أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - رابح لونيسي - عصبيات وإرهاب -نقد مقاربة جيل كيبل-















المزيد.....

عصبيات وإرهاب -نقد مقاربة جيل كيبل-


رابح لونيسي
أكاديمي

(Rabah Lounici)


الحوار المتمدن-العدد: 5306 - 2016 / 10 / 6 - 00:01
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


عصبيات وإرهاب
- نقد مقاربة جيل كيبل -

رابح لونيسي
- جامعة وهران-
البريد الإلكتروني: [email protected]


يعد جيل كيبل أحد المختصين في متابعة الظاهرة الإرهابية في العالم، وهو باحث قريب جدا من صناع القرار والمخابرات الفرنسية، وكان يعتمد في وضع بعض دراساته وأبحاثه على إرسال طلبته ميدانيا لدراسة الظاهرة على أرض الواقع خاصة الجزائر وأفغانستان، لكن يبدو أن مقاربته حول الظاهرة لم تكن فعالة بسبب بروز ظواهر لم يضعها بعين الإعتبار في تطورات الظاهرة، خاصة أنه تنبأ عام2000بأنها في أفول، ليواجه العالم بصعود خطير للظاهرة بعد 11سبتمبر 2001.
تستند نظرية كيبل ومعه جول روي الفرنسيين على التفسير الإقتصادي والإجتماعي للظاهرة الإرهابية اليوم، ويفسر كيبل في كتاب له ظهر في عام2000، بأن تنامي الإرهاب في بلدان مسلمة كالجزائر ومصر يعود إلى النمو الديمغرافي والهجرة إلى المدن، وعدم قدرة هؤلاء المهاجرين على التكيف، فتحالفت الطبقات المتوسطة مع مايسميها بالطبقات المسحوقة إجتماعيا ضد مايراها ظلم إجتماعي وإنعدام العدالة الإجتماعية، ولهذا عرف مثلا الإرهاب في الجزائر إنتشارا كبيرا في التسعينيات، لكنه يرى أنه أنتهي بسبب الطلاق الذي وقع بين الطبقة المتوسطة وما يسميها ب"الطبقات المسحوقة" بحكم لجوء هذه الأخيرة إلى العنف، وتوصل إلى نتيجة مفادها أن الإرهاب في طريقه إلى الأفول بسبب هذه القطيعة بين الطبقتين، وأصبح محصورا جدا.
مايؤسف له أن كيبل لم يقرأ بن خلدون، وإلا كان سيربط مقاربته بالنظرية الخلدونية التي لازالت صالحة لفهم مجتمعاتنا إلى حد اليوم، لأننا لم نقم بقطيعة مع العصر الخلدوني، فما يقوله كيبل في الحقيقة هي تكرار ظاهرة البدو والحضر، فكان بإمكانه أن يصيغ مقاربته ذلك بالهجرات الريفية والبدوية التي أحاطت بالحضر في المدن بعد إسترجاع الإستقلال، وقد حمل هؤلاء الريفيين والبدو أو مايسميهم القرآن الكريم ب"الأعراب" )للتوضيح فقط يقصد بالأعراب الذهنية البدوية وليس العرب الذين يتشكلون مثل أغلب الشعوب من بدو وحضر( بعض طباعهم السلبية وعصبياتهم الدينية والطائفية والقبلية وغيرها إلى المدن، وفشلت كل السياسات التعليمية والثقافية والإقتصادية والإجتماعية والدينية في تمدينهم وتخليصهم من هذه العصبيات، بل كرستها فيهم أكثر، ولعل يعود فشل هذه السياسات إلى أن اغلب من أخذوا السلطة ووضعوها ينحدرون من نفس الإنتماء الإجتماعي، ولهذا نجد إنتشار ظاهرة الإرهاب بقوة في الأحياء الفوضوية المحيطة بالمدن أو الأحياء التي عرفت هجرات قوية إليها، ولهذا نرى أن قوة إنتشار هذه العصبيات هي العامل الحاسم في تفسير الظاهرة أكثر من البؤس الإجتماعي كما يراه كيبل.
رفض البعض طرح كيبل، خاصة بعد هجمات 2001، مما دفعه إلى الإجابة بكتاب آخر في 2004 ، يؤكد فيه على طرحه وتفسيره الطبقي والإجتماعي، مبينا أن الحرب الإرهابية تحولت إلى فتنة داخل الإسلام على أساس طبقي، حيث الراديكاليون أصبحوا أقلية في مواجهة الأغلبية.
فقبل مناقشتنا طرح كيبل يجب أن نؤاخذه على مصطلحاته كإطلاقه تسمية "الجهاديون" على هؤلاء الإرهابيين، وهو ما يعني إعطاء نوع من شرعية دينية لهم، ونعتقد أن قربه من المخابرات الفرنسية هو الذي جعله يستخدم هذه المصطلحات التي روج لها الإعلام الفرنسي ثم الغربي بقوة فيما بعد خاصة بعد نشوب أزمة مالي في 2012 .
ونشير أيضا أن طرح كيبل قد غابت عنه مسائل هامة جدا، ولو أن للجانب الإقتصادي والإجتماعي دورا في الإرهاب، لكن ليس في نشأته، بل في تغذيته، لأننا نعرف الكثير من المهمشين والمسحوقين، لكنهم لم يلجأو إلى الإرهاب في عدة دول، بما فيها الجزائر، ونجد الكثير من المرتاحين والميسوري الحال، لجأوا إلى الإرهاب، وأيضا كيف يفسر لنا كيبل عدم لجوء البعيدون عن أيديولوجية التيارات الدينية المتطرفة إلى الإرهاب رغم وضعهم الإجتماعي السيء جدا؟.
هذا مايدفعنا إلى طرح علاقة تحالف وضع إجتماعي وإقتصادي بأيديولوجية دينية وهابية أتت من المشرق العربي، وبالضبط من السعودية، لايجب أن يغيب عن ذهننا أنه في ثمانينيات القرن الماضي، كان الكثير من حجاجنا ومؤدو العمرة عادة ما يعودون بكتب حول الوهابية تعطى لهم مجانا في مطارات السعودية، وهو أحد الأسباب إلى جانب أخرى، كانت وراء إنتشار أيديولوجية تحمل بذور التطرف الديني ثم التحول إلى إرهاب، لكن في نفس الوقت، عرفت الجزائر أزمة إجتماعية حادة ناتجة عن إنخفاض أسعار النفط بسبب تعويم سعودي للسوق بهدف علني يتمثل في إضعاف إيران التي كانت في حرب مع العراق الذي كان يصور آنذاك أنه المدافع عن الخليج ضد خطر إيراني محدق بها بعد قيام الثورة الإيرانية وإسقاط الشاه في 1979.
فعندما نحلل ظاهرة الإرهاب في التسعيينيات الذي كان سببه التطرف الديني، نفهم أن هناك تمازج بين أزمة إجتماعية حادة جدا تدفع الإنسان للذهاب إلى المسجد، ليس عن قناعة دينية وتعبد لله فقط لا غير، بل كملجأ، أين يجد العزاء، فهناك كانت تتلقفه بعض الجماعات الدينية المتطرفة بخطاب متطرف يقول له أن العودة للدين وقيام دولة دينية ستحل كل مشاكله، فبتعبير آخر إنتشار التطرف الديني المنتج للإرهاب هو نتاج يأس إجتماعي للإنسان، وليس تدينا فعليا، كما يعتقد البعض، هذا على عكس المتدينين العاديين والغير متطرفين الذين يذهبون إلى المسجد عبادة لله فقط ولا فائدة دنيوية يرجوها، كما يفعل أغلب المسلمين، فلهذا يمكن لنا وصف هذه الأقلية المتطرفة الإرهابية بالقول بأنها حتى هي تنتحر بشكل آخر، فالبعض يدفعهم اليأس الإجتماعي إلى الإنتحار الفردي، وآخرون يدفعهم نفس اليأس إلى الإنتحار أيضا، لكن بالقيام بعمليات إنتحارية ضد الشعب معتقدين أنهم يقومون ب"جهاد".
كما لايجب إهمال مسألة هامة جدا في إنتشار الإرهاب، فلماذا يركز الذين يختفون وراء دعاة التطرف الديني على تحريم الفنون وكل أشكال الثقافة كالمسرح والسنيما مثلا، فهم في الحقيقة يستهدفون تصحير الساحة ثقافيا وإيجاد الفراغ، فينشأ نوع من الإكتئاب النفسي، ثم تأتي الجماعات المتطرفة، فتستغل ذلك، لأن المكتئب واليائس يسهل تجنيده، ثم بإمكان أن نقول لماذا تعمل السعودية على نشر هذا الفكر الوهابي المنتج للإرهاب، فهي في الحقيقة تبحث عن زعامة أقليمية بإسم الدين، ولهذا تكون جماعات دينية تابعة لها، ومن خلالها تقيم دول موالية لها أو تضغط بواسطة هذه الجماعات على هذه الدول، لكن الذي يختفي وراءها فعلا هي الولايات المتحدة الأمريكية بشكل غير مباشر، والتي تسعى لزرع الفوضى، خاصة في المنطقة المغاربية، مما يسمح لها بتهديد أمن الضفتين للمتوسط، ومنها أوروبا التي تراها منافسة لها في الصراع حول الزعامة العالمية، وكذلك لخلق صدام حضاري بين الغرب والإسلام حسب نظرية هننتغتون، ومنها إيجاد ذريعة لإعادة إستعمار بلداننا بأشكال أخرى تحت غطاء الحرب الإستباقية، ولهذا فهي ترى في الفكر الوهابي أداتها في ذلك بدون ما تحرك السعودية مباشرة، بل بتركها تقوم بزرع ونشر أيديولوجيتها التي تحمل في ذاتها بذور العنف، لأنها مجرد خطاب وتأويل جد متخلف للدين الذي هو بريء من ذلك طبعا، وجاء من دولة تدعي أنها تطبق الشريعة، وأكثر من هذا هي أرض مهبط الوحي، وتضم الاراضي المقدسة، فبمجرد أن يقول إنسان أنه تلقى "العلم الديني " في السعودية يصبح مسموع الكلمة ومؤثر، خاصة بعد ما تمكنت المعاهد الدينية في السعودية والبترودولار وإعلامها من إضعاف مكانة المؤسسات الدينية المعروفة مثل جامع الأزهر في مصر، وكل ذلك في إطار الصراع حول الزعامة الإقليمية.

فإن كان ماقاله كيبل فيه جانب فقط من الحقيقة، وأن الإرهاب كان في أفوله في نهاية تسعينيات القرن الماضي، ولعله كان يركز على الجزائر التي كانت محل تركيز في دراسته، ويعود ذلك إلى الضربات التي تلقاها الإرهاب غلى يد الجيش وقوى الأمن الجزائرية، وما تراجع الكثير من المؤيدين له من قبل إلا بسبب تأكدهم أن المعركة خاسرة، فلامجال لمواصلة دعم الجماعات الإرهابية، وليس بسبب القطيعة بين الطبقتين المتوسطة والمسحوقة كما يقول كيبل، ونعتقد أنه مادام الأرضية الأيديولوجية للإرهاب، لازالت قائمة، فإن خطره لازال قائما، وبإمكانية عودتة في أي حالة ضعف للدولة، بغض النظر بين الطبقات المسحوقة والمتوسطة كما يقول جيل كيبل.
كما غاب عن كيبل ايضا سياسات بوش الذي جعلت الإرهاب الدولي المتستر بالدين الإسلامي يعود بقوة بعد سبتمبر2001، إضافة إلى تنامي وسائل الإتصالات بقوة خاصة وسائل التواصل الإجتماعي التي أعطت سهولة التواصل والحركة والتنسيق للجماعات الإرهابية المنتشرة في مناطق متباعدة، مما أعطاها طبيعة دولية، فقد كان الصحفي الأمريكي توماس فريدمان محقا عندما كتب يقول، بأنه ليس صحيح أن تنامي وسائل الإتصال كما الأنترنت، سيدعم السلم العالمي، بل بالعكس، فهو سيكرر نفس تأثيرات إختراع المطبعة على يد غوتنبرغ في القرن 15 في أوروبا، والتي كانت سببا لا في إنتشار الأفكار، بل في قيام حروب بسبب الإنتشار السريع للمعلومات والكتب، ومنها الحروب الدينية التي دامت 30سنة في أوروبا مباشرة بعد إختراع المطبعة، هذا ما يتطلب اليوم الإهتمام الكبير بالأمن الإلكتروني الذي أصبح يشكل خطرا أمنيا على الدول ووحدتها.

البروفسور رابح لونيسي
- جامعة وهران-









#رابح_لونيسي (هاشتاغ)       Rabah_Lounici#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نحو حرب عصبيات-إعادة إنتاج جزائر التسعينيات-
- جذور هزيمة العقل أمام العصبيات
- هل تعرض سيد قطب لتلاعبات مخابراتية؟
- -مثقفو وسياسويو- العصبيات
- لماذا رحب الإسلاميون بنظرية -صدام الحضارات- لهنتغتون؟
- التنظيمات الإخوانية في خدمة أجندات دولية وأقليمية في منطقتنا
- محاولات لإختطاف مالك بن نبي وتوظيفه
- إعدام الأردوغانية للإسلام السياسي في تركيا
- هل لأردوغان وحزبه علاقة بالإسلاميين؟
- إستشهاد محمد بوضياف في1992-إجهاض لإحياء مشروع الثورة الجزائر ...
- مالك بن نبي والثورة الجزائرية - تهميش وتوظيف -
- معطوب لوناس-ناظم حكمت الأمة الجزائرية-
- جذور إختطاف أمريكي للإسلام-إنتصار سيد قطب على مالك بن نبي-
- أيديولوجيو الإنحطاط وحركة التاريخ
- معركة مصيرية في المدرسة بين التقدم وإبقاء الإنحطاط
- من سينتصر في الصراع حول خلافة الرئيس بوتفليقة؟
- من أجل دبلوماسية لتجريم الإستعمار دوليا
- هل أستعان أنجلس بمقدمة بن خلدون في تفسير تخلف مجتمعاتنا؟
- الجزائر رهينة لصراع أمريكي-فرنسي حول خلافة الرئيس بوتفليقة
- الرهانات الكبرى لقضية إدماج الأساتذة المتعاقدين في الجزائر


المزيد.....




- بعد مظاهرات.. كلية مرموقة في دبلن توافق على سحب استثماراتها ...
- تل أبيب.. اشتباكات بين الشرطة وأفراد عائلات الرهائن في غزة
- مقتل رقيب في الجيش الإسرائيلي بقصف نفذه -حزب الله- على الشما ...
- دراسة تكشف مدى سميّة السجائر الإلكترونية المنكهة
- خبير عسكري يكشف ميزات دبابة ?-90? المحدثة
- -الاستحقاق المنتظر-.. معمر داغستاني يمنح لقب بطل روسيا بعد ا ...
- روسيا.. فعالية -وشاح النصر الأزرق- الوطنية في مطار شيريميتيف ...
- اكتشاف سبب التبخر السريع للماء على كوكب الزهرة
- جنود روسيا يحققون مزيدا من النجاح في إفريقيا
- الأمور ستزداد سوءًا بالنسبة لأوكرانيا


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - رابح لونيسي - عصبيات وإرهاب -نقد مقاربة جيل كيبل-