|
جيفارا عاد .. افتحوا الابواب
سلام صادق
الحوار المتمدن-العدد: 1414 - 2005 / 12 / 29 - 11:40
المحور:
اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم
رياح اليسار والديمقراطية تهب على امريكا اللاتينية
يتناول الكثير من المراقبين اوجه الشبه الكثيرة بين القائد الثوري ارنستو تشي جيفارا ، والقائد السياسي والرئيس البوليفي الحالي الفائز في الانتخابات الاخيرة ايفور موراليس فهل سيصبح ايفور موراليس ، جيفارا امريكا اللاتينية الجديد فعلاً ؟ فمع فيديل كاسترو الكوبي وهوجو جابيس الفنزويلي ، سيكون ايفو موراليس بمثابة الضلع الثالث في المثلث الثوري الذي يعمل على تاجيج النضال في القارة باكملها من اجل انهاء الاحتكارات وانجاز التحرر الوطني والاقتصادي الذي مرت عليه مرحلة خمول طويلة نسبيا ويذهب بعض المراقبين الى ابعد من هذا حين يعتقدون بان هذا المثلث سيسبب للرئيس الامريكي بوش وادارته الحالية الكثير من الصداع ، سيما وان ايفور موراليس نفسه مافتأ يطلق على نفسه ومنذ الآن: الكابوس الذي يؤرق واشنطن ان رياح اليسار والاشتراكية بدأت تهب على هذه القارة برمتها ، فبالاضافة الى كاسترو وجابيس وموراليس ، فهناك انظمة اخرى ذات توجهات يسارية واشتراكية تبوأت مراكز قيادية في هذه القارة ، كما في دول مثل البرازيل والارجنتين والاورغواي وبفوزه الساحق في الانتخابات الاخيرة فان موراليس وضع بوليفيا على خط الانطلاق نحو ثورة اشتراكية جديدة ، حيث تمكن من تتويج موجة التعاطف والحماس الشعبي المنقطع النظير الذي يتمتع به خاصة بين صفوف الطبقات المسحوقة والكادحة ، ببرنامج سياسي واقتصادي واجتماعي طموح ، سيعطيه نفس المنزلة التي تبوءها جيفارا في قلب الشعب البوليفي وشعوب القارة في ستينيات القرن الماضي حين اطلق شرارة ثورته المعروفة لتحرير قارة امريكا اللاتينية من الاحتكار والتبعية ان الشعب البوليفي يأمل بان ايفور موراليس ( اول رئيس من اصول هندية حمراء يرفض ارتداء البدلات الانيقة وربطة العنق ) سيبدأ مسيرته السياسية كرئيس بتحقيق وعوده الانتخابية بتأميم المناجم ومصادر الغاز الطبيعي ، وهو اجراء يحضى بتاييد شعبي واسع منذ الآن في صفوف الكادحين البوليفيين خصوصا من الذين تأكد لهم وعلى مدى سنوات حرمانهم الطويلة الماضية بان اقتصاد السوق زادهم فقرا على فقر وبؤسا على بؤس ، ليس في بوليفيا وحسب وانما في كل ارجاء القارة ان صور وبوسترات واقوال جيفارا مازالت ماثلة في شوارع وساحات بوليفيا وفي اذهان وقلوب البوليفيين كذلك، صور هذا البطل الاسطوري مازالت معلقة في كل مكان ، ولم تخلُ منها حملات ولقاءات موراليس الانتخابية ، فقد كانت شاهدا على حضور الروح الثورية لجيفارا قبل وفي اثناء هذه الانتخابات وستمكث لفترة طويلة قادمة يقول موراليس : بانه يحب جيفارا ويقتدي بسيرته الثورية ، لانه يرى فيه رمزا للعدالة والمساواة ، ويضيف في لقاء له مع صحيفة نيويورك تايمز: لان جيفارا وقف في صف الناس المسحوقين والفقراء من اجل اسعادهم ، وانه جعل من نضالهم من اجل تحسين شروط حياتهم بمثابة نضاله الشخصي فقد كان واحدا منهم ، نشأ بين صفوفهم وتحدر من اشد طبقاتهم انسحاقا وفقرا ( يذكر بان موراليس نشأ في عائلة معدمة متكونة من ستة اخوة ، مات اربعة منهم بشكل مبكر بسبب الفقر والجوع الذي عانته العائلة ، مما اضطر موراليس الى ترك الدراسة والتوجه للعمل ولسنوات طويلة في زراعة الكوكا والتي تشكل بحد ذاتها احد الاسباب التي تثير نقمة الادارة الامريكية عليه منذ الآن ، اذ طالب في حملته الانتخابية بتنظيم زراعة هذه المادة ورفع الحظر المفروض على انتاجها باعتبارها مصدر مهم من مصادر الدخل القومي في بوليفيا لذلك كان من اول الوعود التي قطعها موراليس على نفسه في حالة فوزه بالانتخابات ، رفع الحظرالمفروض على زراعة هذه المادة والاشراف على انتاجها من قبل الدولة ودعم الفلاحين للقيام بذلك بموجب قانون خاص واعتبارها مصدرا مهما من مصادر الدخل ومادة يمكن اعتمادها للتصدير من اجل الارتفاع بمستوى معيشة الفلاحين الفقراء ، وهذا عكس ماتراه الادارة الامريكية التي تؤكد على ان اكثر من 90% من انتاج هذه المادة يدخل في صناعة المخدرات ، متجاهلة الاستخدامات المتعددة الاخرى لها التي يراها ويتحدث عنها موراليس بتفاؤل ان موراليس ، الهندي الاحمر ، الاشتراكي ، الانتقادي للاحتكارات ولسياسة الادارة الامريكية في امريكا اللاتينية ، مُزارع الكوكا السابق ، والذي بانتخابه يكون الشعب البوليفي قد اختار رئيسا للبلاد لايُنظر اليه ولبرنامجه بعين الرضا من قبل اطراف عديدة وعلى راسها الشركات الكبرى والاحتكارات الدولية ، وهذا يعني انه ومنذ الان فان موراليس يجد نفسه في موقف لايحسد عليه فاعداءه كثيرون ، لكن قوته مستمده من ظهيره الشعبي الواسع والتاييد الساحق الذي يحضى به برنامجه الانتخابي سوف يتقلد موراليس مهامه كرئيس للبلاد في الثاني والعشرين من كانون الثاني القادم ، بعد ان تمكن من ازاحة جميع منافسيه في الانتخابات التي جرت يوم الاحد الماضي ، وهذا ما يتيح له العمل بدأب من اجل تحقيق برنامجه الانتخابي الطموح والذي وعد به جموع الفقراء من الفلاحين على وجه الخصوص وبهذا الفوز تكون رياح اليسار والاشتراكية قد هبت على امريكا اللاتينية من جديد ووصلت بوليفيا وهي في ذروتها ، فقد وصلت الى اشد دول القارة فقرا وبؤسا ، حيث سيقاد هذا البلد وعلى مدى السنوات القادمة من قبل نخبة سياسية تحضى بشعبية واسعة ، وستعمد الى اتباع سياسات اقتصادية واجتماعية اشتراكية في جوهرها ، وتجريب تكتيكات جديدة تعمل على اخراج بوليفيا من مازقها الاقتصادي والسياسي المزمن من خلال مكافحة الفقر والتدني في مستوى الدخل ووضع حد للتدخل الاجنبي في شؤونها الداخلية في نفس الوقت
ان فقراء بوليفيا ينتظرون اصلاحات جذرية ، سيأخذها حزب الرئيس الجديد موراليس على عاتقه ( الحزب الاشتراكي ) والذي حاز على الاغلبية في البرلمان في انتخابات الاسبوع الماضي ، تلك الاغلبية الي تؤهله للقيام بتنفيذ سياساته دون الحاجة الى توافقات او ائتلافات تشل من حريته على الحركة ، وهذا بحد ذاته قد يثير عليه حنق الكثير من الدوائر محلية او اجنبية ان الرئيس الفنزويلي هوغو جابيس ، المنتقد الاول في القارة لسياسات الولايات المتحدة ، كان من اشد المقتنعين بنتائج هذه الانتخابات ، ولم يخفِ فرحته بهذا الانتصار ، فقد اعتبر نجاح موراليس في بوليفيا بانه خطوة جديدة ومهمة على الطريق الطويل لنضال القارة من اجل من اجل نيل حريتها واستقلالها ان موراليس وجابيس قائدين لبلدين غنيين بالطاقة ومصادرها في هذه القارة ، وسيعملان بجد من اجل التكامل في هذا المجال والمجالات الاخرى ، وصولا الى تحقيق الاصلاحات الاشتراكية التي تحدث عنها جابيس في اكثر من مناسبة ، وسيصبح كاسترو طرفا في هذه السياسة التكاملية دون ادنى شك ، فموراليس ينظر الى كاسترو كوبا باكبار واحترام نظرا لحنكته السياسية وخبرته في مجال الاقتصاد، وقد اشاد به وبالسياسة التي يتبعها مرات عديدة في ابان حملته الانتخابية واستهجن الحصار الذي تفرضه الادارة الامريكية على كوبا منذ عدة عقود ، رغم ان 182 من دول العالم صوتت في الامم المتحدة لصالح رفع هذا الحصار وبهذا سيصبح العام الجديد بالنسبة للادارة الامريكية من اصعب اعوامها في امريكا اللاتينية ، ففي الاورغواي تسلم القيادة رئيس جديد له خلفياته الشيوعية المعروفة ، وهناك كذلك الرئيس الفنزويلي جابيس والاحزاب الاشتراكية المتحالفة معه والتي حصدت اغلب مقاعد البرلمان في الانتخابات الاخيرة ، بالاضافة الى الحزب الاشتراكي التشيلي الذي يتقدم باضطراد ويحوز على ثقة اغلبية الشعب بشكل يلفت انظار المراقبين السياسيين ، وكذلك فلا يمكن اغفال دور الرئيس الارجنتيني اليساري كيرشنر الذي تقوت مواقعه بشكل لافت ايضا في الانتخابات التي جرت في اكتوبر الماضي ومن خلال تشريعاته الاقتصادية الاشتراكية المنحى ان تقويم العام الجديد سيكون حافلا بالمفاجآت ايضا في عموم قارة امريكا اللاتينية ، حيث يتوقع العديد من المحللين والمراقبين السياسيين ، ان تحذو دول اخرى في القارة حذو هذه الدول التي تصدر فيها اليسار والاشتراكييبن المشهد السياسي لقد ركز موراليس في خلال حملته الانتخابية على الدور السلبي الذي لعبته وتلعبه الادارة الامريكية في بوليفيا ، فكان يرى ان من الضروري ان يكون على راس المهمات التي يتصدى لها هي موضوعة مزارع الكوكا والتي اعتمدها في حملته الانتخابية كنقطة محورية وذات دلالات اقتصادية وسياسية تنعكس على مجمل الوضع في بوليفيا، ولذا نراه يؤكد على جعل زراعة وانتاج مادة الكوكا قانونية وشرعية ودون تدخل اجنبي فيما اذا اتيح له وضع بنود برنامجه الانتخابي موضع التطبيق ان هذا بحد ذاته يضمر تحدٍ كبير للقوة العظمى ولادارتها السياسية في واشنطن ، ولا يجعله بمنأى عن ان يكون هدفا مباشرا لسياسات قد تتخذها هذه الاخيرة لايمكن التكهن بمداها ومغزاها الآن ، فقد قامت الادارة الامريكية وبتسهيلات من الحكومة البوليفية السابقة بوضع شروط قاسية ومجحفة على زراعة وانتاج الكوكا، وقد تكللت مساعيها بالنجاح بعد حملاتها الواسعة والتي رصدت لها اموال كبيرة ، خاصة في مقاطعة شاباريه والتي هي مسقط راس الرئيس المنتخب موراليس ، ثم ان انتشار زراعة هذه المادة بكثرة في هذه المقاطعة قبل الحظر ، جعل الادارة الامريكية تعتقد بان بوليفيا تاتي في المرتبة الثالثة في العالم في انتاج الكوكائين ، وقد فند موراليس في الكثير من احاديثه خلال حملته الانتخابية هذا الادعاء ان موراليس يعتقد على العكس من الاعتقاد السالف ، فهو يرى بان مادة الكوكا يمكن ان تستخدم في مجالات عديدة اخرى تصنيعية وتكميلية ، وبامكانها ان تكون مادة اساسية معدة للتصدير وتدرعوائد مالية عالية ودخول مجزية تعود بالفائدة على اعداد كبيرة من الفلاحين الفقراء ، وتعمل على تحسين اوضاعهم الاجتماعية عن طريق رفع مستوى معيشتهم
#سلام_صادق (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الحوار المتمدن : خطوة واسعة نحو طموح اوسع
-
سبع قصائد
-
القمر في قاع البئر - شاعران من اليابان
-
الادارة الامريكية تُجهض مساعي اصلاح الامم المتحدة
-
إلهٌ يعشعشُ في رأسي ، لايقع عن عرشه ولا يطير
-
لكنتُ وجدتُ آخرينَ من كوكبٍ بعيدٍ يحاولونَ خداعي
-
الضبّاط بأكتافهم يُفسدون على نجوم السماء وميضها
-
اليوم الثالث
-
الذي تبقى من الاشتراكية ، الطريق اليها
-
مجهول في رحلتهِ الأخيرة نحو المجهول
-
مايجمعني برفائيل ألبرتي اكثر من إمرأة وقصيدة
-
هشاشة الدهشة / 3 القصيدة آخر خطوط دفاعنا المفترضة
-
ازاحة الفاصل - عراقيون
-
ثلاث قصائد
-
رياضة يومية
-
في ثقافة اليسار : الابداع والحرية الفردية
-
*الاعلام بين نارين : العولمة والانظمة الشمولية
-
ونحن كل هذا وذاك : خيط دم من رئة السياب يمتد على طول الشفق ،
...
-
في تأبين الاديبة السويدية سارة ليدمان
-
قصيدتان
المزيد.....
-
مصدر يوضح لـCNN موقف إسرائيل بشأن الرد الإيراني المحتمل
-
من 7 دولارات إلى قبعة موقّعة.. حرب الرسائل النصية تستعر بين
...
-
بلينكن يتحدث عن تقدم في كيفية تنفيذ القرار 1701
-
بيان مصري ثالث للرد على مزاعم التعاون مع الجيش الإسرائيلي..
...
-
داعية مصري يتحدث حول فريضة يعتقد أنها غائبة عن معظم المسلمين
...
-
الهجوم السابع.. -المقاومة في العراق- تعلن ضرب هدف حيوي جنوب
...
-
استنفار واسع بعد حريق هائل في كسب السورية (فيديو)
-
لامي: ما يحدث في غزة ليس إبادة جماعية
-
روسيا تطور طائرة مسيّرة حاملة للدرونات
-
-حزب الله- يكشف خسائر الجيش الإسرائيلي منذ بداية -المناورة ا
...
المزيد.....
-
قراءة ماركس لنمط الإنتاج الآسيوي وأشكال الملكية في الهند
/ زهير الخويلدي
-
مشاركة الأحزاب الشيوعية في الحكومة: طريقة لخروج الرأسمالية م
...
/ دلير زنكنة
-
عشتار الفصول:14000 قراءات في اللغة العربية والمسيحيون العرب
...
/ اسحق قومي
-
الديمقراطية الغربية من الداخل
/ دلير زنكنة
-
يسار 2023 .. مواجهة اليمين المتطرف والتضامن مع نضال الشعب ال
...
/ رشيد غويلب
-
من الأوروشيوعية إلى المشاركة في الحكومات البرجوازية
/ دلير زنكنة
-
تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت
...
/ دلير زنكنة
-
تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت
...
/ دلير زنكنة
-
عَمَّا يسمى -المنصة العالمية المناهضة للإمبريالية- و تموضعها
...
/ الحزب الشيوعي اليوناني
-
الازمة المتعددة والتحديات التي تواجه اليسار *
/ رشيد غويلب
المزيد.....
|