تبرعكن/كم المالي يحافظ على استمرار الحوار المتمدن واستقلاليته، فشاركونا دعم هذا الفضاء اليساري الحر

**مدار الفوضى .. تغير المناخ والجغرافيا الجديدة للعنف(*)**

محمد عبعوب

الحوار المتمدن-العدد: 5311 - 2016 / 10 / 11 - 23:03
المحور: قراءات في عالم الكتب و المطبوعات

قراءة في كتاب..

في كتابه "مدار الفوضى .. تغير المناخ والجغرافيا الجديدة للعنف" يطرح الصحفي الامريكي كريستيان بارينتي، رؤية وحدود لجغرافيا عالم الأزمات الذي أنتجه تحالف غير معلن بين تغير المناخ ونزعة السيطرة على العالم لدى الرأسمالية المتوحشة، متخذا من حوادث عنف قاتلة أنتجها هذا التحالف عاصرها خلال عمله كصحفي في كينيا وافغانستان مدخلا لتحليل الأبعاد السياسية والبيئية لهذه الأزمة.. يحصر المؤلف وهو صحفي أمريكي عايش أزمات هذا العالم عن قرب من خلال عمله كصحفي، يحصر منطقة التأزم في البلدان الواقعة بين مداري السرطان والجدي، وهي المنطقة التي كانت منذ قرون ولا زالت حتى اليوم محط أطماع وجشع العالم الراسمالي، والتي عانت بالأمس القريب من تدخلات عسكرية مباشرة (منطقة الهند الصينية) والتي لا زالت تعاني حتى اليوم من هذه التدخلات (افغانستان ، العراق، الصومال، اليمن، سوريا، ليبيا، جنوب السودان، مجموعة دول الساحل والصحراء)، إضافة لمعاناتها من ظاهرة تغير المناخ العالمي .

و لا يقتصر المؤلف في سرده لتفاصيل هذه الأزمة على الدور التدخلات العسكرية، بل يطرح أبعادا أخرى لأزمة هذا الحزام المتفجر عبر العالم وهي الأبعاد البيئية وما تنتجه من أزمات متنوعة تزيد من مأساة سكان هذا الحزام ومعاناتهم. تتمثل هذه الابعاد في ظاهرة الاحترار العالمي الناتج عن ارتفاع نسبة الكربون في الغلاف الجوي الذي أدى الى اضطراب في المناخ العالمي وانخفاض خطير في نسبة سقوط الأمطار في هذا الحزام الذي يعتمد سكانه على الأمطار في إنتاج الغذاء وإدارة مزارعهم، ويعيد المؤلف المسؤولية في جزء كبير من هذه الظاهرة الى دول العالم الصناعي التي يتزعمها الغرب الذي يعد المنتج الرئيس لكميات الكربون في الجو المسئولة عن ظاهرة الاحترار واحتباس المطر وتحولها الى عواصف مهلكة إن نزلت فتزيد من معانات السكان بعد أن كانت مصدر رزقهم.

كما يربط المؤلف في كتابه موضوع تغير المناخ بالصراع الاجتماعي والعنف السياسي اللذين يسيطران على أجزاء واسعة من هذا الحزام الموبوء بندرة الأمطار وانخفاض الإنتاج والمجاعة، فضلا على التدخلات الخارجية، و يعرض وبشكل ملفت خلفيات العنف السائد في المنطقة الممتدة من كينيا ومنطقة الساحل في شرق افريقيا مرورا بوسط اسيا وانتهاء بمنطقة الكاريبي ودول أمريكا اللاتينية حيث يتفاعل الجفاف مع ارث الحرب الباردة والسياسات الليبرالية الجديدة في تأجيج العنف وانتشار ظاهرة الجريمة المنظمة وتجارة المخدرات والهجرة في هذا الحزام، وهي خلفيات لم تلق الاهتمام الكافي من قبل الباحثين وتعد مجتمعة المسؤول الرئيس على ما تعانيه منطقة حزام الأزمات ..

الكتاب يسلط الضوء وبموضوعية ملفتة على واحدة من أخطر الأزمات التي تنذر بانفجار واسع للعنف والتفكك والحروب والمجاعات والبطالة وموجات هجرة جماعية ستوسع من دائرة العنف وتحوله -اذا لم تعد الدول الصناعة النظر في سياساتها الجشعة- الى ظاهرة عالمية تطال آثارها المخربة كل العالم بما فيه البلدان الصناعية التي تعتقد أنها بهيمنتها على مقدرات ومصادر الطاقة في العالم وامتلاكها لترسانة سلاح مدمرة ستكون بمنأى عن حرائق هذه الظاهرة..
-----------------
(*)مدار الفوضى .. تغير المناخ والجغرافيا الجديدة للعنف _ تاليف كريستيان بارينتي / سلسلة عالم المعرفة العدد (411).
(*) رابط تنزيل الكتاب http://www.mediafire.com/file/eps4kfq18kwkr2u/411+%D9%85%D8%AF%D8%A7%D8%B1+%D8%A7%D9%84%D9%81%D9%88%D8%B6%D9%8A+..+%D8%AA%D8%BA%D9%8A%D8%B1+%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%86%D8%A7%D8%AE+%D9%88+%D8%A7%D9%84%D8%AC%D8%BA%D8%B1%D8%A7%D9%81%D9%8A%D8%A7+%D8%A7%D9%84%D8%AC%D8%AF%D9%8A%D8%AF%D8%A9+%D9%84%D9%84%D8%B9%D9%86%D9%81+new+books+page.pdf

#محمد_عبعوب (هاشتاغ)

ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل