أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد عبعوب - تراجيديا سقوط غرناطة لم تتوقف!!















المزيد.....

تراجيديا سقوط غرناطة لم تتوقف!!


محمد عبعوب

الحوار المتمدن-العدد: 5204 - 2016 / 6 / 25 - 17:19
المحور: الادب والفن
    


في كتابه "أخبار سقوط غرناطة" المترجم عن الانجليزية والصادر عن مؤسسة الانتشار العربي عام 2000م، يقدم المؤرخ الأمريكي "واشنطن ايرفينغ" ( 1783 - 1859 ) رواية دقيقة لوقائع هذه العشرية المأساوية من الحروب التي خاضها عرب الأندلس وانتهت بانهيار مملكتهم التي ظلت تحكم هذه البلاد طيلة أزيد من سبع قرون ونصف أقاموا خلالها حضارة وعمران لا زالت اسبانيا حتى اليوم تحصد من ورائها مكاسب جمة.
في هذه الرواية لوقائع النهاية المأساوية لمملكة غرناطة آخر معاقل العرب بالأندلس نهاية القرن الخامس عشر والتي يستقيها "ايرفنغ" من مذكرات أحد الآباء ويدعي "آغابيدا" الذي رافق ضمن حشد من الآباء ورجال الكنيسة الكاثوليكية الملك فرديناند زوجته إيزابيلا في هذه الحرب الصليبية على مسلمي الأندلس، يلعب الخيال والخطاب الموظف لخدمة المشروع الصليبي دورا بارزا في نقل وقائع تلك المعارك التي خاضها العرب كأفراد وقادة متوسطين بكل شجاعة ونبل وفروسية بمعايير ذلك العصر، وقادها ملوكهم بعقل أناني وطمع وجبن وقصر نظر انتهت بهم الى الهزيمة واندثار مملكتهم التي كانت مثلا للازدهار والقوة والثراء في اوروبا في ذلك العصر. إلا أن أيرفنغ كمؤرخ محترف مهتم بهذا التاريخ لم يتجاهل فروسية وشجاعة وأخلاق المقاتلين العرب في هذه الحرب حيث أنصفهم بدحضه للعديد من روايات الأب آغابيدا التي يحاول من خلالها التقليل من شأن هؤلاء المقاتلين الشجعان والحط من تضحياتهم، ويورد لنا هذا المؤرخ ومضات مضيئة في هذا الظلام الحالك من تاريخ الأندلس جسده عديد الفرسان العرب الشجعان الذين خاضوا تلك الحروب ورفضوا حتى آخر لحظة المساومة على دينهم وتاريخهم وكرامتهم مثل على ابن الفهر ومعاذ ابن ابي غسان والفهري ابن الاصطبار الذين قاوموا الى آخر قطرة من دمائهم وقضوا على تراب الأندلس بكل إباء وشجاعة اعترف لهم بها ملوك الصليبيين.
من هذه الرواية لمأساة سقوط غرناطة ومن خلال قراءتي لها ومحاولة إسقاط وقائعها المؤلمة على واقعنا اليوم؛ توصلت الى قناعة تامة بأن هذه الحرب لم تتوقف باستلام فردناند لمفتاح قصر الحمراء من ذلك الملك الوضيع الجبان "ببدول" عبدالله الشيكي الذي باع مملكته بسلسلة من الخيانات والجبن لينتهي طريدا مهانا من أسيادة الصليبيين ، بل هذه الحرب في تقديري المتواضع لا زالت مستمرة، ولا زال فرديناند حيا في عقول ساسة أوروبا اليوم كمبدأ سياسي في التعامل مع العرب، يحريص على بقائهم رهن التخلف والانقسام والعيش كظلال باهتة تابعة لأوربا، ولا زال أيضا هذا الوطن يعج حتى الساعة بزرافات من ملوك وأمراء تشربوا تاريخ ملوك غرناطة الخانعين والجبناء، ونراهم اليوم يتربعون على عروش وكراسي حكم لا تربطها بالأرض ولا بشعبها سوى غريزة النهب والقمع يعتمدون في بقائهم المذل والمشين على قوى أسيادهم في قصور فرساي ولندن وروما وغيرها من عواصم أوربا الاستعمارية. في هذا الوطن اليوم نرى عشرات من نماذج الببدول (عبدالله) وناير والزغل* و غيرهم الذين يورد هذا المؤرخ في مؤلفه أسماءهم كخونة لدينهم ولأمتهم وشعبهم، نراهم في ممالك الزيت القذرة في خليج العهر، وعروش العسكر النذلة وممالك الذل في الشام والمغرب العربي، يساومون على حرية أوطانهم وكرامة أمتهم من أجل البقاء كـ "خولات" أي عبيد للأوربيين يخدمون مصالحهم مقابل عروش الوهم وكراسي حكم سرابي لا تقل وضاعة عن عرش الببدول في غرناطة.
مأساة سقوط غرناطة كان يمكن أن يكون لها معنى مقنع رغم ما شهدته من ممارسات مرعبة وغدر وسقوط مريع لأخلاق الفروسية التي كان يدعيها فردناند وحاشيته في تلك الفترة، لو أنها انتهت في حدود الأندلس، ولو أنها لم تتجاوز مضيق جبل طارق وتعيد نفس خطيئة العرب في إدارة حكم الأندلس، حيث لم يفلح في إدارة هذه البلاد بسياسة عقلانية تحترم معتقدات وتقاليد أهل البلاد وتعاملهم كمواطنين متساوين في الحقوق والواجبات ، كان يمكن أن تضمن لهم ولاء أهل الأندلس . إلا أن فردناند وقادة جيوشه ومن ورث هذه الروح الصليبية المعادية للعرب حتى اليوم، شوهوا هذا الانتصار باسترداد أرضهم وحولوه الى عقيدة عدوانية راسخة لا زالت تسيطر حتى اليوم على فكر ساسة أوروبا معادية للعرب تحث على ضرورة الإبقاء عليهم كأعداء مشتتين مرتهنين وتابعين لا حرية ولا كرامة لهم..
وتمثل ظاهرة العولمة اليوم أحدث حلقات هذه الحرب والتي اتخذت صورة جديدة تقوم على الهيمنة الاقتصادية بحكم تطور فلسفة الصراع العالمي وأدواته من أجل الهيمنة، ولا تخلو هذه الحرب من بعض الجولات العسكرية التي يفرضها ظهور حالات وعي ونهوض يائسة ومضطربة من حين لآخر في بعض الإقطاعيات العربية المرتهنة لأوربا ، مثلما جرى ويجري حتى الساعة في العراق وسوريا ومصر وليبيا واليمن، حيث تَجَسّد من جديد فردناند ودوقاته وأمراء حروبه في رؤساء أمريكا وحكومات بريطانيا ودول الاتحاد الأوربي الذين دفعوا بجيوش مخابراتهم وأساطيلهم الجوية والبحرية لاجتاح هذه البلدان والعبث باستقرارها وتدمير أي بنية تحتية أنجزت للعبور بشعوبها نحو آفاق التقدم ، وذلك بعد أن أقاموا قاعدتهم الإستراتيجية المتقدمة "اسرائيل" في قلب هذا الوطن لتكون رأس الحربة في حربهم على هذه الأمة. وتلعب شركات الاحتكار ومؤسسات المال اليوم وعلى رأسها صندوق النقد الدولي الدور المركزي في هذه الحرب كسلاح عصري بديل للاستعمار المباشر من أجل الإبقاء على العرب كرهائن و"خولات" لأوروبا وأمريكا، ومنع ظهور أي مشروع ناجع وحقيقي للخروج بهذه الأمة من ظلام التخلف وذل العبودية والتبعية للغرب، وإجهاض أي مشروع حقيقي قد يظهر في أي دولة عربية يستهدف بناء الإنسان وتغيير مسار التاريخ نحو آفاق الحرية والمشاركة في بناء الحضارة الإنسانية كند مساو لجيرانهم على الضفة الشمالية للمتوسط.
في الختام لابد لي أن أشير منوها الى أن مقدمة المترجم الدكتور هاني يحي نصري الذي قام بجهد لا تخطئه العين في إطلاعنا على هذا المؤلف المهم الذي يفتح عقولنا على واقعنا المر اليوم، هذه المقدمة المطولة تضع القارئ العربي في صورة واضحة وحقيقية لخلفيات هذا الصراع وما آل له وضعنا اليوم كنتيجة لتخاذل قيادتنا عبر التاريخ منذ سقوط غرناطة وحتى اليوم..
• اسماء شخصيات وقادة ساهموا بخياناتهم في سقوط غرناطة.



#محمد_عبعوب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- دوستويفسكي في منزل الأموات..
- وداع يفيض حزنا
- وليمة ذكورية ..
- فعل الهوية في عقول همجية
- الربيع العربي برؤية مثيرة تكشف حقيقته..
- فاقرة الفياغرا.. (3/3)
- فاقرة الفياغرا.. (2/3)
- فاقرة الفياغرا.. (1/3) ( قصة )
- أمريكا .. سذاجة إدارة التضليل
- الأقليات ومبدأ التوافق قنابل تفتيت ليبيا
- اليها في عيدها
- الاختلاف لوأد الخلاف
- ساعات بطول الدهر!!
- قراءة في كتاب -الانتفاضات العربية على ضوء فلسفة التاريخ-..
- ليبيا.. أسباب الفشل ومسار التصحيح..
- الفردوس الدامي.. صورة مقربة لعشرية الجزائر الدامية
- هجمات باريس .. الشريك المُغيَّب
- اسرار -منتقاة- تحت قبة المؤتمر الوطني الليبي.. قراءة في كتاب
- مهلا سادة ليبيا الأغبياء الجدد!!
- هل يتحول ضحايا الأزمة الليبية إلى وقود يزيد من أوارها؟


المزيد.....




- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد عبعوب - تراجيديا سقوط غرناطة لم تتوقف!!