا، فيقارنونه بهؤلاء، ولو أني لست ضد الفن مهما كان، بل بالعكس فهو أداة لمواجهة الإرهاب، لأننا نعتقد أن العداء للفنون جاء بتدبير من علماء نفس، ويستهدفون بمنعه توفير إنسان كئيب وعديم المشاعر الإنسانية مما يسهل تجنيده من الجماعات الإرهابية، فهناك من يغني لمشاعر عاطفية بأسلوب راق أو هابط حسب مفهومهم، لكن معطوب ليس من هؤلاء ولا هؤلاء، فهو فنان ملتزم كرس فنه لثلاث قضايا وهي: معارضة السلطة والنظام الإستبدادي والدفاع عن الحريات والعدالة الإجتماعية، وكذلك فضح الإسلامويين الذين يعتبرهم حلفاء موضوعيين للنظام، إضافة إلى دفاعه عن الهوية الجزائرية الحقيقية وليست المستوردة، وذلك بكل مكوناتها، ومنها البعد الأمازيغي الذي لم يجد مكانته في أرضه ووطنه.
يعد معطوب لوناس مثقفا بأتم معنى الكلمة، فهو مثل ناظم حكمت بالنسبة للأتراك، ففي الوقت الذي يؤثر فيها بعض أئمة وخطباء المساجد الممارسين للسياسة بالدين في الكثير من الجزائريين في الثمانينيات والتسعينيات، مما أدى إلى إنتصار الفيس في الإنتخابات وما أنجر عن ذلك من إرهاب بسبب خطاب عنيف مكفر لكل من يعارضهم، خاصة المثقفين، ففي تلك الفترة كان معطوب يفضحهم، ويحذر من خطورتهم على الجزائر، قائلا في إحدى أغانيه أنهم يتسللون بصمت في كل دواليب الدولة، لينتهوا بتقويض وتدمير الجزائر التي ضحى من أجلها ملايين الشهداء، وكان يحذر آنذاك من أنهم إذا أخذوا السلطة سيمحون كل شهداء الثورة، ويستبدلونهم بآخرين لاعلاقة لهم بالأمة الجزائرية، كما كان يفضح النظام الذي يوظف هؤلاء الإسلامويين لخدمة مصالحه، ومعروف معطوب بأغانيه التي تنبذ الكراهية، وتدعوا إلى التسامح وتقديس الحريات بكل أشكالها دون أي تمييز، كما كان صوت الفقراء والمضطهدين والمستضغفين دون أي تمييز بين جزائري ناطق بالعربية أو الأمازيعيبة، وهو الذي يردد في أغانيه عدة مرات موجها كلامه للجزائري "لا يهمني بأي لسان تحدثني-أي أمازيغية أو عربية-، بل أريدك فقط أن تكون جزائريا فحلا في كل شيء"، وهو الذي يتأسف لإقصاء أبناء الأرياف من السلطة والثروة، بالرغم أن الثورة الجزائرية هي ثورة ريفية، ويرى أن الذين لم يضحوا أثناء ثورة التحرير ضد الإستعمار هم المستفيدون من ثمرات إسترجاع الجزائر إستقلالها، وعندما تسمع بعض أغانيه تشعر كأن فرانز فانون هو الذي يتكلم.
أنتقد معطوب لوناس كل النخب السياسية في الجزائر، وكل رؤساء البلاد بإستثناء الشهيد محمد بوضياف الذي غنى عنه أغنية تقشعر لها الأبدان، وكان يراه فرضة الجزائر التي ضاعت، ولم يكن موقفه هذا إلا بسبب أنه يرى أن الجزائر أستولى عليها في 1962 أناس كانوا بعيدين عن الكفاح التحرري، وليس لهم أي دور كبير في تحرير الجزائر، ويقول أن هؤلاء يتحكمون اليوم في مفاتيح البلاد، وكلما جاء أحد لبنائها شوههوه وقتلوهن ويرى أن هذه المفاتيح التي في أيديهم لن يعطوها للشعب إلا بعد تحطيم وتدمير الجزائر كلها، وكأنه يتنبأ بما يحدث اليوم، فقد غنى معطوب لوناس وقدس شهداء وأبطال الثورة التحريرية، فغنى عن بن مهيدي وبن بولعيد وعميروش وعبان وكريم بلقاسم وغيرهم، فله شريط من مجموعة أغان، يلخص فيها بأسلوب غنائي وشاعري تاريخ الأمة الجزائرية، وكيف حطمت الإستعمارات التي مرت على بلاده أمته الجزائر، وتركت إنعكاسات كارثية إنطلاقا من الإستعمار الروماني حتى الفرنسي، فإن العين لاتدمع عندما يصور في هذا الشريط جرائم الإستعمار الفرنسي في كل مناطق الجزائر، وعندما أسمعها أتساءل لما لانسمع أغان كهذه في قنواتنا في الجزائر المعبرة بصدق عن وطنية جزائرية حقيقية، وليست مصطنعة، لكن حكام الجزائر يفضلون أناشيد وأغان مصطنعة لوردة الجزائرية وغيرها التي أخذت أموالا ضخمة مقابلها.
إننا نعذر الذين يجهلون معطوب لوناس بسبب سياسات فرق تسد تمارس في الجزائر منذ العهد الإستعماري الفرنسي، وتواصلت بعد1962، كما تعرض للتشويه مثل الكثير من الوطنيين خوفا من إنتشار وعي شعبي، ونعلم أن هؤلاء الذين يجهلونه مساكين وضحايا الأدوات الأيديولوجية للنظام وحلفائه من العروبيين والإسلامويين، ولعل هؤلاء لايعلمون أن الكثير من الجزائريين تعلموا الوطنية بواسطة أغانية، ولعل لا يعلمون أن الوعي السياسي الكبير المنتشر في بعض مناطق البلاد تعود إلى أغانيه، التي كانت تسمع وتردد في سيارات الأجرة والحافلات، ونشير أن الطابع الغنائي لمعطوب لوناس هو الشعبي الذي طوره، وهو متأثر بفنان شعبي معروف في الجزائر، وهو الحاج محمد العنقا، وأكاد أجزم أنه لو كان كبيرا في السن في العهد الإستعماري، لكان في طليعة الرجال المتمردين والثائرين عليه، لكن رغم صغره الشديد كان يحتك بالمجاهدين في منطقته، عندما يأتون إلى قريته وبيت عائلته التي اعطت عددا كبيرا من الشهداء اثناء الثورة التحريرية، فقد روي ان معطوب كان حتى يتحسس بنادقهم وسلاحهم، فقد عرف بالتمرد منذ صغره.
ولعل لايعلم مشوهوه أن معطوب لوناس كان مصرا على العيش في الجزائر في التسعينيات وقت هرب الكثير إلى الخارج من الإرهاب الهمجي، وكأنه كان يعلم أنه سيغتال، فأوصى بأن يدفن كشهيد، وتلف جثته بالعلم الوطني الذي ضحى من أجله أبائه في كل مناطق الأرض الجزائرية التي كان يقدسها حتى النخاع، فكم كان يردد في أغانيه أن جبال جرجرة تنادي على جبال الأوراس، بحكم أنهما كانتا أهم معاقل الثورة التحريرية ضد الإستعمار الفرنسي، وأن فرنسا الإستعمارية فرضت حالة الحصار عليهما فقط في1955 قبل تعميمها إلى كل مناطق الجزائر فيما بعد، لكن معطوب يرى أنهما رغم ذلك فهما من المناطق الأكثر تعرضا للتهميش الثقافي والإقتصادي في جزائر ما بعد إسترجاع الإستقلال في1962، لكنه لاينفي أن كل الجزائريين لهم نفس المشاكل، ويضربون بنفس العصا تلميحا منه إلى النظام الحاكم المستبد والإستغلالي للجزائريين كلهم سواء كانوا ناطقين بالعربية أو الأمازيغية.
نعتقد أن ترجمة أغاني معطوب لوناس وغنائها باللسان العربي في جزائر اليوم أصبح أكثر من مطلب ملح، لأن ذلك سيلعب دورا كبيرا في نشر الوعي السياسي وتمتين لحمة الجزائريين والحد من سياسة فرق تسد التي تمارس ضدهم بنفس الأساليب الإستعمارية الفرنسية.

البروفسور رابح لونيسي



#رابح_لونيسي (هاشتاغ)       Rabah_Lounici#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- جذور إختطاف أمريكي للإسلام-إنتصار سيد قطب على مالك بن نبي-
- أيديولوجيو الإنحطاط وحركة التاريخ
- معركة مصيرية في المدرسة بين التقدم وإبقاء الإنحطاط
- من سينتصر في الصراع حول خلافة الرئيس بوتفليقة؟
- من أجل دبلوماسية لتجريم الإستعمار دوليا
- هل أستعان أنجلس بمقدمة بن خلدون في تفسير تخلف مجتمعاتنا؟
- الجزائر رهينة لصراع أمريكي-فرنسي حول خلافة الرئيس بوتفليقة
- الرهانات الكبرى لقضية إدماج الأساتذة المتعاقدين في الجزائر
- مشايخ الكولون الجدد في الجزائر
- ظاهرة التثاقف وتركيبية الثقافة المغاربية
- رهانات تبرئة وزير سابق في الجزائر-إبر لتخدير شعب-
- صرخة في وجه البترودولار وكل الطائفيين- لاتنزعوا منا حق الدفا ...
- إنتاج آلة لتصفية مثقفين
- من وراء تغييب النقاشات الإجتماعية والإقتصادية في مجتمعاتنا؟
- هل الجزائر مهددة فعلا في أمنها الإستراتيجي؟
- رابح لونيسي - بروفسور ومفكر جزائري - في حوار مفتوح مع القراء ...
- حسين آيت أحمد - رمز الوطنية الديمقراطية في الجزائر-
- مالك بن نبي وحرب الأفكار -هل أصيب بمرض البارانويا أم خبير في ...
- من سيختار الرئيس القادم للجزائر؟
- نحو دولة شمولية تحت سيطرة أوليغارشية مالية


المزيد.....




- الفنانة يسرا: فرحانة إني عملت -شقو- ودوري مليان شر (فيديو)
- حوار قديم مع الراحل صلاح السعدني يكشف عن حبه لرئيس مصري ساب ...
- تجربة الروائي الراحل إلياس فركوح.. السرد والسيرة والانعتاق م ...
- قصة علم النَّحو.. نشأته وأعلامه ومدارسه وتطوّره
- قريبه يكشف.. كيف دخل صلاح السعدني عالم التمثيل؟
- بالأرقام.. 4 أفلام مصرية تنافس من حيث الإيرادات في موسم عيد ...
- الموسيقى الحزينة قد تفيد صحتك.. ألبوم تايلور سويفت الجديد مث ...
- أحمد عز ومحمد إمام.. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وأفضل الأعم ...
- تيلور سويفت تفاجئ الجمهور بألبومها الجديد
- هتستمتع بمسلسلات و أفلام و برامج هتخليك تنبسط من أول ما تشوف ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رابح لونيسي - معطوب لوناس-ناظم حكمت الأمة الجزائرية-